أحمد حسن درويش، العضو المنتدب لشركة رويال للتأمين ، شاب في بدايات العقد الرابع من عُمره، ما أن وطأت قدماه المؤسسة التأمينية قبل عشر سنوات ونيف تقريبًا، إلا وهِيل عليه التراب، دون جريرة إرتكبها ، أو ذنب إقترفه، لكن بسبب كونه نجل العضو المنتدب حينذاك، حسن درويش ، وهو أحد المؤسسين مع عددًا من رجال الأعمال لهذا الكيان.
التراب الذي هِيل علي درويش الإبن ، جاء ظنا من البعض ، أن درويش الأب يكرث للتوريث ، فأتي بنجله ليحل محله في قادم السنوات.
إلتزم الشاب الثلاثيني حينذاك الصمت، لم يفتح فاه، إنعزل عن الدنيا كلها عدا عمله، ويومًا تلو الأخر، بدأ يتقلد المناصب الإدارية حتي أصبح العضو المنتدب، ورغم تقلده المنصب قبل سنوات ليست ببعيدة ، إلا أن الصمت كان خليله ورفيقه، حتي نجح في أن تكسر الشركة حاجز المليار جنيه أقساطًا مباشرة ، في العام المالي 2021/2022 ، المنتهي يونيو الماضي، مقابل 600 مليونا ، تم تحقيقها قبل ثلاثة أعوام، مع العلم أن النمو في السنوات الثلاث ، والذي يربو علي 70% ، لم يأت نتيجة إعادة تقييم الاصول، لأن قرار تحرير سعر الصرف، وما تبعه من زيادة مبالغ التامين صدر في 2016.
أتُهم درويش الأب أنه سيورث المنصب لنجله، لكن الإبن نجح في الرد علي الاتهامات- مع التحفظ علي التوصيف بالطبع- بنتائج الأعمال، وكأنه أراد أن يكون الرد عمليًا وليس بمعسول الكلمات ، إقتناعًا – دون قصد- بما قاله الفيلسوف اليوناني سقراط لتلميذه “تكلم حتي أراك ” .
من هو أحمد حسن درويش؟ كيف جاء للشركة؟ ومن صاحب هذا القرار؟ بمعني هل جاء بإراداته أم جيئ به مُضطرًا ؟ ما هي دراسته ومؤهلاته العلمية؟ وما علاقتها بالتأمين؟.
الإجابة علي الأسئلة السالفة ، ليست تأصيلًا لمسيرة عمل، ولكن الغرض منها أن تكون مدخلًا من وجهة نظر ” مجلة خبري” لتفسير النتائج المحققة حاليًا، لأن الحاضر ما هو إلا نتاج ماضِ، والنتيجة ما هي إلا مُحصلة لمعطيات ومقدمات تم إعدادها وترتيبها سلفًا.
الحوار الموسع الذي أجرته مجلة خبري، لم يعمد إلي التحليل النفسي، بل كان – كما أسلفنا – مدخلًا لمناقشة بعض الأمور الفنية، وماهية نتائج الأعمال، ومؤشراتها، فالنجاح في تحقيق الأقساط ، مؤشرًا حقيقيًا، وكاشف ، ولكن بصورة جزئية ، لكن العائد من هذه الأقساط، او ما يُسمي بين أوساط المتخصصين بالعوائد الفنية، هو لُب الحقيقة.
وإلي نص الحوار:-
حاوره – ماهر أبو الفضل :
خبري: ليس خاف علي أحد ، أنك نِلت من التقول ما تنوء به الجِبال، هيل عليك التراب، منذ أن دلفت إلي شركة رويال، كونك نجل أحد مؤسسيها، ومع ذلك إلتزمت الصمت سنوات عديدة، حتي فاجأت السوق بعد عقدِ من عملك في الشركة ، بنتائج أذهلت البعض حينا وأدهشت الأخر أحيانا، فمن هو أحمد حسن درويش؟ وما الظروف التي دفعتك أو دُفعت بك للعمل في رويال؟ ومن هو صاحب قرار دخولك هذا الكيان الذي تم تأسيسه عام 2001؟ وما مؤهلاتك العلمية؟
أحمد درويش: بدءًا نشأت في محافظة الإسكندرية ، ومكثت فيها حتي أنهيت دراستي الجامعية ، في كلية إدارة الأعمال business administration ، قسم محاسبة ومالية، بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا.
خبري: هل إخترت مجال دراستك؟ أم دُفعت لها؟
درويش : بناءً علي رغبتي، لطموحي في أن أصبح من رجال الأعمال الأقوياء في مصر، ولديً أكثر من نشاط او بيزنس، ربما تأثرًا بالوالد حسن درويش والذي كان ولايزال أنموذجًا لي، كونه عصاميًا، حتي وصل إلي أعلي المراحل في مجال إدارة البيزنس، وهو حاليًا يدير مجموعة من أكبر المجموعات الاستثمارية في مصر، وهي مجموعة المنصور والمغربي.
أنشأت مشروعًا استثماريا في بدايات حياتي العملية وإمتهنت التأمين شغفًا بالنشاط
خبري: لكن النشأة في عائلة ثرية في بعض الأحيان قد يدفع الإنسان للتواكل وعدم الإعتماد علي النفس لتوافر كافة المتطلبات الحياتية دون عناء؟
درويش: أتفق معك في ذلك ، و نظريًا 5% من الـ family business يستكمل الأبناء رحلة الأباء ، ويبتعد 95% الأخرون عن مسار أبائهم، ولكن القدر جعلني من المحظوظون بأن أكون ضمن الـ 5% ، لأن المناخ الذي نشأت فيه غرس فينا ، أن العمل جزء من شخصية الإنسان، وأنه علي المرء أن يكون هو، ولا يعتمد علي الرصيد الذي كونه السالفون، مكتفيًا بمبدأ العنعنة ، بمعني أنا ابن من.
وأود الإشارة إلي أنه حينما جئت لرويال ، عملت فيها معاينا للسيارات، وهي من أصعب المهن في مجال التأمين ، فيها فطنت إلي ماهية العمل، وكينونة السوق ، متحملًا العناء رغم أن والدي هو من يدير الشركة، او كما يقال ” بدأت من أسفل السلم حتي وصلت أعلاه” ، وكان من الممكن ان ابدأ بموقع وظيفي عال، بسبب التعليم الجيد، إضافة الي سوابق خبراتي في مجال البيزنس، حيث أسست منذ دراستي الجامعية، شركة قبل عملي في رويال، متخصصة في توصيل الطلبات كانت تسمي بـ” مشاوير”.
خبري: مهلًا، إذا كان لديك سوابق خبرات في إدارة المشروعات الاستثمارية، فلماذا توقفت عن الاستكمال فيها؟ هل أخفقت؟ وهو السبب في تغيير مجال عملك؟
درويش: علي العكس تمامًا، لأن الشركة التي أسستها شهدت نجاحًا حتي اننا استطعنا جلب استثمارات أجنبية، ولكني توقفت وغيرت مجال عملي للتأمين، كونه نشاطًا يتسم بالخصوصية، وهو ما استهواني كشاب يسعي للتجريب والتنويع في خبراته، والتي لن تتأتي دون إختبار أكثر من مجال عمل ، فالتأمين نشاط وصناعة استهواني فإمتهنته.
خبري: هل استهواك التأمين كونه نشاطًا بارزًا من أنشطة العائلة؟
درويش: بالطبع، كنت أفكر في إدارة نشاط العائلة، والذي يتركز في مجالات عدة، أبرزها التأمين، لكن السبب الرئيسي هو ان هذا النشاط، أقصد التأمين، استمالني ، لأنه متخم بالمعلومات ، ويتسم بالتغيير والتنوع في نفس الوقت ، والأهم انني تأثرت بالرعيل الأول في هذا القطاع، بخلاف الوالد، وهم الأن من أساطين القطاع .
خبري: هل طلبت من الوالد تغيير نشاطك للعمل في قطاع التأمين بشكل عام أم في رويال بصورة خاصة؟
درويش: عملت في رويال عام 2010 ، بناءً علي طلبي، لأن هذه الشركة هي إحدي الشركات التي تديرها العائلة، وهو ما كان أدعي ان ابذل فيها قصاري الجهد لتطويرها، مستثمرًا ما اكتسبته من عِلم وتكنولوجيا متخصصة.
واود الإشارة الي أنني كنت اراقب قطاع التامين عن كسب، وكان لي وجهة نظر تميل إلي ضرورة الاسراع بوتيرة عمل رويال، واستثمار التكنولوجيا المتطورة لوضع هذا الكيان في مكانة أخري ومختلفة.
خبري: لكنك جئت كما قلت في 2010، وفي هذه الفترة كانت السوق المصرية- أقصد السوق علي مستوي الاقتصاد بتنوعاته- بدأت تستثمر التكنولوجيا والتطور حينذاك؟
درويش: لا أنكر ذلك، ولكن رغم ان الإقتصاد المصري بتنوع أنشطته ، كان يشهد تطورًا، إلا أنني كنت أري ان وتيرة مواكبة التأمين لهذا التطور بطيئة نسبيًا، أو لم ينل نصيبه الكافي من التطوير، علي الأقل مقارنة بقطاع مثل البنوك، وعلي الرغم من أهمية وخصوصية التأمين، كصناعة تعتمد علي ترويض المخاطر التي تواجه الاقتصاد القومي وتحميه، سواء بشرًا أو حجرًا ، ومع ذلك لم تنل كما اسلفت نصيبها من الاهتمام محليًا علي عكس الاهتمام بها عالميًا.
خبري: ألا يمكن أن يكون حُكمك علي التأمين بأنه لم ينل نصيبه من الإهتمام قبل 2010 غير منصف؟
درويش: حينما أقول لم ينل نصيبه من الإهتمام، ليس معناه تقصير القائمين عليه، ولكن الحُكم كان بالمقارنة مع الأنشطة الأخري، ودعني أزيدك من الشِعر بيتًا، حجم الاستثمارات الوافدة لمصر في الفترة من 2005 حتي 2010 كانت كبيرة، ورغم ذلك لم يتطور التأمين بنفس التطور الذي شهده مؤشر الاستثمارات الوافدة، اقصد لم ينمو بنفس النسبة ، اي لم ينعكس ذلك علي مؤشراته.
والدي تعامل معي كموظف وليس نجله لأن العاطفة إذا دخلت العمل هرب النجاح منه
خبري: عودة لسؤال سالف، هل طلبت من الوالد الذي كان يدير رويال ، ان تعمل في الشركة التي يرأس إدارتها التنفيذية بجانب إمتلاكه حصة من أسهمها؟ أم العمل في قطاع التأمين بشكل عام؟ وماذا كان رده؟
درويش: طلبت منه أن أعمل في رويال، وكان توجيهه الأول ونصيحته الأبوية، بأن أكون قدر المسئولية، وأنه سيساعدني علي العمل في رويال، لكنه لن يضمن استمراري فيها، وان هذا الاستمرار من عدمه يقتصر علي حجم الجهد الذي سأبذله كعامل في الشركة وليس نجلًا لعضوها المنتدب.
ووجب هنا انه الإشارة إلي أنه- أي الوالد- كان يعلم حجم ما سأعانيه من تحديات بدنية وذهنية ونفسية، مُدركًا انه سيُتهم بمحاولة توريث الإدارة لي، وبالتالي تعامل معي بمنطق الموظف في الشركة منحيًا مشاعر الابوة جانبًا، لأن العاطفة إذا دخلت أي كيان ، وسيطرت علي القائمين فيه، سيهرب النجاح تلقائيًا.
لذا كاشفني حسن درويش الأب بهذه التحديات، وقال لي أنك وإياي سنتُهم بالتوريت، فإما أن تثبت العكس بجهدك، او تعمل في مكان أخر ، او مجال مختلف، لانه لن يسمح للعاطفة ان تسيطر عليه في تعاملاته داخل الشركة حفاظًا علي هذا الكيان، وعلي العاملين فيه، والمتعاملين معه.
خبري: صعدت السلم من أسفله لأعلاه، هل عُوملت ممن حولك في بدايات عملك كموظف مثل غيره ام كنجل للعضو المنتدب؟
درويش: بالطبع عُوملت كموظف، بل أنه كان يوقَع علًي جزءات في حال إرتكاب أي خطأ ، والعاملون الحاليون ممن عاصروا دخولي يؤكدون ما أقوله.
خبري: رُقيت إداريًا حتي اصبحت عضوًا منتدبًا، لكن طوال سنوات عملك الأولي، قِيل فيك ما قاله مالك في الخمر، ومع ذلك إلتزمت الصمت علي ما كِيل لك من اتهامات بالتوريث، لماذا؟ هل لأنك لاتملك من الحجج ما يدحض هذه الأقاويل؟
درويش: من وجهة نظري أن المدافع عن نفسه بأية حججِ أيا كانت قوتها ، او منطقيتها ووجاهتها ، هو شخص ضعيف، ومن القوة ان يكون الرد فعلًا ، وعملًا وليس كلامًا، فما أسهل معسول الكلمات ، ورصين العبارات، لكن ما أصعب ترجمة هذه الكلمات إلي أفعالِ.
الأهم من ذلك، أنه في سنوات عملي الاولي ، كنت غير مُلمًا بالتأمين كصناعة، ومن ثم لايمكنني مقارعة غيري ، الحُجةِ بالحُجة فنيًا، وبالتالي كان من الضروري إكتساب الخبرة وصقلها بالدراسة، وترجمتها في صورة نتائج أعمال، وبعد ذلك تأتي مرحلة التنظير والمقارعة ، رغم عدم إقتناعي بأن يظل الانسان في موقع التبرير طويًلا، لأن الاستسلام لهذه الروح سيكون أول مسمار في نعش الفشل ، وعلي المستوي الشخصي، كنت متعجلًا وذا طموح كبير، وأرغب في تحقيق إنجازات كبيرة في أقصر وقت ممكن، ولم يكن لي من رفاهية الوقت ما يسمح لي باستنزافه تبريرًا أو دفاعًا.
خبري: ما التحديات التي واجهتها خلال عملك كعضو منتدب؟
درويش: التحديات كثيرة، ومنها ذِكرًا وليس حصرًا ، أن رويال للتأمين لم يكن لها backbone او ظهر تتكئ عليه، والظهر هنا اقصد به ، انه لم يكن في هيكل مساهميها مؤسسات مالية ضخمة أو بنوك، مثل غيرها من بعض الشركات، او ذراعًا لمجموعة عالمية، او ما إلي غير ذلك.
ما أقصده هنا، أن رأس المال الحقيقي لرويال للتأمين، هو العنصر البشري ، وفي عِلم الإدارة، من يملك العناصر البشرية المؤهلة، مَلك الدنيا بكاملها، وحقق فيها جُل ما استهدفه من خطط ، ورويال من شركات التأمين المحظوظة ، بفريق عمل متكامل ومتناغم، سواء علي مستوي المبيعات او التسويق، او إعادة التأمين، مرورًا بالإصدار والتعويضات، وخدمة ما بعد الإصدار، وشئون المنتجين والوسطاء.
ومن الأهمية بمكان أن الشركة لا تعتمد علي نظرية الرجل الأوحد one man show ، ولكن تعمل بروح الفريق Team-work ، ومن ثم فالأهداف التي تحققت او التي نسعي لتحقيقها ، تعتمد في المقام الأول علي عنصر بشري مؤهل ومُدرب ، والأهم من ذلك متناغم ويتعاون لتحقيق الأهداف التي وُضعت له من قِبل الإدارة التنفيذية.
ولا أخفي سِرًا أن كل مسئول لفرع، او نشاط لديه كافة الصلاحيات ليعمل دون تعطيل او كما يقولون في الأمثال الشعبية “رئيس جمهورية نفسه” ، ولكن وفق محددات وأهداف لابد من تحقيقها ، لأنه سيُسأل عنها بشكل دوري.
خبري: ما التغير المحوري في فلسفة عمل الشركة منذ أن تقلدت منصبك كعضو منتدب؟
درويش: إعتمدنا علي فلسفة مغايرة لما هو حادث، بمعني أن الشركة راهنت علي الخدمة، وكيفية تحسينها وتطويرها وتطويعها ، بما يخدم الأهداف العامة، فإذا تحسنت الخدمة تحسنت معها كافة المؤشرات.
دخول نادي المليار جنيه أقساط يونيو الماضي ونسبة النمو المستهدفة 25%
خبري: ماذا تقصد بالخدمة؟ هل السرعة في الإصدار ام تسريع وتيرة صرف التعويضات؟ ام خدمات ما بعد البيع خصوصًا في الخدمات المرتبطة بالأفراد؟
درويش: التأمين صناعة تعويض، بمعني أن العميل يري شركة التأمين أثناء سداد التعويض، فإن تحسنت خدمة التعويضات ، سينعكس ذلك بالضرورة علي مؤشر الثقة، والذي سيُترجم فيما بعد علي شكل أقساط ، وهو ما تحقق علي أرض الواقع.
النقطة الأهم ، أننا عكفنا علي ترتيب البيت من الداخل، حتي إذا إرتفع مؤشر الأقساط، تمكن فريق العمل من خدمة حملة الوثائق، والعِبرة هنا بضرورة تجويد الخدمة بحيث يلمسها العميل بنفسه، فإن إعتادها فلن يتركك كشركة، ولجذب العميل أدوات، منها الخدمة والسعر، فقد تقدم خدمة بسعر مناسب وليس رخيص، والمناسب هنا المقصود به ، ان يتلائم مع سياسة الاكتتاب، مع الحفاظ علي هوامش أرباح فنية ملائمة.
ولتحقيق تلك الأهداف كان لزامًا التحرك في أكثر من إتجاه، منها تعيين عناصر جديدة، وزرع ثقافة العمل فيهم ، وغرس روح الانتماء، وهي أهداف لم يكن من السهل تحقيقها ، لولا تيقن فريق عمل الشركة من نُبل المقاصد، والأهم تيقنهم بأنهم شركاء نجاح، وسيتذوقون من ثمار هذا النجاح، بتنوع صوره وأشكاله.
دون إسهاب في هذه النقطة، العلاقة بين الشركة وفريق عملها ، تعتمد علي المصلحة المشتركة، بمعني ، أن أي نمو في نتائج الأعمال، سيستفيد منه العنصر البشري، كما أن هذا النجاح سيُضاف إلي رصيد خبراته، وبالتالي ستزداد قيمته السوقية، لانه كان شريكًا في النجاح.
وأود الاشارة هنا، إلي أن رويال تجاوزت المليار جنيه، رغم محدودية الامكانات، ورغم عدم ضخامة الطاقة الاستيعابية في إعادة التأمين، لكن النجاح الحقيقي كان عبر استثمار الأدوات المتاحة، والاستفادة منها لأقصي حد، وهو ما ادي الي دخول الشركة نادي المليار جنيه في سنوات معدودة، وهو رقم ضخم قياسًا بعُمر الشركات.
تركيزنا علي الـ corporate كان مرحليًا وسنتجه لتغطيات الـ individuals قريبًا
خبري: قلت أنه رغم محدودية الإمكانات إلا أن رويال نجحت في دخول نادي المليار، هل كان ذلك بالتركيز علي المنتجات الفردية individuals أم المؤسسية او الشركات corporate ؟
درويش : هناك وسيلتان وهدفان لأي شركة تأمين، فأما عن الهدفين، هما ، تعظيم الحصة السوقية من الأقساط، والثاني تعزيز مؤشر الربحية.
أما الوسيلتان فلا يخرجا عن التركيز علي المنتجات الفردية – بغض النظر عن تحدياتها التسويقية وتكلفتها – ، والثانية مرتبطة بالتركيز علي العميل المؤسسي او الشركات الكبري corporate.
لكن ، كل وسيلة ترتبط بهدف، بمعني انه لتعزيز الربحية – الفنية علي الأقل- لابد من التركيز علي المنتجات الفردية لقدرتها علي تفتيت المخاطر، ولزيادة الحصة السوقية، فمن الضروري التركيز علي العميل المؤسسي لقدرته علي توليد الأقساط الكبيرة بتكلفة إدارية وإنتاجية أقل.
وقياسًا علي القاعدتين والهدفين السالفين، ووسائلهم، لجأت رويال للتأمين، للتركيز علي العميل المؤسسي بصورة كبيرة، دون إغفال العملاء الأفراد، في محاولة لتعزيز حصتها السوقية، دون التفريط في هوامش الربحية، ولكن الوزن النسبي لأقساط الـ corporate كانت أكبر، إلي ان تحقق الهدف منها وهو زيادة حصيلة الأقساط حتي دخلنا نادي المليار جنيه أقساط كما أسلفت.
وفي المرحلة الحالية والمقبلة سنركز علي المنتجات الفردية لتعظيم وتعزيز مؤشر الربحية، او علي الاقل سيكون لها الوزن النسبي الأكبر، وبذلك نكون قد حققنا الـ Top-line والـ Bottom-line أما عن الاسلوب الذي إتبعته رويال للتنأمين ، فكان يتركز علي العميل المؤسسي او تأمين الشركات او نشاط الـ corporate ، لقدرته علي تعزيز الحصة السوقية.
خبري: من المهم أن تستهدف في بداية عملك حصة سوقية، فهي استراتيجية يتبعها البعض، ولذا يتم التركيز علي العميل المؤسسي، لكن ألا يتطلب ذلك وجود طاقات استيعابية، بالاضافة الي ظهير قوي من إعادة التأمين؟
درويش: أتفق معك ، وهذه هي إفرازات ونتائج وجود فريق عمل قوي، فكما اسلفت، كان من الضروري تكوين فريق عمل يتسم بالكفاءة ومتناغم، وأية تحديات من السهل التعامل معها، ولأن رويال نجحت في تكوين فريق عمل مميز، لم تكن هناك اية صعوبات في توفير الطاقات الاستيعابية او في إعادة التأمين.
من الخطر البيع بالخسارة لإسالة لعاب العميل ومجلس إدارة رويال يرفض هذا الأسلوب
خبري: راهنت علي الـ الـ corporate كخطوة لتكوين محفظة أقساط كبيرة، ولكن هناك شركات كبيرة استمرأت المضاربة السعرية، إعتمادًا علي ملائتها المالية واستثماراتها الضخمة، وفي الوقت نفسه قمت بتجويد الخدمة، والخدمة في حد ذاتها مكلفة ، فهل أضطررت للبيع بالخسارة بأسعار لاتتناسب مع التكلفة ، بشكل مرحلي لحين تحقيق الهدف وهو تكوين محفظة من الاقساط؟
درويش: الخسارة ليست في قاموس رويال للتأمين، ولا اختلف معك في شراسة المنافسة، لكن الخيار الأمثل أمام الشركة هو عدم البيع باسعار غير فنية ، لأنه من الخطر البيع بالخسارة لإسالة لعاب العميل، ولذلك رويال لا تتنازل عن استهداف تحقيق أرباح فنية وكلية، ولذا تقوم بتسعير الأخطار فنيًا بشكل منضبط، لضمان سلامة المحفظة التأمينية، وتوفير الخدمة المميزة للعميل والذي سيشعر من خلالها الاختلاف والتميز في رويال للتأمين.
وبالمناسبة رفض البيع بالخسارة ليست توجهات الإدارة التنفيذية فقط بل استراتيجية عامة لدي مجلس إدارة رويال للتأمين، بغض النظر عن إغراءات الاقساط.
خبري: هل معدلات النمو في الأقساط ستتباطئ وتيرتها في رويال، كونها دخلت بالفعل نادي المليار جنيه أقساط؟
درويش: بالعكس، معدلات النمو في رويال ، حدها الأدني في المستهدفات 25%، وبما أن الشركة حققت ما يقرب من 1.07 مليار جنيه أقساط في يونيو 2022 ، مقابل 850 مليون جنيه، محققة في يونيو 2021 ، بنسبة نمو تصل إلي 26% ، ومن المخطط الوصول بهذه الحصيلة الي 1.3 مليار جنيه علي الأقل في يونيو 2023.
خبري: وكيف تولد هذا النمو؟
درويش: بتوفيق من الله ، ثم إيمان فريق العمل بالأهداف الموضوعة، وكذا التركيز علي الوسائل الناجحة، وأهمها الخدمة ، والخدمة التي أقصدها ليست الإصدار، لأن كافة الشركات لديها نفس الكفاءة والسرعة في إصدار التغطيات، ولكن الأهم هو السرعة في سداد التعويض، طالما تحقق الخطر، وهذه الخدمة هي المعيار الأكثر صدقًا لقياس مكانة كل شركة تأمين في السوق، لأن التأمين كما أسلفنا هي صناعة تعويض قبل أن تكون غطاء حمائي للخطر، فبدون سداد التعويضات وبوتيرة أسرع فلا معني للتأمين كنشاط.
وحتي لايكون كلامنا معسول، نسبة كبيرة من محفظة رويال في تأمين السيارات، وهذا الفرع يعد أكبر مقياس لطبيعة الخدمة التي تقدمها شركة التأمين.
زيادة الوزن النسبي لبعض الفروع مؤشر علي كفاءة السياسة الإكتتابية
خبري: قلت أن زيادة الوزن النسبي للسيارات في محفظة الأخطار مؤشر علي التمايز في تقديم الخدمة، فلماذا لايكون إستسهالًا او تساهلًا في الإكتتاب؟
درويش: لا أتفق مع هذا التوصيف، ليس لرفضه ولكن لعدم وجود ما يبرره، فكلما إرتفع الوزن النسبي لفرع تأميني في شركة ، سيعكس ذلك تميزها في تقديم الخدمة لهذا النوع، لانه ليس من المنطقي أن تكون الخدمة متدنية في فرع تأميني، وعلي الرغم من ذلك تشهد نموًا مضطردًا.
ودعني أزيدك الشعر بيتًا، تأمين السيارات هو إختبار حقيقي لكفاءة الخدمة بشركة التأمين، فإن إجتازته تكون قد إجتازت باقي الإختبارات والعكس صحيح.
خبري: ألايمكن تفسير نمو محفظة السيارات- طالما تتخذها مقياسًا- بتدني السعر الذي تقدمه شركة التأمين ومن ثم سيتهافت العملاء أو من يمثلهم علي التعامل معها، وليس مؤشرًا علي كفاءة الخدمة؟
درويش: أتفق جزئيًا، لكن إذا كان السعر متدنِ، فهل ستتحمل شركة التأمين خسائر متوالية في هذا الفرع؟ وبالنسبة لرويال، فكما أسلفت أننا لا نتنازل عن الأرباح ، و لايمكن البيع بالخسارة تحت أي ظرف.
هذه نقطة، اما عن الثانية ، فالتخصص ليس سُبة او تُهمة ، بمعني أن شركات إعادة التأمين الكبيرة، وليس فقط شركات التأمين، رغم انها تزاول كافة الأنشطة ، إلا أنها تتميز وتتمايز في نوع معين من التأمين أو الإعادة، فالعالم كله يتجه الأن للتخصص.
40 % نسبة السيارات و30% للطبي .. وإعادة هيكلة أنصبة الفروع من الأقساط
خبري: ما حجم الوزن النسبي للسيارات في محفظة أقساط رويال؟
درويش: 40% وهي نسبة ليست ضخمة ، لاسيما بمقارنته بالسنوات السابقة ، وفي المرحلة المقبلة نسعي لتكوين محافظ متوازنة ، علي المستوي النوعي للأخطار المكتتبة ، ويتم التركيز علي الطبي والذي يستحوذ علي 30% من المحفظة ، وهو مولدًا من مولدات النمو، بالإضافة الي تأمين الحريق ، علاوة علي باقي الفروع الأخري.
خبري: قلت أنك تستهدف معدلات نمو لا يقل حدها الأدني عن 25% وهي نسبة كبيرة، فمن أين ستتولد هذه المعدلات؟
درويش: سوق التأمين المصرية لازالت بِكرًا، وهناك قطاعات ومنتجات في حاجة لاختراقها او الدخول فيها، استثمارًا لطرق البيع الغير تقليدية، مثل التسويق الرقمي، وكذا التأمين علي نشاط خِصب كالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ففي النهاية الفرص متاحة، والأهم هو كيفية استثمارها وجعلها مولدًا لنمو شركة التأمين.
والأهم من ذلك، هو دور الهيئة العامة للرقابة المالية، التي نجحت في إختبار الإصلاح التشريعي، بموجب مشروع القانون الجديد، والذي تضمن أنواعًا عديدة من التأمين الإلزامي، ناهيك عن استراتيجية الرقابة بالوصول إلي مستوي 100 مليار جنيه أقساط في 2026 ، وهي قادرة علي تحفيز السوق ومتابعته لتحقيق ذلك، خاصة وانه علي الرغم من جائحة كورونا ، والمخاطر الجيوسياسية، إلا أن قطاع التأمين نجح في الوصول بأقساطه إلي ما يقرب من 50 مليار جنيه، وهو الرقم الذي حددته الرقابة المالية منذ أربع سنوات سابقة.
وهذه الارقام تحققت بسبب زيادة المشروعات القومية بإشراف مباشر من رئيس الجمهورية، علاوة علي زيادة الوعي التأميني ، في قطاعات مثل الطبي، والذي تزايد بعد تفشي جائحة كورونا.
6.2 مليون جنيه فائضًا أوليًا في الإكتتاب التأميني نهاية مارس بعد سد عجز العام الماضي
خبري: هل حققت الشركة فائضًا ام تكبدت عجزًا من الاكتتاب التأميني؟
درويش: حققنا فائضًا بقيمة 6.2 ملايين جنيه، في تسعة أشهر فقط، لأن إحصاءات العام المالي المنتهي في يونيو الماضي لم تُعتمد بعد، ولكن الـ 6.2 مليون جنيه ، المحققة في تسعة أشهر ، جاءت مقارنة بعجز في الإكتتاب بلغ 15 مليون جنيه، ما يعني ان رويال للتأمين حققت 21.2 مليون جنيه، فائضًا في الاكتتاب بنهاية مارس الماضي، وهو ما يعكس نجاح السياسة الاكتتابية الجديدة.
خبري: تحويل دفة عجز الإكتتاب إلي فائض، هل يعكس ذلك دخول رويال مرحلة إنتقاء المخاطر قبل قبولها؟
درويش: بالتأكيد، والفائض المحقق هو جزء من الخطة، ومن ثم فإنتقاء المخاطر بات ضرورة لا رفاه، بمعني أن سياسة القبول سترتبط بإنتقاء الخطر الجيد، وتحسين ما يمكن تحسينه من الأخطار الحالية، وترويض الأخطار فنيًا ، او ما يسمي بإدارة الخطر Risk management بما ينعكس علي النتائج الكلية.
ودعني أدلف إلي نقطة أخري، وهي أن الكيانات الكبيرة إنتهجت نفس أسلوب رويال، وهو ما جعل رويال مطلوبة من الوسطاء ، أو أن هناك إقبال منهم للتعامل معها، بعد أن أصبحت علامة تجارية ، أو ماركة Brand.
خبري:تتحدث دائمًا عن الوسطاء، هل ذلك يعني ان رويال تعتمد بشكل كبير عليهم؟
درويش: بالطبع ، لأن الوسطاء يسيطرون علي عدد كبير من العمليات الضخمة، ولكن لابد من توافر بعض الشروط فيمن نتعامل معهم، منها السمعة ، ثم الخبرة الجيدة .
إذا كان الوسطاء جزءًا من أسباب المنافسة لكنهم ليسوا مسئولين بصورة كاملة عنها
خبري: هل إعتماد عدد كبير من شركات التأمين علي الوسطاء- بتنوع هياكلهم- أحد أسباب المنافسة السعرية؟
درويش: بالتأكيد، ولكن إنصافًا للحقيقية، وسطاء التأمين إذا كانوا جزءً من أسباب المنافسة لكنهم ليسوا مسئولين بصورة كاملة عنها، لأن الوسيط لايملك صلاحية الإكتتاب والإصدار، وبالتالي فشركة التأمين مسئولة عن جزء من هذه المنافسة ، بل أيضا شركات الإعادة مسئولة لانها وافقت علي هذه الأسعار، وكذا العملاء الذين ينجرفون للسعر الأقل بغض النظر عن جودة الخدمة، وأهمها كما اسلفنا خدمة التعويض.
من هذا يمكن القول إجمالًا أن أطراف العملية التأمينية، إرتضوا طواعية بالمنافسة السعرية، ولايمكن تحميل طرف المسئولية كلها دون غيره.
خبري: أيعني ذلك ان الصورة قاتمة ؟ أقصد أن المنافسة السعرية هي الطابع الغالب علي السوق؟
درويش: بالطبع لايمكن القول بهذا، بل أن هناك شركات ووسطاء يرفضون المنافسة السعرية، حتي إن بعض الوسطاء قد يتنازلون عن جزء من عمولاتهم مقابل الحصول علي سعر فني عادل، ولهذا نتيجتين ، او مكسبان للوسيط، الأول أنه كلما نجح في الحصول علي سعر فني، كلما كان لديه ضمانة للحصول علي التعويض، بصفته وكيلًا عن العميل، والمكسب الثاني، أن خفض العمولة مقابل تحسين مؤشر التسعير سينعكس إيجابا علي قيمة العمولة وليس العكس.
والدليل علي ذلك ان عدد كبير من العمليات الكبيرة ، يحصل فيها الوسيط علي عمولة أقل، وهو ما يعبر عن جودة الاكتتاب وثقة الوسيط في شركة التأمين، والخدمة التي تقدمها.
خبري: نسب احتفاظ رويال كبيرة ، فهل ذلك يعكس رشادة الإكتتاب ام ضغوط من الاعادة واضطرار الشركة للاحتفاظ بنسبة كبيرة من المخاطر؟
درويش: بالطبع يعكس رشد الإكتتاب، والدليل علي ذلك ان الرقابة المالية لاتسمح لشركات التأمين، بالاحتفاظ بما يفوق طاقتها الاستيعابية، والأمر الثاني، أن رويال نجحت في تحقيق فوائض من الإكتتاب، وهو ما يعكس تحسن سياسة القبول وما يتضمنه من تحسين مؤشر التسعير، وبالتالي جودة المخاطر التي تحمس علي الاحتفاظ بجزء كبير.
إنخفاض نسب الاحتفاظ بسبب زيادة الوزن النسبي لأخطارتعتمد علي الإعادة بصورة كبيرة
خبري: إذا كان ذلك حقيقي، فلماذا انخفضت نسب الاحتفاظ من 23% في 2020 لتصل الي 21.8% في 2021 ، وفقًا للبيانات الرسمية المتاحة؟
درويش: لأننا اعتمدنا علي زيادة الوزن النسبي للأخطار الأخري ، التي تعتمد علي إعادة التأمين بصورة أكبر ، مثل الحريق والهندسي والبحري ، وغيرها من الفروع ، ونجحنا في الإستحواذ علي حصة كبيرة من التأمينات الهندسية، وكسب ثقة عملاء كبار ، ممن وثقوا في شخص العضو المنتدب ثم في شركة رويال للتأمين ككيان كبير.
خبري: تقييمك لقرار جهة الولاية – أقصد الرقابة المالية- بعدم تغطية شركة التأمين لاكثر من 10% من أصول مساهميها؟ هل تراه يحد من تحويل الشركات التي يملك المساهمون حصصًا كبيرًة إلي مخزن لاخطارهم بغض النظر عن جودتها؟ أم انه يساهم في المنافسة العادلة بين الشركات، نظرًا لإختلاف طبيعة الهياكل وكذلك الملاءة المالية للمساهمين؟
درويش، القرار يحمل ف طياته الجانبان، فهو جيد ، لأنه يحمس الشركات علي المنافسة، ولكنه ليس كذلك لأنه قد يضطر المساهمين لعدم التوسع في استثماراتهم بشركات التأمين ، أو هكذا أري من وجهة نظري0
رفع رأس المال إلي 230 مليون جنيه وتمويل الزيادة من الأرباح المُرحلة
خبري: رأسمال رويال الحالي 190 مليون جنيه ، بما يعني انك في حاجة إلي 60 مليون جنيه جديدة، للتوافق مع مشروع القانون فور صدوره او خلال فترة من صدوره، فهل هناك زيادات في راس المال خلال الفترة المقبلة؟
درويش : بالتأكيد، وسنرفع رأس المال ، العام المالي الحالي بقيمة 40 مليون جنيه ، ممولة من الأرباح ، وما سيتبقي من زيادات سيتم ضخه العام المقبل.
خبري: كيف تتوقع تجديدات إعادة التأمين والتي بدأتها شركات التكافل في يوليو ، وتلحقها الشركات التجارية في يناير؟
درويش : أتوقع أن تكون صعبة ، علي الرغم من تحسن نتائج السوق المصرية، كذا عدد كبير من شركاته، لكنها ستكون أصعب مقارنة بالسنوات الماضية، بسبب تكبد شركات الإعادة خسائر ضخمة الفترة الاخيرة، وهو ما يجعلها تسعي لتعويض هذه الخسائر، والأهم ان الاعادة تنظر الي مؤشراتها قياسًا علي نتائج منطقة كاملة وليس علي مستوي نتائج الشركات منفصل.