يقف الإقتصاد الخليجي علي أبواب 2023 مدعوما بعشر نقاط قوة وثلاثة تحديات.
أكد أبوبكر الديب مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي أن عام 2023 سيكون مختلفا عن سابقه وخاصة بالمناحي الإقتصادية.
وأشار إلي أن إقتصاد دول الخليج العربي ستمر هذا العام بنقاط قوة تجعله أكثر تماسكا ومرونة، فبالإضافة إلي تميز دول الخليج، بموقع جغرافي استراتيجي بين الشرق والغرب، جعلها من أسرع مناطق العالم نموا، وأكثر المناطق النشطة اقتصاديا، فإنها سارعت منذ سنوات بوضع “رؤى اقتصادية” لمرحلة ما بعد النفط، اعتمدت على تحسين الإنتاج وتعزيز القدرات البشرية والمالية والتكنولوجية، والإعتماد على العلم والمعرفة والإبتكار، واعتمدت سياسات تنافسية وأسواق حرة تخضع للعرض والطلب كما تملك عوامل التكتل الإقتصادي ومقوماته، والرقمنة والمهارات الجديدة، والإرادة السياسية للتطوير، باعتبارها خيارا استراتيجيا وطريقا إجباريا، يحافظ علي منطقة الخليج ويجعلها بعيدة عن أية أزمات قد تنتج عن انهيار أسعار النفط أو ظهور بدائل أخرى للطاقة فى العالم.
وتخلق رؤي الخليج التنموية واقعا اقتصاديا جديدا يعيد صياغة الأوضاع بما يجعل المنطقة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، وسط توقعات لنمو الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج لعام 2023 في حدود من 6 الي 7 % .
وذكر أن “مجلس التعاون” يمثل أحد أكبر وأهم التجمعات الاقتصادية في العالم، بناتج محلي إجمالي 1.6 تريليون دولار، بمعدل 4.1% من الاقتصاد العالمي، وهو سادس أكبر مصدر سلعي في العالم بصادرات 609.5 مليار دولار، كما يحتل الاقتصاد الخليجي المرتبة الـ 12 عالميا ويبلغ عدد سكانه 57.4 مليون نسمة.
واشار إلي أن دول المجلس تتمتع بوفرة الموارد الطبيعية، ما جعل قيادتها تسعي لتحسين حياة مواطنيها وتطوير البنى التحتية وقطعت في ذلك شوطا كبيرا وشيدت مدنا عصرية من أجل التنمية الاقتصادية المستقبلية، فالإمارات تتصدر التصنيع وسلع السعودية تنفذ إلي أسواق العالم والكويت تعاود الإنتعاش ومناطق صناعية جديدة بالبحرين وفرص استثمارية بعمان، وعملت الدول الست علي تيسير اجراءات الإقامة والتنقل والتوظيف، والتأمينات الإجتماعية والصحية والإستثمار والخدمات، وملكية العقارات والممتلكات، وانتقال رؤوس الأموال، والمعاملة الضريبية.
واوضح ابوبكر الديب أن عام 2014 دق جرس الإنذار لدول الخليج، بعد هبوط أسعار النفط، ما أحدث تحولا جذريا فى مسيرة المجلس الاقتصادية، وتم تغيير السياسات وتجديد الأهداف، ووضع رؤي واستراتيجيات ما بعد النفط، وتبنى المجلس “التكامل الإقتصادي” عنوانا لمسيرته، وتحقيق السوق الخليجية المشتركة.
واضاف ابوبكر الديب أن انخفاض أسعار النفط، شكل نقطة تحول وجرس إنذار بالنسبة للمملكة العربية السعودية، صاحبة الاقتصاد المعتمد على النفط، لأكثر من نصف قرن، لكى تتحول إلى استغلال ما لديها من مصادر أخري، وجاءت رؤية السعودية 2030 ، كمشروع طموح تبناه ولى العهد الأمير محمد بن سلمان، لرفع مستوى القطاع الخاص والتكنولوجيا الفائقة وقطاعى التعليم والسياحة.. وتحويل الصحراء إلى مدن جديدة، يمكنها توفير فرص العمل وتعزيز الاستثمار وتنويع مصادر الدخل، وضمان الاستدامة المالية وانفتاح السوق السعودية أمام المستثمرين الدوليين، وتطوير الخدمات العامة، وتقليص البيروقراطية وحققت أداء قويا في المؤشرات العالمية واحتلت المرتبة الـ 14 على مستوى دول مجموعة الـ 20 في تدفقات الإستثمار الأجنبي المباشر لعام 2021.
وقال إنه على نفس النهج، سارت دولة الإمارات العربية المتحدة، صاحبة ثانى أكبر اقتصاد عربى بعد المملكة العربية السعودية، وواحد من أسرع الاقتصادات الناشئة على مستوى العالم، ولديها رؤية تنموية شاملة لـ 50 عاما قادمة بعنوان “نحن الإمارات 2031” وتستهدف رفع الناتج المحلي الإجمالي للدولة ليصل إلى 3 تريليونات درهم، وزيادة الصادرات غير النفطية للدولة إلى 800 مليار درهم، ورفع قيمة التجارة الخارجية الإماراتية إلى 4 تريليون درهم، ورفع مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 450 مليار درهم.
واستحوذت الامارات على المرتبة 19 عالميا لقدرتها على جذب تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة في 2022 وحرصت القيادة الإماراتية الحكيمة، على أن يعيش أبناء الإمارات، الجيل الحالى والأجيال القادمة، فى رفاهية وتقدم من خلال تنويع مصادر الدخل، وساعدت البنية التحتية المتطورة فى أن تصبح البلاد مقصدا للمستثمرين والشركات العالمية وسط توقعات بأن ينمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات بنسبة 2.1%، فيما يصل النمو إلى 4.1% في العام 2023.
واكد أن رؤية الإمارات 2021، تهدف إلى أن تكون البلاد العاصمة الاقتصادية والسياحية والتجارية للعالم، عبر الانتقال إلى اقتصاد قائم على المعرفة، وتشجيع الابتكار والبحث والتطوير، وتشجيع القطاعات ذات القيمة المضافة العالية بما يطور من بيئة الأعمال ويعزز من جاذبية الدولة للاستثمارات.
وقال رؤية “عمان 2040” ، تهدف إلى الإستغلال الأمثل للمزايا النسبية لكل قطاع اقتصادي، وخاصة المطارات والموانئ والمناطق الصناعية، إضافة إلى الموارد المتوفرة بما يحقق تنويع مصادر الدخل.
وحقق اقتصاد سلطنة عمان قفزات واسعة في عهد السلطان هيثم بن طارق وشهدت السلطنة خلال العامين الماضيين إنجازات واعدة تؤسس لنهضة عمانية متجددة، تتجسد في رؤية عمان 2040، التي تعبر عن التطلعات والطموحات العظيمة لمستقبل أكثر ازدهارا ونماء لعمان.
واشار إلي رؤية 2040 العمانية تركز على دعم النمو الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل، وتحقيق الاستدامة المالية مصحوبة ببرامج الحماية الاجتماعية، مع ترشيد ورفع كفاءة الإنفاق، وإرساء نظام تعليمي وصحي بجودة عالية، ضمانا لتواصل البناء والعمران لمصلحة الأجيال المتعاقبة كما تعمل دولة الكويت على تنويع اقتصادها، استعدادا لفترة ما بعد النفط، من خلال جذب المزيد من الاستثمارات إلى سوق العمل الكويتي، والاعتماد على ديناميكية القطاع الخاص وقدراته التفاعلية، عبر منظومة تشريعية ومؤسسية متطورة، ووضعت خارطة طريق طموحة بعنوان “الكويت الجديدة”، تهدف إلى تحويل البلاد لمركز ثقافى واقتصادي، وزيادة عائدات البلاد إلى 50 مليار دينار كويتي بحلول عام 2035 وكذلك فعلت مملكة البحرين، من خلال رؤيتها 2030، سعيا إلي التنويع الاقتصادي، واستعدادا لما بعد النفط من خلال دعم الصناعات، وتوفير حياة أفضل لكل المواطنين، من خلال الاستدامة والعدالة والتنافسية، واستقطبت قطر استثمارات بقيمة 19.2 مليار دولار في الربع الثاني من عام 2022.
ورغم وجود أزمة طاقة وصعوبات في سلاسل الإمداد عالميا، إلا أن دول الخليج حققت فوائد من ارتفاع أسعار الطاقة وتراكمت لديها الفوائض المالية، ما يجعل المنطقة قبلة للاستثمارات الدولية خلال السنوات المقبلة، وأمام دول الخليج عدد من التحديات أهمها ارتفاع التضخم وتباطؤ الاقتصاد العالمي نتيجة تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وأكثر من 10 آلاف عقوبة غربية علي روسيا، فضلا عن رفع معدلات الفائدة الأمريكية .