منذ أن اتخذ قرار دمج الشركة المصرية لإعادة التأمين في شركة مصر للتأمين والحديث لا ينقطع عن أن مصر تستحق وجود شركة متميزة ومتخصصة في إعادة التأمين.
ولقد سعدنا جميعا بما جاء على لسان سيادة المستشار / رضا عبد المعطي، في مجلة “خبري” ، من آنه سيتم تأسيس شركة إعادة تأمين مصرية برأسمال مصري /عربي مشترك لا يقل عن مليار جنيه مصري.
ونظرا لأهمية هذا الموضوع، فأعتقد آنه من الجائز عقد ورشة عمل لعدد من الخبراء لتدارس هذا الموضوع ووضع الأطر العامة له حتى يكتب له النجاح وتكون الشركة واجهة مشرفة لمصر، وعلى قدرها.
ومن وجهة نظرنا هناك العديد من الجوانب الهامة التي يجب أن تكون محل نقاش ودراسة ومنها: –
أولا: – الحد الأدنى لرأس المال
عند التفكير في تأسيس شركة متخصصة في إعادة التأمين في مصر، فإن الكيان الجديد يجب أن يكون ليس فقط على قدر قدم وعراقة قطاع التأمين بل أيضا على قدر قدم وعراقة مصر، فالمبلغ الذي ذٌكِرَ في الحديث الصحفي لسيادة المستشار رضا مع الصديق ماهر أبو الفضل، رئيس التحرير، (مليار جنيه مصري) ربما يشير إلى الحد الأدنى لمبلغ رأس المال المدفوع بالكامل لكي تعتمد الهيئة أي معيد تأمين غير مصنف.
وفي رأينا أنه لا يجب تأسيس كيان متخصص في إعادة التأمين بالحد الأدنى لمتطلبات رأس المال خاصة
وأن شركات أعادة التأمين تحتاج الى جهد ووقت حتى تنطلق عملياتها وتبدأ العجلة في الدوران، ومن ثم فهي تتميز بتكلفة عالية جدا لمصاريف ما قبل التشغيل لا يمكن ولا يجب مقارنتها بتكلفة ما قبل التشغيل لشركات التأمين المباشر.
وفي رأينا آنه حتى يتم تكوين كيان قوي، يستطيع مد أزرعه الى جميع أنحاء العالم وقتما شاء وينافس كافة الشركات المتواجدة بالسوق يجب أن يتمتع بالملاءة المالية، ومن ثم فإنني أعتقد أن الحد الأدنى ارأس المال لا يجب آن يقل بأي حال من الأحوال عن 150 200 مليون دولار.
ثانيا: – منع الازدواجية
معلوم أن محفظة أعمال الشركة المصرية لإعادة التأمين قد تم تحويلها إلى شركة مصر للتأمين، وربما يكون من المناسب التفكير وبجدية في توحيد كيان إعادة التأمين في مصر، ودمج قطاع إعادة التأمين في شركة مصر للتأمين في الشركة الوليدة مما يساعد كثيرا في توفير انطلاقة مناسبة للكيان الجديد
قيام شركة متخصصة في إعادة التأمين بتنقية محفظة الأعمال القائمة في مصر للتأمين سيكون له دور فعال ليس فقط في تحسين وتطوير المحفظة، بل أيضا في منح/ فتح خطوط اتصال للكيان الجديد.
ثالثا: ـ مساهمة شركات التأمين المحلية
شخصيا لا أرى جدوى من مساهمة الشركات المحلية في الكيان الجديد
قد تساهم فيه الشركة القابضة للتأمين في مقابل منع الازدواجية، قد يساهم فيها بعض البنوك المصرية أو الكيانات الأجنبية
قد نسعى للحصول على مساهمة ولو ضئيلة من أحد كيانات إعادة التأمين العالمية النشطة في السوق، ولكن مساهمة الشركات المحلية في الشركة سيضع ضغوط يومية على الشركة لقبول أعمال قد لا تكون مناسبة.
الهدف من تأسيس الشركة لا يجب أن يكون في أي شكل داعم لبعض الممارسات الغير مقبولة، بل يجب أن يكون للمولود الجديد مطلق الحرية في قبول الأعمال التي تتمشى مع سياساته الإكتتابية، وأهدافه الموضوعة وألا يتعرض للضغوط اليومية لقبول أعمال لا تناسب طموحاته.
رابعا: ـ العنصر البشري
عودة إلى نقطة البداية رأس المال وعلاقته بالعنصر البشري
يجب على الكيان الجديد أخذ الوقت الكافي لاختيار عناصر الفريق وتدريبهم على أعلى مستوى وإرسالهم في بعثات دراسة / تدريبة الى أفضل المعاهد والشركات العالمية وألا تتعجل في ذلك وتعلم أن العمود الفقري للشركة هو فريق العمل،
الشركة الجديدة تحتاج الى فريق عمل جديد، بفكر وعلم جديد، يضيف للسوق المصري وللأسواق التي ستتعامل معها الشركة ويكون هذا الفريق هو الذراع القوي الذي يفتح الأبواب أمام الشركة، وأن تبتعد الشركة الوليدة تماما عن الأسلوب التقليدي في اختيار العناصر،
هناك تجربة كانت متميزة في ثمانينات القرن الماضي عندما تم تأسيس شركة أريج بالبحرين
اختارت بعناية شديدة مجموعة من الخريجين الجدد وأرسلتهم الى لندن والولايات المتحدة الأمريكية لدراسة وتعلم التأمين وإعادة التأمين لمدد تتراوح ما بين 12 إلي 24 شهر
وكانت تجربة ثرية بما تحمله الكلمة من معان وكان هؤلاء المتدربون هم العمود الفقري للشركة التي أضاعها مجلس إدارتها
خامسا: – مجلس الإدارة
مجلس الإدارة هو من يقود الدفة بالشركات،
هو من يضع الاستراتيجيات والسياسات والخطط التي تحقق الأهداف والطموحات،
وهو أيضا من يراقب وعن كثب تحقيق تلك الخطط،
لا يعجبني أبدا نظام المحاصصة في مجالس الإدارات لأنه في النهاية ينتج مجلس إدارة موجه بالمساهم صاحب الحصة الأكبر،
ومن الوارد، بل من المؤكد أن تختلف توجهات الشركة وأهدافها عن توجهات أحد الشركاء حتى ولو كان المساهم الرئيسي،
ومن ثم فيجب أن يكون أسلوب اختيار أعضاء مجلس الإدارة مبني على أساس التخصصات التي يجب أن تتواجد بمجلس الإدارة وليس فقط اشتراط وجود عضوين من ذوي الخبرة، فعلى سبيل المثال اشتراط: –
وجود عضو قانوني
وجود مخطط استراتيجي
خبير في نظم الحاسب الآلي
خبير مالي متخصص
خبير موارد بشرية
خبير تأميني متخصص أو أكثر
إلخ
صحيح سيختار المساهمون هؤلاء الأعضاء ولكن يجب- وكجزء من حوكمة مجالس الإدارات – تواجد خبرات متنوعة ليست بالضرورة من ضمن العاملين لدي المساهمون.
إن التعامل مع النقاط أعلاه سوف يحدد بدرجة كبيرة مستقبل الشركة والهدف منها
فإذا كان الهدف هو تأسيس شركة تستمر وتكون وجه مشرف لقطاع التأمين المصري لعقود وعقود من الزمن فسيتم التعامل مع الملف بطريقة مختلفة عما لو كان الهدف هو دعم السوق
ولا ننسى أن دعم السوق يحمل العديد من المعاني: ـ
هل هو دعم الممارسات الغير صحية بالسوق؟؟؟
هل هو دعم وضع الأسس الصحيحة للاكتتاب والمساهمة في غرس أسس الاكتتاب الصحيح وقتل بعض الممارسات الغير صحية؟
، أم دعم المنافسة الغير صحية وضرب الأسعار والمنافسة على الحصة السوقية؟؟
ومن هنا فإن تحديد الهدف من تأسيس الشركة سوف يحدد مستقبلها