أصدرت وزراة التخطيط والتنمية الاقتصادية تقريرًا حول الـمُبادرات والبرامج الحكومية الـموجّهة للتحسين البيئي والتحوّل للاقتصاد الأخضر بخطة العام المالي الحالي 22/2023.
قالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أنه مع تعافي الاقتصاد العالـمي تدريجيًا من جائحة فيروس كورونا خلال عام 2021، عادت قضية تغيّر الـمناخ وتدهور البيئة لتحتل مكان الصدارة في قائمة القضايا الشائكة التي تتطلّب استجابة عالـمية مُوحدة بما يتماشى مع أهداف التنمية الـمُستدامة ومع اتفاقية باريس (2015)، وقد دعا مُؤتمر الأطراف (COP 26) الـمُنعقد في جلاسكو عام 2021 إلى اتخاذ التدابير اللازمة لـمُكافحة تغيّر الـمناخ، والتشديد على أهمية التحوّل إلى الاقتصاد الأخضر والذي يؤدي إلى تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية الـمُستدامة دون أن يقترن ذلك بالتدهور البيئي، مؤكدة أنه إدراكًا لـمخاطر التغيّرات الـمناخية وتبِعاتها السلبية على الـموارد الاقتصادية تحرص مصر على الحفاظ على الـمنظومة البيئية وصون الـموارد الطبيعي وهو ما يتجلّى في تضافر جهود كافة الوزارات وأجهزة الدولة لتوفير مقوّمات التحسين البيئي من مُنطلق تحقيق الاستدامة البيئية، وتنمية الاقتصاد الأخضر.
وأشارت إلى قيام وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية ووزارة البيئة بإعداد دليل معايير الاستدامة البيئية، وطرح الإصدار الأول عام 2021 تحت مُسمى الإطار الاستراتيجي للتعافي الأخضر، وقد تم إعداد هذا الدليل بهدف توفير الـمعايير الإرشادية لدمج معايير التنمية الـمُستدامة في الخطط التنموية بما يُعظّم الـمردود التنموي ويُحسّن جودة حياة الـمُواطنين، ويُحدّد الدليل معايير الاستدامة الحالية على مُستوى 14 قطاعًا من القطاعات الاقتصادية، والجهات الـمسئولة عنها، وعن قياس مُؤشّرات الأداء ذات الصلة التي تقيس الأثر التنموي لـمُختلف الـمشروعات والتدخّلات، وتعيّن بالتالي مُتخذ القرار في تحديد الـمشروعات ذات الأولويّة من منظور السلامة والاستدامة البيئية وبما يتوافق وخطط التنمية الـمُستدامة.
وأضافت السعيد أنه في إطار استضافة مصر لـمُؤتمر الأطراف لاتفاقيّة الأمم الـمُتحدة الإطاريّة حول تغيّر الـمُناخ (Cop 27)، تحرِص الحكومة على تبنّي الـمُبادرات الداعمة للنمو الأخضر الـمُستدام لتُشكّل استثماراتُها نسبة تتراوح بين 35% و40% من إجمالي الاستثمار في عام الخطة، مُقابل 30% في الوقت الراهن، وللوصول إلى 50% بحلول عام 2025، وإلى 100% بحلول عام 2030، ولذا، تتبنّى الخطة عِدّة برامج تستهدف التصدي للتغيّرات الـمناخية وانعكاساتها السلبية على النظام البيئي والاقتصادي الوطني.
واستعرض تقرير وزارة التخطيط أهم الـمُبادرات والبرامج الحكومية الـموجّهة للتحسين البيئي والتحوّل للاقتصاد الأخضر، ففي قطاع النقل تتضمّن الخطة التوسّع في مشروعات النقل الـمُتطوّر، مثل القطار الكهربائي والـمُونوريل والأوتوبيس التردّدي البديل للـميكروباص على الطريق الدائري، وكذا شبكات مترو الأنفاق والسيارات الكهربائيّة، بالإضافة إلى برنامج تحويل السيارات الحكومية لاستخدام الغاز الطبيعي بدلًا من البنزين، وفي قطاع الصناعة تتبنّى وزارة التجارة والصناعة عِدّة برامج لـمُكافحة التلوّث الصناعي وحماية البيئة، مع التركيز على الصناعات الرشيدة في استخدامات الطاقة والـمياه والـموارد الطبيعية، مع دعم الصناعات صدي البيئة، وإعادة تدويل الـمُخلّفات واستخدام مياه الصرف الصناعي فضلًا عن التوسّع في إبرام الاتفاقيات الدولية لإنتاج الهيدروجين الأخضر كمادة وسيطة لإنتاج الأمونيا الخضراء، وبتكلفة تقديرية للـمرحلة الأولى نحو 4 مليار دولار.
وفيما يتعلق بقطاع الكهرباء والطاقة الـمُتجدّدة تستهدف الـمُبادرات الـمطروحة بالخطة، رفع نسبة الطاقة الـمُتجدّدة إلى 22% من جُملة الطاقة الـمُستخدمة عام 22/2023، ثم إلى 25% عام 24/2025، ولتقترب من مُستهدفات عام 2035 (42%)، من خلال التوسّع في مشاريع الطاقة الشمسية ومزارع الرياح لتوليد الكهرباء على غِرار محطة بِنبان بأسوان للطاقة الشمسية، ومشروع رأس غارب لتشغيل مزارع الرياح، بالإضافة إلى تشجيع الـمشروعات التي تقوم بتحويل الـمُخلّفات إلى طاقة، وبالنسبة لقطاع الزراعة تتضمّن الـمُبادرات الـمطروحة بالخطة، التوسّع في الزراعات العضوية، وترشيد استخدام الـمُبيدات الكيماوية والحشرية، وكذا التوسّع في الـمجازر الآلية لرفع كفاءة الوحدات البيطرية، وأيضًا، التوسع في زراعة الحاصلات الـمُقاومة للجفاف والرطوبة والـملوحة وقليلة الاستخدام للـمياه، مع التوجّه لتقنيّات الزراعة الحديثة واستنباط سُلالات أصناف جديدة مُبكرة النضج.
وحول قطاع الـموارد الـمائية والري تتضمّن الـمُبادرات التوسع في نظام الري الحقلي الحديث واستخدام نظام الري التبادلي لخطوط الزراعة، والتوسّع في تحلية الـمياه الجوفية، والتوسّع في مشروعات تخزين مياه الأمطار والسيول، وتحسين جودة شبكات الري والصرف العام والـمُغطى، والتوسّع في أعمال التغطية من مصارف وتبطين الترع، وفيما يخص قطاع السياحة تتضمّن الـمُبادرات تنشيط السياحة الخضراء في إطار منظومة الاستدامة البيئية من خلال تحفيز إقامة الفنادق الـمُتوافقة مع البيئة (الفندق البيئي Ecolodge)، على غِرار التجارُب الناجحة في مُنتجعات واحة سيوة ومرسى علم بالبحر الأحمر، ودهب بخليج العقبة، ومن خلال مُتابعة التزام الشركات والـمُنشآت بالضوابط البيئية كشرط أساسي لحصولها على شهادات الصلاحية البيئية ولـمُواصلة العمل، كما توجد مُبادرات لتحويل الـمركبات الـمُرخصة سياحيًا للعمل بالطاقة الصديقة للبيئة وكذا، إلزام مراكز الغوص بالحصول على العلامة الخضراء، وإلزام كافة الـمنشآت الفندقية والسياحية في مدينة شرم الشيخ (كمرحلة أولى) بما يُفيد حصولها على شهادة الاعتماد وفقًا لاشتراطات الـممارسة الخضراء صديقة البيئة.
وفيما يخُص التدابير الـمُؤسسيّة، أوضح التقرير أنه تم تعديل التشريعات البيئية وتطوير أنظمة الإدارة البيئية للتركيز على التنمية الاقتصادية الخضراء الأقل اعتمادًا على الكربون وإدراج البُعد البيئي في جميع مشاريع التنمية، وزيادة العقوبات ضد الـمُمارسات البيئية الخاطئة، وفي هذا السياق، تم إطلاق الـمُؤشّر الـمصري للـمسئولية الـمُجتمعيّة لـ 100 شركة مُدرجة في سوق الأوراق الـمالية شاملة الجوانب البيئية والاجتماعية، كما يُجرى التسريع في إصدار السندات الخضراء للشركات بالتعاون مع مُؤسسات التمويل الدولية وذلك لتمويل الـمشروعات البيئية الـمُعتمدة على الطاقة النظيفة.