تصدرت الدول الأوروبية قائمة أسواق العمل الأكثر مرونةً ، وعلى رأسها سويسرا، إضافةً إلى سنغافورة باعتبارها الدولة الوحيدة المتصدّرة من خارج أوروبا.
كشفت تقرير صدر عن شركة وايتشيلد للاستشارات العالمية ووضع الاستراتيجيات والسياسات العامة – تلقت مجلة خبري نسخة نه – عن منافسة الإمارات العربية المتحدة قائمة الدول العربية في مؤشر مرونة العمل.
شمل الاستطلاع الذي تم إعداد التقرير عليه نحو 136 دولة علي مستوي العالم ، شملت دول الشرق الأوسط التي تركز على التحوّل الأخضر بوصفه ركيزةً لتعزيز التنويع الاقتصادي والابتكار والتجارة.
وسجلت الإمارات العربية المتحدة أعلى معدل لمرونة أسواق العمل في المنطقة العربية، تليها المملكة العربية السعودية انطلاقاً من سعيها لتنويع اقتصادها والارتقاء بمهارات قوتها العاملة.
تقرير وايتشيلد استكشف الفرص والتحديات التي تواجه الصين والهند، مؤكداً ضرورة تزويد القوى العاملة في الصين بالمهارات المستدامة لتلبية احتياجات السوق وتمكين العمال من مواكبة هذا التحوّل.
الهند تحتاج إلى سياسة مدروسة لتوفير الوظائف الصديقة للبيئة
أما الهند فتحتاج إلى سياسةٍ مدروسة لتوفير الوظائف الصديقة للبيئة وإنجاز التحول بصورة عادلة للجميع، بما يضمن نجاح تحوّلها نحو مستقبلٍ مستدام على نطاقٍ واسع.
وتطرق التقرير الي التحديات الكبرى التي تواجه أسواق العمل، والمرتبطة بمخاطر الاحتباس الحراري وضرورة التحوّل نحو مستقبل مستدام على مستوى العالم، حيث ينطوي الاحتباس الحراري على مجموعة من التداعيات المباشرة والمتفاقمة، والتي تتمثل بنزوح السكان والهجرة وغيرها من المخاطر الجسدية والنفسية على المجتمعات.
ويُظهر التقرير استجابة الدول لهذه التحوّلات من خلال تعديل التشريعات وأُطر السياسة لتعزيز جوانب الاستدامة، مع التركيز بشكل رئيسي على ضرورة بناء أسواق عمل متينة وشاملة.
ويوفر التقرير تحليلاتٍ وتوصياتٍ لتعزيز أسواق العمل، من خلال إعدادها لمواجهة تحديات التغير المناخي والاستفادة من الفرص التي يحملها المستقبل المستدام، ويُظهر أن تحقيق التوازن بين المعايير البيئية وديناميات سوق العمل يتطلب من صنّاع السياسات وضع منهجية شاملة تقوم على دمج السياسات المناخية وسياسات العمل لبناء اقتصادٍ صديق للبيئة وفق عمليةٍ سلسة وعادلة للجميع.
وتستلزم هذه العملية إجراء التحولات الاجتماعية مثل توفير الإعانات لغير الموظفين وذوي الاحتياجات الخاصة، وحماية الأطفال، وتحسين سياسات الرواتب التقاعدية؛ إضافةً إلى زيادة التركيز على جوانب التعليم والتدريب وتحسين المهارات، بهدف إعداد المواهب لتولّي الوظائف المستدامة والحدّ من الحالات المتزايدة لانعدام المساواة.
الصين مطالبة بتزويد القوى العاملة بالمهارات المستدامة
ويسلط تقرير مؤشر مرونة العمل العالمي لعام 2024 (GLRI 2024) الضوء على الدول الرائدة من حيث مرونة أسواق العمل خلال هذه الفترة الانتقالية.
ويعرّف هذه المرونة بأنها قدرة أسواق العمل على مواجهة الاضطرابات والتعافي منها، كما أنها مؤشر رئيسي لتوفر الشمولية والاستدامة، مما يستلزم من الدول بناء أسواقٍ يمكنها تحمّل الصدمات المؤقتة ومواكبة الاتجاهات الهيكلية. ويقيس التقرير مرونة أسواق العمل بناءً على ركائز هيكلية ودورية.
في سياق متصل كشف تقرير مؤشر مرونة العمل العالمي لعام 2024 أن التحوّل الأخضر يفرض مجموعةً من تعديلات السياسات المعنية بأسواق العمل، حيث ينطوي على تغيّراتٍ في هيكلية الاقتصاد، مما يستلزم وضع سياسات موجّهة وتفعيل دور المؤسسات لتعزيز الاستدامة في أسواق العمل.
وتؤدي المؤسسات دوراً محورياً في وضع السياسات المدروسة، وبالتالي الارتقاء بمرونة أسواق العمل والأداء البيئي. وفيما تتميز الدول مرتفعة الدخل بوجود سياسات ومؤسسات عالية الجودة، ما تزال الدول الفقيرة بحاجةٍ إلى بناء مؤسساتٍ قوية وقادرة على الاستفادة من الفرص الناشئة في مجال الاستدامة.
وأوصي التقرير صنّاع السياسات بتدعيم الركائز الاقتصادية اللازمة لتمكين أسواق العمل من استثمار هذه الفرص، فتحوّل الاقتصاد نحو المعايير الخضراء يحمل العديد من التغيّرات، والتي يمكن للعمّال والشركات مواكبتها بسرعة في حال توفرت لهم ظروف استقرار الاقتصاد الكلي، والمرونة التجارية، ومنظومات الحوكمة الداعمة.
كما ينبغي وضع سياسات للحدّ من حالات انعدام المساواة خلال فترة التحوّل الأخضر، وتقليل المخاطر المحتملة الناجمة عن هذا التحوّل.
وشدد علي أن بناء مستقبل مستدام يحتاج تركيزاً أكبر على جوانب التعليم والتدريب، إضافة إلى التعاون بين صنّاع السياسات العامة وشركات القطاع الخاص على وضع أجندة لتزويد العمال بالمهارات الخضراء والارتقاء بمهاراتهم الحالية، والتي تركز على الشباب باعتبارهم المسؤولين عن قيادة التحوّل.
فادي فرّا : التركيز علي دور أسواق العمل المرنة لبناء مستقبلٍ مستدام
من جانبه فادي فرّا، الشريك الإداري في شركة وايتشيلد أن إصدار تقرير مؤشر مرونة العمل العالمي لعام 2024 جاء تماشياً مع التزام شركته بإثراء المعارف والدراسات المعنية بموضوع الاستدامة.
اضاف، أنه تم الاعتماد على أبحاث واسعة ومعمّقة لتحديد أكثر الدول مرونةً من حيث أسواق العمل، مع تسليط الضوء على الدور المحوري لأسواق العمل المرنة في إرساء معايير الأداء البيئي اللازمة لبناء مستقبلٍ مستدام وقادر على مواكبة التغيرات.
رائد صفدي : تغيّرات هيكلية في الاقتصاد يستلزم تفعيل دور المؤسسات لتعزيز الاستدامة
و قال رائد صفدي، كبير الاقتصاديين في وايتشيلد ، أن تقرير مؤشر مرونة العمل العالمي لعام 2024 يعكسضرورة وضع سياسات موجّهة وبناء مؤسسات فعالة لتسريع التحوّل الأخضر في أسواق العمل، لا سيما في ظل التغيّرات الهيكلية التي يمرّ بها الاقتصاد العالمي.
وتتمثل منهجية التقرير- وفقا لصفدي – في اتخاذ خطواتٍ استباقية لإنجاز التحول بأفضل نتائج ممكنة، بالاعتماد على مجموعة من المقاييس التي تشمل مراقبة أداء الأسواق، وإجراء مقارنة مرجعية للمخرجات، واستخلاص الدروس المستفادة من السياسات والمؤسسات الحالية في كل من الدول المشمولة بالتقرير والبالغ عددها 136 دولة.