تحليل يكتبه- ماهر أبو الفضل:
رفعت سوق التأمين المصرية، حصيلة أقساطها المباشرة لتلامس 46 مليار جنيه، خلال العام المالى الماضى 2020 /2021 – خلال الفترة من أول يوليو 2020 حتي يونيو 2021- مقابل 38.7 مليار في العام المالي السابق 2019/2020 ، بزيادة قيمتها 7.3 مليار جنيه تقريبًا ، وبنسبة نمو تلامس 18.8%.
وشهدت نتائج أعمال السوق- التي تنفرد بها مجلة خبري الإقتصادية- مفاجأت دراماتيكية سواء في الحصص السوقية لشركات التامين سواء في الحياة أو الممتلكات، وكذلك في الوزن النسبي لكل نشاط من هذه الأقساط.
ففي الوقت الذي كان دائمًا ما يستحوذ فيه نشاط تأمين الممتلكات علي الوزن النسبي الأكبر من خزينة الأقساط المباشرة خلال السنوات الماضية، إلا أن العام المالي الماضي، شهد تغيرًا مفاجئًا، وهو سيطرة نشاط تأمين الحياة وتكوين الأموال، علي النسبة الأكبر من الأقساط المباشرة، ليستحوذ علي 52.1% بإجمالي 24 مليار جنيه تقريبًا، مقابل 22 مليار جنيه، هي حصيلة شركات تأمين الممتلكات والمسئوليات، من الأقساط المباشرة، إستحوذت من خلالها علي ما تبقي من رصيد ونسبته 47.9%.
ومن المعروف أن العام المالي قبل الماضي- كنموذج- ، إستحوذت فيه شركات الممتلكات علي النصيب الأكبر من حصيلة الاقساط المباشرة في يونيو 2020 بإجمالي 20.3 مليار جنيه بنسبة 52.3% ، مقابل 18.5 مليار جنيه لشركات تأمين الحياة بنسبة 47.7%.
أورينت تدخل قائمة الخمسة الكبار وتزيح “بوبا” .. وأليانز تترك مركزها الرابع لتستريح في الخامس .. ولعبة الكراسي الموسيقية تظهر في نشاط الممتلكات
وفيما يخص الحصص السوقية لشركات التأمين، شهد نشاط الممتلكات والمسئوليات تغييرات ربما تكون مفاجئة للمحللين والمتابعين لقطاع التأمين، أولها أنه علي الرغم من زيادة رصيد الأقساط المباشرة لشركة مصر للتأمين- وهي الشركة الحكومية الوحيدة او التابعة لقطاع الأعمال العام التي تزاول هذا النشاط- ليرتفع إلي ما يزيد عن 8.2 مليار جنيه في يونيو 2021 مقابل 8.1 مليار جنيه في يونيو 2020، إلا أن حصتها السوقية تآكلت بنسبة كبيرة، لتنخفض من 40.1% في 2020 لتصل الي 37.3% في يونيو 2021.
جدير بالذكر أن فقد مصر للتأمين جزءً من حصتها السوقية في الأقساط المباشرة ، لايعني تراجع معدلاتها، لاسيما وأن رصيد إجمالي أقساطها شهد نموًا ملحوظًا في 2021 ما إنعكس علي حصتها السوقية الكلية.
ومعروف أن هناك فارق بين الأقساط المباشرة- أو الاكتتاب المباشر-، وبين إجمالى الأقساط، فالأقساط المباشرة هي التي يتم الإتفاق علي تحصيلها مع العملاء في السوق المحلية – سواء وثائق جديدة أو تم تجديدها-، أما إجمالى الأقساط فتتضمن الأقساط المباشرة، مضافا إليها أقساط إعادة التأمين الوارد من السوق الخارجية والداخلية بما تسمى بأقساط إعادة التأمين الوارد خارجى، وأقساط الإعادة الوارد محلى.
علي كلِ، فإن التغييرات الدراماتيكة التي شهدتها معركة الحصص السوقية، طالت خروج لاعب كبير في حجم “بوبا” للتأمين الطبي، من قائمة الخمسة الكبار، لتدخل مكانها شركة “أورينت للتأمين”، بل أن المفاجئة لم تكن دخول أورينت لقائمة الخمس الكبار، بل أنها حجزت المقعد الرابع، الذي كانت تجلس عليه “أليانز للتأمين” في 2020 ، والتي إنتقلت إلي المركز الخامس، في مشهد يشبه لعبة الكراسي الموسيقية.
قائمة الخمس الكبار في الممتلكات تضم “مصر”و”أكسا” و”جي أي جي”و””أورينت” و” أليانز”
إجمالًا، ضمت قائمة الخمس الكبار في نشاط الممتلكات ، كلا من “مصر للتأمين” بحصة سوقية 37.3%، تلتها “أكسا ” بحصة بلغت 7.2% وحلت “جي أي جي للتأمين” في المركز الثالث بـ 6.6%، فيما جاءت “أورينت” بالمركز الرابع بحصة 5.8% ، وأخيرًا “أليانز للتأمين” في المركز الخامس بـ 5.6%.
وفي نشاط تأمين الحياة ، انتعشت حصيلة الاقساط المباشرة لشركاته،البالغ عددها 16 شركة-منها واحدة تابعة لقطاع الأعمال العام، مقابل 15 تابعة للقطاع الخاص ومنها الوفا لتأمينات الحياة التي لم تدخل السباق إلا في العام المالي الحالي- لتصل الي 24 مليار جنيه تقريبًا في العام المالي الماضي 2020/2021 ، مقابل 18.5 مليار جنيه محققة في العام المالي السابق، بزيادة تصل الي 5.5 مليار جنيه، وبنسبة نمو تلامس 29.7%.
الاجانب يسيطرون علي المراكز الاولي في تكوين الأموال و” مصر حياة ” تتعافي بإضافة 5% لحصتها السوقية
وفيما يخص الحصص السوقية، شهدت خريطة اللاعبون بعض المفاجآت ، منها علي سبيل المثال، أن شركة مصر لتأمينات الحياة- الشركة الوحيدة التابعة لقطاع الأعمال العام في هذا النشاط- نجحت في تحقيق هدفين، الأول زيادة رصيد أقساطها المباشرة برقم ضخم يلامس 2.7 مليار جنيه، لتصل بالأقساط المباشرة محطة الـ 7.7 مليار جنيه في يونيو 2021، مقابل 5 مليار جنيه تقريبًا محققة في يونيو 2020 ، والهدف الثاني أنها نجحت في زيادة حصتها السوقية لتصل إلي 31.9% مقابل 26.9% خلال عامي المقارنة.
ومعروف ان الزيادات الضخمة التي شهدتها الأقساط المباشرة في شركة مصر لتأمينات الحياة جاءت لأسباب منها تحالفاتها المصرفية وفي القلب منها البنك الأهلي المصري، الذي إستطاعت من خلاله ترويج وبيع بعض التغطيات التي تم إعدادها خصيصًا له مثل “معاش بكرة”.
في سياق متصل، وكما العادة، سيطرت شركات التأمين العاملة برأسمال أجنبي علي المراكز الأربعة الأولي في قائمة الخمسة الكبار بداية من المركز الثاني الي الخامس.
وضمت قائمة الخمس الكبار فى نشاط الحياة، بالترتيب كلا من “مصر” بحصة سوقية 31.9%، و”أليانز” فى المركز الثانى بحصة سوقية بلغت 21%، فيما حلت “متلايف” في المركز الثالث بحصة 17%، تلتها “أكسا” بنحو 13.8% ، و”كيو إن بي” فى المركز الخامس بحصة سوقية بلغت 3.9% .
لكن علي الرغم من سيطرت الشركات الأجنبية علي المراكز المتقدمة في قائمة الكبار بنشاط الحياة، إلا أن ثلاثة منها فقدت بعضًا من حصتها السوقية، ومنها أليانز حياة ، التي فقدت 1.8% من الحصة السوقية في يونيو 2021، لتصل الي 21% مقابل 22.8% في يونيو 2020، بالإضافة إلي متلايف، التي فقدت 2.9% من حصتها السوقية، لتصل الي 17% مقابل 19.9% بنهاية يونيو 2021 ويونيو 2020، علي التوالي، وفقدت “كيو إن بي” 0.1% من حصتها في يونيو 2021 لتصل الي 3.9% مقابل 4%، في يونيو 2020.
وفي المقابل، نجحت شركة “أكسا لتأمين الحياة” في إضافة 0.1% لحصتها السوقية، لتصل بها لمحطة الـ 13.8% في نهاية العام المالي 2020/2021، مقابل 13.7% في العام المالي السابق.
ومعروف أن إنخفاض الحصة السوقية لايعني إنخفاض حصيلة الأقساط، ولكن يعني زيادة معدلات النمو في شركة علي حساب شركة أخري مقارنة بأقساط السوق.
المستشار رضا عبد المعطي:معدلات النمو لامست 18.8% ولولا “التغييرات الجيوسياسية وكورونا لتجاوزنا هذه النسبة
من جانبه أكد المستشار رضا عبد المعطي، نائب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أن إرتفاع حصيلة الأقساط المباشرة لسوق التأمين في 2021، مؤشر علي زيادة فرص النمو المتاحة، والتي تتزايد وتيرتها عامًا تلو الأخر.
ولفت عبد المعطي، في تصريحات لـ”خبري”، إلي أنه لولا الظروف الجيوسياسية والأوبئة التي ألقت بظلالها علي الإقتصادات العالمية، لتجاوزت نسبة نمو سوق التأمين، سواء في الأقساط المباشرة أو إجمالي الأقساط، ما حققته في العام المالي 2020 /2021 ، والتي لامست 18.8% في الأقساط المباشرة ، وتجاوزت 18.5% في إجمالي الأقساط والتي إرتفعت من 40.1 مليار جنيه في 2020 لتصل الي 47.5 مليار جنيه في يونيو 2021 ، بزيادة 6.4 مليار جنيه.
وأكد نائب رئيس الرقابة المالية، أن سوق التأمين المصرية ، قادرة علي تعظيم معدلات نموها خلال الفترة المقبلة ، لأسباب مرتبطة بالإصلاحات الهيكيلة التي قادتها الرقابة المالية علي كافة المستويات ، وخاصة الإصلاح التشريعي ، من خلال إعداد مشروع قانون جديد للتأمين، قادر علي تلبية كافة تطلعات السوق بتعدد أطرافه وتنوع أطيافه.
وأوضح ، أن مشروع القانون الجديد، تتضمن زيادة التأمينات الإجبارية، التي ستزيد من رئة السوق، بالإضافة الي القرارات المرتبطة بإنشاء المجمعات التأمينية، لتغطية كافة المخاطر، ومن ثم زيادة الطاقات الإستيعابية، وكذلك التركيز علي نشاط التأمين متناهي الصغر، والذي يمثل مولدًا جديدًا من مولدات النمو لسوق التأمين من جهة، ويدعم الإقتصاد الكلي من جهة أخري، وما ينتج عن ذلك من زيادة مساهمات قطاع التأمين في إجمالي الناتج القومي.