عماد الحجة ، مدير عام شركة المتحدة للتأمين الأردنية ، ونائب رئيس الاتحاد الأردني لشركات التأمين ، هو أحد أساطين القطاع محليًا وعربيًا ، إلتقته مجلة خبري علي هامش مؤتمر العقبة الدولي التاسع للتأمين وإعادة التأمين ، الذي نظمه الاتحاد الأردني بالتعاون مع الاتحاد العربي ، منتصف مايو.
حاولت خبري التعرف علي ماهية سوق التأمين الأردنية ، تحدياتها ، فرص نموها ، أتراحها وأفراحها ، ليس من قبيل الاستعراض بقدر ما هو محاولة لمقارنة السوق بالأسواق المجاورة ، ومدي تشابكها وتقاطعها معه ، وكيفية معالجة التحديات وتعزيز فرص النمو ، دون أن نغفل التطرق علي عجل لبعض القضايا المُلحة والتي قد تعن للبعض.
أجري الحوار في الأردن – ماهر أبو الفضل :
إنتقال ولاية شركات التأمين الأردنية من وزارة الصناعة للبنك المركزي ساهم في ضبط إيقاع السوق
خبري : كيف ساهم انتقال ولاية شركات التأمين الأردنية من وزارة الصناعة والتجارة إلي البنك المركزي ، في ضبط إيقاع السوق؟
الحجة : بالتأكيد ساهم بشكل كبير في ضبط إيقاع السوق ليس لوجود عيب في وزارة الصناعة ولكن لتشابه الانشطة بين القطاعين المصرفي والتأميني بإعتبارهما كيانات مالية وتتشابهان في أمور عدة.
ودخولا في الموضوع ، البنك المركزي الأردني من خلال قيادته ودائرة الرقابة علي شركات التأمين فيه التي تتولاها رنا طهبوب ، إتخذت العديد من الاجراءات الرقابية والقرارات التظيمية ومنها ما يرتبط بالمخصصات الفنية في الشركات وكفايتها مع المخاطر المكتتبة ، بالاضافة الي هامش الملاءة ، ما أدي إلي ضبط الممارسات داخل السوق وهو ما ينعكس علي مساهمي الشركات وبطبيعة الحال سينعكس ايجابا علي العملاء، بالاضافة الي تأثيرة الايجابي علي الاقتصاد القومي بالمملكة الأردنية الهاشمية.
خبري: شركة المتحدة للتأمين من الشركات الأوائل في السوق الأردنية والتي تأسست قبل نصف قرن ، كيف حافظت الشركة علي تواجدها وما هي خططها المستقبلية؟
الحجة : بالفعل المتحدة للتأمين شركة لها تاريخ ضارب في الجذور يتجاوز 51 عامًا ، والسبب في استقرارها واستمرار نموها أمران ، الأول ان نموها مدروس بمعني أنه ياتي عن طريق سياسة إكتتابية منضبطة فنيا وماليا ، بالاضافة الي السعي إلي تعظيم العوائد الفنية ، دون الإرتكان علي الاموال المستثمرة وعوائدها.
أما عن الخطط المستقبلية فهي ترتكز علي استمرار النمو المدروس كما اسلفت دون إفراط أو تفريط ، بل بالتآني في وضع المستهدفات والأهم من ذلك أن يكون النمو ليس قاصرًا علي الأرقام ممثلة في الأقساط المكتتبة أو الفوائض الفنية ، بل أيضًا في تجويد الخدمة لكسب ثقة العميل الأردني ، سواء في نشاط الحياة أو الممتلكات ، أيا كان هذا العميل سواء فرد أو مؤسسة.
خبري: ما نتائج أعمال الشركة خلال العام المالي الأخير والمستهدف في العام المالي الحالي؟
الحجة : إستطاعت شركة المتحدة للتأمين أن ترفع رصيد أقساطها المكتتبة في نشاطي الحياة والممتلكات ، لتتجاوز 27.8 مليون دينار أردني في نهاية 2022 ، مقابل 22.5 مليون دينار تقريبا محققة في العام المالي السابق 2021 ، بإرتفاع قيمته 5.3 مليون دينار ، وبنسبة نمو يلامس 23.6 % لترتفع حصتها السوقية علي مستوي القطاع من 3.55% في نهاية 2021 إلي 3.94% في نهاية 2022.
ودعني أدلف في نقطة هامة أيضًا وهي مرتبطة بالأرباح الفنية ، او فائض الإكتتاب التأميني ، فلقد حافظت المتحدة للتأمين علي معدل نمو أرباحها الفنية حتي أن قيمتها تتساوي مع العائد الربح الكلي بعد خصم الضرائب ، بمعني أنه لو أن الربح الكلي بعد الضرائب 1.4 مليون دينار أردني ، يكون الربح الفني مساوي لهذا الرقم ، ولهذا دلالته علي التحوط في السياسة الاكتتابية والتركيز علي قبول الأخطار الجيدة دون الانجراف في ممارسات سعرية ليست ذا جدوي علي الربح الكلي.
نستهدف 5% نموًا في الأقساط العام الحالي والرهان الحقيقي علي فوائض الإكتتاب
خبري : وما نسبة النمو المستهدفة العام الجاري؟
الحجة : نسبة النمو في الإكتتاب أو الأقساط المباشر رغم أهميتها للاستفادة من عوائد استثماراتها ، لكن كما أسلفت ، شركة المتحدة للتأمين تركز علي جودة الاكتتاب ، وعلي أية حال لن تقل نسبة النمو عن 5% مع الأخذ في الاعتبار طبيعة المنافسة وماهيتها في السوق الأردنية والعربية وهو أمر طبيعي خاصة في ظل المتغيرات الاقتصادية الحالية.
المنافسة في السوق سعرية لكن لم تصل لمرحلة التطاحن بسبب تنبه الجهاز الرقابي
خبري: إذا أردت أن أصف طبيعة المنافسة في السوق الأردنية ، هل منافسة سعرية كما في باقي الأسواق العربية أم ان للسوق الأردنية خصوصية تجعله مختلفًا عن الاسواق الأخري؟
الحجة : المنافسة سعرية بالتأكيد ولكن بسبب وجود جهاز رقابي منتبه وهي دائرة الرقابة علي شركات التأمين المنضوية تحت عباءة البنك المركزي ، فإن المنافسة لم تصل لمرحلة التطاحن السعري ، بمعني إلغاء كل المعايير الفنية.
وأود هنا أن اشير الي ان المنافسة السعرية حاليا طبيعية في ظل الظروف الاقتصادية الناتجة عن الاخطار الجيوسياسية وارتفاع معدل التضخم والركود وما الي ذلك.
متوسط نسب الاحتفاظ في قطاع التأمين الأردني تتراوح من 60 إلي 70% بسبب التأمينات الإلزامية
خبري : ما نسبة الاحتفاظ بسوق التأمين الأردنية من الأقساط المكتتبة؟
الحجة : نسبة الاحتفاظ تختلف من فرع تأميني لأخر ، ومن شركة لأخري، ولكن في المجمل المتوسط العام تتراوح من 60 إلي 70% لأسباب لها علاقة بوجود فروع كالطبي والسيارات يتم الاحتفاظ بها كليًة .
خبري: ما أبرز التحديات التي تواجه شركات التأمين الأردنية؟
الحجة : التحديات تتركز في المنافسة السعرية وهو تحد عام في أغلب إن لم يكن في كل الأسواق الناشئة ، ولكن هناك تحدِ أخر له علاقة بالتأمينات الإلزامية.
خبري: ماذا تقصد بتحد التأمين الإلزامي هل تقصد يجب التوسع في تغطياته او بمعني التوسع في التغطيات التي يتم فرضها بصورة إلزامية؟
الحجة : أقصد أسعار التأمين الإلزامي وهي اسعار ضئيلة بسبب فرضها في اوقات ماضية في ظل ظروف اقتصادية مختلفة ، فأسعار التأمين الالزامي محددة التسعير والحدود القصوي لتعويضاتها سلفا ، وبالتالي لاتوجد حرية في الاكتتاب ، ومن ثم فلابد من إعادة النظر في اسعار التأمينات الالزامية.
وضع حد أدني للتسعير وللتعويضات يساهم في حلحلة معضلة ضآلة اسعار التأمينات الإلزامية
خبري: أليس إعادة النظر في أسعار التأمينات الالزامية ، بالزيادة ، سيصحبه زيادة في سقف او الحد الأقصي لتعويضاته؟
الحجة: لم أقصد ذلك بل أقصد وضع حد أدني للأسعار وكذلك وضع حد أدني للتعويض ، وليس حدود قصوي، وبالتالي سيفتح المجال للشركات وسيوسع من رئة الأقساط جزئيًا ويمنح المكتتب حرية في تسعير الخطر بما يتلائم مع طبيعته ، وبما لا يخالف او يقل عن الحد الأدني المحدد سلفًا ، وبالتالي ستضمن عدم المنافسة السعرية الضارة وكن ستتيح الفرصة للمنافسة في أطر حاكمة أكثر مرونة.
تنوع ماهية المشاركين في مؤتمر العقبة جعل منه حدثًا إقليميا يتهافت عليه قادة التأمين
خبري: للعام الثاني علي التوالي يتم استضافة مؤتمر العقبة للتأمين وإعادة التأمين ، وتم استضافة النسخة التاسعة العام الحالي بدلا من العام المقبل ، كيف تقيم المؤتمر بعد 9 دورات منذ إنطلاقه عام 2008؟
الحجة : مؤتمر العقبة أصبح قِبلة للمؤتمرات الإقليمية ، وبات ذا أهمية لأطراف صناعة التامين عالميا وإقليميا وعربيًا ، وكذلك أصبح موضع إهتمام المؤسسات المالية بتنوع انشطتها وكذلك المستثمرين.
وتقييم المؤتمر ونجاحه له من الدلالات ما يؤكده ، أولها زيادة عدد المشاركين عامًا تلو الأخر ، حتي أن النسخة التاسعة التي انطلقت شهر مايو شارك فيها ما يزيد عن ألف مشارك ، وهو عدد غير مسبوق.
أما الدلالة الثانية فلها علاقة بماهية المشاركين أنفسهم والتي تتنوع أطيافهم وتعدد أطرافهم ، وتعكس مدي الإهتمام بهذا المؤتمر كونه يناقش موضوعات مُلحة تهم صناعة التأمين بما تحويه من هموم وفرص ، تحديات ومولدات نمو.
وهذه الدلالات وغيرها تعكس مدي الجهد المبذول من الاتحاد الأردني برئاسة المهندس ماجد سميرات وأعضاء مجلس الادارة ، واللجنة التنظيمية وفريق العمل ، بالاضافة الي الادارة التنفيذية التي يقودها الدكتور مؤيد الكلوب ، مدير الاتحاد.
إنشاء كيان عربي لإعادة التأمين مهم لكن الأهم تدبير رأسمال لايقل عن 600 مليون دولار
خبري: في ظل التحديات المعاصرة التي تواجهها صناعة التامين العربية ، هل أصبحنا في حاجة لكيان عربي متخصص في إعادة التأمين؟
الحجة : بكل تأكيد ، ونحن نرثي كيانات كانت ملء السمع والبصر ولكن التحديات التي واجهتها كانت اكبر مما يُحتمل ، ومنها أريج البحرينية ، و العربية لإعادة التأمين ” Arab Re ” التي كانت تتخذ من لبنان مقرًا رئيسيًا لعملياتها ، بسبب الظروف الصعبة التي تمر بها دولة لبنان الشقيق ، والتي أثرت علي تصنيفها الائتماني وبالتالي انعكس هذا التصنيف علي شركة الإعادة العربية.
خبري : إذا كنا في غني عن البكاء علي اللبن المسكوب ، ألا تستدعي الضرورة إنشاء شركة عربية لإعادة التأمين؟
الحجة: ليس بالأماني تنشئ الشركات ، بالطبع نحن كمنطقة عربية في حاجة لشركة إعادة تأمين عربية ، ولكن الأمر ليس بهذه السهولة ، بمعني أنه لك تنشئ شركة إعادة تأمين عربية ، لابد أن لايقل رأسمالها المدفوع عن 600 مليون دولار ، حتي تتمكن من وضع نفسها ف مكانة تؤهلها للمنافسة.
الأمر الثاني له علاقة بمدي استجابة الاسواق للمساهمة في هذه الشركة واستعدادهم لاسناد عمليات لها حتي يشتد عودها ، وأن لا تكون مخزنًا للأخطار الرديئة ، وأن استطعنا التغلب علي هذان التحديان ، من وجهة نظري ستكون هناك بارقة أمل والعكس صحيح ، لاسيما مع وجود تجارب لم يُكتب لها النجاح لأسباب ليس هذا مكان الخوض في تفاصيلها.