أجري التحقيق – ماهر أبو الفضل:
فسرت قيادات من سوق التأمين، في تحقيق موسع أجرته مجلة خبري الإقتصادية ، أسباب إرتفاع أو إنخفاض نسب الإحتفاظ من المخاطر المُكتتبة والتي تترجم في مؤشر صافي الأقساط، فيري بعضهم أن ارتفاع نسب الاحتفاظ، لايعبر بالضرورة عن ضغوط من شركات الاعادة العالمية، ولكن بسبب تركيز شركاتهم علي العمليات الكبري في قطاعاتا مثل البترول والهندسي والتي تتطلب إعادة نسبة كبيرة منها في الخارج، فيما اختلف البعض حول دلالات نسب الاحتفاظ بسياسة الاكتتاب، وان هذه النسب تعكس رشادة او عدم كفاءة سياسات القبول داخل كل شركة والتي تختلف وفقًا لاستراتيجية كل كيان من الكيانات العاملة في السوق.
الزهيري:إنخفاض النسب في “gig” لوجود عمليات كبيرة في البترول والحريق والهندسي
من جانبه إكتفي علاء الزهيري ، العضو المنتدب لشركة “gig” للتأمين، بقوله ، أن إنخفاض نسب الإحتفاظ بشركته لاقل من 50% له علاقة بتغطية الشركة للعديد من العمليات الكبيرة في قطاعات البترول والحريق والهندسي.
علما:توزيع المخاطر يرتبط بطبيعة المحفظة وظروف السوق وزيادة تركزها قد يعني ضمنياً رفضها من معيدي التأمين
وقال حسام علما ، العضو المنتدب لشركة “المصرية للتأمين التكافلي” ممتلكات، أن نسب الاحتفاظ تتحدد بناءً علي عوامل عدة، منها ضغوط معيدى التامين ، وكذلك المنافسة الضارة على قبول الاخطار بين شركات التامين ، ما يؤدى لقبول اخطار معدل تحققها كبير نسبيًا ، مما يقلص شهية معيدى التامين لقبولها ، ومن ثم ستضطر شركة التأمين لزيادة نسب الاحتفاظ .
اضاف أن نسب الاحتفاظ إجمالًا، مرتبطة بموقف الشركة وطبيعة الاخطار المكتتب فيها ، والوضع قد يختلف من وقت لاخر طبقا لظروف السوق
وبرر علما، خفض شركته نسب احتفاظها من الاخطار ، اشار الي ان ذلك له علاقة بالرغبة في تجنيب الشركة لاية تاثيرات او تغيرات دراماتيكية، فى حالة زيادة معدل الخسائر ،خصوصا ان السياسة الاكتتابية التي تعمل بها الشركة لم يكن هو واضعها أثناء تبوء المقعد، ما استدعي تحسينها ، وانتقاء الاخطار مع تقليص الاحتفاظ الذى حدث.
اضاف ان خفض الاحتفاظ له دلالة على ثقة معيدى التامين فى التغيير الذى حدث بالمصرية تكافل، لانه يعنى ضمنيا رغبة معيد التامين زيادة مشاركته فى اخطار الشركة لاطمئنانه لها.
وبوجه عام – وفقًا لعلما- فإنه يميل الى سياسة توزيع الخطر ، وهي السياسة التي يعتمد عليها التأمين كصناعة ، لتلافي الخسائر الجسيمة المفاجئة ، التي قد تحدث لمحفظة الأخطار ، وان توزيع الخطر بإعادة جزء منه يضمن سلامة واستقرار الشركة بشكل عام.
وإنتهي إلي أن زيادة الاحتفاظ قد يكون ناتج عن رفض معيدى التامين قبول اخطار من الشركة لعدم جودتها وبالتالى ، الاعلان ضمنيا بضعف سياسة الاكتتاب.
خليفة:ارتفاع نسب احتفاظ ثروة بسبب التركيز علي المنتجات الفردية والمعدل سينخفض لإتجاه الشركة إلي تأمين الـ Corporate
وقال أحمد خليفة، العضو المنتدب لشركة “ثروة للتأمين” ، أن نسب إحتفاظ شركة التأمين يتحدد بناءً علي ملائتها المالية من جهة، بالاضافة الي أن النسب المحتفظ بها ، هي الأقساط الحقيقية التي تدخل خزينة شركة التأمين وليس إجمالي الإكتتابات المباشرة.
أضاف، أن نسبة الاحتفاظ في أي شركة تخضع لمعيارين، الأول له علاقة بالسياسة الإكتتابية، والثاني مرتبط بطبيعة الأخطار المكتتبة، بمعني ان الاكتتاب او قبول مخاطر كبيرة يستتبعه بالضرورة انخفاض نسب الاحتفاظ، ليس لعدم رشادة سياسات القبول، ولكن لضألة الطاقة الاستيعابية التي لايمكن من خلالها الاحتفاظ بنسبة كبيرة من الاخطار، خاصة في فروع مثل الهندسي والبترول والطيران، مقابل الاكتفاء بالاحتفاظ بنسبة ضئيلة بجانب الاستفادة من عمولات إعادة التأمين.
أحمد خليفة، العضو المنتدب لشركة “ثروة للتأمين”
واشار خليفة إلي ان سبب احتفاظ ثروة للتأمين في بداية نشاطها بنسبة كبيرة من الاخطار، له علاقة بتركيزها علي المنتجات او التغطيات الفردية ، التي تستهدف تغطية الاخطار الصغيرة والأقل من المتوسطة ، او ما يستساع تسميته بمنتجات التجزئة Retail وتغطيات الـ SMEs ، وهذه الأخطار يتوافر فيها قاعدة الأعداد الكبيرة بما يسمح بتفتيت الخطر ومن ثم القدرة علي الاحتفاظ بها او نسبة كبيرة منها.
اضاف ان شركة ثروة بدأت نشاطها بالاعتماد علي استراتيجية المحيط الأزرق او الـ Blue Ocean Strategy والتي تعني المنافسة او البحث عن فرص النمو في مناطق لا تشهد منافسة شرسة ، لضمان تحقيق وفورات من الارباح الفنية، خاصة مع زيادة الاحتفاظ بنسبة كبيرة منها لجودتها بالطبع وليس لصعوبة إعادة تأمينها ، والدليل علي ذلك ان هناك شركات ترتبط بترتيبات اعادة تأمين سواء وفق الحصص النسبية – Quota Share – او تجاوز الخسائر – Excess of Loss – في التغطيات الفردية.
واشار الي ان ثروة للتأمين ارتبطت باتفاقيات تجاوز الخسائر علي محفظة مخاطرها في منتتجات التجزئة ، في بداية نشاطها للاسباب السالفة، وهو ما يسهم في الاستفادة من عوائد هذه المخاطر حينا، ولدعم ملائتها المالية أحيانا، علي عكس اتفاقيات الحصص النسبية التي لا تحقق هذا الغرض إلي حد كبير.
وبرر خليفة، انخفاض نسب الاحتفاظ بثروة للتأمين في العام المالي الماضي، إلي اتجاه الشركة للإكتتاب في الاخطار الكبيرة نسبيًا او عمليات الـ Corporate ، مشيرًا إلي ان نسبة الاحتفاظ ستنخفض العام المالي الحالي 2022 /2023 أيضا ، لأسباب لها علاقة بتوجه الشركة للاكتتاب في التامين الطبي ، والذي يستدعي تغيير برامج الاعادة الخاصة بهذا النوع ، لتصبح وفق آلية الحصص النسبية و ليس تجاوز الخسائر. ، خاصة فى بداية مزاولة هذا النشاط ، كخطوة مرحلية لحين تكوين محفظة كبيرة تسمح بالتحول لبرنامج تجاوز الخسائر.
عبد الرسول: زيادة الاحتفاظ لايعبر بالضرورة عن جودة المخاطر وقد يعكس عدم كفاءة السياسة الاكتتابية
أما محمد مصطفي عبد الرسول ، العضو المنتدب لشركة أورينت للتأمين التكافلي، فأشار إلي أن معدل الاحتفاظ في شركته يزيد عامًا تلو الأخر، لعدة أسباب، اولها، زيادة رأس المال في الفترة الأخيرة، إلي 250 مليون جنيه، ومن الطبيعي زيادة معدل الاحتفاظ، بالاضافة الي أن معدل الخسائر الإجمالي أو المُعدل المجمع combined ratio- كما يستساغ تسميته- يتراوح ما بين 79 إلي 81% وهو معدل مقبول فنيًا، ويُعبر عن سياسة إكتتابية منضبطة.
أضاف أنه بعد تحليل المحفظة، وقياس نتائجها الفنية، كان من الضروري زيادة معدل الاحتفاظ، وهو ما يدلل علي الثقة في الإكتتاب حينا والنتائج الإيجابية فنيا أحيانا، ولكن زيادة الاحتفاظ لا يتم بشكل عشوائي ولكن وفق سياسة محددة، بمعني زيادة نسبة الاحتفاظ في أنواع معينة وشرائح محددة، والسبب الثالث له علاقة بزيادة الطاقة الاستيعابية لإتفاقية إعادة التأمين ، والعلاقة بين الطاقة الاستيعابية ومعدل الاحتفاظ علاقة طردية، بمعني أنه كلما زادت الطاقة الاستيعابية كلما ارتفع معها معدل الاحتفاظ.
ولفت عبد الرسول، إلي أنه فيما يخص المعدل النمطي لنسب الاحتفاظ، من وجهة نظري – في سياق التاصيل الفني – يختلف المعدل من محفظة لأخري، وفقًا لنوع المحفظة وطبيعة الأخطار التي تنضوي تحتها، فلا يمكن وضع معدل نمطي لكافة الأخطار وتنوع المحافظ، لاختلاف ماهية الأخطار نفسها.
اضاف، أنه علي سبيل المثال وليس الحصر، أخطار كالسيارات، يتم الاحتفاظ بأغلب محافظها، او إعادتها عبر آلية تجاوز الخسائر أو Excess of Loss ، ومن ثم ففي حال زيادة الوزن النسبي لفرع السيارات بأي من الشركات من إجمالي محفظة أخطارها الكلية، بالضرورة ستكون نسبة إحتفاظها من المخاطر الكلية أكبر ، وفي المقابل الشركات التي تكتتب في المخاطر الكبيرة مثل الهندسي او الممتلكات والمسئوليات Property and Liability او الحريق ، طبيعة المخاطر نفسها ستحتم عليها خفض نسب احتفاظها وإعادة النسبة المتبقية سواء عن طريق الاعادة الداخلي او ما يسمي إصطلاحًا الإعادة المشترك Co-Insurance ، او عن طريق الإعادة الخارجية ، عبر اتفاقيات الاعادة بتنوع اشكالها سواء تجاوز الخسائر او الحصص النسبية او ما الي غير ذلك.
وشدد العضو المنتدب لشركة أورينت، علي أن زيادة معدل الاحتفاظ بشركة دون غيرها، لايعكس أفضليتها ، او أنها تتمايز عن الأخري، فزيادة الإحتفاظ حمال للأوجه، بمعني ان زيادة الاحتفاظ قد يعبر عن رشادة الاكتتاب وجودة النتائج، ومن ثم ستحتفظ بالنسبة الأكبر للاستفادة من الفوائض الفنية وعوائد الاستثمار، وقد يكون العكس، بمعني ان السياسة الاكتتابية او المخاطر نفسها ليست ذات جودة عالية او تعتمد فقط علي المنافسة السعرية، وترفض اسواق الاعادة قبولها، فتضطر شركة التأمين للإحتفاظ بها او الاحتفاظ بنسبة كبيرة منها.
عبد المولي: زيادة أقساط المجمعات والتأكد من جودة الخطر عوامل لزيادة معدلات الاحتفاظ
وقال محمد عبد المولي، العضو المنتدب لشركة بيت التأمين المصري السعودي، أن زيادة نسب احتفاظ شركته من الأقساط، مرتبط بزيادة الأقساط نفسها، بالاضافة الي زيادة اقساط مجمعات التامين، التي تنضوي بيت التأمين في عضويتها، مثل السفر، والسيارات الاجباري، والمجمعة العشرية، وهذه المجمعات يتم الاحتفاظ بأقساطها كاملة، بالاضافه الى تأمين السيارات التكميلى وهو ما ينعكس علي نسب احتفاظ الشركة.
اضاف، أن تحديد حد الاحتفاظ مؤشر هام بالنسبة لمعيدي التأمين الذين تتعامل معهم بيت التأمين، حيث تبين زيادة النسبة ثقة الشركة في تقديرها للأخطار المراد الاكتتاب اضافه الى قوه الملاءة المالية لبيت التأمين المصري السعودي.
واوضح عبد المولي، أن زيادة حد الإحتفاظ بيت التأمين، له دلالة على أن الشركة لديها القدره الماليه على الاحتفاظ لنفسها بالغالبية العظمى من الأخطار المتعلقة بالعمليات الصغيرة والجيدة، بينما تسند إلى شركات إعادة التأمين الأخطار الكبيرة، ناهيك عن إنه كلما تطورت المحفظة وارتفع معها حجم الاحتياطي الفني ، والإمكانات المالية، فإنها تميل إلي زيادة احتفاظها من مختلف العمليات التأمينية.
وأشار العضو المنتدب للبيت السعودي، أن تقدير معدل الاحتفاظ ونسبة الطاقة الاستيعابية المستغلة ، أمر هام عند وضع برنامج إعادة التأمين ، لافتا ألي ان شركته أجرت محاولات عديدة لتحديد نسبة الطاقة الاستيعابية باستخدام الأساليب الرياضيةوالإحصائية ، مؤكدًا ان عامل الخبرة لدي القائمين بهذه الإدارة من أهم العوامل التي ساهمت في تقدير وتحديد البرنامج المناسب الذي يحقق التوازن في المحفظة التأمينية.
فطوري: امكانيات شركة التأمين تكمن في مدي قدرتها علي تحمل نسب من الخطر
في سياق متصل، اشار عادل فطوري، العضو المنتدب لشركة وثاق للتأمين، إلي ان برامج إعادة التأمين تختلف من شركة لأخري، ومن فرع تأميني لأخر، ولايمكن وضع برنامج واحد لكل الاخطار والفروع او علي مستوي السوق، لاختلاف سياسات القبول حينا، واستراتيجيات شركات التأمين احيانا.
وللتبسيط قال نصًا ” برنامج اعادة التامين مثل البذلة التي قد تليق علي جسد إنسان ولا تليق علي الأخر، بل قد تظهر معها عيوب الجسد ويظهر معها عيوب الترزي”.
اضاف، ان برامج اعادة التأمين مثلها مثل الماء، لابد وان تنساب لتملأ كل فراغ حتي يصير جزء منه ، وهو ما يتطلب فهم واستيعاب شركة التأمين لنفسها وامكاناتها بدقة، دون إفراط في هذه الامكانات، او تفريط فيها.
واشار فطوري إلي أن امكانيات شركة التأمين تكمن في مدي قدرتها الحقيقة علي تحمل قدر معين من الخطر، سواء نتج عن هذا الخطر حادث واحد او خسارة واحدة او نتج عنه مجموعة من الخسائر المتراكمة نتيجة تحقق خطر واحد او حادث واحد ، وهو ما يُعرف في صناعة التامين بتعريفان او مسميان، الاول احتفاظ الشركة من الخطر الواحد ، والثاني احتفاظ الشركة من عدة عدة اخطار ناتجه من حادث واحد.
وللتبسيط، فإن المفهوم الاول ، او احتفاظ الشركة من الخطر الواحد، بمعني حادث حريق في مصنع واحد ، اما المفهوم الثاني وهو احتفاظ الشركة من عدة عدة اخطار ناتجه من حادث واحد، يعني حادث حريق امتد لضرب اكثر من مصنع في ذات المنطقة او حادث زلزال نتج عنه خسائر متراكمة مؤمنه عند نفس الشركة داخل منطقة جغرافية معينة.
واشار العضو المنتدب لشركة وثاق، إلي أن الامر ليس بالسهولة التي يتصورها البعض، بل يحتاج تحديد دقيق للاحتفاظ ، لافتا الي أن هناك عوامل عديدة تحدد نسب الاحتفاظ ، منها المباشر المعروف ومنها الغير مباشر والطارئ الغير معروف .
اضاف ان التحد الذي يواجه العالم أجمع ، سواء في صناعة التامين أو اعادة التامين ، يكمن في الاخطار الناشئة والجديدة التي تحدث فجأة ، وهناك عوامل نمطية معروفة مرتبطة براس المال المدفوع للشركة واحتياطياتها الحرة ، وحجم المحفظة التامينية ، ناهيك عن تناغم او تضارب وتفاوت الاخطار داخل المحفظة ، وكذلك معدل الخسائر خلال خمس او حتي عشر سنوات ماضية لطبيعة الخطر ، علاوة علي ظروف سوق اعادة التامين بين تشدد او مرونة.
ولفت فطوري، إلي ان العوامل الغير نمطية ، مرتبطة بظروف السوق المحلية ، او الظروف الاقتصادية المعروفه والتي قد تتغير بين عشية وضحاها ، وكذلك ظروف العالم الاقتصادية واثرها الشديد علي اقتصاديات الدول وعلي تدهور صناعة او ازدهار صناعة ، وبمرور الوقت فإن هذه الاخطار غير النمطية المفاجاة ينتج عنها استحداث وسائل ومعايير متشددة لضمان قدرة ليس فقط شركات التامين علي الوفاء بالالتزام بل ايضا شركات اعادة التامين ، مشيرًا إلي أن اخر هذه المعايير ، المعيار المحاسبي ٤٧، الذي يلزم شركات التأمين، بتقدير دقيق للمخاطر المختلفة وتكوين احتياطيات ليست فنيه بل مرتبطه بمخاطر اقتصادية.
ووصف العضو المنتدب لوثاق، تحديد الاحتفاظ ، بأنه نوع من الفنون التي يجب ان يحددها موسيقار حاذق، حتي تتناغم بعده الفرقة الموسيقية في لحن عظيم ليس به نشاذ ، و يعكس المجتمع الذي يعيش فيه الموسيقار.