من الطبيعي ان تسعي الشركة- ايا كان نشاطها سواء في التأمين او الوساطة أو إعادة كليهما- ان تستثمر اي لقاء إعلامي لإبراز ما أنجزته في الماضي وخططها للمستقبل، وهو أمر مشروع ومفهوم، لكن ما ليس مفهومًا، ان تصر القيادة التنفيذية لأي كيان علي مناقشة هموم الصناعة، ليس إيثارًا او افلاطونية حالمة، ولكن لفلسفة معينة تكمن في ان معالجة هموم الصناعة- ايا كانت- ستنعكس اثارها الايجابية بالضرورة علي العاملين فيها والمنضويين تحت عباءتها ، هكذا كان مطلب قيادات ” كريسنت” لوساطة التأمين.
الملاحظة الشكلية الثانية – ليس من قبيل الاسهاب لكن لان الشكل يعكس في أحيان كثيرة للجوهر، الذي قد يخدعك مرة لكن لايمكن ان يخدع دائمًا- ان القائم علي الإدارة التنفيذية، لم يسع للاستئثار بالصورة دون غيره، بل علي النقيض، رأي ان الاستماع لرؤي ووجهات نظر فريق عمله يكشف بما لايدع مجالا للشك عن أمرين، الاول طبيعة الادارة واسلوب عملها، والثاني اعترافًا – بالتلميح حينا والتصريح أحيانا- ان طبيعة المرحلة تتطلب ان يتقلد شباب اليوم زمام الأمور، لانهم – وفقًا لنظرية الصيرورة للفليسوف اليوناني هيراقليطس- سيقودون تلك الكيانات مجتمعين او كلِ علي حدي.
ولوجًا في الجوهر، طرحت “مجلة خبري الاقتصادية” تساؤل جوهري، حول التحديات التي تواجه تسويق التأمين في مصر الفترة الاخيرة، لاسيما بعد تطور الاخطار الجيوسياسية والطبيعية، بالاضافة الي التحديات النمطية كالضغوط الاقتصادية والتي ترتبط بشكل او اخر بالاخطار الجيوسياسية ، دون اغفال فرص نمو نشاط التسويق في مصر، خاصة في نشاط التأمين، وتاثير الاصلاحات التشريعية والتنظيمية علي ايقاعه، وتاثيرها علي معدلات نمو صناعة التأمين بصورة عامة.
والي نص الندوة:-
خبري: كيف تري موقع نشاط الوساطة في جملة سوق التأمين الإعرابية؟ لاسيما مع الأخطار المضطردة اقتصاديا وجيوسياسيًا؟ ناهيك عن انه رغم ان هناك زخم في عدد شركات الوساطة لكن الفاعل منها لايزال ضئيل؟
منذر أبو زيد : التأثيرات علي اسواق التأمين بشكل عام وليس الوساطة فقط بدأت منذ جائحة كورونا واغلاق الحدود ، مرورًا بارتفاع معدل التضخم العالمي وتاثر السوق المحلية به، انتهاءً بالحرب الروسية الاوكرانية والتي لا تزال تمثل كرة الثلج التي تزيد يومًا تلو الاخر.
بشكل عام هذه الاخطار اثرت علي سلاسل الامداد والتوريد، ومن ثم تأثر بها التأمين البحري، بالاضافة الي قيود الاستيراد ، ما ادي الي تراجع حجم المبيعات في التأمين البحري بكافة انواعه سواء بضائع او اجسام سفن او غير ذلك.
اعني من ذلك، ان قيمة الاقساط تراجعت ، سواء بسبب القيود علي الوارادات او منع التصدير في بعض السلع لاسبابها المعلنة والمعروفة للقاصي والداني.
خبري: وهل التاثيرات بدأت تظهر بشكل جلي ام ان تاثيراتها محدودة؟
أبوزيد : المشكلة قائمة إلا أن تاثيراتها لازالت في حدود ضيقة ،ولكن الازمات الدولية سواء الجيوسياسية او ما ترتب عليها من تاثيرات اقتصادية، إذا استمرت او طال امدها، بالضرورة ستظهر نتائجها العكسية علي سوق التأمين بشكل عام، بتعدد انماط انشطته علي اعتبار ان التامين هو مرآة المجتمع، سواء من الناحية الثقافية وزيادة الوعي، او من الناحية الاقتصادية ومدي دخول شرائح جديدة من العملاء.
خبري: هل هذه التأثيرات يتم ترجمتها في صورة اقساط البحري التي تتضاءل؟
أبو زيد: بالتأكيد ، لأن حجم الوارادات لمصر بدأ ينخفض بسبب الازمات الخارجية وصعوبات النقل البحري بشكل عام علي مستوي العالم .
خبري: أليست المخاطر الجيوسياسية وتحديدًا الأزمة الروسية الاوكرانية وصعوبات النقل البحري ساهم في زيادة تكاليف النولون ومن ثم ارتفاع اسعار التأمين البحري؟
أبو زيد: بالطبع، ارتفعت الاسعار ثلاثة او اربعة اضعاف
زيادة أسعار النقل البحري لاتعوض التراجع في مؤشر أقساط تغطياته
خبري: ألا يعوض زيادة الاسعار ، الانخفاض في حجم الاقساط؟
أبو زيد: لا تعوضها خاصة مع الانخفاض الكبير في حجم الوارادات سواء لاسباب مشاكل النقل البحري او بسبب القيود المفروضة علي السلع غير الاساسية، ومن ثم فأي زيادة في اسعار البحري لن تعوض انخفاض اقساطه
خبري: اذا كان هناك تأثير في اقساط البحري ، الا توجد فروع اخري نشطة ساهمت في تعويض انخفاض اقساط هذا الفرع؟
عمرو حسـن: اغلب الصناعات تعتمد بشكل كبير علي المواد الخام ومستلزمات الإنتاج والتصنيع المستوردة من الخارج، ومن ثم فأي تأثير علي البحري كنشاط سيؤثر علي سلاسل الامدادات والصناعات المرتبطة بها، وبالتالي التأثير السلبي علي اصول المصانع او المؤسسات التي تستخدم المادة الخام في التصنيع.
أبوزيد : بعض العملاء يرفضون إعادة تقييم أصولهم إعتقادًا بانها تكلفة بلا عائد
خبري: لكن الصورة ليست قاتمة بالشكل الذي تصوره البعض، والدليل ان إعادة تقييم الاصول نتيجة ارتفاع سعر العملة ساهم في زيادة الاقساط وليس الاسعار بالطبع؟
أبو زيد: اتفق مع هذا الطرح شكلًا، لكن من حيث المضمون ، عدد ليس بقليل من العملاء يرفض اعادة تقييم الاصول- رغم خطأ هذا فنيا- ولكن هناك اسباب للرفض سواء ضعف الوعي او رغبة في ترشيد الانفاق ، وهو مؤشر يؤكد ضعف الوعي، لاسيما مع اهمية التأمين كغطاء حمائي للعميل ضد اية مخاطر ومنها المخاطر المرتبطة بفقد الارباح مثلا او عطل الماكينات.
حسن :إعادة تقييم الأصول ليس مغرِ لبعض الشركات لتفادي تخطي حد الاتفاقيات
خبري: هل إعادة التأمين تأثرت بتحرير سعر الصرف؟
أحمد حسن: بالطبع، لان انخفاض سعر العملة واعادة تقييم الاصول ، يعني ان قيمة الاخطار المنضوية تحت اعادة التأمين الاتفاقي ستتوقف عند حدود الاتفاقية، وبالتالي ستلجأ شركة التامين إلي إعادة التأمين الاختياري علي ما تبقي ، الامر الذي يجعل اعادة تقييم الاصول ليس مغر لشركات التأمين، فإذا ترجم هذا ايجابا علي زيادة الاقساط ، لكن سلبياته او تاثيراته العكسية تظهر في ان حجم الخطر سيزيد عن الاتفاقية او الجزء الاتفاقي في اعادة التامين، ومن ثم ستضطر شركة التامين الي اعادة ما تبقي في صورة اعادة اختيارية أكثر تكلفة .. او قد تلجأ شركة التأمين إلى الاعادة على أساس تجاوز الخسائر والذي يستدعي وجود ملاءة مالية أو وفورات مالية عالية لدى تلك الشركات.
ما أعنيه، ان إعادة تقييم الاصول ليس مغرِ لبعض شركات التأمين، علي إعتبار انه سيزيد من تكلفة الخطر وبالتالي قد يبعد بعض الشركات عن المنافسة السعرية.
خبري: إذا كان الامر كذلك، فمن اين تأتي معدلات النمو في أقساط شركات الوساطة والتي ترتفع وتيرتها بشكل متوالي؟
حسن: كما ذكرت لسيادتكم ذلك يتأتى من عدة أمور مثل نصح العملاء بإعادة التقييم وتغطية أخطار لم تكن مؤمنة مثل عطل الماكينات وفقد مجمل الربح الناتج عن توقف الأعمال الناتج عن الأخطار المؤمنة، والأخطار السيبرانية والعنف السياسي أو أية أخطار يحددها تقرير تحديد الاخطار.
خبري:ما اسباب ذلك، هل كريسنت استثناء من بين شركات الوساطة؟
حسن: بالفعل هي استثناء وغيرها من الشركات المحدودة، التي تسعي للعمل بمهنية من خلال تقديم الخدمة التامينية للعميل كما يجب ان تكون، لكن نظرًا للمنافسة الشرسة ناهيك عن ضعف الوعي، فإن بوصلة العميل تتجه للشركات الاقل سعرًا بغض النظر عن التأثيرات السلبية لذلك في قابل الايام او في حال تحقق الخطر. ونحمدالله لنا تجارب على الأرض خلال 2021 استطعنا بفضل الله تحصيل ما يزيد عن مائة مليون جنيه تعويضات لعملائنا لم تكن لتحصل عليها لولا تعديلات جوهرية قمنا بها على التغطية التأمينية.
خبري: اذا كان العميل نفسه يرفض اعادة تقييم اصوله، فلماذا تصر شركات الوساطة او بعضا منها علي ذلك حتي وان كانت النتيجة عدم استمرار العميل معها؟
حسن: في النهاية لايصح الا الصحيح، بمعني ان اعادة تقييم الاصول، نتيجة التضخم وتحرير سعر الصرف، يستتبعه بالضرورة زيادة الاسعار، وبالتالي زيادة الاقساط، ورفض العميل دفع اقساط اكبر من المعتاد عليها لايعني ان تستسلم شركة الوساطة لذلك او الوسيط، لانه في حال تحقق الخطر قد يتهم العميل شركة الوساطة او الوسيط بعدم القيام بواجباته، وهو امر لابد وان يتنبه له وسطاء التامين حماية للصناعة. وكما تعلمون سيادتكم هناك تعويضات عالقة بسبب تحقق شرط النسبية ولن يكون الوسيط في مأمن من المسئولية إن لم يقم بدوره في نصح العميل بشكل رسمي بخصوص إعادة تقييم أصوله.
خبري: هل العميل وتحديدًا العميل المؤسسي ليس لديه وعي لفرز الغث من السمين؟
عيد سيد: الازمة ليست في الوعي لفرز الوسيط المهني او دونه، ولكن الأزمة في كيف يتعامل الوسيط مع الخطر، بمعني ان الوسيط الذي يعمل بإحترافية عليه قياس تأثيرات الخطر في حال تحققه، وليس جزءًا منه، بمعني أنه في حال تحقق خطر حريق بمصنع، فالتأثيرات لاتقتصر علي تعويض الألات او الاصول، ولكن ايضا يجب ان تمتد الي المخاطر المترتبة علي فقد الارباح، وبعض الوسطاء قد يتجاهل مخاطر فقد الارباح ومن ثم سيتضاءل قيمة القسط، وبعض العملاء قد لايدركون ذلك ليس بسبب عدم الوعي بشكل عام، ولكن بتفاصيل العمل الفني.
خبري: هل مطلوب من شركات الوساطة ان تكون ملكيين أكثر من الملك؟ بمعني دور الوسيط ان يفصح للعميل عن كافة المخاطر واسباب زيادة الاسعار، ففي حال رفض العميل فلماذا يجلد الوسيط ذاته وقد يرفض تقديم الخدمة المطلوبة في حدود الامكانات المتاحة او التي يقررها العميل نفسه؟
أحمد حسن: أتفق معك في ذلك، وهنا وجب ان تتيقن الجهات الرقابية ان شركة الوساطة او الوسيط بصفة عامة يؤدي دوره كما يجب ان يكون، خاصة أن الوسيط يتحمل المسئولية المهنية تجاه عميله حال اخفاق الوثيقة في تغطية خطر قابل للتأمين أو أن القيمة التأمينية أقل من القيمة المؤمن بها.
خبري: ماذا تقصد بأن تتيقن الجهات الرقابية ان الوسيط يقوم بدوره؟
حسن: كوسيط سواء شخص طبيعي او اعتباري أدي دوره من خلال تعريف العميل بطبيعة الخطر وأهمية تغطيته كليًة وليس جزء منه لترشيد الانفاق، لكن لايوجد ما يثبت هذا، هنا يجب ان تتدخل جهة الرقابة وتستفسر عن الطرف المسئول.
ما اقصده ان يكون هناك ما يثبت قيام الوسيط بدوره كاملًا، وهو ليس اختراع للعجلة، فهذه الممارسات معروفة وهناك أطر عمل تتطلب اثبات ذلك مستنديُا، لذا يسمي الوسيط في الخارج بالناصح او المستشار المالي للعميل، وفي حال اخفاقه يتم محاسبته قانونا عن هذا الاخفاق، بمعني ان يتولي الوسيط ادارة الخطر للعميل ماليا وفنيا، وفي حال رغبة العميل ترشيد الانفاق مقابل تحمل مسئولية نتائج هذا الترشيد، فف تلك الحالة يجب على الوسيط الحصول على ما يثبت هذا حتى لا يكون مسئولًا عن اي خطر غير مغطي او رفض العميل تغطيته.
خبري: أتقصد، أن جهة الرقابة مطالبة باصدار ما يلزم من قرارات تُلزم علي اساسها شركة التأمين والوسيط والعميل بإبرام اتفاقات تحدد التزامات كل طرف تجاه الاخر، درءًا للمفاسد كونها مقدمة علي جلب المنافع بهدف تطوير سوق التأمين؟
حسن: هذا ما اقصده بالطبع، ودعني أزيدك الشِعر بيتًا، ما اتمناه ان يتم تنفيذ القرار 23 الصادر في 2014 والمعدل بالقرار 85 لسنة 2020 ، الخاص بالقواعد الحاكمة لممارسة نشاط الوساطة التأمينية بالسوق المصرية.
خبري: كيف لا يُنفذ هذا القرار رغم انه صادر من جهة رقابية؟
حسن: لم اقصد انه لا ينفذ، ولكن وددت الإشارة الي ضرورة ان يُدرك العميل هذه القواعد، ويكون مُلمًا بها، وان يتم صياغتها في اتفاقات بينه وبين الوسيط، لضمان قانونية العلاقة بينهما، وبما يضمن الحفاظ على حق العميل، وهو الهدف الاول لجهة الرقابة.
خبري: وهل عدم وجود هذه الاتفاقات التي تحدد التزامات كلا الطرفان تؤدي الي خلل في سوق الوساطة؟
مؤمن كامل: الفكرة الاساسية ان ما يطبق حاليًا هو ان العميل يقوم بتفويض الوسيط، لكن هذا التفويض لايحدد التزامات كل طرف تجاه الاخر، بدءًا من مراجعة الشروط مرورًا بمراجعة التغطية، ثم التسعير والتأكد من إعادة التأمين، وإدارة الخطر إنتهاءًا الي تسوية التعويض او المطالبة.
خبري: أليست العلاقة قانونيًا قائمة بين شركة التأمين والعميل كونهما طرفي التعاقد؟
كامل: طالما تدخل وسيط التأمين في الوثيقة كطرف ففي تلك الحالة تنتهي مسئولية شركة التأمين.
وثائق التأمين بمثابة عقود إذعان لأن العميل لايتدخل في شروطها العامة والخاصة
خبري: كيف تنتهي مسئولية شركة التأمين وهي الطرف الفاعل في التغطية، أبدون شركة التامين يمكن ان تكون هناك تغطية من الاساس؟
أحمد حسن: وثيقة التأمين ، إذا اتفقنا جدلًا انها عقد، فهذا العقد يسمي بعقد إذعان لان شركة التأمين هي التي تحدد شروطه ، وليس شروط متبادلة يضعها كل طرف في العقد، لان شركة التأمين نفسها تتفق مع معيدي التأمين علي شروط نمطية وليست تفصيلية.
هنا يجب الاشارة الي انه بموجب وثيقة التأمين تلتزم الشركة بالشروط العامة والخاصة في الوثيقة ، ولكن هناك بعض الاخطار تكون مستثناة في الوثيقة، او اخطار قابلة للتأمين ولا تتضمنها الوثيقة، وفي تلك الحالة اذا تحققت فليس لشركة التأمين اي مسئولية، بل ستكون مسئولية وسيط التامين كمدير للمخاطر.
خبري: أليس من حق الوسيط ان يضع الاشتراطات الخاصة في صورة ملاحق اضافية؟
حسن: هذا ما اقصده، لان دور وسيط التامين يمتد الي مساعدة العميل في تحديد الاخطار القابلة للتأمين والواجب تأمينها، وعدم الاكتفاء بالمعاينة التي تقوم بها شركة التأمين قبل اصدار التغطية.
اذا سألت سؤالا جدليًا، وهو اذا كانت هناك اخطار قابلة للتأمين، ولا تتضمنها الوثيقة، وفي نفس الوقت لفت الوسيط انتباه العميل اليها ورفض الاخير تغطيتها ترشيدًا للانفاق، وتحقق الخطر الغير منصوص عليه، ففي تلك الحالة يلجأ العميل للجهات الرقابية متضررًا من قصور الوسيط- علي غير الحقيقة- وبالتالي لابد من تدخل جهة الرقابة لالزام الوسيط بابرام اتفاق قانوني بينه وبين العميل يحدد التزامات كل طرف تجاه الاخر ، بما يساهم في سد اي ثغرة قد يتسرب منها الشك او اتهام الوسيط بعدم القيام بدوره علي خلاف الحقيقة كما اسلفت.
كامل :وحدات التامين دورها تغطية الخطر وليس بيعه والوسيط هو الناصح الأمين
خبري: ولماذا تتجاهل شركة التأمين الاخطار القابلة للتأمين، أليس تغطيتها يعني زيادة القسط او سعر الوثيقة علي العميل وبالتالي ستسفيد من هذه الاقساط وهو هدفها الرئيسي مقابل تغطية الخطر؟
مؤمن كامل : شركة التأمين مُلزمة بتغطية الخطر المنصوص عليه في الوثيقة وليست مطالبة ببيع خطر قد لايكون مرئي للعميل ، وهذا هو دور المستشار التأميني سواء كان مدير مخاطر بالشركة او وسيط تأمين والذي حدد ما يجب تغطيته كليا او جزئيًا وما يمكن استثناءه او ارجاء تغطيته.
الجيوشي :وجود عقد اتفاق إلزامي بين العميل والوسيط بات ضرورة لدرء المفاسد
خبري: معني هذا ان العلاقة بين العميل والوسيط هي علاقة اخلاقية ولكن في حال ضرر العميل لأي سبب غير منصوص عليه في الوثيقة لا يشفع الكود الاخلاقي للوسيط؟
عمرو الجيوشي: هذا ما نقصده بالطبع، بمعني ان شركة التامين غير مطالبة بأن تقدم النصح للعميل، ولكن هو دور الوسيط، لكن في نفس الوقت لايوجد ما يثبت ان الوسيط قام بهذا الدور، ومن ثم فلابد من وجود عقد الزامي وليس استرشادي بين العميل الوسيط، بحيث يتحمل كل طرف مسئولياته قانونا في حال وجود ضرر، ومن هنا ستتحسن العلاقة بين اطراف صناعة التأمين بما ينعكس علي الصورة الذهنية ايجابا علي مستوي النشاط بكافة اطرافه ، او بمنطق درء المفاسد مقدم علي جلب المنافع.
محسن: يجب ترجمة القرار 23 عمليًا في صورة عقود مُلزمة لضمان سلامة السوق
خبري: وماذا يمنع ان يكون هناك اتفاق مكتوب بين العميل والوسيط دون الاكتفاء بخطاب التفويض؟
أحمد محسن: نحن لانخترع العجلة، توجد قرارات رقابية ، اقصد القرار 23 لسنة 2014 وتعديلاته، المطلوب ان يتم ترجمة هذا القرار في صورة اتفاقات رسمية او عقود ملزمة بين الوسيط وشركة التأمين او الوسيط والعميل، وهو ما يضمن سلامة السوق وضبط ايقاعه وجهة الرقابة لديها كافة الصلاحيات لتطبيق هذا المقترح.
خبري: المطالب مشروعة ولكن ستظل مطالب فردية وتختلف من وسيط لأخر، وجهة الرقابة لايمكنها مناقشة اقتراحات 13 الف وسيط ، الا يمثل اتحاد الوسطاء المزمع انشاؤه بعد اعتماد قانون التأمين الجديدة وسيلة لضبط ايقاع سوق الوساطة نظرًا لوجود كيان يمكنه التعبير عن كافة اطياف واطراف هذه الصناعة؟
أحمد حسن: الموضوع ليس صعبًا بهذه الصورة وانه يتطلب وجود كيان رسمي يمثل الوسطاء، ما نطلبه هو الزام جهة الرقابة للوسطاء بتنفيذ قرارها الصادر في 2014 برقم 23 الخاص بالتزامات الوسيط، وان يتم ترجمة هذه الالتزامات في صورة عقود بين الوسيط والعميل، لضمان اضطلاع كل منهما بمسئولياته وحقوقه وواجباته.
خبري: هل الازمة في العقود ام الممارسات؟
هاجر عباس: الازمة في ضعف الوعي التأميني للعميل وبعض الممارسات السلبية من بعض الوسطاء، فالعميل يسعي للحصول علي افضل تغطية بأقل سعر، والبعض قد يستخدم ضعف الوعي من خلال تقديم تغطيات ظاهريا جيدة لكن واقعيا التغطية تتضمن استثناءات عديدة، وفي المقابل اذا التزم الوسيط المهني بتقديم التغطيات المطلوبة بالاضافة الي القيام بدوره كمدير للخطر ، ففي المقابل سيرتفع سعر التغطية، وهو ما سيرفضه العميل، وسيلجأ للأقل سعرًا، والنتيجة نشوب خلافات بين الوسيط والعميل وشركة التأمين في حال تحقق الخطر.
النقطة الاخري، ان كتابة عمولة الوسيط في الوثيقة ادي الي حدوث مشاكل بين العميل والوسيط ، وادي إلي ارباك السوق جزئيًا، ليس رفضًا من الوسطاء للقرار، ولكن بسبب ضعف الوعي التأميني للعميل بأهمية الدور الذي يقدمه الوسيط المحترف ذو الخبرة الممتدة.
خبري: كيف؟
هاجر: بعض العملاء قد يتفاوضون مع الوسطاء على نسبة العمولة، دون مراعاة امرين، الاول طبيعة الخدمات التي يقدمها كل وسيط، والثاني طبيعة الوسيط سواء فرد او شركة والتكاليف التي يتحملها او الاعباء المالية والادارية، وفي النهاية إذا وافق الوسيط على تقليص العمولة سيؤثر ذلك على شكل الخدمة التي سيقدمها للعميل في ظل غياب واجبات واضحة للوسيط منصوص عليها بموجب “اتفاقية مستوى الخدمة”، والتكلفة التي سيتحملها العميل في حال عدم قيام الوسيط بمهامه ستفوق عوائد الترشيد في العمولة نفسها.
خبري: إجمالا ما التحديات التي تواجه نشاط الوساطة وكيف يمكن مواجهتها؟
عمرو الجيوشي : التحد الذي يواجه سوق التأمين بشكل عام وليس الوساطة، مرتبطة بارتفاع الاستهلاكات او تكاليف الخدمة ، خاصة في التأمين الطبي والتي شهدت زيادات مضطردة خلال العامين الاخيرين بد تفشي جائحة كورونا وتحرير سعر الصرف، ما ينعكس علي زيادة سعر التغطية التأمينية.
واود الاشارة الي ان ارتفاع اسعار الخدمات ادي الي ترشيد العميل للانفاق من خلال تقليص المنافع التي يحصل عليها ، والبعض الاخر لجأ الي شركات الرعاية الصحية التي لا تخضع لولاية الرقابة المالية، والتي تقدم اسعارًا متدنية ، وفي نفس الوقت لايجوز لوسيط التأمين التعامل مع شركات الرعاية لانها لا تملك ترخيص من الرقابة المالية، والنتيجة ستكون فقد الوسيط للعميل، وفقد سوق التأمين للقسط وتسريبه لشركات لا تخضع لرقابة الهيئة، ونحن نرى بين الحين والأخر اختفاء تلك الشركات أو وقف الشبكة الطبية التعامل معهم لتعثرهم المالي وبالتالي توقف الخدمة الطبية لموظفي الشركات المتعاملة مع هذه الشركات.
سيد: زيادة الأقساط بسبب اعادة تقييم الأصول وليس دخول عملاء جُدد
خبري: اذا كانت هذه التحديات قائمة فما تفسير زيادة الاقساط التي تجلبها شركات الوساطة لسوق التأمين؟
عيد سيد: بسبب زيادة تكلفة الخدمة وليس دخول عملاء جدد، فزيادة الاسعار يُترجم في مؤشر الاقساط ولكن ليس بالضرورة ان يكون مؤشر علي دخول عملاء جدد وكذلك ارتفاع قيمة الأصول الناتج عن ارتفاع سعر الدولار وكذلك التوصية بتغطيات لم تكن موجودة لدى العملاء مثل عطل الماكينات وتأمين فقد الأرباح والعنف السياسي والإرهاب والتخريب … الخ
خبري: هل يلجأ العميل لشركة التأمين مباشرة للحصول علي التغطية بهدف ترشيد الانفاق من خلال تجنب التعامل عن طريق وسيط تأميني؟
سيد: البعض يلجأ لذلك، رغم ان شركة التأمين تضع نفس العمولة التي يحصل عليها الوسيط، ويحصل عليها عضو الجهاز الانتاجي بشركة التأمين، رغم ان الخدمات التي يقدمها الوسيط المستقل اكبر من الخدمات التي يقدمها غيره.
خبري: الايوجد ما يدعو للتفاؤل؟
مؤمن: الصورة ليست قاتمة بل بالعكس، أتوقع خلال السنوات الثلاث المقبلة الوضع سيكون أفضل، لاسيما وان الازمات الماضية أدت الي زيادة الوعي التأميني بشكل نسبي، والسوق بدأ مؤشر الممارسات فيها يشهد انضباطًا ، والممارسة لا تقتصر علي السعر فقط ولكن علي مستوي الخدمة المقدم للعميل ، وهو ما يتطلب وجود نشاط وساطة قادر علي توضيح مفاهيم ومصطلحات التأمين التي قد لايفهمها العامة، كما ان الوسيط المهني هو القادر علي البقاء والاستمرار، لانه في النهاية لن يصح إلا الصحيح.
خبري: معني ذلك ان السوق بدأت فعليا في مرحلة المخاض الأخير، وان تصحيح اوضاعه واعادة تشكيل الخريطة بدأت تظهر في الأفق او علي الاقل ملامح منها؟
مؤمن: هناك اعادة تشكيل للخريطة ولكن ليس بالضرورة ان يكون بشكل جذري وكامل في وقت قصير ، والصورة لا تحتاج اعادة تشكيل بشكل كلي، ولكن فقط ايجاد حلول لبعض المشكلات وبعدها السوق سينضج بشكل تدريجي او بمعني ادق ستتحسن صورته وتعود لما تستحقه سوق التامين المصرية للمكانة التي تليق بها.
ولكن يجب الاشارة هنا الي ان اي سوق لايمكن معالجة مشاكلها بالكامل، فالممارسات بطبيعتها تنتج عنها تحديات وفي النهاية كما قال الفيلسوف الالماني “كارل بوبر” بأن “الحياة بىثرها حلول لمشاكل”.
خبري: الا يمثل توصيفنا لطبيعة السوق المصرية جلدًا للذات؟ بمعني ان البعض يري ان الصورة قاتمة ، رغم ان الاسواق الخارجية تري ان السوق المصرية افضل حالا في ممارساته مقارنة بالاسواق الخارجية؟
عمرو حسن: هذا صحيح بنسبة كبيرة، والدليل ان الشركات الكبيرة في السوق ، في حال عدم تكبد العميل اية خسائر فإنها – اي الشركات- لا تمنحه خصمًا في التجديدات بل تقوم بتغطية الخطر بنفس الاسعار السابقة، وهو ما يدلل علي انها تسعي لضبط مؤشر التسعير الفني بصورة او اخري.
خبري: إذا كان مؤشر التسعير بدا في إعادة التصحيح، الا ينعكس ذلك علي نشاط الوساطة؟ بمعني ان الوسيط لايضع مؤشر تسعير، ولايمكنه اقناع عميل بسعر اقل من السعر الفني، لانه لايملك الضغط علي شركة التأمين بقبول الخطر باقل من سعره العادل، فأين تكمن الازمة في الممارسات بين الوسطاء؟
عيد سيد: دعني اوضح نقطة مهمة، اقصد ان سوق التأمين منذ ست سنوات وهو يمر بتغييرات دراماتيكية، بدأت بتحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016 ، ثم تلاها بعد اعوام قليلة جائحة كورونا، وتاثيراتها سواء بارتفاع معدل التضخم ، ناهيك عن زيادة سعر الفائدة مرة اخري، وهو ما استدعي لاعادة تقييم اصول العملاء اكثر من مرة، وبالتالي زيادة الاقساط.
ما اقصده هنا ان اي نمو في سوق التامين، النسبة الاكبر من اسبابه بسبب اعادة تقييم الاصول وليس نموًا حقيقيًا، بمعني جلب عملاء جدد بصورة مؤثرة.
خبري: ماذا عن الالغاءات وهل ارتفع مؤشرها ؟ وفي اي قطاع اقصد الجماعي ام الفردي؟
سيد: نسبة الالغاءات في الفردي اكبر لانه يعتمد علي القوة الشرائية ومستوي الدخل والتضخم اما في الجماعي فنسبة الالغاءات ضئيلة لاسباب مرتبطة بضرورة وجود تأمين، خاصة اذا كانت التغطية مرتبطة بالاصول كالسيارات او المعدات او غيرها، كما أن البنوك المانحة للقروض أو التمويل تلزم عملائها على التأمين.
خبري: اليست الازمات فرصة لزيادة الوعي ما ينعكس علي ارتفاع الاحتياج للتامين؟
عمرو حسن: بالعكس، الازمات تعني انخفاض الدخول، وحتي ولو ارتفع الوعي، فما قيمته ولا يوجد من الدخول ما يكفي الاحتياجات الاساسية، فهل يمكن للفرد شراء التأمين وهو ليس قادرًا علي تلبية احتياجاته الاساسية؟ مع الوضع في الاعتبار ان نسبة كبيرة تتعامل مع التأمين علي انه خدمة تكميلية وليست اساسية.
عمرو: التسعير مرتبط بتعديل شروط التأمين وجدول المنافع وليس منح خصومات غير مبررة للعميل
هاجر: كتابة العمولة على الوثائق أربك السوق في ظل ضعف الوعي التأميني
خبري: كيف تري هيكل العمولات في السوق؟
عمرو: ليس مهمًا طبيعة هيكل العمولات ولكن مطلوب توزيعه بمعني ان الهيئة الزمت الوسطاء بكتابة العمولة في الوثيقة وهذا حقها ولايمكننا رفضه، لكن ايضا هذا ادي الي ان بعض العملاء قد يرفضون التعامل مع الوسيط او يتفاوضون معه علي العمولة، وادى هذا الى توجه بعض الوسطاء لعرض خصماً أو تنازل عن تلك العمولة لبرامج تأمين قائمة بذل فيها وسيط آخر مجهوداً لسنوات حتى تصل إلى الوضع التي هي عليه الان.
إيجازًا ، المطلوب تفصيل العمولة وفقاً لخدمات مقابلة لها (مثل دراسة تحديد الاخطار، صياغة شروط التأمين، اعداد شروط المناقصة التأمينية، اعداد معايير اختيار شركة التأمين، إدارة المناقصة التأمينية، مراجعة العروض والتفاوض بشأنها مع شركات التأمين، اختيار افضل الشروط والاسعار والضمانات، إدارة الوثيقة ، إدارة التعويضات… الخ) ليتأكد العميل انها مقابل خدمة يحصل عليها.
هاجر: بعض العملاء قد لا تعي أهمية التامين، رغم انه لايوجد أهم منها في حماية الاستثمارات، فبدونها قد يخسر استثماراته كاملة إذا تحقق الخطر، والوسيط التاميني بشكل عام وشركات الوساطة بصورة خاصة تبذل جهدها لحماية استثمارات العميل من خلال العناية والجهد في تحديد الاخطار القابلة للتأمين لدى العميل والتي تختلف من صناعة لاخرى من خطر لاخر ومن ثم العمل على تقليل أو منع أو تحسين تلك الاخطار ومن ثم صياغة التغطية التأمينية وفقاً لما نتج عنه دراسة تحديد الاخطار.
إجمالًا يمكن القول ان التكلفة التي تحصل عليها شركة الوساطة هي عوائد التعامل مع شركة التأمين من خلال شركة الوساطة أكبر من تكلفة الترشيد والتعامل المباشر مع شركة التامين.
المشاركون في الندوة
أحمد حسن
العضو المنتدب
د. مؤمن كامل
مدير إدارة تطوير الاعمال – الطبي ومنافع الموظفين
مهندس / منذر أبوزيد
مدير العمليات و تحديد الاخطار
عمرو الجيوشي
رئيس القسم الفني التأمين الطبي – ومنافع الموظفين
د. أحمد محسن
رئيس التشغيل وخدمات العملاء -التأمين الطبي
مهندس / عمرو حسـن
مدير مشروع التحول الرقمي
عيد سيد
رئيس قسم تأمين السيارات
هاجر عباس
المدير المالي
أدار الندوة وأعدها للنشر
ماهر أبو الفضل
تصوير
زياد أحمد