ماهر أبو الفضل :
أصدر الاتحاد المصري للتأمين ، نشرته الأسبوعية ، أمس السبت ، وعنونها بـ ” اتجاهات صناعة التأمين العالمية 2022/2023 ، مخاطر التضخم تأتى في المقدمة ، مستخلصات من تقرير دوري سيجما العالمي”.
إصدار نشرة اسبوعية تستعرض إتجاهات التأمين عالميًا وإقليميًا أمرًا محمود ، لكن الأهم هو دلالات ما تتضمنه تلك النشرات والتي كثيرًا ما تكون بين السطور، إلا لغير المتخصصين بالطبع.
علي كلِ، إستعرض الاتحاد المصري للتأمين، في نشرته الصادرة أمس، تأثير معدل التضخم علي صناعة التامين، وأنه من المتوقع وفقًا لرصد بعض التقارير العالمية ، أن أقساط التأمين ستنمو بشكل كبير العام الحالي، قد تصل إلي 7 تريليونات دولار علي مستوي العالم.
ليس مُهمًا أن يكون هناك نمو .. الأهم كيف سيتحقق؟
ليس مهمًا أن الأقساط ستشهد نموًا، ولكن الأهم، كيف يكون هذا النمو؟ أو وسائله، هل سيعكس التوقع بأن المنافسة بين الشركات علي مستوي الأسواق العالمية ، المتقدمة والناشئة، ستتخذ منحي هبوطي؟ أي ستشتعل منافساته السعرية، لاسيما وأنه الوسيلة ربما الوحيدة المستساغة لدي الكثير من اللاعبين لتحقيق مستهدفاتهم؟
الاتحاد المصري للتأمين، أكد في نشرته أن النمو المتوقع سيكون حقيقيًا!!! ربما لفظ ” حقيقي” يكون مثارًا للتساؤل أكثر من نسبة النمو نفسها؟
وللتبسيط هناك وسيلتان للنمو ، وكلاهما يؤدي إلي نفس الهدف وهو تعظيم حصيلة الأقساط، لكن نتيجة كليهما يختلف بصورة كبيرة عن الأخري.
الوسيلتان هما، المنافسة السعرية، أي قبول المخاطر بأسعار أقل من القيمة الفنية الحقيقية، وهو ما يسمي في علم التأمين بالممارسات السعرية، والوسيلة الثانية هي زيادة الأسعار لتتناسب مع القيم الحقيقية للاصول المؤمن عليها ، أو لموضوع التأمين- بغض النظر عن موضوع التامين هل هو البشر أم الحجر-.
وسائل زيادة أقساط التأمين ونتائجها
أسلفنا أن الوسيلتان يؤديان إلي نفس الهدف وهي تعظيم حصيلة الأقساط والتي تُترجم في صورة معدلات نمو، لكن إذا كان الهدف واحد فالنتيجة مختلفة تمامًا في كلًا الوسيلتين.
إذا إستخدمت الممارسة السعرية لتعظيم الأقساط، فهذا يعني أنك تنازلت بمحض إرادتك كشركة تأمين عن تحقيق وفورات الأرباح الفنية، او فوائض الإكتتاب، بالإضافة الي التهديد الذي قد تتعرض له شركة التأمين في حال رفض شركات الإعادة العالمية قبول هذه الأخطار لتدني أسعارها، او المساومة علي عمولة الإعادة مقابل قبول الخطر، ناهيك عن تعريض المركز المالي لشركة للتأمين واستقراره في حال تحقق مجموعة أخطار في وقت واحد.
أما إذا كان النمو ناتج من زيادة الأسعار، فهذا يعني قبول الخطر بسعره الحقيقي، بما يضمن تحقيق وفورات من النشاط التأميني او ما يسمي بفائض الإكتتاب، بالإضافة الي الحصول علي مزايا نسبية من شركات الإعادة العالمية ، ومنها ذِكرًا وليس حصرًا زيادة العمولات ، بما يكفي تغطية المصاريف الإدارية والعمومية.
علي كلِ، الاتحاد المصري للتأمين برئاسة علاء الزهيري، أجاب علي ماهية النمو في نشرته الصادرة أمس، حيث اشارت النشرة إلي انه من المتوقع أن يشهد عام 2023 ، نموًا في الأقساط العالمية خصوصًا في تأمين الممتلكات بنسبة 2.2%.
أضافت النشرة، أنه من المتوقع أن يعتمد هذا النمو غالبًا علي تشدد الأسعار في فروع التأمين التجاري، وأنه من المرجح أن يتجاوز نمو الأقساط في الأسواق الناشئة نظيره في الاقتصادات المتقدمة هذا العام 2022 ، والعام المقبل 2023، مع حدوث نمو حقيقي يقدّر بنسبة 3٪ في عام 2022 ، و 4.2٪ في عام 2023.
ومن المرجح أيضاً – وفقًا لاتحاد التأمين- أن يكون الدافع الرئيسي لهذا النمو هو الطلب القوى على التأمين الصحي قصير الأجل نتيجة لزيادة الوعى بأهمية التأمين الصحي في أعقاب تجربة وباء كوفيد-19.
ومن المتوقع أن يؤدى تضخم القيم الخاصة بالتعرض للخسارة ، وتشدد الأسعار إلى تعزيز نمو الأقساط، لا سيما في أمريكا الشمالية وأوروبا ، كما سترتفع القيمة الحقيقية لأقساط التأمين العالمية بنسبة 0.8٪ هذا العام.
وحول تأثير إرتفاع أسعار الفائدة علي شركات التأمين، خاصة في الجزء المتعلق بالاستثمارات، قال المصري للتأمين، أن أرباح تأمين الممتلكات ، ستتعرض لبعض الضغوط هذا العام ، لأنه من المُتوقع أن يتراوح العائد على حقوق الملكية بين 5٪ و6٪ ، العام الحالي ، مقارنة بعائد نسبته 6% العام الماضي 2021.
الانخفاض الذي ستشهده حقوق الملكية العام الحالي مقارنة بالماضي، سيتم تعويضه العام المقبل 2023 ، حيث ستشهد العوائد الكلية نموًا بنسبة 6.6% ، لأسباب من بينها تحسّن نتائج الاكتتاب وعوائد الاستثمار ، وتحسن نتائج الإكتتاب يعني حركة تصحيح في مسار الممارسة السعرية بين الشركات.
وفي تأمينات الحياة، ساهم الوعى المتزايد بالمخاطر بعد الجائحة في زيادة الطلب على منتجات الرعاية الصحية ، ووفقًا للتقارير العالمية التي رصدها الاتحاد المصري للتأمين في نشرته الأسبوعية الصادرة أمس، من المتوقع أن تنكمش القيمة الحقيقية للأقساط العالمية بشكل طفيف بنسبة 0.2٪ العام الحالي.
توقعات بإنخفاض أقساط تأمين الإدخار التي تُشكل 75 % من نشاط الحياة
ومن المرجح أيضًا ، أن تنخفض أقساط تأمين الادخار، التي تمثل أكثر من 75% من قطاع تأمين الحياة، نتيجة ظروف السوق المالية المتقلبة و انخفاض الدخل ، إلا أنه من ناحية أخرى، سيؤدى الوعي المتزايد بالمخاطر بعد الجائحة، وكذلك قيام شركات التأمين بتغيير نماذج أعمالها لتكون مستعدّة بشكل رقمي لزيادة الطلب على منتجات الرعاية الصحية والحماية. وعلاوة على ذلك، ستدعّم أسعار الفائدة المرتفعة الطلب على منتجات الادخار.
المحصلة النهائية، أنه من المتوقع ، أن يشهد قطاع تأمين الحياة ، العام المقبل 2023 ارتفاعاً في القيمة الحقيقية لأقساط التأمين العالمية بنسبة 1.9٪ ، مع انعكاس التحسن في كل من الأسواق المتقدمة والناشئة.
ومن المتوقع أيضًا ، حدوث تحسن معتدل في ربحية قطاع تأمين الحياة العام الحالي، نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة ، وسيظهر تعزيز أكبر لعائدات الاستثمار خلال المدى المتوسط إلى الطويل، حيث تبدأ الأصول طويلة الأجل ذات الدخل الثابت في المحافظ الاستثمارية لشركات التأمين على الحياة في التحول. بالإضافة إلى ذلك، في حين أنه من المحتمل استمرار المطالبات المتعلقة بكوفيد-19 في عام 2022، فقد تنخفض شدة المطالبات مع تزايد قدرة العالم على التكيف و التعايش مع الفيروس.