في الوقت الذي تسعي فيه شركات التأمين لبناء جسر من الثقة مع عملائها الحاليين خشية فقدهم بسبب الضغوط الإقتصادية التي باتت حِملًا كادت تئن منه الجبال ، إلا أن ممارسات هنا وأخري هناك ، تهيل التراب علي كافة مساعي الشركات ، لتعود كما جاءت بخفي حنين.
للأسف من يرتكب الممارسات السلبية ، ليسوا من خارج حقل التأمين ، بل علي النقيض تمامًا ، وهو ما يدعو للإستغراب حينا والإندهاش أحيانا.
دون لغوِ رغم أهميته ، إرتبطت شركات تأمين ذات صيت ذائع سواء حكوميةِ أو أجنبية بتحالفات مع بعض البنوك الكبري أيضًا ، لترويج تغطياتها من خلال فروع هذه البنوك، مقابل عمولة يتحصل عليها البنك نظير استصدار كل وثيقة ، دون تحمل أية مسئولية قانونية او تبعات اي ممارسات من شركة التأمين.
ولأن هناك نهم قد يصل إلي حد السعار من شركات تأمين، وليس جُلها بالطبع في تحقيق أكبر حصيلة ممكنة من الأقساط المباشرة – بغض النظر عن عوائدها وهو ما ليس له محل من المناقشة هنا- ، لتتباهي بمعدلات النمو في رصيد أقساطها ، حتي وإن كان علي حساب رصيد الثقة ، رغم أن الثاني هو الأهم والأبقي، فالتأمين نشاط الوعد والعهد ، كونه تسويقًا وبيع لخدمة وليس سلعة ، وشتان الفارق بين كليهما.
علي كلِ، في الفترة الأخيرة ، زاد أنين عملاء بنوك وضجيجهم من “بعض” الممارسات السلبية لـ” بعض المنضويين تحت عباءة شركات التأمين” ، وطفحت مواقع التواصل الإجتماعي بأراء هؤلاء سواء عن إدراك أو بدونه ، وما زاد الطين بلة ، أنه لا مجيب لهذا الصراخ ولو بشرح مبسط لماهية التأمين وأهميته ، وأن هذه الممارسات – الموجودة ولا يمكن لموضوعي إنكارها- لا تلوث هذه الصناعة المهمة والدقيقة وشديدة الخصوصية في نفس الآن.
ما يكتبه مرتادي السوشيال علي مواقع التواصل
أنظر معي علي ما يكتبه مرتادو السوشيال علي مواقع التواصل ….
قروية أُستبيحت لقيماتها بمعسول العبارات
حكي لي صديق ذات مرة أن سيدة قروية تشكو شظف العيش ، إدخرت من لقيماتها ، علي مدار خمس سنوات ، عشرة ألاف جنيه ، ذهبت بما إدخرته للبنك لشراء شهادة استثمار ، عشمًا في الحصول علي عشرات الجنيهات شهريًا كعائد استثمار، تعينها علي متاعب الحياة ، لكن حظها العاسر أنها لم تصل لموظف البنك ، بل تلقفها موظف أخر ، لم يُخبرها بهويته ، اطرب أذنيها بكلام عذب و معسول المفردات التي لا تُدرك معانيها ولا ما يعنيها ، طالبا منها التوقيع علي مستندات لا تعلم ما تحويه من بنود ، فلم يراود خيالها أن من شنف أذنيها بجميل العبارات هو نفسه من دس السم في عسل عباراته.
بعد عودتها ، لجأت لحفيدها ، طالبة منه فك شفرات هذه الورقة التي منحها إياها الموظف ، ولسوء الطالع ، فوجئت ان ما وقعت عليه ، ليس شهادة استثمار بل وثيقة تأمين، عادت في اليوم التالي شاكية باكية ، راغبة في فسخ التعاقد والحصول علي الأموال التي دفعتها وكفي المؤمنين شر القتال ، لكنها فوجئت بذات الموظف يخبرها – وهو متجهم – أنها إن فعلت ذلك ستخسر جزءًا من أموالها!!!!!!!!!!!!.
لست في معرض مناقشة قانونية إلغاء الوثيقة قبل دخولها حيز النفاذ خلال مدة زمنية محددة من إستصدارها ، لنفترض جدلًا ان وثيقة التأمين تُفعل في اليوم التالي لسداد القسط ، هل تعلم شركة التأمين وكذا ممثليها المنتشرون في فروع البنوك أنها نجحت في الحصول علي جنيهات لن تسمن ولا تغني من جوع ، ولن تضيف لرصيد أقساطها المليارية صفرًا حتي علي شمال معادلتها ؟ ، لكن هذه الشركة خسرت مقابل هذه الجنيهات ، سمعتها ، بل سمعة صناعة كاملة بسبب تصرفات لا يمكن تبريرها إلا بموت ضمير ، من موظف ربح العمولة وخسر نفسه ، بل ساهم في هدم رصيد ثقة العميل بشركته؟
اين الإدارة التنفيذية لهذه الشركات من تلك الممارسات؟ هل ستنكرها كما عادتها؟ بالطبع هي تصرفات فردية، لكن نتائجها كارثية علي المستوي الجمعي، كيف تختار الإدارة التنفيذية بشركة التأمين من يمثلها في فروع البنوك؟ ما طبيعة التكليفات ا؟ هل فقط مجرد الحصول علي رقم من الأقساط ليكون الموظف مؤهلًا للترقي ؟ بغض النظر عن تكلفة هذا الرقم الذي لا يضارع دعوة مظلوم ! هل تعي شركة التأمين أن صمتها عن تلك الممارسات يضعها في موقف المتستر علي هذا الجرم ؟ الذي إكتوت ولازالت صناعة التأمين بناره؟
إن كانت الإدارة التنفيذية لتلك الشركات ، تعلم بتلك الممارسات وتعمدت التجاهل فهي كارثة؟ وإن لم يصل لأذهانها هذا الأنين وتلك الممارسات فها نحن نكتب عسي أن يقرأ صانع القرار بجهات الولاية هذا الضجيج ببصيرته قبل بصره ، طالما أن القائمون علي تلك الشركات استباحوا لقيمات الجائع لتمتلئ بطونهم.
ايا كل مسئول ، كفي تشويها لصناعة التأمين ، كفي ممارساتكم الصبيانية وإن كانت بتجاهل هذه الممارسات ، لأنها ستآكل مع الوقت أخضر التأمين مع يابسه ، لأنه ليس بتلك الممارسات تضمنون البقاء علي كراسيكم أطول فترة ممكنة ، سوق التأمين لايزال بِكرًا وفرص النمو لازالت متاحة وبشائر ثمارها تلوح في الأفق مع وجود جهة رقابة تدعم أهل الصناعة ، فلا تخصموا مما تبقي من رصيد الثقة الذي بناه أجدادنا ، بممارساتكم التي وإن ضمنت لكم البقاء علي عروشكم ساعة ، لكنها لن تحميكم من دعوة المظلوم يوم قيام الساعة .