غادر ثم أتي ؛ الفارق بين الكلمتين ليس حرف عطف بل عشرة أعواما ونيف؛ غادر مصطفي صلاح شركة المهندس للتأمين موظفًا في ٢٠٠٨ ، واتي إليها مدير عام ثم عضو منتدب في ٢٠٢٠ ؛ لماذا غادر ولماذا أتي؟ ربما يكون السؤال أفضل مدخل للولوج في عقل الرجل الاربعيني؛ ليس من قبيل التنظير الفلسفي بقدر ما هو محاولة للتعرف علي كيف يفكر ، ومن ثم فيما يخطط لشركة المهندس لتامينات الحياة؛ وما هي برامجه للوصول بهذا الكيان للمكانة التي يستحقها- اقصد الشركة-.
الحوار مع صلاح تطرق الي ما يراهن به ويتكئ عليه ليضع المهندس حياة في مقعدها بين قائمة الخمس الكبار ؛ ومحاولة تشريح جسد تأمين الحياة لمعرفة آلامه ومن ثم اماله؛ فالتشخيص الدقيق ؛ هو الوسيلة الناجحة والناجعة لمعالجة أي اخطاء وخطايا وبالتالي مداواتها والتعافي منها.
والي نص الحوار:-
خبري: عودة للجذور.. أقصد أنك بدأت حياتك المهنية في المهندس للتأمين بقطاع الحياة- قبل فصل الانشطة- لمدة أحد عشر عامًا تقريبًا ثم إنتقلت الي المصرية للتأمين التكافلي ، وبعدها الدلتا لتأمينات الحياة ، وأخيرًا اللبنانية السويسرية، قبل العودة مجددًا للجذور -المهندس حياة- ، كمدير عام ، فلماذا عُدت إليها مديرًا عامًا قبل أن تتبوأ منصب عضو مجلس الإدارة المنتدب الذي جلس عليه سلفًا أحد أهم اساطين الخبرة الإكتوارية في مصر والوطن العربي، المرحوم الدكتور عبد اللطيف مراد؟
مصطفي صلاح: غادرت المهندس للتأمين قبل فصل نشاطي الحياة عن الممتلكات بموجب تعديلات قانون الإشراف والرقابة علي التأمين رقم 10 لسنة 1981 بالقانون 118 لسنة 2008 ، ثم عُدت إليها مديرًا عامًا للشركة في أكتوبر 2020 ثم عضوًا منتدبًا في نوفمبر الماضي، لكن قبل الإجابة عن سبب العودة مجددًا لابد من إيضاح أسباب المغادرة ، لتتضح الصورة كاملة.
بدءًا لا ينكر إلا مُغيب أن المهندس للتأمين لها الفضل في تكوين مصطفي صلاح، لكن المشكلة التي كانت تعاني منها في فترة من الفترات، تكمن في أسلوب الإدارة والذي لم يتواكب مع العصر الحديث او الأسلوب الذي تُدار به شركات التأمين متعددة الجنسيات وهذا ليس عيب فى الادارة حينذاك.
ما أقصده هنا، ان للمهندس حياة تاريخ ضارب في الجذور، تأسست قبل اربعون عامًا ونيف تقريبًا، ومنذ نشأتها وحتي مغادرتي لها كانت تُدار بنفس الأسلوب وبذات المنهج الذي لم يشهد تطويرًا ملموسًا، ليس بسبب سوء الإدارة ولكن بسبب طبيعة السوق.
المنافسة بين الشركات كانت منعدمة في الماضي لزيادة الطلب مقارنة بالمعروض
خبري: ماذا تقصد بطبيعة السوق، أتعني أنه لم يكن مشجعًا علي تطوير أسلوب الإدارة؟
صلاح: هذا ما أقصده بالتحديد، بمعني أن وتيرة التطوير وإيقاعه كان بطيئًا، إلا أن هذا البطء كان له من الأسباب الموضوعية ما يبرره.
أعني أن المهندس حينما تأسست عام 1980 لم يكن في سوق التأمين المصرية سوي ست شركات، ثلاث منها تتبع القطاع العام، هي مصر للتأمين والشرق للتأمين والتأمين الأهلية، بالإضافة الي ثلاث شركات أخري تتبع القطاع الخاص، وثلاثتهما يعمل برأسمال مصري ، وهم المهندس للتأمين والدلتا وقناة السويس، هذا بخلاف المصرية لإعادة التأمين، ككيان متخصص في نشاط إعادة التأمين دون سواه.
خبري: هل محدودية عدد الشركات سببًا في عدم تطوير الفِكر؟
صلاح:التطوير عادة ما يكون من أهم أسبابه المنافسة، والطاقة الإستيعابية أو حجم الطلب علي خدمات التأمين او وافد جديد بفكر جديد ، وحينما تأسست المهندس للتأمين كان الطلب على التأمين أكبر من حجم المعروض من الشركات الست، بمعني أخر أن الطاقة الاستيعابية وحجم كعكة التأمين المتاحة كانت تكفي شركات التأمين جميعها ويزيد، حتي أن جميع الشركات – والتي كانت تزاول نشاطي الحياة والممتلكات معًا قبل فصل الأنشطة بموجب نعديلات القانون 10 لسنة 1981 كما قلت سلفًا- كانت تعمل تقريبًا بالتعريفة، اي أن مؤشر التسعير واحد.
وبما أن الطاقة المتاحة تفوق المعروض من شركات التأمين، فإن أسباب تطوير الفكر الإداري تكاد تكون منعدمة، لعدم وجود ما يحفز علي تطوير الفكر، مقارنة بالوقت الحالي الذي توجد فيه 16 شركة تأمين حياة متخصصة، بخلاف شركة جديدة ستدخل السوق خلال الفترة وشركتين من منطقة الخليج تم الاعلان عن عزمهم دخول سوق تأمينات الحياة المصرية قريبا.
خلاصة القول، أن ثمانينات وتسعينات بل والسنوات الأولي من الألفية الجديدة، كانت تشهد هدوءًا في التفكير، وأريحية لحجم الطلب بما يفيض عن المعروض من خدمات التأمين وإحتياجات شركات التأمين نفسها.
خبري: قلت أن الشركات كانت تعمل بما يشبه التعريفه الموحدة أو أن إتفاقًا تم بينكم في ذلك الوقت، فمن الذي إتفق ولو ضمنيًا ؟ هل شركات التأمين الثلاث التابعة للقطاع الخاص أم كافة الشركات الست سواء التابعة للقطاع الخاص أو العام؟
صلاح: لم أقصد الإتفاق علي التعريفة، أو وجود إتفاق رسمي، أو حتي شفوي، ولكن إتفاقًا ضمنيًا، فالمنافسة كانت منعدمة لعدم توافر أسبابها، لأن المعروض من شركات التأمين كان أقل من حجم الطلب المُتاح، ومن ثم فضغط التسعير أو اللجوء للمنافسة السعرية لجذب العميل لم يكن واردًا لإنتفاء أسبابه المنطقية، فالعميل مُتاح وبوفرة.
علي سبيل المثال، شركات تأمين الحياة كانت تعملها حينذاك بتكنيك معين أو بجدول الحياة الإنجليزي ” Ult 52 -49 A “، ولا يوجد ما يدفع العمل بجدول الحياة الأخر 67، بالإضافة الي أن نسب التحمل أو المصاريف تكاد تكون متشابهة، ومن ثم فالمنافسة بين الشركات – إن وجدت- تركزت علي الخدمة وليس السعر.
خبري: هل تعني من ذلك أن دخول الشركات الجديدة كان أحد أسباب المنافسة السعرية؟
صلاح: شركات التأمين الجديدة دخلت السوق بفِكر جديد، ومنتجات جديدة، وبالتالي بمؤشر تسعير مختلف، ليس ضربًا للسوق ولكن إتساقًا مع فِكرها وسياستها واسلوبها الجديد علي السوق المصرية.
والأسلوب الذي إتبعته الشركات الجديدة، ساهم في سحب البساط رويدًا رويدًا من شركات التأمين الست القائمة حينذاك، ومع الوقت وبسبب المنافسة، باتت شركات التأمين الست أمام خيارين، إما مواكبة الفكر الجديد، وتطوير اسلوب الإدارة، أو مجابهة المصير المُر أقصد الخروج من السوق وهو خيار صعب، وهذا طبيعي ولنا في نموذج شركة كوداك للتصوير الفوتوغرافي عِبرة ومثلًا، فلما لم تواكب التطور ذهبت لأدراج الرياح.
خبري: إذا كان دخول الشركات الجديدة سببًا للمنافسة، أيعني هذا أن هذه الشركات لم تساهم في زيادة كعكة التأمين المتنافس عليها، وإكتفت بالمنافسة علي المتاح منها؟
صلاح: واقعيًا وموضوعيًا الكعكة شهدت زيادة ولكن ليس بنفس نسبة الزيادة في عدد الشركات الجديدة ، وإذا كنت اكثر موضوعية فى تحليل عقود التأمين الجماعي التى قد تكون زادت فيمكن إيجازًا القول باريحية ان كعكة تأمين الحياة الجماعي وليس الطبي لم تشهد زيادات ضخمة ، ولكن النسبة الاكبر فى الزيادات كانت لدى شركات الحياة التي تمارس التأمين الطبى و التى تقوم ببيع وثيقة الحياة مع الطبي كخدمة واحدة او ما يسمي بحِزمة أو Package.
نسبة نمو نشاط الحياة لا يتناسب مع زيادة عدد شركاته في السوق
خبري: ما دليلك علي أن السوق لم تشهد زيادة في كعكة الطلب عليه مقارنة بالزيادة في عدد الشركات؟
صلاح: سوق التأمين علي الحياة إنخفض عددها من ست لأربع شركات بعد دمج شركات التأمين الحكومية، ثم اصبح عدد شركات الحياة الحالي 16 شركة، اي أن عددها تضاعف أربع مرات، ومع ذلك لم يتضاعف سوق تأمين الحياة بنفس النسبة خلال تلك الفترة، والأقساط المباشرة والبيانات المُعلنة تؤكد هذا الراي وتدعمه.
خبري: عودة إلي بدء، أنخلص من هذه المقدمة الاستعراضية أن طموحك وعدم رضاك عن مستوي الإدارة- ليس لعيب فيها ولكن لظروفها الزمنية- سببًا في ترك او مغادرة المهندس للتأمين والإلتحاق بشركات التأمين الأخري؟
صلاح: أتفق كليًة مع ذلك بالاضافة الى الرغبة فى مزيد من التطور والتعلم و زيادة الخبرات ، لكن أود الإشارة إلي أن علاقتي لم تنقطع عن المهندس لتأمينات الحياة خلال فترة غيابي عنها ، بمعني أن الشركة التي إنتقلت إليها بعد بداياتي الاولي في المهندس، كانت تعمل وفق النظام التكافلي، وبعض المنتجات لم تكن متاحة فيها كوثائق التأمين المختلط، وحينما كان يتم طلبها من أحد العملاء كنت أنصحه باللجوء للمهندس لوفرة هذه المنتجات فيها، أو في حال رغبة عميل التعامل مع شركة تأمين تقليدية او تجارية وليست تكافلية كنت أسدي له نصحًا أيضًا بالتعامل مع المهندس.
ما أقصده هنا، أن علاقتي بالمهندس للتأمين إنقطعت جسديًا بعد إحدي عشر عامًا، لكن لم تنقطع روحيًا ومعنويأ، وظلت هذه العلاقة قائمة حتي تم تغيير الفكر الادارى نتيجة تغير تركيبة وهيكل المساهمين ، ودخول مساهمين جدد كالقابضة المصرية الكويتية وبيت الخبرة، بالإضافة بالطبع لنقابة المهندسين، ولم يقتصر التغيير علي هيكل المساهمين بل إمتد إلي تُغير في اسلوب الإدارة والفِكر نفسه بتغيير مجلس الادارة والذى اصبح يضم العديد من الخبرات الكبيرة فى السوق المصرى من مختلف المجالات المالية والاقتصادية .
خبري: هل تم التواصل معك للعودة مجددًا للمهندس منذ تغيير هيكل المساهمين؟
صلاح: بالفعل، وبدأ التواصل مع قدووم مجلس الادارة الجديد ، و لاحظت فور التواصل اختلاف الرؤية والهدف كما لاحظت ابضا إختلاف لغة وفكر الحوار و الاسترتيجيات لتتشابه بشكل كبيرة مع نفس اللغة المتداولة في اسلوب إدارة استراتيجيات الشركات متعددة الجنسيات، مما يشيئ إلي وجود نية وإرادة حقيقية للتغيير والتطوير.
إيجازًا ، عدت للمهندس للحياة لسببين، الأول تغُير الفكر، وتغيير الادارة التنفيذية، ورغبة هذه الادارة في التطوير والنمو وتغيير شكل الشركة و وضعها فى مكانتها التى تستحقها ، والسبب الثاني سبب شخصي، بمعني أنني أدين للمهندس للتأمين بالفضل، كونها بعد الله سبحانه وتعالى سبب في تشكيل وتكوين مصطفي صلاح، وما وصل اليه وحينما تدعوني للإنضمام إليها فلا أجد إلا القبول ردًا لهذا الجميل.
خبري: هل يمكن التوصيف مجازًا أن النوستالجيا بجانب الاسباب الموضوعية السالفة كانت سببًا في عودتك للمهندس؟
صلاح: بالتأكيد، وهناك سبب اخر ايضا ، وهو التطلع الشخصي لتقلد منصب العضو المنتدب لأي من شركات التأمين، كهدف وحلم بدأ منذ تخرجي من الجامعة، ما استدعي العمل عليه و بذل الجهود المطلوبة لتحقيق هذا الهدف، ومنها اكتساب الخبرة العملية، بجانب التأهيل العلمي المطلوب، والتعرف علي اكثر من مدرسة في الادارة لصقل المهارة.
تطلعي منذ التخرج كان رئاسة شركة تأمين ، فما بالك لو كانت هذه الشركة بيتك القديم التي شهدت بدايات تكوين خبراتك العملية؟ ومن ذلك يمكن القول أن مصطفي صلاح هو اول ابن أو تلميذ من مدرسة المهندس للتأمين يتولي رئاسة الشركة وهو مدعاة للفخر.
خبري:هل كنت براجماتي في الاختيار ام افلاطوني في اتخاذ القرار؟ بمعني هل قيمة الاجر او الراتب كان جزءًا من قرار عودتك للمهندس؟
صلاح: سأكون واقعي، الأجر كان جزءًا صغير وليس كل العوامل التي تم علي اساسها العودة مجددًا لبيتي الأول ولكن العوامل الاساسية للرجوع هى ما تم ذكرها سلفًا.
خبري: ألم يؤرقكك جلوس أحد أهم اساطين الخبرة الإكتوارية المرحوم عبد اللطيف مراد علي المقعد الذي تشغله حاليًا، خاصة إذا عُقدت المقارنة بينكما؟
صلاح: لا أخفي عليك سِرًا، لم أذق للنوم طعمًا، لاسيما وأن المرحوم الدكتور محمد عبد اللطيف مراد كان أول من تلقفني حينما دخلت المهندس للتأمين موظفًا صغيرًا في 1997، وكان سبب في التخصص بنشاط تأمينات الاشخاص والشئون الاكتوارية ، وهو من هو ، الخبير الإكتواري للهيئة العامة للرقابة علي التأمين في ثمانينات القرن الماضي، وأبا الخبرة الإكتوارية في العالم العربي وليس مصر وحدها، وله اليد الطولي في تصميم منتجات المهندس للتأمين الخمسة عشر، ومن ثم فلهذه الأسباب كان لابد من التفكير جليًا حتي لا يتم الإساءة لهذا الإسم، والرهان علي استكمال ما بدأه ، ناهيك انه حينما عدت للمهندس حياة في أكتوبر من العام الماضي، شاركت مراد في اعداد خطة التطوير بالشركة حتي وافته المنية في ابريل من العام ذاته .
المرحوم عبد اللطيف مراد أوصاني قائلًا ” الشركة امانة في رقبتك حافظ عليها وكَبرها”
خبري: هل كان لمراد نصيحة لك او وصية قبل ان يتوفاه الله؟
صلاح: قال لي نصًا في ايامه الأخيرة” الشركة امانة في رقبتك يا مصطفى حافظ عليها وكَبرها”.
خبري:نسبة اختراق تأمين الحياة في السوق ضئيل ما يجعله نشاط مغرِ للمستثمرين الجدد، وبعد تدشين شركاتهم يلجأون لخطف الكوادر الادارية من الشركات القائمة وإغراء الوسطاء للتعامل معهم بزيادة نسبة العمولات، والمهندس للحياة شركة لديها رصيد من الخبرات وتاريخ ضارب في الجذور لكن العنصر الانتاجي سيلجأ للشركة التي ستدفع أكثر بغض النظر عن تاريخها، فكيف ستتعامل المهندس حياة مع هذا التحدي؟
صلاح: قولًا واحدًا، شركات الحياة جميعها في تحد صعب، أقصد أنها لو سعت للحفاظ علي العنصر الإداري سينعكس ذلك علي المصاريف الادارية والعمومية بالإرتفاع، واذا حاولت ترشيد تكاليف الانتاج، سيهرب الوسطاء والعكس صحيح، وهي معادلة صعبة للتوازن فيما بينهما. هذا بالاضافة الى قلة الكوادر فى تأمينات الاشخاص ، ما يؤدى الى زيادة معدلات الدوران خصوصا مع انشاء شركات جديدة .
وفيما يخص المهندس للحياة، من ناحية العنصر الانتاجى فقد قامت بتعديل مؤشر اسعارها الذي لم يشهد تغييرًا منذ عقدين تقريبًا، ولكن حتى بعد هذا التعديل لم تصبح الشركة الأرخص في السوق، لكن اصبحت في المنتصف اي التوازن في السعر وعمولة الانتاج الذي تم تعديل هيكله ايضا لجذب الوسطاء للتعامل مع الشركة ، وبعد التعديل لم تصبح المهندس حياة الاعلي في نسبة عمولات بالسوق المصرية بل ايضا فى المنتصف .
واود الاشارة الي انه من الصعب اللجوء لعوائد الاستثمار لزيادة المصاريف الانتاجية بهدف زيادة الاقساط، لأسباب من بينها أن شركة التأمين هي كيان استثماري او تجاري يهدف للربح، وهدف المساهمين تحقيق ربحية كلية وليس حصة سوقية.
خبري:إذا كانت الخدمة في شركات الحياة غير ملموسة بشكل سريع كالممتلكات، ما الذي يجذب العميل للتعامل مع المهندس حياة وليس مع شركات اخري؟
صلاح: الاجابة علي السؤال ستعيدنا لعناصر القوة، وهي تاريخ الشركة الضارب في الجذور، بالاضافة الى تطبيق التحول الرقمى وتطوير المنتجات من حيث الشروط والاسعار وتقديم افضل خدمة للعملاء و الوسطاءهذه نقطة، النقطة الثانية وهو سؤال، هل رفضت المهندس للحياة سداد اي مطالبة عليها خلال سنوات عملها في السوق؟ او تعرضت للعسر المالي؟ أليس هذا يعطي مصداقية في الشركة وفي قوة ملائتها المالية؟ وانها مخزن ثقة للعميل .
خبري: متي ترفض شركة تأمين الحياة قبول العميل؟
صلاح: في حالة وجوده بالقائمة السوداء او القوائم السلبية علي قاعدة بيانات الرقابة المالية وإتحاد التأمين، أو في حالة ما لم تسمح حالته الصحية بالتأمين عليه ، او تسمح بقبوله ولكن برسم إضافي يرفضه العميل نفسه، او انه ماليًا او حالته المالية لا تسمح له بسداد القسط ، أو أن يكون مبلغ التأمين اكثر من دخله المالى بمعني أن يكون التأمين زائد عن الحد، اى ان الهدف الاساسى للرفض منع ما يسمي بالاختيار السيئ ضد شركات التأمين، أو الاثراء على حساب التأمين .
خبري: ألا تتعامل شركات الحياة بمبدأ حُسن النية؟
صلاح: ليس حُسن النية فقط بل منتهي حُسن النية ، لكن في حال تعمد اخفاء بيانات جوهرية تؤثر علي التغطية يحق لشركة التامين رفض صرف المطالبة او الميزة التامينية.
خبري: وماذا لو ان العميل يعاني من مرض غير مُغطي تأمينيًا وهو لايعلم عنه شيئًا؟
صلاح: إتقصد عند الاصدار ام فى حالة وفاة العميل بعد الاصدار؟ عند الاصدار يتم إتخاذ الاجراءات الطبية اللازمة سواء الفحوصات او الاستبيانات التى اذا تم اجرائها و الاجابة عليها بصدق وبدقة لن توجد اى مشاكل بعد ذلك عند الوفاة ، وهنا ياتى دور إدارة التحريات والتى يتم من خلالها الكشف عن الحقيقة من خلال التعرف علي الحالة الطبية أو التاريخ المرضي السابق سواء من الجهات المُعالجة اومكان العمل وغيرها من التفاصيل التي يتم من خلالها معرفة مدي اخفاء العميل بيان مرضه تعمدًا أو عن عدم وعي به من الأساس ، وتتم هذه التحريات فى ضوء التصريخ او التفويض الذى يمنحه العميل لشركة التأمين عند توقيع طلب التأمين.
ما اود التأكيد عليه هنا، ان ادارات التحريات والتعويضات والاكتتاب في كافة شركات السوق لديهم خبراء متخصصين قادرين علي تحديد ما اذا ا كانت الوفاة نتيجة مرض سابق للتأمين او لاحق عليه.
خبري: ما نسبة التحايل والغش في المطالبات بشركات الحياة تقريبًا؟
صلاح: لايمكن تحديد نسبة معينة لعدم توافر بيانات كاملة عن السوق، لكن ما يمكن قوله في هذه النقطة ان شركة التأمين ترفض صرف المطالبة في حالات محددة فى شروط وثيقة التأمين فى بند الاستثناءات ، وفي حالة رفض الشركة صرف المطالبة بسبب الوفاة نتيجة مرض سابق او غش وتدليس ، فإن البينة هنا ستكون علي من إدعي، بمعني أنه يجب علي شركة التأمين تبرير الرفض بالمستندات الدالة علي ذلك.
خبري: هل تعرضت لحالة غش خلال تاريخ عملك؟
صلاح: تعرضت مؤخرا لحالة كبيرة، وهي ان احد العملاء استصدر وثيقة بمبلغ ضخم من الشركة التي كنت اعمل فيها من قبل، واستصدر وثيقتين بمبالغ كبيرة من شركتين اخريتين، وبعد ستة اشهر تم ابلاغنا بوفاته، لكن استطعنا كشف التحايل، وأن العميل سافر للخارج وإتفق مع شقيقه علي اصدار شهادة وفاة بصورة غير قانونية للحصول علي مبلغ التأمين أو الميزة التأمينية او التعويض، واستطعنا اثبات التلاعب بالمستندات الرسمية وتم ابلاغ جهات التحقيق المختصة.
خبري: شركة التأمين تطلب من العميل بعض البيانات منها مدي معاناته من مرض معين، وقد يتصادف وجود عميل غير مُدرك بأنه مريض، ودأبه علي تناول المسكنات، ولكن وافته المنية بسبب المرض الذي يعانيه ولا يعلمه او يعرفه، تأمينيًا هل يستحق التعويض أو المطالبة أو بمعني أدق هل يمكن للورثة الحصول علي قيمة التغطية التأمينية؟
صلاح: توجد بعض البيانات التي يجب الإدلاء بها قبل اصدار وثيقة التأمين منها مدي تناول العميل لاية عقاقير وانواعها، والتي تقوم شركة التأمين بفحص تأثيراتها طبيا ومدي تاثيرها في الصحة العامة بشكل يؤدي للوفاة.
وأود التوضيح، أنه ليس معني اصدار وثيقة تأمين بدون كشف طبي، عدم معرفة الشركة بيانات العميل بشكل كامل، فمن خلال استمارة الاستبيان الصحى بطلب التأمين والتي تتضمن بعض المعلومات يمكن من خلالها الوصول لنتائج شبه كاملة عن نوع المرض الذي يعاني منه العميل من عدمه ، وبناء عليه يتم التعامل معه وفق ثلاث سيناريوهات لارابع لها، الأول قبول التأمين علي العميل بالسعر العادى، والثاني زيادة القسط او سعر الوثيقة فيما يسمى بالقسط الصحى الاضافى، والثالث طلب كشف طبي متخصص كشرط لقبوله او رفض قبول التأمين عليه .
إنشاء إدارة للتحريات لاينفي مبدأ “منتهي حُسن النية” بل للتأكد من أحقية المطالبات ويضمن سلامة اتفاقيات الاعادة
خبري: دعني أصارحك القول، البعض يظن أن إنشاء إدارة للتحريات بشركات الحياة هي وسيلة لإختلاق الحُجج بهدف التنصل من صرف المطالبات خاصة في حالات الوفاة؟ فيما يبرر أهل الإختصاص إنشاء هذه الإدارة بأنها وسيلة لضبط ايقاع المطالبات وليس كما يظن البعض؟
صلاح: قد اتفق معك جدلًا وهو إتفاق زائف بالضرورة، أن شركات الحياة تتنصل من سداد المطالبات بإنشاء إدارة للتحريات لإختلاق الحجج، و يمكن قبول هذا إذا كانت شركة التأمين هي صاحبة القرار منفردة فماذا عن الهيئة و القضاء؟ .
ما أود قوله أنه في حال رفض سداد المطالبة، يتم تحديد الأسباب المنطقية وبالبراهين الدامغة التي لا تقبل الشك، هذه نقطة، اما الثانية فهي ضرورة عدم إغفال دور الهيئة العامة للرقابة المالية- كحام لحملة الوثائق- والتي تتدخل في التوقيت المناسب وإلزام شركة التأمين بصرف المطالبة او التعويض في حال استحقاق العميل ، والهيئة عادة ما تنحاز للعميل طبقا لدورها الاساسى الي ان يثبت العكس ، وانه لا يستحق الصرف، بالاضافة الى حق المستفيدين فى اللجوء للقضاء فى حالة تنصل شركة التأمين من مسئوليتها .
خبري:إذا كانت نسبة التحايل بشركات الحياة ضئيلة ، لماذا توسعت الشركات في انشاء ادارات للتحريات؟
صلاح: لسببين، الاول للتأكد من احقية العميل في المطالبة ، لان سمعة شركة التأمين تُكتسب من سرعة سداد المطالبة ويجب عليها التأكد من تحقق الخطر فعليا من خطر مؤمن عليه وليس مستنثنى او بغش وتدليس ، والسبب الثاني له علاقة باتفاقيات اعادة التأمين والشروط الخاصة بها نظرا لارتفاع مبالغ التأمين في التغطيات والتي قد تصل لارقام لم يكن مستساغ مجرد سماعها في الماضي، علي سبيل المثال لا الحصر ، يوجد عميل لديه وثائق تأمين حياة في السوق المصرية بـ 485 مليون جنيه.
خبري: هل هناك معقولية في هذا الرقم؟
صلاح: قد يكون غير معقولًا في الماضي ، لكن دعني اشير الي ان اغلب وثائق الحياة ذات المبالغ الضخمة تكون لصالح البنوك مقابل تسهيلات ائتمانية وقروض لمشروعات، لاسيما مع توسع الدولة في المشروعات، ما يجعل البنك يطلب وثيقة تأمين من المقترض بقيمة الائتمان او القرض للموافقة علي الائتمان او من ضمن شروط منح الائتمان ، لتغطية تعثر العميل عن الوفاء بالدين في حالة الوفاة.
خبري:هل الأوبئة مستثناة من التغطية في وثائق تأمين الحياة؟
صلاح: قولًا واحدًا نعم مستثناة
الرقابة المالية وجهت بعدم التشدد في صرف المطالبات الخاصة بالوفاة نتيجة كورونا
خبري: ولماذا قامت شركات الحياة بصرف مطالبات نتيجة كورونا المستجد، ألا تصنف كورونا وباءً؟
صلاح:تم صرف تعويضات او مطالبات نتيجة الوفاة بكورونا لثلاث اسباب، اولها المساهمة او المسئولية المجتمعية لشركات التأمين تجاه العملاء، والثاني ان نسبة وفيات كورونا في مصر في المعدلات المقبولة ولم تبلغ حدتها كوباء، والعامل الثالث هو توجيهات من الهيئة العامة لللرقابة المالية بعدم التشدد في هذا الموضوع بناء على السبب الثانى ، وجزء من خطة شاملة اعدتها الهيئة ساعدت سوق التأمين المصرىة بتنوع أطرافها على تخطى فترة من اصعب الفترات التى مرت على قطاع التأمين.
خبري:اليس الارتكان علي المسئولية المجتمعية شعار رنان، بمعني، انه يمكن ترجمة المسئولية المجتمعية في صورة تبرع لاي جهة ، باستثناء وصف صرف التعويض او المطالبة بأنه نوع من المسئولية المجتمعية لاسيما وان شركة التأمين هي جهة تعويض في الاساس؟
صلاح: اتفق معك كليا من الناحية العلمية، لكن من الناحية العملية الامر ليس كذلك بالمرة، بمعني ان الشركات لا تصرف التعويضات هباءً وإدعاء أنها مسئولية مجتمعية، ولكن يتم التغاضي جزئيًا عن بعض شروط الوثيقة ان امكن – بعد الرجوع الى معيد التأمين- والتي قد تنص الاتفاقات المبرمة معها علي عدم استحقاق العميل في حالات الكوارث الطبيعية مثل كورونا، او في حالات مشابهة مثل الشغب والاضطرابات عام 2011 ، هذه نقطة.
النقطة الثانية ان شركة التأمين يقوم نشاطها علي الوعد بصرف التعويض، ودعني اسألك لو ان عميل استصدر وثيقة حياة لتغطية خطر الوفاة الطبيعية، إلا أن المنية قد وافته نتيجة الجائحة، فما دور شركة التأمين لو رفضت صرف التعويض للأسرة؟ اليس هذا يهدم رصيد الثقة مع شركات التأمين؟ هل صرف تعويض استثنائي اكثر تأثيرا من السمعة إذا تشوهت ؟
من هذا كله نخلص الي ان شركة التأمين تهدف لتحقيق ارباح بالفعل، لكن هناك حالات استثنائية لابد وان تتساهل فيها شركات التأمين لصرف التعويض، كونها حالات استثنائية ، والثاني مشاركة مجتمعية والاهم ان رصيد الثقة والسمعة الذي يُبني ستكون عوائده اكبر من التعويض المصروف.
دراسة منتجين جديدين وتطوير حزمة البرامج المتاحة حاليًا
خبري:المنتجات الجديدة التي يتم دراستها حاليا؟
صلاح: المهندس لتأمينات الحياة لديها 15 منتجًا تأمينيًا وهو عدد كاف ، وهو من أكبر اعداد التغطيات داخل شركات الحياة في السوق المصرية، ومع ذلك يوجد منتجات لتغطيتين جديدتين يتم دراستهم حاليًا ومخاطبة اللهيئة العامة للرقابة المالية لاعتمادهم تمهديا للبدء فى تسويقهم ، هذا بالإضافة إلي تطوير المنتجات الخمسة عشر المتاحين او علي الأقل تطوير الأكثر رواجًا فيهم من حيث الشروط والاسعار .
استهداف 40% نموًا بمحفظة الأقساط العام الجاري والنسبة السنوية لن تقل عن 20%
خبري:ما حصيلة الأقساط التي حققتها المهندس لتأمينات الحياة في العام المالي 2020/2021 المنتهي في يونيو الماضي والمستهدف في العام المالي الحالي 2021/2022 ؟
صلاح: حققت المهندس لتأمينات الحياة حصيلة أقساط مباشرة بلغت 103 مليون جنيه في العام المالي الماضي بمعدل نمو 14 %، وتستهدف نموًا نسبته 40% العام المالي الحالي، علي أن لا تقل نسبة النمو السنوية بعد ذلك بدءًا من العام المالي المقبل عن 30 او 20% فى اسوأ الاحوال .
إعادة هيكلة الفروع والتركيز علي الفرص المتاحة في كل منطقة جغرافية
خبري:هل هناك توسعات جغرافية للمهندس لتأمينات الحياة الفترة المقبلة؟
صلاح : تمتلك الشركة 15 ذراعًا جغرافية، في كافة محافظات الجمهورية، وخطتنا المستقبلية مرتبطة بإعادة هيكلتها في ضوء خطة تسويقية وبيعية تستهدف كل منطقة جغرافية علي حدي.