قالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية إن الحكومة طرحت مُسودة وثيقة “سياسة ملكية الدولة”، موضحة أن الوثيقة حددت ثلاثة توجّهات لـملكية الدولة وتواجدها في النشاط الاقتصادي، منها التخارُج التام من عدد الأنشطة خلال ثلاثة أعوام، واستمرار تواجُد الدولة مع التثبيت أو تخفيض الاستثمارات الحكومية في بعض القطاعات، وذلك بهدف زيادة الاستثمارات الـمحلية والأجنبية، ولرفع كفاءة وفاعلية الاستثمارات العامة، حيث تؤكّد هذه الوثيقة حِرص الدولة إفساح مجالات الإنتاج السلعي والخَدَمي أمام القطاع الخاص للــمُشاركة الفاعلة دون مُزاحمة من جانب هيئات وشركات قطاع الأعمال العام وشركات القطاع العام، وتعزيزًا لدور الدولة الأساسي كمُنظّم للنشاط الاقتصادي وفق آليّات السوق وبما يُوفّر بيئة خصبة ومُحفّزة للاستثمار والتنمية.
جاء ذلك خلال مشاركتها في حفل السحور السنوي للجمعية المصرية للاستثمار المباشر بحضور عبد الله الابياري – رئيس مجلس إدارة الجمعية، وممثلي القطاع الخاص والمستثمرين في العديد من القطاعات الاقتصادية والتنموية المحورية.
وأوضحت السعيد أن الدولة المصرية وضعت خطتها الوطنية لتحقـيق التنميةِ الشاملة والمستدامة، متمثلة في رؤية مصر2030، لتكن هي الإطار المنظم لخطط وبرامج التنمية المرحلية، لذلك حرصت الدولة على أن يكون إعداد وصياغة وتنفيذ هذه الرؤية من خلال شراكة مجتمعية شاملة، مشيرة إلى أهمية تحديث الرؤية لتعكس التغيرات التي طرأت على الاقتصاد بعد التطبيق الناجح للبرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي منذ نوفمبر عام 2016، وضمان اتساق الأجندة الوطنية مع كل من الأهداف الأممية للتنمية المستدامة 2030 وأجندة أفريقيا 2063، مع تأكيد ترابط وتكامل أبعاد التنمية المستدامة الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، وتوطين أهداف التنمية المستدامة على المستوى المحلي، بالإضافة إلى التركيز على القضايا المُلحة مثل تنظيم الأسرة، تغير المناخ، الأمن المائي، الشمول المالي، والأخذ في الاعتبار انتشار جائحة فيروس كوفيد-19 وما ترتب عليها من تداعيات اقتصادية واجتماعية طالت دول العالم كافة ومن بينها مصر، وكذلك الأزمة الروسية الأوكرانية.
وأشارت إلى القضايا ذات الأولوية في خطة عام 22/2023، لافتة إلى التوجّه الاستراتيجي نحو تنمية القرى الـمصرية، في إطار المُبادرة الرئاسية “حياة كريمة” كأكبر مبادرة تنموية على مستوى العالم والتي تمتد أنشطتها وخدماتها لتغطي مُتطلّبات نحو 60% من إجمالي سكان مصر، ومواصلة تنفيذ الـمُبادرات الرئاسية لتحسين صحة وجودة حياة الـمُواطن الـمصري، بالإضافة إلى مواصلة تكثيف استثمارات الـمشروعات القومية في مجالات البنية التحتية والتنمية الاجتماعية لدفع عجلة النشاط الاقتصادي وتحفيز الـمُشاركات التنموية للقطاع الخاص، وتحسين جودة الخدمات العامة الـمُقدّمة للمُواطنين، مع إعطاء أولوية مُطلقة لتنمية القطاعات عالية الإنتاجية والنمو ذات الأولويّة في إطار البرنامج الحكومي للإصلاح الهيكلي، مُمثّلة في قطاعات الزراعة والصناعة التحويلية والاتصالات وتكنولوجيا الـمعلومات.
أضافت السعيد أن خطة 22/2023 تشمل كذلك الـمُتابعة الدقيقة للبرامج التنفيذية لخطة تنمية الأسرة الـمصرية والارتقاء بخصائص السكان بما يشمله من محاور أهمها التمكين الاقتصادي للمرأة، وزيادة درجة الاعتماد على الـموارد الـمحلية، وزيادة الـمكوّن الـمحلي في الصناعة، وتوطين الصناعات عالية التقنيّة والقيمة الـمُضافة، وتحفيز مُشاركة القطاع الخاص في الجهود الإنمائية، بالإضافة إلى التركيز على مُبادرات التحسين البيئي ومشروعات الاقتصاد الأخضر، والتطبيق الدقيق لـمعايير الاستدامة البيئية على كافة الـمشروعات، وإعطاء أولوية في توجيه الـمُخصّصات الـمالية للـمحافظات مُنخفضة الدخل من خلال التوزيع الـمُتكافئ للاستثمارات والاعتمادات الـمالية لتوطين البرامج والـمشروعات، وتكثيف الاهتمام بقضايا النوع الاجتماعي.
وحول مظاهر اهتمام الدولة المصرية بتعزيز مشاركة القطاع الخاص في جهود التنمية؛ قالت السعيد إن محور تهيئة البنية الأساسية وتحسين جودتها يمثل أحد المحاور الرئيسية لجهود الدولة المصرية لتحفيز القطاع الخاص، مشيرة إلى تنفيذ العديد من الإصلاحات التشريعية والمؤسسية بإصدار حزمة من القوانين والتشريعات والتي تهدف إلى تبسيط إجراءات إقامة المشروعات، وتشجيع القطاع الخاص والاستثمار المحلي والأجنبي؛ منها قانون الاستثمار الجديد – قانون التراخيص الصناعية – قانون حماية المنافسة- قانون التمويل متناهي الصغر- قانون الإفلاس والخروج من السوق – قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة، لافتة إلى استكمال جهود دعم بيئة الأعمال وتعزيز دور القطاع الخاص كأحد المحاور الرئيسية للبرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية من خلال حوار مع الخبراء والقطاع الخاص. وأكدت أن البرنامج يستهدف إعادة هيكلة الاقتصاد المصري لتنويع الهيكل الإنتاجي بالتركيز على قطاعات الاقتصاد الحقيقي وهي الزراعة، الصناعة، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتم اختيار هذه القطاعات وفقا لعدد من الاعتبارات أهمها القدرة على النمو السريع، وخلق قيمة مضافة عالية وتوفير فرص عمل منتجة ولائقة ووجود علاقات تشابكية قوية مع باقي القطاعات.
وأضافت السعيد أن البرنامج يتضمن أيضا عددًا من المحاور الأخرى الداعمة هي تحسين بيئة الأعمال وتعزيز دور القطاع الخاص، وذلك من خلال تسهيل وتطوير حركة التجارة، وخلق بيئة داعمة للمنافسة وتنظيم شراكة القطاع الخاص، ودعم التحول للاقتصاد الأخضر، والمحافظة على الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية، هذا إلى جانب رفع كفاءة ومرونة سوق العمل وتطوير منظومة التعليم الفني والتدريب المهني؛ والحوكمة ورفع كفاءة المؤسسات العامة؛ وتعزيز الشمول المالي وإتاحة التمويل؛ وتنمية رأس المال البشري (التعليم– الصحة- الحماية الاجتماعية).
وأكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أن الإطار التشريعي الداعم للشراكة بين القطاعين القطاع العام والخاص حظى باهتمام الدولة، مشيرة إلى تعديلات قانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة، والتي تستهدف مزيداً من التشجيع لمشاركة القطاع الخاص في تنفيذ مشروعات البنية الأساسية، لافتة إلى مبادرة إصلاح مناخ الأعمال “إرادة”، التي تستهدف إصلاح الإطار التشريعي والتنظيمي لضمان تحفيز الأعمال التجارية، وإطلاق برنامج الطروحات في مصر لإدراج عدد من الشركات المملوكة للدولة في البورصة، حيث تشمل أهداف البرنامج جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية إلى أسواق رأس المال في مصر وبالتالي زيادة مشاركة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية.
وفي ختام اللقاء استعرضت الدكتورة هالة السعيد أهم نتائج ومؤشرات الاقتصاد المصري، مشيرة إلى تحقيق معدل نمو خلال النصف الأول من هذا العام المالي بلغ نحو 9%، بما كان ينبأ بتعافي سريع وقوي للاقتصاد المصري في أعقاب جائحة كورونا، حيث حققت القطاعات الاقتصادية معدلات نمو موجبة أصدرها قطاع السياحة والصناعة التحويلية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتشييد والبناء، موضحة أنه من المتوقع أن يتأثر الاقتصاد بعدد من التحديات والعوامل الخارجية وعلى رأسها الأزمة الروسية الأوكرانية، مؤكدة أنه على الرغم من تلك التحديات إلا أن الاجراءات الاقتصادية المتنوعة التي اتخذتها الحكومة المصرية في هذا الصدد اثبتت فاعليّتها خلال الفترة الحالية وقدرتها على مواجهة أزمة التضخم العالمية ونقص سلاسل الإمداد بزيادة المخزون الاستراتيجي من كافة السلع والمواد الأساسية وبهذا يتوقع أن يصل معدل النمو خلال العام الحالي إلى نحو 5.7%.