من يظن أن الاستثمار في التكنولوجيا مُكلف، ربما يحتاج لإعادة نظر في أسلوب تفكيره، لاسيما مع الألفية الثالثة التي تسارعت فيه التطورات التكنولوجية بوتيرة أسرع حينا ومباغت أحيانا.
في السياق ذاته، شركات التامين بشكل عام، وشركات تأمين الحياة باتت أمام تحد له علاقة بمدي استثمارها في التكنولوجيا الذكية أو ما أسماه الإتحاد المصري للتأمين في نشرته الأسبوعية بـ “الأجهزة القابلة للإرتداء”- قد يبدو المصطلح صعب الفهم علي غير المتخصصين وهو يقصد بالطبع منه الأجهزة التي يمكن إرتدائها أثناء ممارسة حيواتنا بشكل عادي، وعلي سبيل التبسيط كالساعات الرقمية التي يمكن من خلالها قياس نبضات القلب ومعدل حرق السعرات الحرارية وغيرها- .
علي كلِ، الكيان التنظيمي أو الإتحاد المصري للتأمين – من منطلق دوره- ألقي الضوء علي أهمية هذه الأجهزة – أقصد الأجهزة الذكية التي يمكن للإنسان إرتداؤها- في تحسين المخاطر التي تديرها شركات تأمين الحياة وتكوين الأموال، والتي تتمحور أغلبها حول خطر الوفاة.
الإتحاد المصري للتأمين- برئاسة علاء الزهيري- يري – بناءً علي نشرته الأسبوعية- حاول استعراض ماهية الأجهزة القابلة للإرتداء أو المعروفة إصطلاحًا بـ Wearable Devices، والذي يعني بها التطبيقات الذكية.
ويري الكيان التنظيمي أن هذه الأجهزة تًعد فرصة كونها أحد الأدوات التي يمكن من خلالها توفير أمرين، الأول المعلومات المطلوبة والضرورية عن عميل شركة تأمين الحياة، والتي تمكن المكتتب أو من يضع شروط الوثيقة أن يحدد مؤشر التسعير اللازم، والأمر الثاني، أنه يمكن من خلالها تفصيل الوثائق بما يتناسب مع إحتياجات كل عميل، ووفقًا لدرجة ونسب المخاطر التي يتعرض إليها.
الأمر ليس سهلًا كما يتصور البعض، لأسباب من بينها خصوصية بيانات العميل نفسه والتي قد تكون عُرضة للاستغلال من قِبل شركات التعهيد أو الشركات الوسيطة بين العميل وشركات التامين، وهو ما يتطلب التعامل معه بشكل حذر، بآليات رقابية وتشريعية.
الصعوبات لا تتوقف عند مستوي الخصوصية والذي يمكن التعامل معه كما يتم التعامل مع الخصوصية في وسائل التواصل الإجتماعي، لكن يتوقف علي مدي ثقة العميل نفسه، ومدي قبوله أن يكون تحت مجهر شركة التأمين لحظيًا، حتي وإن كان الهدف نبيل.
في المقابل، العميل نفسه سيستفيد من هذه التقنيات الحديثة، ففي الوقت الحالي، والمسار التقليدي المتعارف عليه، ان يذهب العميل او ورثته لشركة التامين للحصول علي المطالبلة أو الميزة التأمينية أو المنافع- بغض النظر عن المسمي الفني- ما يستدعي تأكد شركة التأمين من توافر شروط الإستحقاق وهو ما قد يستغرق وقتًا طويلًا، ينعكس سلبًا علي مستوي رضاء العملاء، وإعتقادهم أن شركات التأمين تماطل في سداد المطالبة علي غير الحقيقة.
لكن مع دخول التقنيات الحديثة خاصة الأجهزة الذكية القابلة للإرتداء، ستنعكس الآية، وستتجه شركة التأمين للعميل لصرف المطالبة، نظرًا لتوافر البيانات اللازمة التي تؤيد صحة صرف المطالبة وأحقية العميل فيها.
الأمر قد يبدو متشابك، فالأجهزة القابلة للإرتداء تحمل في طياتها مخاوف من عدم ثقة العميل ، لكنها ستجعل وتيرة صرف المطالبة او الميزة التأمينية له أسرع من الطرق التقليدية، ومن الناحية الأخري، تلك الأجهزة ستساعد شركة التأمين في تدقيق بياناتها وتسهيل عمليات الإكتتاب، لكن الأمر مكلف ماديًا بشكل قد لايتناسب مع حجم الأموال التي يتم تحصيلها من العملاء في صورة أقساط.
الأهم من كل ذلك، أنشأت شركات التأمين إدارات للتحريات للتأكد من صحة المطالبات خاصة في حالات الوفاة، فهل لو تم الاستثمار في الأجهزة الذكية القابلة للإرتداء وبعد التغلب علي صعوباتها المرتبطة بالناحية المادية وثقة العملاء فيها، هل ستحد من تحايل العملاء علي الشركات للاستفادة من التعويضات او المطالبات بغض النظر عن أحقية العميل فيها؟
الإتحاد المصري للتأمين، يري أن التطبيقات الذكية والأجهزة القابلة للإرتداء مثلها مثل أي شيئ يمكن التلاعب فيه والتحايل عليه، وهو ما يستدعي الحرص والتأكد من توافر وسائل الحماية لعدم إختراقه إلكترونيا.
قد يبدو الأمر حالمًا في مجملها،لاسيما مع تأخر بعض الشركات في رقمنة عملياتها ولكن، هل كان يظن أحد في نهايات القرن الماضي أنه يمكن التواصل الحي بين شخصين متباعدين مكانيًا عبر التطبيقات الإلكترونية المتاحة حاليًا؟
الكيان التنظيمي أدي دوره بتسليط الضوء علي التطبيقات الحديثة التي يمكن الاستفادة منها، وعلي أعضائه من الشركات إلتقاط الإشارات وفهم الرسالات لتعظيم العائد علي صناعة تقوم في الأساس علي ترويض الخطر.