مستوحى من طفولته التي قضاها في منازل تقليدية مبنية من الطوب الطيني والإسمنت في توغو، غرب إفريقيا، قام الدكتور جنانلي لاندرو، المخترع والمؤسس المشارك لشركة “أوكسارا”، بتطوير تقنية مبتكرة لتحويل نفايات البناء إلى مادة بديلة للإسمنت. تتميز هذه المادة بكونها أكثر استدامة، حيث يمكن أن تقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن صناعة البناء بنسبة تصل إلى 90% مقارنة بالإسمنت التقليدي.
الدكتور جنانلي، البالغ من العمر 35 عامًا، قدم العمل الفني التركيبي “ستوت” خلال أسبوع دبي للتصميم، الذي تقام فعالياته في الفترة من 5 إلى 10 نوفمبر في حي دبي للتصميم. تم تنفيذ هذا العمل بالتعاون مع “ملا ديزاين أستوديو”، وهي شركة تصميم مقرها دبي أسسها المهندس المعماري الإماراتي عبد الله الملا. تم استخدام مواد “أوكسارا” الصديقة للبيئة في إنشاء هذا العمل التركيبي، بدعم من شركة “ريدي مكس باطون”، الرائدة في إنتاج الخرسانة عالية الأداء. يبرز العمل الفني التركيبي “ستوت” كيف يمكن للبناء المستدام أن يجمع بين الابتكار والجمال، مشيرًا إلى بداية عصر جديد من البناء المستدام في دبي وعلى مستوى العالم.
في عام 2023، شهد المعرض السنوي لمبادرة “ابتكارات للبشرية” في دبي بروز أسم “أوكسارا”، وهو مشروع يهدف إلى تقديم حلول ملموسة للتحديات الاجتماعية والبيئية الملحة على الصعيد العالمي. ومع اقتراب المعرض العاشر للمبادرة هذا الشهر، تتعاون “ابتكارات للبشرية” مع مؤسسة دبي للمستقبل لإطلاق “حلول دبي للمستقبل – ابتكارات للبشرية”. تهدف هذه الشراكة إلى تعزيز الابتكارات المعتمدة على الأبحاث، مثل التي تقدمها “أوكسارا”، من خلال توفير فرص غير مسبوقة للتعاون مع قطاعات الصناعة المختلفة، والمساهمة في ترسيخ مكانة دبي كمركز عالمي للابتكار.
أسس الدكتور جنانلي في عام 2019، بالتعاون مع تيبو ديمولين، شركة “أوكسارا” بعد أن تطورت علاقتهما من زملاء دراسة إلى شركاء عمل خلال دراستهما للدكتوراه في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ، والذي يُعد من أرقى الجامعات العالمية، حيث يُصنف ضمن أفضل 10 مؤسسات تعليمية على مستوى العالم.
تجسد “أوكسارا”، التي تعني “المجتمع” بلغة توغلو، رؤيتهما الثورية لإحداث تحول جذري في صناعة البناء. إذ يسعى المشروع إلى تحقيق بناء مستدام ومساكن بأسعار معقولة من خلال استخدام تكنولوجيا مواد مبتكرة وتطوير تقنيات معالجة متقدمة.
لا يقتصر التزام “أوكسارا” على الابتكار في مجال المواد فحسب، بل يمتد إلى تطوير تطبيقات فعالة ونماذج عمل مبتكرة تضمن أن تصل هذه التكنولوجيا التحويلية إلى الناس في جميع أنحاء العالم، مما يُعزز من استفادتهم منها. تسعى الشركة إلى أن تكون رائدة في تحويل الأفكار الرؤيوية إلى حلول عملية تُحدث تأثيرًا إيجابيًا ملموسًا في حياة الأفراد والمجتمعات.
من خلال اختراعاتها، يأمل الدكتور جنانلي وزملاؤه في تقديم مساهمة قيمة في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بما يصل إلى 1.2 مليار طن سنويًا، وإعادة استخدام ما يصل إلى مليار طن من النفايات عالميًا، مما يساعد في تعويض استنزاف الموارد الطبيعية. بالإضافة إلى ذلك، تسعى “أوكسارا” إلى تحقيق وفورات كبيرة في البناء، مع تمكين بناء مساكن ميسورة التكلفة تلبي الاحتياجات الملحة للمجتمعات.
تعتمد التكنولوجيا المبتكرة الحاصلة على براءة اختراع بشكل رئيسي على استخدام نفايات البناء أو المواد المحفورة، وتستفيد من بنية تحتية إنتاجية مشابهة لعملية تصنيع الأسمنت التقليدية، ولكن ما يميزها بشكل أساسي هو عدم الحاجة لاستخدام الفرن، مما يجعلها أكثر استدامة. بالإضافة إلى ذلك، تتميز هذه التقنية بتكلفتها التنافسية مقارنة بالأسمنت العادي.
أعرب الدكتور جنانلي لاندرو، الشريك المؤسس لشركة “أوكسارا”، عن فخره بالعمل ضمن فريق مبدع يسعى لتحسين العالم من خلال توفير مساكن مستدامة وآمنة ومريحة وبأسعار معقولة للجميع. وأشار إلى أن العام الماضي شهد تطورًا ملموسًا عقب مبادرة “ابتكارات للبشرية”، حيث تمكنت الشركة من توقيع عقود بناء وإنجاز مشاريع في سويسرا والبرتغال والكاميرون. وتمثل هذه المشاريع أمثلة حية على كيفية إعادة تدوير مواد النفايات والتربة المحفورة ومخلفات الهدم لإنتاج مواد بناء دائرية منخفضة الكربون، دون الحاجة لاستخدام الأسمنت التقليدي، ما يسهم في بناء منازل أكثر صحة. وأعرب عن سعادته بالكشف عن العمل التركيبي “ستوت” في الإمارات، معتبرًا ذلك خطوة مهمة لتأكيد فعالية تقنيتهم. وأكد الدكتور لاندرو أن هدفهم هو تسريع عملية إزالة الكربون في قطاع البناء عالميًا، معربًا عن ثقته في تحقيق إنجازات كبيرة في دبي في هذا السياق.
من جانبه، قال تادو بالداني كارافييري، مدير مبادرة “ابتكارات للبشرية”، إحدى مبادرات مجموعة آرت دبي: “إن رحلة الدكتور جنانلي تسلط الضوء على كيفية أن التجربة الشخصية قادرة على تحفيز الحلول الابتكارية للتغيير العالمي. وأوضح أن الشراكات الاستراتيجية مثل تلك التي ترعاها مبادرة “حلول دبي للمستقبل – ابتكارات للبشرية”، تُظهر التأثير الحقيقي للحلول المستدامة في التنمية الحضرية والإسكان بأسعار معقولة. واعتبر أن الشراكات الصناعية ضرورية لتمكين الحلول المدعومة علمياً من النمو بوتيرة أسرع، مشيراً إلى أن رحلة “أوكسارا” الأخيرة في دبي تُعد شهادة على ذلك. وبين أن الشركة، من خلال تعاونها مع المصممين والمهندسين المعماريين والمطورين، وإنتاج الدفعة الأولى مع شركة “ريدي مكس باطون”، تُظهر الإمكانات الواعدة للحل في المنطقة.”
من 18 إلى 21 نوفمبر، ستشهد دبي توافد نخبة من الأساتذة والطلاب من مؤسسات أكاديمية عالمية بارزة، بالتزامن مع منتدى دبي للمستقبل. يهدف هذا الحدث إلى عرض أفضل 100 مشروع تم اختيارها بعناية من بين 2700 طلب عالمي تم تقديمها من جامعات مرموقة مثل ستانفورد، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وأوكسفورد، وكامبريدج. سيقام هذا المعرض في إطار مبادرة “حلول دبي للمستقبل – ابتكارات للبشرية” لعام 2024، ويمتد على مدار أربعة أيام.