تتمتع صناعة التأمين بدور حيوي في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للفرد والمجتمع. ومع ذلك، لا يزال هناك تفاوت واضح بين الجنسين في الاستفادة من خدمات التأمين، وهو ما يعكس التحديات التي تواجه النساء في الوصول إلى هذه الخدمات.
تتعدد أسباب هذه الفجوة بين النساء والرجال، من الفوارق الاقتصادية والاجتماعية إلى العوامل الثقافية التي تحد من اهتمام المرأة بالتأمين أو قدرتها على الاستفادة منه.
ومن هنا، يصبح سد هذه الفجوة ضرورة أساسية لتحقيق الشمول المالي والمساواة بين الجنسين.
مفهوم الفجوة التأمينية بين الجنسين
تشير الفجوة التأمينية إلى التفاوت الواضح في معدل استفادة الرجال والنساء من المنتجات التأمينية، حيث غالبًا ما تكون النساء أقل تغطية في مجالات مثل التأمين الطبي، والحياة، وحماية الحوادث.
يعود هذا التفاوت إلى عدة أسباب، أبرزها الفجوة في الدخل، والمشاركة الاقتصادية، والأدوار الاجتماعية التي تحصر المرأة في مجالات محدودة.
من المهم أن نعي أن النساء يشكلن قوة اقتصادية رئيسية ويمارسن أدوارًا متعددة في المجتمع. وعليه، فإن سد فجوة النوع الاجتماعي سيؤدي إلى تحقيق تقدم اجتماعي واقتصادي.
تحديات حصول المرأة على التأمين
تواجه النساء صعوبة أكبر من الرجال في الحصول على التأمين بسبب عدة عوامل تشمل الجوانب الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. على سبيل المثال:
- يشكل العاملون في القطاع غير الرسمي، الذين يمثلون شريحة كبيرة من النساء، نسبة كبيرة من الفئات التي تفتقر إلى حماية تأمينية.
- في العديد من الثقافات، يُعتبر الرجل العائل الأساسي للأسرة، مما يجعل شركات التأمين تركز على المنتجات التي تلبي احتياجات الرجل، ويقل اهتمام النساء بالتأمين نتيجة لذلك.
- العديد من البرامج التأمينية التقليدية لا تأخذ في اعتبارها احتياجات النساء الخاصة مثل التأمين خلال فترات الأمومة أو الأمراض التي تؤثر عليهن بشكل أكبر.
نظرة على السوق العالمية لتأمين النساء
إن الاهتمام بتأمين المرأة لا يقتصر على إعادة تصميم المنتجات فقط، بل يشمل تغيير التصورات العامة وتعزيز تلبية احتياجات النساء في مراحل حياتهن المختلفة. في البلدان النامية، حيث تفتقر الغالبية العظمى من الناس إلى التأمين، يُعتبر تأمين المنزل أو التأمين الطبي أمرًا ضروريًا للنساء لحمايتهن وأسرهن. وفي الأسواق المتقدمة، يتزايد التركيز على الاستقلال المالي للنساء.
رغم أن العديد من النساء لديهن تأمين أساسي مثل تأمين السيارات والمنازل، فإنهن يعانين من نقص في التأمين على الحياة أو برامج الادخار طويلة الأجل.
وفقًا لتقرير مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، فإن النساء ذوات الدخل المنخفض والمتوسط مستعدات للإنفاق من 10-15% من دخلهن الشهري على التأمين. وتشير البيانات إلى أن النساء في القطاعات غير الرسمية بحاجة أكبر لخدمات التأمين، حيث يواجهن مخاطر أعلى في حال حدوث أزمات.
سبل تعزيز تأمين المرأة
لتقليص هذه الفجوة، يجب اتخاذ إجراءات شاملة تهدف إلى تمكين المرأة اقتصاديًا وزيادة الوعي بأهمية التأمين. وتشمل الحلول:
- تصميم برامج تأمين ملائمة للنساء، مثل التأمين متناهي الصغر الذي يلبي احتياجات النساء ذات الدخل المحدود.
- تعزيز التثقيف المالي للنساء لضمان فهمهن لمزايا التأمين وكيفية الاستفادة منه.
- توظيف النساء كوسيطات لتوعية المجتمعات حول أهمية التأمين وزيادة الثقة في السوق.
المخاطر الناشئة التي تهدد النساء
تواجه النساء العديد من المخاطر الناشئة التي تهدد حياتهن، مثل تغير المناخ، والأوبئة الجديدة، والأمن السيبراني. في كل من هذه المجالات، تُعتبر النساء في الخطوط الأمامية. لذلك، من الضروري توفير تأمين يعزز قدرة النساء على مواجهة هذه التحديات، مع تحسين مشاركتهن في المجالات التقنية والرقمية.
بعض التجارب العالمية في تأمين احتياجات المرأة
في جنوب أفريقيا، تقدم شركة “1st for Women” منتجات تأمينية مخصصة للنساء، مثل التأمين على الحياة والصحة والسيارات، وقد نجحت في زيادة نسبة العملاء من النساء من خلال تصميم منتجات تلائم مختلف مراحل حياة المرأة.
وفي البرازيل، قدمت شركة “بورتو سيجورو” خدمة “Auto Mulher” التي تشمل المساعدة على مدار الساعة في السيارات والمنازل، لتلبية احتياجات النساء بشكل مبتكر.
تُظهر هذه التجارب أن الاهتمام بتأمين المرأة يعزز من قدرتها على مواجهة التحديات ويُسهم في تقدمها الاجتماعي والاقتصادي.