أعلنت، أمس الثلاثاء، الهيئة العامة للرقابة المالية، عن العرض الذي تقدمت به شركة gig للتأمين – مصر، بعرض شراء أسهم AIG – للتأمين مصر، وهو ما وصفه المراقبون بأنه تحرك متوقع داخل سوق التأمين، خاصة مع رفع مشروع قانون التأمين الجديد، الحد الأدنى لرؤوس أموال شركات التأمين إلى 250 مليون جنيه، بدلًا من 60 مليون جنيه، وفقًا للقانون الحالي رقم 10 لسنة 1981 وتعديلاته بالقانون 118 لسنة 2008، ويرتفع هذا الرقم بقيمة 100 مليون جنيه، في حال مزاولة شركة تأمين الممتلكات نشاط البترول أو الطيران، بواقع 50 مليون جنيه، كمتطلب ضروري في رأس المال.
36 شركة تدخل إختبار التوافق مع مشروع قانون التأمين الجديد
وكشفت “مجلة خبري” في عددها الصادر يونيو الماضي، ونشرته على بوابتها الإلكترونية في الأول من يونيو، في دراسة تحليلية مفصلة عن الاختبار الذي ستدخل فيه 36 شركة تأمين من إجمالي 41 شركة عاملة في السوق المصرية، وتزاول نشاطي الحياة والممتلكات.
وتضمن التحليل، كشف بالقواعد الرأسمالية لشركات التأمين التي تقل عن 250 مليون جنيه، وحجم الزيادات المطلوبة عليها.
وتوقعت “مجلة خبري” أن يطل سيناريو الاستحواذ، وعلى أقل تقدير الاندماج بين شركات التأمين، التي تحتاج لمبالغ ضخمة لتتوافق مع مشروع قانون التأمين، والذي بات قاب قوسين أو أدنى من الصدور، بعد اعتماده من مجلس الشيوخ -إحدى غرفتي البرلمان المصري-.
على أية حال هناك 12 شركة أخرى على الأقل، بخلاف AIG تحتاج لما لا يقل عن 190 مليون جنيه لكل شركة لكي تتوافق مع مشروع القانون، منها شركات تمارس نشاط تأمينات الحياة، وأخرى تمارس نشاط الممتلكات.
قائمة الشركات الأكثر إحتياجا لضخ مزيد من الأموال لقواعدها الرأسمالية
وتضم قائمة الشركات الست التي تزاول نشاط الممتلكات، كل من تشب للتأمين، وأليانز للتأمين، وبوبا، وطوكيو مارين جينرال، بخلاف الجمعية المصرية للتأمين التعاوني، فيما ستحتاج شركة سابعة وهي إسكان للتأمين 200 مليون جنيه دفعة واحدة لكي تتوافق مع التشريع الذي يتم مناقشته.
فيما تضم قائمة شركات تأمينات الحياة التي تحتاج أكثر من 125 مليون جنيه على الأقل، كلًا من “المصرية الإماراتية حياة” و”ثروة حياة” و”أروب”، بخلاف اللبنانية السويسرية لتأمينات الحياة التكافلية، وقناة السويس.
مأزق القاعدة الرأسمالية للتوافق مع مشروع قانون التأمين الجديد يمكن الخروج منه في حالة توافر أي من البديلين التاليين، الأول وجود أرباح مُرحلة بقيم ضخمة عن سنوات سابقة، يمكن الاعتماد عليها لتغطية الفجوة بين رأس المال الحالي والمطلوب، والسيناريو الثاني هو ضخ المساهمين أموالًا جديدة للإبقاء على هذه الكيانات.
سيناريوهات مُخيفة وإن كانت مستبعدة فنيًا
بالطبع هناك سيناريوهات مخيفة، وإن كانت مستبعدة فنيًّا، مثل اللجوء للمضاربات السعرية لجلب أكبر قدر من الأموال واستثمارها وتعظيم عوائدها لدعم القواعد الرأسمالية، إلا أن هذا السيناريو مستبعد لعدة أسباب -نظريًّا على الأقل- منها ضيق الوقت، والثاني وهو الأهم، عدم سماح الكيان الرقابي للشركات الخاضعة لولايته بالمنافسة السعرية بصورة تنعكس سلبًا على مؤشراتها الفنية، بما يشكل تهديدًا لحملة الوثائق أو العملاء.
الصعوبات لا تتوقف على جهة الرقابة –وهي صعوبة لا يمكن تجاوزها بأية حال- ولكن هناك صعوبات أخرى مثل صعوبة إعادة تأمين المحافظ التأمينية أو العمليات التي قد تلجأ إليها شركة التأمين لسياسة حرق الأسعار، لأن معيدي التأمين لا يتذوق حلاوة الأرباح الكلية –أقصد فائض/عجز النشاط مضافًا إليه عوائد الاستثمار- بل يتشارك مع شركة التأمين في فائض الاكتتاب أي الأرباح الفنية، ومن ثم فأي انحراف عن مؤشر التسعير المنضبط تعني تجرع شركة الإعادة مرارة الخسائر الفنية.
وحتى إذا لجأت شركات التأمين –التي قد ترى في المنافسة السعرية منفذًا للعبور من نفق زيادة رؤوس الأموال– إلى تغيير نمط الإعادة من الاتفاقي إلى الاختياري أو من الحصص إلى تجاوز الخسائر، أو بمعنى عام أن تعيد هيكلة خريطة وأجندة إعادتها، فالأمر ليس بالسهولة كما يتصور البعض، لاسيما مع تشدد شركات الإعادة بشكل عام نتيجة المخاطر الجيوسياسية التي تحيق بالعالم من أقصاه لأدناه.
الأسئلة كثيرة والإجابات عنها غير متوفرة، ليس بسبب شُح المعلومة، ولكن لاختلاف سياسات الشركات، وأجندات عملها، وسيناريوهات كل منها للتعامل مع هذا التحدي.
الأمر الوحيد والحقيقة التي لا يمكن الخلاف أو الاختلاف عليها، أن زيادة رؤوس أموال شركات التأمين سيقوي مناعتها ويحميها من أية أعراض قد تواجهها على المستويين الفني والاستثماري في قادم الأيام.