تحرير سعر الصرف.. مشكلة مُركبة تطفو دائمًا
يومًا تلو الأخر، تطفو علي السطح ، وفي دائرة الإهتمام ، وأمام متخذي القرار ، مشكلة مُركَبة ، الا وهي تحرير سعر الصرف.
من هنا ، علينا ان نرسم كيف تؤثر تحركات اسعار الصرف على العلاقات التجارية للدولة مع الدول الأخرى.
جدير بالذكر ، وغني عن البيان ، ان العملة ذات القيمة الأعلى تجعل الواردات اقل تكلفة ، ومن ثم فهي في صالح الدولة المستوردة ، أما صادراتها فتكون اكثر تكلفة في الأسواق الخارجية وغير تنافسية.
ومن هنا ، فإن إرتفاع سعر الصرف يؤدي إلى تدهور الميزان التجاري لبلد ما ، بينما من المتوقع ان يؤدي انخفاض سعر الصرف إلى تحسينه، وعلى ذلك فإنه بصرف النظر عن عوامل مثل اسعار الفائدة والتضخم فإن سعر العملة ، هو أحد اهم محددات المستوى النسبية للقوة الاقتصادية للبلد .
العملة ذات القيمة الأعلى تجعل واردات الدولة اقل تكلفة ، وصادرتها اكثر تكلفة ، وغير تنافسية في الاسواق الخارجية، وهنا نشير إلى محددات أسعار الصرف بين دولتين ، حيث ترتبط بالعديد من العوامل بالعلاقة التجارية بين البلدين وعلى ذلك فإن : –
١ – الفروق في التضخم عادة ماتُظهر الدولة ذات معدل التضخم المنخفض باستمرار ارتفاعًا في في قيمة العملة ،حيث تزداد قوتها الشرائية مقارنة بالعملات الأخرى.
وعادة ما تشير البلدان ذات معدل التضخم المرتفع انخفاضا في عملتها ذلك فيما يتعلق بعملات شركاءها التجاريين .
٢-اسعار الفائدة، حيث ان هناك ارتباطًا طرديًا قوي بين اسعار الفائدة والتضخم وأسعار الصرف ، ومن خلال اسعار الفائدة تمارس البنوك المركزية نقوذها بهدف كبح جماح التضخم، ويكثر تغيير اسعار الفائدة على التضخم وقيم العملات .
ونلاحظ ان اسعار الفائدة المرتفعة تجذب المقرضين مقارنة بالدول الأخرى ، وتفتح الباب امام المال الساخن ، للاستفادة من الفائدة المرتفعة ، بشرط خروج بنفس سعر الولوج – أي الدخول- أو سعر الدولار في السوق أيهما اقل ، حتى لا يحقق مكاسب راسمالية تضر بالاقتصاد الوطني.
٣-عجز الميزان التجاري أو مايسمى الحساب الجاري بين بلد وشركاءه التجاريين، ويعكس هذا الحساب جميع المدفوعات بين البلدان مقابل السلع والخدمات والفوائد والأرباح ، ويظهر في الحساب الجاري ان الدولة التي تنفق على التجارة الخارجية اكثر مما تكسب وانها تقترض راس المال من مصادر اجنبية لتمويل وتعويض العجز .
بعبارة اخرى تحتاج الدولة إلى عملة اجنبية اكثر مما تحصل عليه ، من خلال الصادرات وتزيد بعملتها الخاصة اكثر مما يطلبه الأجانب على منتجاتها ، مما يؤدي إلى الطلب المرتفع على العملات الأجنبية ، إلى خفض سعر الصرف في البلاد ، حتي تصبح السلع والخدمات المحلية رخيصة بما يكفي للاجانب وتكون الأصول الأجنبية باهظة ومرتفعة الثمن للغاية بحيث لا يمكن تحقيق مبيعات للصالح المحلية
٤- الدين العام ، فالدول التي تعاني من عجز عام وديون كبيرة تكون اقل جاذبية للمستثمر الأجنبي والسبب انه يؤدي إلى تضخم غير منضبط ، وإن أسوأ السيناريوهات تمويل هذا العجز عن طريق طباعة النقود فهي سياسة تدخلنا في دائرة خبيثة وتزيد الأمور تعقيدا وتزيد من معدلات التضخم وتؤثر على سعر الصرف.
وعلى ذلك فإذا كانت الحكومات غير قادرة على خدمة عجزها من خلال الوسائل المحلية – بيع سندات محلية وزيادة المعروض من النقود – فيجب عليها زيادة المعروض من الأوراق المالية للاجانب ، وإن تصدير وإشاعة ان الدولة تخاطر بالتخلف عن الوفاء بالتزاماتها عندها سيكون الأجانب اقل حماسًا أو استعدادًا لامتلاك الأوراق المالية المقومة بتلك العملة.
اذا شعر الأجانب ان مخاطر السداد مرتفعه لهذا السبب فإنه من الأهمية بمكان العمل على الحصول على تصنيف الديون ، على النحو الذي تحدده وكالات التصنيف الائتماني الدولي ، حيث انه يعد عامل حاسم في تحديد سعر الصرف .
مما تقدم ، أرى أن هناك جهودًا تبذلها الدولة وقيادات البنك المركزي ، وسياسات التخارج التدريجي من بعض المشروعات التي تمتلكها الحكومة ، والعمل على تشجيع القطاع الخاص الذي يميل كل الميل حاليا إلى الاستثمار العقاري في المنتجعات ، ان يقوم بخطوات منتظمة وإن يتحول إلى الاستثمار المادي في قطاعات إنتاجية ، بهدف انتاج ما نستورده من سلع ، وأن يؤثر مصالح الوطن وسلامة أمنه القومي .
كما أشير ايضا إلى الجهود المبذولة في الحماية الاجتماعية للطبقات الضعيفة في الدولة المصرية في ظل مناخ التضخم العام الذي يجتاح معظم بل كل دول العالم، والعمل على زيادة موارد الدولة المصرية من حصيلة العملات الأجنبية ففي مصر حوالي ١٠ مليون وافد علينا ، ان نعيد النظر في رسوم الإقامة بأن يكون الحد الأدنى للإقامة ٥٠٠ دولار سنويًا ، أو وفقا لما يراه متخذ القرار وتكون الحصيلة السنوية تقترب من خمسة مليارات دولار سنويا .