مُجلد فخيم معنون بـ«EGYPT RE 50 عامًا من الخِبرة»، هكذا احتفل القائمون على إدارة الشركة القابضة للتأمين، الخاضعة لولاية الاستثمار عام 2007 باليوبيل الذهبي للشركة المصرية لإعادة التأمين، أي مرور نصف قرن بالتمام والكمال على إنشاء هذا الكيان، هذا من حيث الشكل.
أما عن المضمون فالخطاب واضح من عنوانه، أو هكذا اعتقدنا، فما أن تتصفح المُجلد إلا وتجد في صفحته التالية لغلافه، جُملة من ثلاث كلمات «تاريخ.. حقائق.. إنجازات»، أظن أن الشك في هذه الحالة لا محل له من الإعراب، بالعكس، هي كلمات تشير إلى افتخار القابضة والاستثمار بهذا الكيان، فماذا لو زِدنا الشِعر بيتًا، وذكرنا أن المُجلد يتضمن ثلاثين صفحة كاملة معنونة بـ«أقلامهم»؟ أشاد بين طيات هذه الصفحات كل صنوف وقيادات سوق التأمين المصرية -خاصة الشركات التابعة لولاية القابضة- وعدد لا بأس به من قيادات شركات التأمين والإعادة العربية، بالمصرية لإعادة التامين، وكيف أنها أصبحت أنموذجًا يُحتذي به، وأن الأسواق العربية أنشأت كيانات مماثلة اقتداءً بهذا الكيان الفخم، سواء في الشكل أو المضمون.
لم يدر بخُلد أكثر الناس تشاؤمًا ولا حتى تلاميذ الفيلسوف الألماني المتشائم “آرثر شوبنهاور” أن هذا الاحتفاء والاحتفال ليس إلا مُخدرًا، أو سكرة موت، ووأد لهذا الكيان، فلم يمر على الاحتفاء أكثر من بضعة أيام أو أسابيع، إلا وصدر قرار بدمج المصرية لإعادة التأمين في مصر للتأمين، في إطار خطة شاملة وصفوها بأنها إعادة هيكلة شركات القطاع العام.
المفاجأة ليست في قرار الدمج، بل في تبريراته التي أعلنها القائمون على إدارة القابضة للتأمين، وكذا الاستثمار، وأن هذا الكيان فشل في تحقيق المرجو منه!
على كلٍّ، لسنا في معرض تقييم القرار، فلقد قُتل بحثًا، ولم يُنكر إلا المغيبون تأثيراته، والتي ظهرت جلية خلال العقد ونصف الماضي، سواء في صورة ضغوط الإعادة، أو زيادة الأقساط المُسربة للخارج في صورة اتفاقات إعادة تأمين، والأهم إخفاق كل محاولات «خلق كيان مماثل» لأسباب ليس هذا توقيت مناقشتها.
في المقابل، يبدو أن الملف الذي ظن الكثيرون أنه بات في طي النسيان، وماضٍ مؤلم، لم يغب عن أجندة اهتمامات الإدارة الحالية للهيئة العامة للرقابة المالية، برئاسة الدكتور محمد عمران، ونائبه الأول المستشار رضا عبد المعطي، والتي لم تسعَ لإطلاق تصريحات عنترية من نوعية «بدأنا في مناقشة ملف إعادة التأمين» أو «اجتماع مع قيادات السوق لدراسة كيفية إعادة إحياء شركة جديدة للإعادة»، بل أعلنت حصرًا عبر مجلة «خبري» أن الملف قاب قوسين أو أدنى من انتهاء مناقشاته، بل والاتفاق على أن يُساهم في هذه الشركات كيانات من السوق المصرية والعربية، بحيث تكون الشركة الجديدة على غرار «الأفريقية لإعادة التأمين»، والأهم من ذلك الاتفاق على أن تكون «القاهرة» مركزًا لعملياتها أو الـ HUB، برأسمال لن يقل وفقًا لتصريحات المستشار رضا عبد المعطي، عن مليار جنيه.
من جانبها، حاولت «خبري» مناقشة الملف عبر مجموعة من الأسئلة التي تدور في مجملها حول ثلاث نقاط رئيسية، أولها، تأثير الكيان الجديد على السوق، ودوره في تخفيف ضغوط الإعادة، والأهم من ذلك، هل هناك منطقية في المخاوف من أن تكون الشركة الجديدة وعاءً للعمليات الخاسرة أو الأخطار الرديئة في السوق؟ وبمعنى أوضح هل سيناريو لجوء الشركات المحلية «للمضاربة» السعرية اعتمادًا على وجود كيان محلي، تضمن من خلاله الشركات إعادة تأمين عملياتها حتى وإن كانت غير منضبطة فنيًّا، وارد أم مستبعد وأسبابه؟
غليوم: ستساهم في تخفيف الضغوط الخارجية لكن لن تكون بديلًا عن المعيد الرائد
نزهي غليوم، خبير استشاري تأمين وإعادة تأمين، أكد من جانبه، أنه فيما يتعلق بتقييم الخطوة –أي تأسيس شركة مصر عربية لإعادة التأمين- لا بد من الرجوع إلى الماضي القريب، لا لإدانة أحد، ولكن للخبرة اللازمة لإنارة المستقبل، فيجب الاعتراف بخطأ وأد المصرية لإعادة التأمين، بهدف التأكيد على ضرورة بل حتمية عودتها، ثم يجب دراسة المحاولات التي فشلت قبلًا حتى لا نسلك ذات الطريق.
وطالب غليوم ألا ننخدع ببريق مؤسسات التقييم ودراسات الجدوى، فنحن أمام حالة فريدة من نوعها، وهي إنشاء شركة لا منافس لها أو هكذا يجب أن يكون، ويكفي النظر -على حد قوله- إلى تاريخ المصرية لإعادة التأمين، ودورها في 50 عامًا مع الالتفات عن الزعم بأن الظروف تغيرت، فهذه حجج واهية تهدف للتضليل ليس إلا.
وفيما يخص التأثير على السوق، أكد غليوم، أن هناك تأثيرات عديدة ومتعددة، منها على سبيل المثال وليس الحصر، رفع احتفاظ السوق، بالإضافة إلى أن الكيان الجديدة سيدعم الشركات المحلية خاصة الصغيرة والمتوسطة، علاوة على تدريب العاملين بالسوق، وتقديم المعلومات والإحصاءات مثلما كانت المصرية لإعادة التأمين، وكذلك تحقيق إضافة إلى السوق من الخبرات والأرباح للخزانة العامة.
وأضاف أنه فيما يتعلق بدور الشركة الجديدة في تخفيف ضغوط الإعادة الخارجية، فهو مؤكد وإن كان محدودًا، لأنها –أي الشركة الجديدة- لن تكون بديلًا عن المعيد الرائد وغيره من المعيدين، ولكن قد تقدم الخبرة والإرشاد والتوعية بصورة أفضل وأقرب للشركات والعاملين بها.
وحول المخاوف من استغلال الشركات للكيان الجديد للمضاربة سعريًّا على العمليات المباشرة، أكد خبير التأمين الاستشاري، أن شركة الإعادة المحلية لن تمنع المضاربة في السوق ولن تزيدها؛ لأنها لن تكون بديلًا للإعادة للخارج ولكن ستشارك، بل قد تحدّ من المضاربة الضارة، لكونها مطلعة على السوق كله، من خلال لجوء الشركات إليها، بالإضافة إلى قدرتها على تقييم الأخطار بصورة أفضل من المعيدين بالخارج.
وطالب غليوم بأن يكون رأسمال الشركة الجديدة كله أو معظمه مصريًّا، واصفًا هذا الطلب بالضروري، حتى تكون الإدارة كذلك، وإلا انتفى الغرض من إنشائها تمامًا؛ لأن توجهات الإدارة ستحكم أمورًا كثيرة تؤثر على القرار الفني، بل لا أكون مبالغًا إن قلت إن القرار الفني سيتأثر بالتوجهات السياسية، خاصة في المناخ العربي.
وانتهى إلى أنه إذا كانت هناك صعوبات في أن يكون رأس المال كله أو معظمه مصريًّا، فيمكن طرح حصة في البورصة المصرية بقواعد تضمن الوصول إلى الاكتتاب المطلوب، وبالشكل المطلوب.
خليفة: سترفع من حدود الاحتفاظ محليًّا وتساعد في تفريخ الكوادر الجديدة
وبدوره، وصف أحمد خليفة، العضو المنتدب لشركة ثروة للتأمين، وعضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للتأمين، أن تأسيس شركة مصرية عربية لإعادة التأمين بالممتازة لعدة أسباب، من بينها احتياج سوق التأمين العربي لبديل عن «أريج» البحرينية التي تأسست 1980 برأسمال إماراتي كويتي ليبي مشترك، قيمته حينذاك 150 مليون دولار، موزعة بالتساوي بين ثلاثتهم، والتي تحولت إلى رقم فاعل في سوق إعادة التأمين العربية والمصرية، والتي تم وأدها مؤخرًا.
ومن ذلك فإن الاحتياج لشركة إعادة تأمين وطنية تخدم السوق المصرية والعربية باتت ضرورة وليس رفاهية، واحتياج السوق المصرية لها أكثر أهمية لزيادة احتفاظه من المخاطر، والتي تترجم بعد ذلك في صورة أقساط يتم تصديرها بالعملة الصعبة أو بالدولار، وكذلك إن كانت مصرية عربية فإن هذا سيرفع من حدود الاحتفاظ داخل هذا السوق، ناهيك عن قدرة الكيان الجديد على تفريخ كوادر جديدة، وبما أن مركزها الرئيسي سيكون في القاهرة فبالتالي سيكون الكادر المصري الأكثر استفادة في هذه النقطة، بمعنى أن تتولد مجددًا في السوق المصرية كوادر جديدة كما كان في السابق، والتي ساهمت فيما بعد في تأسيس شركات إعادة تأمين في الأسواق العربية بعد دمج المصرية لإعادة التأمين.
ولا يمكن أن نغفل ان الاحتفاظ بالأقساط في السوق المحلية نتيجة إعادة المخاطر في الكيان الجديد، سيساهم في زيادة الناتج الإجمالي المحلي من جهة، وكذلك مساهمة التأمين في هذا الناتج، علاوة على إعادة الدور الريادي للدولة المصرية في إعادة التأمين، كما كان في القرن الماضي.
ويرى خليفة أن الكيان الجديد سيساهم بشكل كبير في تخفيف ضغوط الإعادة عن السوق المحلية، لوجود بديل محلي، يمكنه لعب الظهير الإستراتيجي لشركات التأمين المصرية والعربية، ويجب ألا نغفل أن السوق المصرية لجأت مؤخرًا لأسواق الإعادة المجاورة، نظرًا لفهمها طبيعة المخاطر التي يتم تغطيتها محليًّا، والتي قد لا يتم استيعاب طبيعتها في الأسواق الأوروبية بشكل كبير.
وعن سيناريو لجوء شركات محلية للمضاربة السعرية اعتمادًا على الكيان الجديد، أكد العضو المنتدب لشركة ثروة للتأمين، أن وجود هذا السيناريو من عدمه مرتبط بطبيعة الإدارة في الكيان الجديد، أو إستراتيجية القائمين على إدارة شركة إعادة التأمين، هل قبول أية مخاطر بهدف تكوين محفظة من العمليات مثلما تلجأ بعض الشركات الجديدة في سوق التأمين المباشر، أم انتقاء المخاطر التي سيقبل إعادتها لضمان الاستقرار والاستدامة وتحقيق فوائض أو على الأقل عدم تكبد خسائر فنية؟
على كلٍّ، أستبعد -والكلام على لسان خليفة- اللجوء لسيناريو قبول أية عمليات حتى وإن خالفت الضوابط الفنية لأسباب، من بينها أن مساهمة شركات تأمين عربية ومصرية في هذا الكيان سيضمن تنوع الفكر، ومن ثم رفض الانجراف لمنزلق الرغبة في تكوين محفظة عمليات بغض النظر عن جودتها الفنية.
وأود الإشارة إلى أنه لا بد من مجود ضوابط تضمن للشركة الجديدة الحصول على دعم من السوق المحلية، من خلال إسناد حصة من مخاطر شركاتها لهذا الكيان، حتى يشتد عودها، وتستطيع المنافسة خارجيًّا فيما بعد.
أبو العزم: مؤشر على اهتمام الرقابة المالية بكل ما يعن للقطاع من أتراح
وقال مصطفى أبو العزم، العضو المنتدب للجمعية المصرية للتأمين التعاوني، إن تأسيس شركة جديدة في السوق المصرية لإعادة التأمين بات ضروريًّا، بل هي كانت ومازالت طلبًا مُلحًا، مؤكدًا أن اهتمام الجهة الرقابية بهذا الملف والإعلان عن تلبيته في القريب، يستحق الإشادة؛ لأنه يُعبر عن اهتمام الرقابة المالية بكل ما يعن للسوق من أتراح قبل الأفراح.
وأضاف أن تأثير الشركة الجديدة سيكون إيجابيًّا؛ لأنه سيساهم في زيادة الوعي التأميني، وسيزيد من اطمئنان الشركات وتعاملها بمرونة وأريحية مع الكيان الكبير المنتظر إنشاؤه، على نفس المنوال الذي يسير فيه قطاع التأمين المصري، والذي يتعاظم دوره وتأثيره يومًا تلو الآخر، متمنيًا أن تكون الشركة الجديدة المعيد الرائد لأسواق التأمين في دول عربية كثيرة.
وأكد أبو العزم، أن الكيان الجديد سيخفف ضغوط الإعادة على السوق المحلية، ومن ثم فالتشدد الذي واجهته السوق المصرية من معيدي التأمين بالخارج لن يكون له بعد إنشاء الكيان الجديد محلًّا من الإعراب، مستبعدًا في الوقت ذاته سيناريو لجوء شركات التأمين المباشرة للمضاربة السعرية، وإن حدث فسيكون باستثناءات محدودة للغاية، وهي استثناءات لن تكسر قاعدة التزام السوق المصرية بكافة وحداته، وتنوع أنشطة كياناته بضوابط الاكتتاب والتسعير السليم.
سامية: ستحد من تعنت الشركات العالمية في فرض شروطها على الكيانات المصرية
أما سامية حيدة، نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب بالشركة المصرية لإعادة التأمين سابقًا، والعضو المنتدب بشركة ويليس تاورز واتس ري مصر سابقًا، فأشارت إلى أنه فيما يخص تقييم إنشاء شركة إعادة تأمين برءوس أموال عربية، فهي فكرة جديرة بالتقدير والاحترام، إلا أنها ليست الأولى من نوعها، فقد سبقتها ثلاث تجارب، وهي، الاتحاد العربي لإعادة التأمين Arab Union Re ومقرها سوريا، وإعادة التأمين العربية Arab Re ومقرها لبنان، علاوة على «أريج ARIG» ومقرها البحرين.
وأضافت، أنه للأسف تلك التجارب لم يُكتب لها النجاح المأمول لأسباب مختلفة -ليس هذا مجال دراستها- مشيرة إلى أنه منذ سنوات ليست بالبعيدة أعد الاتحاد المصري للتأمين بالاشتراك مع شركة مصر القابضة للتأمين دراسة لإنشاء شركة إعادة تأمين مصرية، واشترك في إعداد دراسة جدواها هيئات دولية، وتم تشكيل لجان اشترك فيها خبراء من السوق المصرية، إلا أن المشروع توقف لأسباب تتعلق بعدم القدرة على توفير رأس المال المطلوب للحصول على تصنيف عالمي.
وأشارت حيدة، إلى أن هناك عنصرين مهمين لإنشاء شركة لإعادة التأمين، أولهما مرتبط بكفاية رأس المال، والذي سيساعد الشركة في الحصول على تصنيف عالٍ من هيئات التصنيف العالمية، مما يُمكنها من المنافسة مع شركات إعادة التأمين العالمية، خاصة وأن معظم «إن لم يكن كل» هيئات الرقابة على التأمين في العالم حاليًّا تفرض على شركات التأمين التعامل مع شركات ذات تصنيف عال.
أما العنصر الثاني فله علاقة بالكوادر البشرية المؤهلة علميًّا والمدربة عمليًّا في مجال إعادة التأمين، سواء الإدارة العليا أو المتوسطة، وكذا باقي الكوادر العاملة بالشركة، حيث لا يمكن للشركة القيام بمهامها بالكفاءة المطلوبة ما لم يتوافر لها العنصر البشري القادر على قيادة الشركة بالكفاءة المطلوبة، والمسلح بدرجة عالية من العِلم والخبرة.
ولفتت إلى أنه ربما بالنسبة للعنصر الأول -تقصد رأس المال- لن تكون هناك مشكلة في تدبيرها إذا ما تم عرض المشروع على المستثمرين بدراسة جدوى مستفيضة ومقنعة، أما بالنسبة للعنصر الثاني فلا شك أنه يحتاج لوقت ومجهود لتكوين فريق عمل متجانس على درجة عالية من الكفاءة العلمية والعملية والخبرة والعلاقات الجيدة في مجال إعادة التأمين، وهو الأمر الذي تحوطه صعوبات.
وفيما يتعلق بتأثير الكيان الجديد على السوق المحلية أو بمعنى أدق الأسواق المحلية المساهمة في رأس المال، وليس السوق المصرية فحسب، فإنه بلا شك سوف يكون حافزًا لشركات التأمين للتوسع في الاكتتاب، استنادًا على وجود كيان يُمكنها الاعتماد عليه لتغطية ما يتجاوز قدرتها الاستيعابية، خاصة أن تواجد هذا الكيان في ذات الأسواق يجعله أكثر دراية بآليات السوق المحلية، وطبيعة التغطيات أكثر من باقي شركات الإعادة العالمية.
ولفتت إلى أنه في حالة خلق كيان إعادة تأمين ذي كفاءة مالية عالية من حيث رأس المال، سيؤدي ذلك لزيادة القدرة على دعم شركات التأمين المحلية، عن طريق توفير قدرة اكتتابية وطاقة استيعابية أكبر، ومن ثم الحد من الاعتماد على شركات الإعادة العالمية التي تتعنت في فرض شروطها، مما يغل يد شركات التأمين على توفير الخدمة التأمينية لعملائها.
وأكدت سامية حيدة، أن الزعم بأن وجود شركة إعادة تأمين سواء برأسمال محلي بالكامل أو مصري عربي مُشترك، سيحفز شركات التأمين للمضاربة السعرية، تُعد مخاوف لا محل لها من الإعراب، وعارية بالكامل من الصحة، لأسباب من بينها، أن شركة إعادة التأمين أيضًا لا بد لها من سياسة اكتتابية واضحة من حيث نوعية العمليات التي تقبلها، والخبرة السابقة للعمليات المعروضة، وكذا التسعير العادل للخطر المؤمن، والمُعاد تأمينه لديها على أساس علمي واكتواري، على اعتبار أن شركة إعادة التأمين، هي شركة تجارية تهدف للربح، وتسعى لضمان ثبات العائد على رأس المال، وكذا عدم تعريض مركزها المالي للخطر، مما يُمكنها من الاستمرار في وضع مالي متوازن، ومن ثم فلن تقبل أي تجاوز عن سياستها الاكتتابية المحددة سلفًا بزعم دعم المنافسة السعرية بين شركات التأمين التي لا تلتزم بالمعايير الفنية والاكتوارية السليمة، وللإيضاح أيضًا -بحسب حيدة- فإن شركة إعادة التأمين المزمع إنشاؤها سوف تواجه عقبات في شراء التغطيات الخاصة بها إذا ما قبلت بعمليات مباشره تفتقر إلى الأصول الفنية في التسعير.
حسني: ستعيد السوق لملعب الإعادة العربي والإفريقي بعد خروجها بسبب قرارات 2007
ومن جهته، أكد أحمد حسني، رئيس مجلس إدارة شركتي كولينز لوساطة إعادة التأمين وكولينز لوساطة التأمين المباشر بمصر والرئيس التنفيذي لمجموعة بروكنت بالإمارات العربية المتحدة، أن تأسيس شركة مصرية بمساهمات عربية لإعادة التأمين مهم ومُنتظر، واصفًا تلك الخطوة بالممتازة، ومهمة للريادة المصرية في سوق الإعادة العربية والإفريقية والدولية، خاصة بعد خروج السوق المصرية من هذا الملعب بعد قرارات 2007 الخاصة بدمج الشركات الحكومية –الأهلية ومصر والشرق والمصرية لإعادة التأمين-.
وفيما يتعلق بتأثير الكيان الجديد على السوق المحلية، أكد حسني أنه سيدعم السوق المحلية وسيكون التأثير إيجابيًّا للاحتفاظ بجزء من أقساط السوق المصرية التي يتم تسريبها للخارج في صورة اتفاقيات إعادة تأمين، مشيرًا إلى أن هناك تأثيرين للكيان الجديد، أحدهما له علاقة بالتسعير، وآخر له علاقة بمساعدة الشركات المحلية لإعادة دراسة المخاطر ليس فقط على أساس مؤشر التسعير بل الدعم الفني مثلما كانت تقدمه المصرية للإعادة قبل دمجها في مصر للتأمين.
وأشار رئيس مجلس إدارة «كولينز» إلى أن الكيان الجديد سيساهم بشكل غير مباشر في نمو الاقتصاد الوطني، ليس فقط بسبب الحد من تصدير الأقساط للخارج، والاحتفاظ بالعملة الدولارية، ناهيك عن جلب أقساط بالعملة الصعبة من الأسواق الخارجية، بل الأكثر من ذلك أن تتحول سوق التأمين المصرية خاصة في الجزء المرتبط بالإعادة من موقع المفعول به أو المستهلك إلى موقع الفاعل في جملة إعادة التأمين.
وأكد حسني أن التحرك في هذا الملف في هذا التوقيت يشير بل يثبت قوة الاقتصاد المصري، وفي القلب منه قطاع التأمين، كونه جزءًا من هذا الاقتصاد، بل يُثبت اهتمام الرقيب بهذا الملف المحوري، ويعكس اهتمامه بمشاكل السوق وأناتها.
وشدد على أن الكيان الجديد سيكون له دور مؤثر في تخفيف ضغوط الإعادة، وسيساهم في الاحتفاظ بالأقساط المُعادة خارجيًّا، وكما يقال في المثل الدارج «جحا أولى بلحم ثوره» لا سيما وأنه ليست كل الأسواق الخارجية تقبل بنموذج التسعير المصري، وبعض الأسواق التي تقبل التصنيف المصري مقتصرة على السوق الإفريقية وأسواق دول شرق آسيا، إنما الأسواق الأوروبية لا تقبل، مشيرًا إلى أن وجود طاقة استيعابية في الإعادة بالسوق المحلية من شركة محلية سيساهم بما لا يدع مجالًا للشك في تخفيف الضغط على شركات التأمين المباشرة، ويعطي مساحة من المرونة في توزيع الحصص.
واستبعد حسني سيناريو لجوء الشركات المحلية «للمضاربة» السعرية اعتمادًا على وجود كيان محلي تضمن من خلاله تلك الشركات إعادة عملياتها حتى وإن كانت غير منضبطة فنيًّا، لأسباب من بينها أن وجود كيان محلي يعي خصوصية سوق التأمين المصرية وآليات تسعيره للمخاطر وسياسات القبول بشكل عام، وكذا إعادة الخطر سيساهم في وضع نموذج إدارة خطر مختلف يساهم في عملية التطوير المستمرة بالسوق المحلية.
وتوقع رئيس مجلس إدارة «كولينز» يكون هناك قبول واسع من السوق لدعم الكيان الجديد، سواء بالمساهمة في رأسماله أو بإسناد محافظها للكيان الجديد لإدارته، وهو ما سيساهم في الإسراع من وتيرة تطوير سوق التأمين المصرية، مطالبًا بأن يكون للكيان الجديد دور في التحول الرقمي حتى تتسارع وتيرة وضع مصر على أجندة الأسواق الرائدة في إعادة التأمين وفق الأساليب الحديثة، وفي القلب منها التحول الرقمي أو رقمنة الأنشطة المالية غير المصرفية.
حسن: يمكنها التمتع بمكانة عالمية اعتمادًا على رأسمال لا يقل عن 500 مليون دولار
أما أحمد حسن، رئيس مجلس إدارة شركة نت ري لوساطة إعادة التأمين، فقال: «لا أعتقد أن إنشاء شركة إعادة تأمين محلية في مصر يعتبر أحد الأولويات الملحة في الوقت الحالي، ويجب أن يسبقها بعض التنظيم للسوق، مثل الترقيم الكودي الموحد لوثائق التأمين، واستخدام الإحداثيات الإلكترونية لتحديد الأخطار وتراكم الأخطار، وكثيرًا من المعايير التي تسهل إعادة الأخطار على أُسُس علمية سليمة تعتمد على الرقمنة».
وأضاف، أنه فيما يتعلق بإنشاء شركة إعادة، فهناك فرص واعدة لإنشاء شركة تضم الحكومات الإفريقية مجتمعة يكون مقرها القاهرة، ويتبعها ربط إلكتروني لشركات التأمين الإفريقية، خاصةً تلك المملوكة للدول بهذه الشركة.
وأشار حسن إلى أنه يُمكن لهذه الشركة أن تتمتع بمكانة عالمية مرموقة من خلال الاعتماد على رأسمال قوي لا يقل عن ٥٠٠ مليون دولار بحد أدنى، لتحصل على تصنيف مالي قوي، لكسب ثقة شركات التأمين الإفريقية، وثقة الأسواق العالمية خلال الثلاث سنوات الأولى من بدء عملها.
واستبعد رئيس مجلس إدارة «نت ري» لوساطة إعادة التأمين لجوء الشركات المحلية «للمضاربة» السعرية اعتمادًا على وجود كيان محلي يضمنون من خلاله إعادة عملياتهم حتى وإن كانت غير منضبطة فنيًّا؛ لأنه -حسب أحمد حسن- لا يمكن لشركة لديها خطة للنمو على أسس فنية مستدامة أن تُخاطر بالمضاربة السعرية لا تضمنه ضمانات حقيقية، مشيرًا إلى أن هذا المصطلح اختفى بعد ترسيخ شركات الوساطة المحترفة لمكانتها في تقييم الأخطار والشركات والمعيدين.
وأضاف أنه منذ بداية عمل شركات الوساطة في ٢٠٠٩م بدأت المضاربات السعرية في الاختفاء والتحول إلى معايير ومتانة المراكز المالية والشروط والبنود المرتبطة بالتغطية، وأصبح طالب التأمين أو العميل على قدر من الوعي والمعرفة التأمينية التي تجعله فطنًا –أي قادر على المعرفة- بمعايير اختيار شركة التأمين والتغطية والإعادة.