كيف يمكن قياس كفاءة شركة التأمين؟ سؤال طرحناه ولازلنا وسنظل ، بهدف وضع تقييم عادل – نسبيًا بالطبع- ، لعدم وجود معيار جامع ، لكن يوجد بالطبع معيار أكثر تجسيدًا لطبيعة النشاط.
الهدف من السؤال الذي طرحناه في مركز خبري للدراسات والأبحاث ، أن تكون شركات التأمين علي أرضية واحدة ، ومسافة مُشتركة دون أي خلل إحصائي ، مع أهمية الدخول في المعايير الأخري وليس تجاهلها بشكل منفصل ومتصل في نفس الوقت.
أسباب عدم الإعتماد علي الحصة السوقية لقياس شركات التأمين
هل نعتمد علي الحصة السوقية من الأقساط المباشرة؟ ربما يكون هذا المؤشر أكثر دغدغة لمشاعر من يفتقر للوعي التأميني ، فمعظم العاملين في صناعة التأمين يعرفون أنه يمكن تكوين محفظة كبيرة من الأقساط ولكن عبر خفض السعر الفني ، ومن ثم فالإعتماد علي الحصة السوقية، مُضلل فنيًا إذا إقتصر القياس علي هذا المؤشر دون ربطه بمؤشرات أخري.
إذًا ما هو المؤشر الأكثر صدقًا ؟ أي يعبربشكل كبير عن طبيعة الممارسة الفنية والمالية في نفس الوقت ، بطبيعة الحال لن يكون مؤشر فائض النشاط الذي يتكون من الأرباح الفنية او عوائد الإكتتاب ، مضافًا إليها عوائد الاستثمارالناتجة عن المخصصات والاحتياطيات الفنية او حقوق حملة الوثائق ، والسبب في ذلك أن محافظ استثمارات الشركات مختلفة ، لإختلاف هياكل الملكية ، او بسبب طبيعة تكوين المحافظ نفسها ، او حتي نتيجة إختلاف السياسات الاستثمارية واسلوب نشاط شركة التأمين، فالأوزان النسبية لقنوات الاستثمار في شركات التكافل تختلف عن التجاري.
دون إسهاب، توصلنا – في مركز خبري للدراسات – إلي أن مؤشر ” المُعدل المجمع” أو ” النسبة المُركبة” أو ما يُطلق عليه أهل الإختصاص بالـ Combined Ratio ، مؤشرًا مهمًا وكاشف ، والمعدل المجمع يوازي أو يناظر فائض / عجز الإكتتاب التأميني ، ولكنه يختلف في أن هذا المعدل هو نسبة وليس رقم.
وتبسيطًا للقارئ العادي ولغير المتخصصين ، المعدل المجمع أو النسبة المُركبة، هو معادلة تتكون من بسط ومقام ، البسط يتكون من صافي تكاليف الإنتاج بعد خصم عمولات إعادة التامين الصادرة ، مضافًا إليها المصاريف الإدارية علاوة علي التعويضات التحميلية ، أما المقام فهو الأقساط المكتسبة ، وناتج هذه المعادلة او قسمة البسط علي المقام يظهر النسبة المُركبة أو المعدل المجمع.
فإذا كان الناتج النهائي أقل من 100% فهذا يعني أن شركة التأمين حققت نتيجة إيجابية ، او حققت ربحًا فنيًا ، وانها لم تبيع بالخسارة ، ولكن إذا كان الناتج 100% فمعني ذلك أن ما حصلت عليه شركة التأمين باليمين قد أنفقته باليسار.
متي تكون النسبة المُركبة او المُعدل المجمع مخيف؟
المخيف أن يكون ناتج قسمة البسط علي المقام ، أكبر من 100% لأن هذا يعني أن شركة التأمين إنحرف مسارها وعليها التوقف كثيرًا لإكتشاف الخلل ومعالجته قبل تفاقم الأزمة ، مع الأخذ في الحسبان أيضًا حتي لايفقد التحليل موضوعيته ، أن الشركات الجديدة – في الغالب وليس قاعدة عامة- ما يكون المؤشر لديها اكتر من 100% في سنوات عملها الأولي، ولكن المهم هو أن تنخفض لديها هذه النسبة كل عام ولا تتزايد ، وإن كانت هناك صعوبات لاسيما إذا كانت شركة التامين سخية في بداية نشاطها ، والسخاء هنا يعني منح عمولات إنتاج مُبالغ فيها بما لايتناسب مع الأقساط المكتتبة، او البذخ في الانفاق الإداري والمصاريف العمومية، بمعني منح أجور أكبر من كفاءة العنصر البشري، والسخاء في الإنتاج والبذخ في التكاليف الإدارية ، قد يكون له ما يبرره من وجهة نظري البعض ، وبما أن هذا ليس موضوع تحليلنا فلن نتدخل في تفاصيله، لكن فاتورته تظهر بشكل جلي علي النسبة المُركبة او المعدل المجمع.
علي اية حال، كشف التحليل الذي أجراه مركز خبري للدراسات والأبحاث – إعتمادًا علي أخر بيانات رسمية صادرة عن الرقابة المالية وهي احصاءات 2020/2021 – عن نتائج دراماتيكية ، منها إنحراف هذا المؤشر في عدد من الشركات ، بمعني أن ناتج قسمة البسط علي المقام ، جاء بالسالب في 2021 مقارنة بالناتج الموجب في العام المالي السابق.
والإنحراف لايعني ان شاشة الأرباح يكسوها اللون الأحمر، و لكن نقصد ان الخسائر هي في الإكتتاب أو الأرباح الفنية – لأننا كما اسلفنا ان المُعدل المجمع يناظر فائض/ عجز الإكتتاب – لأن اغلب ان لم يكن كل الشركات يحقق أرباح كلية، وارتفاع المعدل المجمع قد يعكس عدم الاهتمام بالأرباح الفنية بصورة جزئية.
إنحراف المؤشر في “أكسا” و”وثاق” من المكسب للخسارة الفنية
وضمت قائمة الشركات التي إنحرف مؤشر نسبتها المركبة او المعدل المجمع من الموجب للسالب ، كلًا من أكسا للتأمين و “” وثاق” للتأمين التكافلي ،.
ووفقًا للنتائج التي تم تحليلها ، إنحرف المُعدل المجمع او النسبة المُركبة في شركة أكسا للتامين، بنسبة كبيرة ، لتتحول من 96.3% إلي 114.6% ، اي انها فقدت 3.7% نسبة الربح الكلية في 2020 ، مضافًا إليها 14.6% خسارة جديدة في 2021 ، وبذلك يكون إجمالي الخسارة الكلية المرتبط بالإكتتاب- أي الخسائر الفنية- او النسبة المُركبة 18.3%.
أما وثاق للتأمين التكافلي، فتحول مؤشر المعدل المجمع من 95.5% في يونيو 2020 ، ليصل إلي 100.4% في يونيو 2021 ، اي أنها فقدت نسبة الربح مضافًا إليها خسارة 0.4% ، ليكون إجمالي نسبة الخسارة المركبة 4.9 % ويمكنها التعامل مجددًا مع هذا التحد والعودة لأرض النتائج الفنية الإيجابية مجددًا ، إذا ما تم التركيز علي بعض العناصر الفنية لتقليص عناصر المصروفات وتعظيم الإيرادات ، إن أرادت ذلك.
في المقابل تقلص المُعدل المجمع او تراجع في بعض الشركات، لكنها لاتزال في الحدود الأمنة ، ومن بين تلك الشركات المهندس للتأمين والمصرية تكافل وبيت التأمين المصري السعودي، وهو ما يتطلب تحوطها في قادم الايام حتي لاينحرف المؤشر من الموجب للسالب، لتلحق بأخواتها الأربعة السالف بيان مؤشراتهم.
تقلص النسبة المُركبة في بعض الشركات
ووفقًا للبيانات التي تم تحليلها ، تقلصت النسبة المُركبة أو المعدل المجمع في بعض الشركات منها علي سبيل المثال جي اي جي للتأمين gig .
وتقلص المعدل المجمع في GIG من 83.3% في العام المالي 2019/2020 ، ليصل الي 87.9% في العام المالي التالي 2020/2021 .