ليس خاف علي أحدِ أن سوق التأمين المصرية ، باتت سوقًا جاذبة للاستثمارات ومطمحًا وليس مطمعًا للمستثمرين الحاليين والجُدد.
لكن بقدر جاذبية هذه السوق، إلا أنها تعاني ضغوطًا وتحديات ، هذه التحديات وتلك الضغوط جاءت نتيجة إرث متراكم من الأخطار التي تتزايد وتيرتها يومًا بعد الأخر، وأخرها ولا أظن أنها ستكون أخيرها ، جائحة كورونا التي أزكمت أنوف – جمع أنف- الإقتصاد، وبالتالي إنتقلت عدواها لصناعة التأمين، ومن ثم فالتحوط من آثارها بات ضرورة لا رفاه.
هنا لا أتحدث عن السوق المصرية بشكل خاص ، ولكن الأسواق الناشئة بشكل عام ، ولكن لا ريب إذا استخدمنا السوق المصرية أنموذجًا يمكن القياس عليه ، والإستفادة من ممارساته ، لضبط إيقاعه، لأنه ليس بمعزل عن الأسواق الأخري، وليس منفكًا عن إعادة التأمين التي تمثل قلب الحماية لصناعة التأمين بل عقلها المفكر، ومن ثم فأي تأثير علي عضو من أعضاء التأمين كصناعة ، سيتأثر معه باقي الأطراف، ولن يفلت منها أحد.
الوقت يمضي بلا هوادة والمعيار المحاسبي الجديد شارف أن يكون واقعًا مُعاشا
دون إسهاب، سأتناول بعض الأمور التي يجب ان تتنبه إليها شركات التامين ، ليس من قبيل التنظير، فالوقت يمضي بلا هوادة والمعيار المحاسبي الجديد شارف ان يكون واقعًا مُعاشا ، وبالتالي فعلينا جميعًا أن نتكاتف وأن نتخذ زمام المبادرة قبل أن تفرضها علينا الظروف ، أعني ” أنه بيدي لا بيد عمرو”.
علي كلِ ، هناك خللاً فى تسعير منتجات التأمين بالسوق المصرية، بسبب الرغبة فى زيادة الاقساط ، وقد يتم تجاهل بعض الأسس الفنية الصحيحة، والتى تتمثل فى ادراك شركات التأمين لطبيعة المخاطر المراد تأمينها من خلال اجراء المعاينات قبل الاصدار ومعرفه سمعة العميل ومركزه المالي فى السوق، وبناء عليه يتم التسعير الجيد المتوافق مع طبيعة الخطر والملائم لمتطلبات سوق إعادة التأمين.
ومن ذلك ، علي الشركات تفادى التنافس غير المبنى على أسس فنية سليمة، مشدداً على ضرورة إدراك الشركات لمخاطر استمرار المنافسة الضارة وآثارها السلبية على الشركات، التى تضاعف مسئولياتها المالية نتيجة زيادة تعويضاتها، خاصة أن نتائجها وربحيتها تعتمد على الارباح الفنيه وصافى النشاط التاميني .
ومن الضرورة بمكان ، مواجهة خلل التسعير الذى يعاني منه السوق اعن طريق اتباع عدة خطوات أبرزها الابتعاد عن المنافسة السعرية والتركيز على المنافسة على الخدمة، وعدم الاهتمام بالعميل الذى يفضل مصلحته على شركة التأمين.
بعض العملاء يطلبون وثائق تأمين مفصلة .. والامثل إستخدام التغطيات ذات النص المحدد المُعتمد من الهيئة
نقطة أخري شديدة الأهمية وجب التركيز إليها والتعامل معها بحرص، وهي أن هناك بعض العملاء يفضلوا ان لديهم مستشارو تأمين يقومون بطلب وثائق تأمين مفصلة «manuscript or tailor made polices »، والامثل هو استخدام الوثائق ذات النص المحدد والمعتمدة من الهيئة او المتعارف عليها مثل وثائق السوق الانجليزية «ABI & LM 7»، او وثائق جميع الأخطار الفندقية والصناعية والمعروفة لدى الاسواق الخارجية، مما يسهل إعادة تأمينها ولكن حين يتم تغيير تفاصيلها يرفضها معيدو التأمين.
من الأهمية بمكان أيضًا ، علي الشركات ، أن تعمل جاهدة على الالتزام بالمخصصات، الفنية وفقا للقانون وكذا بناء احتياطات مالية جيدة ومميزة لتتمكن من سداد التزاماتها عند وقوع الحوادث وما يتبعها من تعويضات.
ووجب أهمية الاعتماد على خبراء معاينة وتقدير أضرار ذوى خبرة وسمعة طيبة ووضع شروط حماية ووقاية جيدة لموقع التأمين موضوع المعاينة، بهدف تسعير العملية بشكل يتناسب مع الخطر المؤمن عليه.
من الأمور الهامة أيضًا في السوق، ضرورة تنظيم دورات تدريبية فى كيفية تحسين الاكتتاب التأمينى والتعريف بأضرار المنافسة السعرية على قوة المركز المالى للشركة من ناحية وعلاقاتها بشركات إعادة التأمين العالمية التى تتعامل معها.
ووجب علي شركات التأمين العاملة فى السوق المحلية ، الالتزام بشروط الاصدار وتقارير المعاينة وتحليل الأخطار والتى تحدد معدلات تحقق المخاطر ومؤشرات تسعيره، لافتًا الى ضرورة انتقاء المخاطر مع وضع التسعير المناسب لها.
قبل أن أنهي ما بدأت ، الهيئة العامة للرقابة المالية منوطة بالتفتيش الدورى على شركات التأمين والاطلاع على عمليات إعادة التأمين على الوثائق المبرمة بالشركة بصفتها مسئولة عن حماية حملة الوثائق.
ومن بين عوامل نجاح السوق تحسن شروط الاكتتاب فى السوق مع تخلى بعض شركات التأمين عن أسلوب المضاربات السعرية الذى أضر بالسوق، بالإضافة الى ضرورة تحسن نتائج أعمال السوق المصرية وانتقاء الأخطار حتى تتمكن شركة إعادة التأمين الجديدة قبولها بشروط لا تقل عن مثيلاتها العالمية لضمان بقائها قوية.
ولا يجب أن نعغل، ان من أهم اسباب تشدد شركات إعادة التأمين مع بعض شركات التأمين بالسوق المصرية، يرجع لسوء نتائج تلك الشركات ، ولا أحد ينكر أن سوء نتائج بعض شركات التأمين ومواجهتها تشددًا فى تجديد اتفاقات إعادة التأمين ، مرتبط بسعى تلك الشركات لتحقيق المستهدف من الاقساط فى خطتها الانتاجية والحصول على حصة سوقية كبيرة على حساب الاكتتاب الجيد والتسعير السليم وانتقاء الأخطار ومعاينتها، مما يؤدى الى عدم تناسب القسط وعدالته وكفايته للخطر.
أخيرًا وليس أخرًا ، علي شركات التأمين ان تضع فى اولويات عملها عنصر الربحية من النشاط التأمينى اى تحقيق فائض اكتتاب تأمينى، وعدم الاعتماد على فائض النشاط الذي تأثر بعدالازمة المالية.