تحقيق- دينا مجدي:
قبل عقد ونصف تقريبًا سمح البنك المركزي للبنوك الخاضعة لرقابته بالتحالف مع شركات التأمين مجددًا، عبر آلية التأمين المصرفي أو Bank Insurance، والتي يُسمح من خلالها لشركات التأمين بترويج منتجاتها عبر فروع البنوك نفسها.
وفي السنوات الأخيرة، جرت في النهر مياه كثيرة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر أن ضوابط التأمين المصرفي وقواعده تم تعديلها، وسمحت لكل بنك بالتعاون مع أكثر من شركة تأمين بشرط ألا تتشابه في أنشطتها -سواء حياة أو ممتلكات- أو أنظمتها -سواء تجارية أو تكافلية-.
والعلاقة بين البنوك وشركات التأمين لم تكن وليدة التحالف بينهما لتقديم منتجات التأمين عبر فروع البنوك، بل تتجاوزها لتمتد إلى تغطية شركات البنوك للمخاطر التي تواجه أصول البنوك نفسها، ومحافظ تمويلاتها.
«خبري» لم تسع لتقييم التجربة، فاستمراريتها طوال هذه السنوات مؤشر على نجاحها -ليس نجاحًا مُطلقًا بالطبع، فلكل علاقة نقاط ضعف تحتاج لتقويم لأننا لسنا في عالم المُثل التي لأفلاطون- لكن السؤال الأهم من تقييم التجربة، معرفة ماذا تريد البنوك من شركات التأمين؟
طرح التساؤل يرتبط بتحقيق هدفين، الأول معرفة شركات التأمين ما تريده البنوك منها وتلبيته طالما أنه مُتاح ويمكن التعامل معه، مما يُعزز العلاقة بينهما، والثاني له علاقة بأن تقوية العلاقة بين الطرفين سينعكس بشكل مباشر على الاقتصاد القومي، نظرًا لتعظيم عوائد كل منهما نتيجة هذه العلاقة، دون إغفال مكاسب العميل نفسه من هذه العلاقة، والتي ستنعكس بصورة ملموسة على جودة الخدمة المقدمة له، لا سيما أن العميل هو الرقم الأهم في أي علاقة تنشأ بين طرفين اقتصاديين.
ناجي: عملاء القطاع المصرفي في احتياج مُلح لتغطيات الممتلكات دون قصرها على الحياة
وليد ناجي، نائب رئيس مجلس إدارة البنك العقاري المصري، يرى أن العلاقة بين البنوك وشركات التأمين ما زالت قاصرة على التأمين البنكي، أو على الأقل في نسبة كبيرة منها، وأن عملاء البنوك في احتياج مُلح لأن تقوم شركات تأمين الممتلكات بترويج تغطياتها عبر فروع البنوك، وأن تدرس شركات التأمين وسائل التسويق الملائمة لهذه المنتجات حتى تنعكس على نتائج أعمال شركات التأمين.
وأضاف أن شركات تأمين الحياة أيضًا والتي ترتبط بتعاملات متجذرة مع البنوك في إطار تحالفات التأمين البنكي، عليها ابتكار وتنويع منتجاتها التي تقوم بترويجها عبر فروع البنوك، ومنها التغطيات التي تُوَفِّر معاش شهري للعميل بعد بلوغ سن الستين، أو وفقًا للمُدد التي يختارها العميل، وتتناسب مع السياسات الاكتتابية لشركات التأمين، وجداول الحياة الاكتوارية.
وأكد أن هذه النوعية من المنتجات ستلقى رواجًا من العملاء، بشرط أن تكون أقساطها ملائمة لمستويات الدخول وتنوعاته، على ألا تقتصر منتجات الحياة على سداد أقساط القروض نيابة عن العملاء في حالات الوفاة.
وطالب ناجي، بضرورة تنويع شركات التأمين لاستثماراتها، للدخول في صناديق الاستثمار العقارية، وتلك المرتبطة بالعملات والذهب بالتوازي مع استثماراتها في الصناديق التقليدية.
ولم يغفل نائب رئيس مجلس إدارة البنك العقاري المصري، الإشادة بسعي شركات تأمين لمواكبة التطور التكنولوجي، ورقمنة خدماتها، ومنها شركات مصر للتأمين وأليانز، واللتان تعملان وغيرهما من الشركات على إتاحة خدمة إصدار التغطيات التأمينية إلكترونيًّا لعملاء البنوك.
كما طالب ناجي بضرورة تكثيف شركات التأمين من حملاتها الترويجية لزيادة الوعي التأميني، ومن الممكن أن تتعاون الشركات مع البنوك في هذا الغرض على اعتبار أن مكاسبه ستنعكس عليهما معًا.
عبد العال: ضرورة الإسراع من وتيرة رقمنة خدمات التأمين بنفس سرعة البنوك
من جانبه، أكد محمد عبد العال، الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، أن وتيرة شركات التأمين في التحول الرقمي لاتزال بطيئة لكنها ليست منعدمة، مطالبًا بالإسراع في رقمنة الخدمات التأمينية بما يتناسب مع إيقاع البنوك في هذا الاتجاه، بما يُسهم في سرعة توفير الخدمة التأمينية لعملاء البنوك.
وأضاف أن البنوك يمكنها دعم شركات التأمين من خلال مساهمة الأخيرة في توفير التغطيات التأمينية المطلوبة لعملاء البنوك في قطاع التجزئة أو الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر، والتي تُعد مولدًا مهمًا من مولدات النمو، بالإضافة إلى التوسع في التغطيات المرتبطة بالقروض الاستهلاكية.
ثروت: الوعي التأميني لا يزال ضعيفًا وعلى الشركات توسيع حملاتها الترويجية
ويرى محمد ثروت، رئيس قطاع التجزئة المصرفية ببنك القاهرة، أن الوعي التأميني لا يزال ضعيفًا بالسوق المصرية، مطالبًا بالتوسع في حملات التوعية، نظرًا لأهمية التأمين كنشاط يُغطي المخاطر التي تواجه البشر والحجر على السواء، أفرادًا وشركات، مما سينعكس على نتائج أعمال شركات التأمين، ويعزز من مؤشرات الأداء كما البنوك أيضًا.
ولم يُنكر ثروت دور شركات التأمين في تلبية كافة الاحتياجات المصرفية أو الخدمات التي تطلبها البنوك لعملائها في إطار سعيها لتعزيز العلاقة المشتركة فيما بينهما.
متولي: بعض الفئات ترى التأمين حرامًا وعلى الشركات تغيير الصورة الذهنية بزيادة الوعي
أما طارق متولي، نائب رئيس بنك بلوم سابقًا، فاتفق في الرأي مع وجهة النظر التي تميل إلى سرعة البنوك في التحول الرقمي مقارنة بشركات التأمين، وإن التمس العُذر لشركات التأمين، على اعتبار أن الرقمنة باتت عاملًا مهمًّا ورئيسيًّا للبنوك مقارنة بالتأمين، لأسباب مرتبطة بطبيعة التعاملات، حيث إن عميل شركة التأمين قد لا يلجأ لها إلا مرة واحدة أثناء إصدار التغطية التأمينية أو الحصول على المطالبة أو التعويض، على عكس عملاء البنوك الذين يترددون عليها بشكل متكرر لتنفيذ أوامر السحب والإيداع، وغيرها من العمليات المصرفية.
ويرى أن قطاع التأمين يحتاج للدعم المالي لتنفيذ عمليات الرقمنة، والأهم من ذلك الدعم الإدراكي -على حد وصفه- ويقصد بها زيادة الوعي التأميني، بأهمية التأمين للأفراد والشركات، خاصة في الفئات التي لا تزال ترى التأمين حرامًا دينيًّا على غير الحقيقة، ما يتطلب ضرورة تغيير تلك الصورة الذهنية بحملات التوعية المستمرة.
سامي: شركات التأمين توفر كافة الخدمات للبنوك وتعزيز العلاقة بينهما مهم
أما شريف سامي، رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي «CIB»، والرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية، فاكتفى بتوصيفه للعلاقة بين شركات التأمين والبنوك بالناجحة، وأن الأولى تُلبي كافة احتياجات القطاع المصرفي، مشددًا على أهمية البنوك لشركات التأمين لترويج الثانية منتجاتها عبر البنوك.