رغم عشرات المليارات من الجنيهات التي تسددها شركات التأمين سنويًا للعملاء ، إلا أن الصورة الذهنية عن هذه الصناعة ليست علي ما يرام ، لاسيما مع تصاعد الأصوات الزاعقة والتي تتذمر من مماطلة شركات تأمين في صرف تعويضاتها حينا أو رفضها أحيانا.
الصورة الذهنية تطرح دائمًا السؤال الوجودي داخل هذه الصناعة، ألا وهي لماذا ترسخت هذه الصورة من الأساس؟ من المسئول عنها؟ هل الشركات لانها لم تنجح في الترويج لخدماتها وفي القلب منها التعويضات المليارية؟ أم لتجاهلها الرد علي تلك الأصوات التي تدعي بحسن نية ظلمها من شركات التامين؟.
وإذا كان قياس شركة التأمين لدي العميل ، علي الأقل حتي الأن بسرعة صرف التعويض، فكان من الضرورة بمكان طرح التساؤلات المرتبطة بهذا الملف علي أحد المسئولين عن التعويضات بشركات التأمين، لأنه سيكون الأكثر إلمامًا بأسباب الصورة الذهنية الغير منضبطة بناءًا علي خبراته.
أيمن مآمون ، رئيس قطاع التعويضات بشركة ثروة للتأمين، ربنا هو الإسم الأبرز في هذا الملف علي ساحة القطاع، لرصيد خبراته المتراكم الذي تكون علي مدار أربعون عامًا إلا نيف، والأهم أنه تنقل بين أغلب الإدارات الفنية ما جعله قريبًا من أتراح القطاع قبل أن يكون ملمًا بأفراحه ، وهي أسباب كفيلة بأن يكون الأنسب لإجراء الحوار معه.
وإلي نص الحوار: –
مسئول التعويضات قاض أموال وميزان عدالته مرتبط بأداء الأمانات لأصحابها عملاء او مساهمين
خبري : دعنا نبدأ بسؤالًا إستهلاليًا عن السمات الشخصية التي يجب ان تتوافر في مسئول التعويضات بشركة التأمين؟
أيمن مأمون : يجب أن يكون مسئول التعويضات بشكل عام ، وبغض النظر عن مستواه او درجته الوظيفية ، أميناً منصفاً .
وما أقصده بالأمانة هنا ، هي أن يكون أميناً علي حقوق العملاء ، كأمانته علي أموال المساهمين ، بحيث يكون عادلًا لاتميل كفة أمانته لطرف دون الأخر، بمعني أن مسئول التعويضات هو قاض أموال ، وميزان العدالة لديه يجب ان يخضع لضميره بحيث لايجور علي طرف دون طرف ، لأن مسئول التعويضات او هذه الإدارة تحديدًا تعد من أحد أهم الوسائل التي تُترجم وعد شركة التأمين مع العميل ، وعهدها له بالتعويض المناسب فنيا مع طبيعة ودرجة الخطر وبموجب شروط وثيقة التأمين بالطبع.
كما أن الحياة بآثرها حلولًا لمشاكل .. هكذا التعويضات ليس المطلوب من المسئول عنها عرقلتها
خبري : هل هناك اجراءات يقوم بها مسئول التعويضات للتأكد من أحقية العميل في التعويض؟ بخلاف الاجراءات المستندية المتبعة كتقارير المعاينة ومحضر الشرطة وما الي غير ذلك؟
مأمون : بالطبع ، لكن الأهم هو أنه من الضرورة بمكان ، علي من يقوم بالتعامل مع البلاغات و استقبالها و مناقشة التعويضات مع المؤمن لهم أو من يمثلونهم أن يتحلي بالصبر و سعة الصدر و القدرة علي احتواء المشاكل بحثاً عن الحلول خارج الصندوق مع إرسال رسالة هامة أثناء التعامل و هي “نحن معاً لحل الأمر” او كما قال الفيلسوف الألماني كارل بوبر ” الحياة بآثرها حلول للمشاكل” .
لكن بصفة عامة ، هناك ثلاثة محاور أو أضلاع ثلاثة تدور في فلكها مسألة التعويض و ” حدوث الضرر و بالتالي مسألة اثبات حدوثة ” و الضلع الثاني ” قيمة الضرر و تكلفته ” وأخيرًا ” سبب وقوع هذا الضرر”.
التعويضات تدور في فلك ثلاثة محاور ” إثبات الضرر” و”قيمته” و”سببه”
ويجب أن لا نغفل أن بحث هذه المحاور لابد وأن يأتي في إطار تغطيات و شروط و إستثناءات الوثيقة المصدرة، لأن كل نوع تأمين له تغطياته و شروطة الخاصة و التي قد تختلف عن بعضها البعض بشكل محوري و كبير.
و من خلال هذه المحاور الثلاثه تدور و تُبني الإجراءات و المستندات المطلوبة، و بالتالي فأن الإجراءات و المستندات قد تكون في مجملها و في معظمها داخل نمط معين و لكنها في النهاية ليست راكدة و انما قد تتغير علي حسب ظروف و ملابسات الاحتمالات العديدة التي قد تحدث و يظل الثبات في المحاور ذاتها و اثبات و قياس نتائجها.
الثبات علي السياسة الإكتتابية أو تغييرها مرتبط بالمؤشرات بشرط مراجعتها دوريًا
خبري : ماذا يفعل مسئول التعويضات في حال تجاوز المؤشر الحدود المقبولة؟ بمعني هل يلجأ للإدارة التنفيذية ام لمسول الإصدار أم لمن يلجأ؟
مأمون : لاشك أن التواصل المستمر ما بين قطاع الاكتتاب و قطاع التعويضات حول التعويضات التي تسلمتها الشركة و النقاط الهامة بها و مناقشتها قد يؤدي حتماً إلي أحد أمرين أو سيناريوهان ،الأول الثبات علي السياسة الأكتتابية الحالية ، تيقنًا بأنها هي أنسب ما يكون حالياً، حتي مع إجراء بعض الإيضاحات ببعض الشروط بناءًا علي ما تم من الناحية العملية في التعامل مع التعويضات سواء إيجاباً أو سلباً.
أما السيناريو الثاني فهو تغيير السياسة الاكتتابية، عن طريق الخوض في الإكتتاب بأخطار جديدة أو الإمتناع عن الإكتتاب في أحد الأخطار أو وضع محددات جديدة لتغطيات قائمة لبعض الأخطار وما إلي غير ذلك ، أو منح منافع جديدة للعملاء لذات الأخطار.
نهاية ، الأمر يتسم بالصيرورة وليس الجمود ، بمعني أنه متحرك و يجب تحديثة باستمرارفي خطوة إستباقية تستهدف ملائمة متطلبات العملاء مع سد الثغرات الغير جيدة ، بناءًا علي ما تم إكتشافه خلال التطبيق.
أزمة الثقة لا تقتصر علي التأمين ولكن تنسحب علي كافة الأنشطة التي تعتمد في تعاملاتها علي الوعود
خبري : لماذا تماطل شركات تأمين وليس كل شركات التأمين بالطبع في صرف التعويضات طالما ان العميل مستحق وفقًا لشروط الوثيقة بالتأكيد ؟
مأمون : ليس من مصلحة شركة التأمين المماطلة في صرف التعويض ، طالما أنه يتسق مع شروط الوثيقة ، وهذا لايعني أننا في المدينة الأفلاطونية ، لكن القاعدة العامة هي إلتزام الشركات بالسداد وليس التنصل منه أو التحايل عليه.
لكن، رغم ما سبق ذكره ألا انه لازلنا نلاحظ وجود صورة ذهنية غير جيدة حول شركات التأمين و مسالة وفائها بالتزاماتها ، ولا شك ان الاسباب وراء هذه الصورة نابعة عن سمة عامة لا تخص قطاع التأمين فقط ، و إنما هي أزمة عامة نحو الثقة في من لا تعرفة أثناء التعامل ، سواء عند شراء أشياء مادية أو خدمات و لا تقل هذه الصورة الذهنية الغير جيدة عن الثقة إلا بالحوار و التعامل.
وأهمية الحوار هنا تكمن في أنه يوضح ماهية ما قمت بشرائه ، و إلتزامات البائع ، و فهم ذلك بشكل واضح ، ثم توضيح كيف سيكون التعامل نحو تنفيذ هذه الألتزامات ، ثم يأتي التعامل و الاحتكاك الحقيقي .
علي سبيل المثال ، عند شراء تلفاز أو هاتف محمول أو سيارة ، فإن هناك صورة ذهنية حول الضمان المصاحب لهذه الأشياء ثم تأتي الخطوات التي يجب اتباعها للمطالبة بالتعويض عن الأضرار الكامنه و التي يكون الضمان مسئول عنها، فاذا حدث اختلاف بين الصورة الذهنية و الواقع ، ستتسع فجوة عدم الثقة حتي و ان كان الضمان واضحًا في نصوصه ، بأنه مثلًا لايتضمن أو يشمل أو غير مسئول عن “كذا و كذا “.
هذه الصورة الذهنية التي أسلفنا مثالًا إيضاحيا لها ، تنسحب علي صناعة التأمين ، و شركات التأمين ، وبالتالي فإن الوضوح عند البيع و تحرير وثيقة التأمين من حيث ماهية تغطياتها ، و كذلك إجراءات المطالبة بالتعويض تؤثر بشكل مباشر في هذا الأمر.
لكن يجب أن لا نغفل أن المؤسسات التي تقوم بالتأمين علي أصولها و العاملين لديها ليس لديها هذه الصورة الذهنية المغلوطة ، لأنهم إستطاعوا تكوين رصيد من الخبرة المتراكمة في مجال التعامل مع شركات التأمين، في حين أن الصورة الذهنية المغلوطة تتركز لدي الأفراد وفقاً لما تعرض إليه كل فرد من خبرة خاصة به في مجال التأمين أو حتي في المجالات الأخري.
وهنا لايمكن أن نخلي مسئولية الشركات ” التطوعية وإن كانت ضرورية” ، أقصد دورها في رفع مستوي الوعي لدي المواطنين ، وفي ظني أن ذلك يجب أن يتم بداية من مراحل التعليم المختلفة ، بما يتناسب مع كل مرحلة و بالتوازي يكون هناك دور لشركات التأمين و الوسطاء و المسئولين حول هذا الأمر من خلال ورش العمل و الندوات و المؤتمرات المختلفة.
التناغم بين الإدارات المختلفة ضرورة لأن سياسة الجزر المنعزلة سيكتوي بنارها العملاء والوسطاء
خبري : كيف نُقيم مؤشر التعويضات داخل اي شركة تأمين، بمعني هل بالتعويضات المسددة ام تحت التسوية ام المرفوضة؟
مأمون : دعني أجيب عن هذا التساؤل بشكل كُلي ولكن سأتخذ شركة ثروة للتأمين التي أشرق برئاسة قطاع تعويضاتها أنموذجًا.
رؤيتنا الخاصة في شركة ثروة للتأمين تهدف الي تحسين فِكر المجتمع عن التأمين من خلال بناء الثقة و الوضوح في كل تعاملاتنا ، و من هذا المنطلق فأن رؤيتنا في التعويضات نحو المساهمة في تحقيق رؤية الشركة ، هو أن نكون أحد قادة صناعة التأمين في مصر من خلال تقديم خدمة تعويضات مميزة لعملائنا ، ترتقي للمستوي العالمي ، وأن يتم التعامل مع كافة المطالبات بشكل دقيق و عادل و سريع ، من خلال الاساليب و الأدوات المهنية اللازمة لذلك ، الأمر الذي ينعكس بالضرورة إيجابًا على زيادة ثقة العملاء والوسطاء في أداء الشركة وبالتالي تحقيق النمو الصحي المستمر في محفظة الشركة.
ودون إسهاب ، مصداقية أي شركة تأمين غالبًا ما تنبع من التعويضات كونها المحك الأساسي و الجوهري مع العملاء ، فكلما كانت الإجراءات المتبعة في التعويضات بعيدة عن الغموض و التعسف فى دراسته، كلما شعر العميل بالثقة في التعامل مع الشركة ، و بالتالي يترسخ الانطباع حول جدية الشركة فى التعامل المنصف مع عملائها ، وبناء عليه فعلي القائمين علي أعمال التعويضات في الشركة التيقن من أنهم واجهتها الحقيقية ، بل إنهم أحد فرصها في تعظيم أعمالها وذلك عن طريق أمرين.
أما الأمر الأول فيكمن في ، ضمان التعامل مع كافة المطالبات بالشكل الدقيق و السريع و السليم ، والثاني ، بناء مناخ من الثقة مع وسطاء التأمين و العملاء و من ثم زيادة حجم أعمالهم مع الشركة مما ينعكس بشكل إيجابي علي تطور حجم أعمال الشركة.
مصداقية الشركة تنبع من التعويضات وثروة للتأمين تستهدف تقديم خدمة تضارع العالمية
ولكي يكون دور التعويضات أكثر فاعلية فأن هناك أمور عديدة هامة يجب أخذها في الأعتبار ، و قد يكون أولها هو الوضوح الكامل في مرحلة بيع المنتجات و كذلك مرحلة الإكتتاب و الأتفاق حول إبرام عقد التأمين .
وضوح الأمور وإيضاحها للعميل أثناء التعاقد ، خاصة ما يتعلق بإجراءات المطالبة بالتعويض و المستندات المطلوبة بشكل مبدئي ، بالإضافة إلي توضيح التغطية التأمينية بكافة جوانبها من شروط خاصة و استثناءات ، سينعكس علي دور التعويضات في هذه الحالة لتصبح أكثر فاعلية ، إذا ما قورن بالحالات التي يكون فيها المتعاقد أو المؤمن له ليس علي دراية كافية بهذه الأمور، لأنه في حالة عدم الدراية الكافية قد يترتب علي ذلك صدام حاد أثناء المطالبة بالتعويض حيث يكون من الضروري أولاً إبعاد الفكرة الغير صحيحة أو الغير دقيقة لدي المؤمن له أو من يمثلة حول التغطية التأمينية و شروطها و حقوقه لدي شركة التأمين ثم توضيح الأمر علي حقيقته و شرحة ثم البدء في التفاهم حول الإجراءات المطلوب عملها للمضي قدماً في المطالبة المقدمة .
من ذلك نري أن الترابط بين وحدات العمل الداخلية بشركة التأمين و التناغم فيما بينها ، البيع و الإكتتاب و التعويضات و المالية و خدمة العملاء هام للغاية.
ودعني اشير إلي أن هذا التناغم و التنسيق المسبق يؤثر بشكل إيجابي و قوي في زيادة فاعلية التعويضات و الانطباع الجيد الذي يعود علي الثقة و راحة البال التي يشعر بها عملاء شركة التأمين ، الأمر الذي يظهر دور التعويضات جلي واضح مع العملاء بشكل يبني التواصل الصحي و الفعال في تقديم الخدمة التي تقوم علي اساسها شركات التأمين.
عودة إلي ثروة للتأمين ، من خلال التناغم بين قطاعات الشركة ، و في وجود رؤية و رسالة واضحة وجلية ، تم خلق أجواء من المصداقية و الألفة مع الوسطاء و العملاء ، كما استطاعت الشركة أن تنمو بمحفظة أقساطها إلي 440 مليون جنيه في نهاية العام المالي الماضي 2021/2022 ، مقابل 300 مليون جنيه في العام المالي السابق ، اي ان معدل النمو تجاوز 46% .
أما بالنسبة للتعويضات المسددة فقد بلغت 169 مليون جنيه ، مقابل 105 مليون ، خلال عامي المقارنة .
كل ذلك يأتي في إطار تقديم خدمة مميزة لعملائنا ، ولابد من الإشارة إلي أن 75% من تعويضات السيارات علي سبيل المثال يتم الإتهاء منها في فترة زمنية تتراوح ما بين 3 إلي 5 ايام عمل فقط ، لأن ثروة للتأمين منذ تأسيسها قبل ثلاث سنوات ، تضع خدمة العملاء والوسطاء نصب أعينها ومحل تركيزها ، تفعيلًا لميثاق العمل الأخلاقي الذي وضعته ثروة للتأمين لذاتها ولم يوضع لهات ، ناهيك عن الإلتزام بكافة المبادئ والنصوص القانونية والقرارات والضوابط الرقابية ، بهدف كسب الثقة و بنائها لتكون حجر اساس للمضي قدماً نحو الأفضل دائماً.
الإدارات التنفيذية لايمكنها خرق القواعد الفنية الخاصة بالمطالبات لانها أول من سيتحمل فاتورته
خبري : إذا طلبت منك الادارة التنفيذية صرف تعويض لعميل وانت غير متأكد من استحقاقه؟ فماذا ستفعل؟
مأمون: لا ألومك علي التساؤل رغم قسوته فنيًا ، ودعني أدلف في جوهره مباشرة ، قد يتبادر الي الأذهان فعليا تساؤل حول “ماذا لو قامت الإدارة التنفيذية بطلب صرف تعويض ما و قد تكون هناك شكوك حول احقية العميل في هذا التعويض أو عدم وضوح كامل”.
يحضرني في هذا الشأن أنه في بداية العمل علي وجه العموم كنا ننظر للأعضاء المنتدبين و رؤساء الشركات بأنهم بكامل السهولة و اليسر يمكنهم إتخاذ أي قرار في أي وقت ، و لم نكن ندرك في ذلك الوقت ، أقصد في سن مبكرة والتي لم تتجاوز بداية العقد الثالث ، أن خلف كل منهم مسئوليات جُسام ، و مجلس ادارة ، وجهة رقابة ، بل الأهم نجاح الشركة ذاتها بين المنافسين و غير ذلك من تحديات مما يجعل خطواتهم جميعها مرصودة ومحسوبة ذاتيا قبل أن تكون محسوبة بدقة من الجهات التي أسلفت ذكرها.
دعني أذكر مثالًا للعِبرة وليس إستطردًا ، ذات مرة وكما تجري العادة، تم عرض البريد ورقياً أولاً علي رئيس الشركة ، لوضع تأشيرته بخطه و قلمه المميز للغاية ، مصحوبة ببعض التوجيهات العامة.
ومن بين البريد الوارد لرئيس الشركة ، خطابًا خاصًا بالإكتتاب و الإصدار لوثيقة تأمين جديدة ، قام حينئذ رئيس الشركة بوضع تأشيرته ونصها كان كالتالي”برجاء التكرم بالإصدار”.
بعد عدة أيام أثناء مرور رئيس الشركة صباحاً علي الإدارات المختلفة كما عادته ، تساءل عن ما تم من إجراءات بخصوص التأشيرة ، فكانت الإجابة ، أنه تم الإصدار و سيتم إرسال الوثيقة لاحقا.
تساءل رئيس الشركة ، هل هذا الخطاب به البيانات الكافية للقيام بذلك؟ أم تواصلتم مع العميل حول ذلك بهذه السرعة ؟ فاكنت الإجابة صادمة …. وكان نصها “إحنا أصدرنا الوثيقة بناء علي تعليماتكم”!!!!!
في تلك اللحظة ، جن جنون الرجل و أخذ يفسر حينا ويشرح أحيانا مغزي التأشيرة ، وأنه ليس مطلوبا أن يتخذها اي موظف لخرق القواعد و السياسات ، وأنها ما هي هي إلا عنوانأ ، ولكنها ليست أمرًا واجب النفاذ، بل إن الإجراءات الفنية هي التي لايجب خرقها ، وأنه في حال تعارض التأشيرة مع القواعد فلا يعني ذلك خرق القواعد الفنية علي أية حال وتحت اي ظرف ، وطلب حينذ من العاملون بالشركة بعدم التعامل مع التعليمات او التأشيرات بشكل حرفي ، لانه ليس مقبولا التجاوز او حتي التسامح معه.
هذا المثال رغم بساطته يعكس مدي حرص الإدارات التنفيذية علي سداد المطالبات طالما أنها تتسق مع القواعد الفنية وما دون ذلك لايعول عليه ، بل إنه ليس من مصلحة الإدارة التنفيذية خرق القواعد لانها اول من سيتحمل فاتورته.
كان هذا الموقف و لا يزال أمام عيني اساساً لكيفية التعامل مع ما قد يصدر من الادارة التنفيذية كتوجيهات ، و بالتالي يتم ذلك دوماً في إطار النقاش و عرض الأمر بكافة جوانبة حتي تقوم الشركة بتحديد خطواتها و ما ستقوم بعملة بوضوح و خطي ثابته.
خبري : من السهل ان تحدد اي شركة تأمين مستهدفاتها من الاقساط ، لكن هل شركات التأمين تحدد مستهدف من التعويض؟
مأمون : كما أوضحت سلفًا حول المؤشرات الهامة و التقارير التي تقوم باعدادها التعويضات ، فإن المشاركة مع قطاعات الاكتتاب و البيع في اعداد الخطة المستهدفة ، لابد و أن تشمل أيضاً خطة التعويضات المستهدفة ، من حيث الخدمة و المبالغ المتوقع صرفها ، و تكون الخطة الخاصة بالتعويضات المستهدفة لكل نوع تأمين ، وتبني علي اساس انواع التأمين المستهدفة ، و حجم الاقساط المستهدف ، حيث يؤثر ذلك علي أعداد التعويضات المتوقعة ، و القيم المتوقعة لهذه التعويضات ، بناءً علي السياسة الإكتتابية للشركة، و بالتالي تعود المسألة للتنسيق و التعاون الكامل ما بين إجهزة و قطاعات الشركة المختلفة ، بهدف خلق التناغم الفعال بين القطاعات المختلفة ، بعيداً عن سياسة الجزر المنعزلة و التي لا يضار بها سوي الوسطاء و العملاء.
ودائمًا أو للدقة، في الغالب تُعقد العديد من الإجتماعات لعرض المستهدف للشركة بأنواع التأمين و الفئات المستهدفة من حيث العملاء الأفراد ، أو شركات متوسطة و صغير الحجم ، أو الكبيرة ، لتتم الدراسة من جانب التعويضات لوضع المتوقع من حيث المبالغ التي قد يتم صرفها ، و كذلك مدي كفاية فريق العمل و اللوجستيات الحالية لخدمة مثل هذا المستهدف للحفاظ علي مستوي الخدمة.
عادة ما يتم ذلك في إطار خطة خمسية – اي لمدة خمس سنوات- و يتم تحديثها كل عام ، وفقًا لما تم علي أرض الواقع في العام المنقضي ، و إعداد المستهدف بتغيراته للخمس سنوات المقبلة ، بكافة التعديلات التي تكون قد طرأت من حيث اي تعديل نحو التوجه العام لشركة التأمين.
خبري : ماذا لو رأي مسئول التعويضات ان السياسة الاكتتابية لشركة التأمين غير منضبطة؟ بمعني انه في حال زيادة التعويضات بسبب رداءة المخاطر، فما المطلوب من مسئول التعويضات القيام به؟ أو بمعني أكثر إنضباطًا ، ما آليات التنسيق بين ادارة التعويضات وإدارة الاصدار؟
مأمون : دور مسئول التعويضات ليس فقط الموافقة او رفض صرف التعويض وفق الشروط الفنية بالطبع ، ولكنه دوره يتجاوز ذلك في إطار من التكامل وليس الجور علي إختصاصات الإدارات الأخري.
ما أعنيه ، أن دور التعويضات ،مساندة القطاعات الأخري ، خلال التقارير و الإيضاحات و التوصيات التي يقدمها قطاع التعويضات بشكل دوري ، لتكوين صورة مكتملة أو أكثر وضوحًا لدي قطاعات البيع و الأكتتاب و كذلك المالية و خدمة العملاء، حتي يكونوا جميعاً علي دراية بمجريات الأمور.
هذه التقارير توجه عناية القطاع الفني للإكتتاب نحو بعض النقاط الهامة و ذلك في ضوء ما يتعلق بالشروط الخاصة و صياغتها و كذلك الأسعار و التحملات للمنتجات الخاصة أو إضافة ما يكون ضرورياً من شروط خاصة لحالات معينة.
ففي تأمين السيارات علي سبيل المثال ، قد يتضح أن الأمر يحتاج إلي مزيد من الشرح للمؤمن له أو العميل ، حول نقاط التحملات و ما ستيم استقطاعة من استهلاك أو بعض الشروط الهامة مثال النسبية و خلافة من أمور قد يكون من الضروري اظهارها اثناء البيع و ذلك حفاظاً علي المصداقية و الوضوح.
و بالتالي فان الاساس هو أن يكون هناك تكامل بين القطاعات المختلفة بالشكل و الطريقة التي تجعل كل قطاع يؤدي دورة بأكثر فاعلية و كفاءة ممكنه.
و يجب أن يكون هناك ترابط و آلية بين القطاع الفني للإكتتاب و قطاع التعويضات من خلال وضع مستوي للخدمة (SLA) خاص بالتعويضات ، يذكر فية كافة النقاط و الإجراءات و المستندات الهامة و الاساسية التي يجب إجراءها و توفيرها ثم المدة الزمنية الذي يتسلم خلالها المؤمن له التعويض.
هذا إضافة بالطبع إلي وجود آلية تبدأ عند قيام قطاع الإكتتاب بتقديم عرض سعر مختلف نسبياً من حيث الحجم و الطبيعة ، تستوجب التنسيق مع قطاع التعويضات حول مستوي الخدمة المطلوب ، و هل سيكون هناك حاجة لأية موارد اضافية أو لوجيستيات؟ أم لأ ؟ حتي تكون المسالة و اضحة من البداية و يكون فريق العمل علي استعداد لخدمة هذه المسألة بالشكل اللائق، الأمر الذي يجعلنا نعود مرة أخري كيف يتم خلق الثقة بين العملاء و شركات التأمين.
خبري : رغم سداد شركات التأمين مليارات الجنيهات في صورة تعويضات ومطالبات الا ان الصورة الذهنية عنها لدي بعض عملاء التأمين ليست علي المستوي المطلوب؟ ما الاسباب من وجهة نظرك؟ وبالطبع نضع في الإعتبار أن أزمة الثقة لا ترتبط بالتأمين ولكن كما أسلفنا في القطاعات التي يمثل الوعد والعهد جزءًا من مجال عملها؟
مأمون : فيما يخص الصور الذهنية غير الجيدة و المغلوطة التي تلازم العديد من الأفراد حول شركات التأمين كما أوضحنا سلفاً فإن احد صورها التقول بحُسن نية ودون سوابق خبرات وفهم حقيقي ، أن شركات التأمين تماطل في سداد مستحقات عملائها.
هذه الصورة الذهنية المغلوطة فيها ظلم لشركات التأمين بشكل واضح ولن أقول إساءة لانها غير متعمدة، مفترضًا حُسن النية بالطبع.
علي سبيل المثال نجد أن شركات التأمين التي تقدم خدمات مميزة لعملائها في مجال تأمين السيارات تقوم بتقديم خدمة السداد المباشر لأماكن الإصلاح و بالتالي السؤال “من سيتم مماطلته في هذه الحالة ؟” حيث سيتم الإصلاح طرف الوكيل او المركز المعتمد و لن يتكبد العميل سوي سداد التحمل أو اي استقطاعات أخري طبقاً لشروط وثيقته ، ثم يتسلم السيارة بعد إصلاحها دون سداد تكاليف الأصلاح ثم الاستعاضة من شركة التأمين ، أين المماطله هنا ؟.
في تصوري أيضاً أن الصورة الذهنية المغلوطة نشأت لدي بعض الأفراد و تم بثها و تعميمها علي قطاع التأمين كاملاً و كأنها مشكلة تخص الـتأمين ككل و ليس حالات بعينها.
ويتناسي أصحاب هذه الصورة الذهنية المغلوطة كم قامت شركات التأمين بمساندة عملائها في سداد تعويضاتهم و سداد مبالغ كبيرة بمئات الملايين أو بالمليارات في مجملها ، فعلي سبيل المثال تعويضات الممتلكات للخسائر التي حدثت جراء أحداث ثورة يناير 2011 و ما تبعها ، حيث قدرت هذه الخسائر بحوالي مليار الي ملياري جنيه ، و قد قام وقتها الإتحاد المصري للتأمين مدعوما ًمن هيئة الرقابة المالية بمجهودات مضنية مع معيدي التأمين بالخارج للحصول علي مثل هذه الحقوق من معيدي التأمين و صرف مستحقات العملاء للسوق المصرية.
إن هذه الصورة الذهنية المغلوطة دائما اساسها أزمة الثقة بشكل عام و ليس بشكل خاص فيما يخص التأمين.
إعادة النظر في تغطية الإشتعال الذاتي نتيجة أغرب حادث حريق واجهته في دول الخليج
خبري: ما أغرب تعويض او حالة لصرف تعويض تعرضت له خلال مسيرتك المهنية ؟ وكيف تعاملت معه؟
مأمون : في شتاء 1991 ، وبأحد دول الخليج كانت الأحوال الجوية عاصفة بشدة ، و الأمطار غزيرة علي غير المعتاد لمدة ثلاثة أيام متتالية ، تلاها بشكل قد يكون مفاجئ أيام مشمسة و سماء صافية و الأجواء تبتعد عن الشتاء في مضمونها من حيث الشمس الساطعة طوال الوقت بشدة.
خلال تلك الأثناء ، فوجئت بإخطار عن حادث حريق هائل في إحدي الموانئ لـ ” بالات من التبن ” الموجودة باحد المخازن السماوية هناك ، و بالفحص و الدرس تم الكشف أن هطول الأمطار لمدة طويلة ثم سطوع الشمس القوي لمدة طويلة دون وجود فترة بينية لتبخر المياه بشكل تدريجي أدي إلي احتباس حراري داخل البالات ذاتها ، ما أدي إلي حدوث اشتعال ذاتي إمتد من البالة المشتعلة الي باقي المخزون إلي أن سارع رجال الأطفاء لاحتواء الموقف والحيلولة دون امتداد الحريق لباقي الساحة السماوية كاملة.
كانت هذه الواقعة بالنسبة لي في ذلك الوقت من أغرب الأمور و اعتبرتها في وقتها نقطة دراسة عملية حول مسألة الحريق و مسبباته والتي قد يكون لدي الكثيرين صورة ذهنية مختلفة تنحصر في نشأة الحريق عن شرارة أو نار فقط.
الأمر الذي دعي اساتذتنا في الماضي لإعادة النظر في مسألة تغطية الإشتعال الذاتي في بعض نوعيات الأشياء المؤمن عليها مثال بالات التبن و الأعلاف و الأقطان و أخطار الأنفجار في تخزين الغلال مثال الذرة ، وهو ما يؤكد أهمية التناغم ما بين القطاعات المختلفة و البعد عن العمل في جزر منعزلة.
خبري: كيف نحكم علي مؤشر التعويضات إذا كان مرتفع بأنه دليل علي التزام الشركة ومصداقيتها؟ ومتي نحكم عليه انه نتيجة سياسة اكتتابية غير منضبطة فنيا؟
مأمون : من الصعب وضع مؤشر وحيد للحكم علي الأداء ، و إنما دائما ما يكون عدد من المؤشرات ، و في كافة الأحوال لابد أن توضح هذه المؤشرات مدي تحقيق التعويضات لأهداف و رؤية الشركة.
ما أود قوله ، أن شركة التأمين التي تتمحور رؤيتها حول خدمة العملاء ، فإن مؤشراتها ستدور حول وضوح الإجراءات عند التعاقد و سرعة و دقة و عدالة سداد التعويض.
ومما لا شك فيه أن كل نوع تأمين له مؤشراته الخاصة به ، فالتعويضات التي من سماتها التكرارية مثال التأمين الطبي و تأمين السيارات يكون فيها المؤشر حول معدل تسوية و غلق التعويضات و هي عبارة عن نسبة توضح هل يتراكم الاحتياطي علي مدار العام أم ان المسألة متزنة طوال العام ؟ ، و بالتالي يعطي هذا المؤشر احياناً ضرورة لإعادة مراجعة الأجراءات و الدورة المستندية لمنع تراكم و تجنب ايه اختناقات غير صحية و دارسة ايجاد حلول بديلة لها من الناحية الفنية و القانونية.
هناك مؤشرات أخري مثال المدة الزمنية لحياة ملف التعويض منذ تاريخ فتح الملف و حتي تسويته أو غلقة بالأضافة الي المدة الزمنية لصرف التعويض منذ تاريخ استلام آخر مستند يخص المطالبة إلي حين تسوية و صرف التعويض و غلق الملف.
إن فترة حياة ملف التعويض منذ ميلاده و حتي نهايتها تؤثر بشكل كبير حول حسابات شركة التأمين فيما يخص بعدد ملفات الأحتياطي المتوقعة ، أما المدة الزمنية لصرف التعويض منذ استلام آخر مستند فإنه يوضح مستوي الخدمة الذي يتلقاه العميل فيما يخص صرف مستحقاته.
و الأهم علي وجه العموم هو متابعة المؤشرات و ليس فقط وضعها، كما أن هناك العديد من المؤشرات و التي قد لا يتسع المجال للحديث عنها.
المنافسة السعرية تصب في مصلحة العميل مؤقتا لكنه سيحترق من أثارها مستقبلًا
خبري : كيف تري مناخ المنافسة بسوق التأمين؟ وما هي تحدياته وفرصه؟
مأمون : مناخ المنافسة الحالي هو امتداد لذات المناخ منذ عقود ، ويتركز بصفة عامة في المنافسة السعرية ، و التي يسعي اليها معظم العملاء و يعتبرونها المؤشر الرئيسي لأخذ القرار ، الأمر الذي يؤجل و يبطء الخطوات نحو أوجه المنافسات الأخري ، التي تميز بشكل حقيقي و عملي شركة عن أخري.
مثال الخدمات و المنافع التي تقدمها هذه الشركات بهدف التميز الأمر الذي يصب في مصلحة العميل ، مثل توفير كوول سنتر علي مدار الساعة و ايام العطلات لتلقي بلاغات حوادث السيارات و مساندة العميل لنقل سيارته بالونش دون الإنتظار لساعات العمل الرسمية أيام العمل دون الإجازات و العطلات و التي قد يتكبد فيها العميل مشاق كثيرة لحل مثل هذه الأمور، أو ان يقوم هو بتوفير الونش ثم مطالبة الشركة بقيمة السحب حسب شروط وثيقته و حدودها في هذا الشأن.
و ما أعنيه إجمالًا أن المنافسة الصحية ستصب بما لايدع مجالا للشك في صالح العميل بشكل مباشر ، ولكن التركيز علي المنافسة السعرية يضر بهم و بالسوق بصفة عامة، فقد يحاول البعض استعاضة السعر الضعيف من خلال شروط قاسية يتحملها العميل عند وقوع حادث.
خبري : هل الرقمنة ستسرع من صرف التعويضات؟ وهل لها اثار سلبية علي العناصر الادارية؟
مأمون : ما من شك أن الرقمنه تساهم وستساهم بشكل أكبر في اسراع الوتيرة و التعامل مع المطالبات ، فعلي سبيل المثال قديماً عندما كان التعامل قاصرًا علي وسائل التواصل التقليدية مثل البريد ، كانت قدرة الأفراد داخل الشركات علي التعامل محدودة في عدد الإخطارات التي تتمكن من التعامل معها و تداولها مع الخبراء المختصين و يظهر هذا جلياً في التأمينات ذات صفة التكرارية العالية مثال تأمين السيارات.
و مع ظهور البريد الالكتروني فقد زادت القدرة علي التعامل مع عدد أكبر بعدة مرات ، أما اليوم مع الرقمنه فالأمر أصبح سريع للغاية ما بين جميع الأطراف خاصة مع الشركات التي تجيد إستخدام هذه التكنولوجيا مابين الحاسب الآلي الخاص بها و البرامج التي تساند ذلك و القدرة علي استخدامها مع الوسطاء و العملاء عبر الأجهزة الخاصة بهم.
خبري : ما التحديات التي تواجه سوق التأمين من وجهة نظرك كمسئول تعويضات متشابك مع أتراح العملاء قبل أفراحهم علي إعتبار أن التعويض عادة ما يكون نتيجة لخطر؟
مأمون : التحديات التي تواجهها سوق التأمين المصرية عديدة ، و لكن أهم نقطة هي الفرد و الثروة البشرية العاملة في سوق التأمين ثم يأتي مؤشر الناتج القومي و ذلك كلة من وجهة نظري ما يلي :-
أولًا : أن الوقت و الجهد و المال الذي تبذله شركات التأمين حتي يكون الفرد حديث التخرج مؤهل للأعتماد عليه بشكل كامل يمثل أحد التحديات لبناء الصناعة بشكل أفضل من الأساس و ذلك لأنه حتي الآن لا توجد جامعات أو معاهد متخصصة لطرح خريج متخصص في التأمينات العامة أو تأمينات الحياة و ذلك بخلاف شعبة التأمين في تجارة القاهرة و هو لا شك أفضل ماهو موجود الآن كدراسة في المرحلة الجامعية أو المرحلة الخاصة بالمؤهلات العليا، إلا أنه لا يغطي مسألة التخصص المطلوبة و التي تحتاجها شركات التأمين كونها لاعب اساسي في القطاع المالي غير المصرفي.
ثانيا: من التحديات الأخري، إنخفاض معدل أقساط التأمين للناتج القومي مقارنه بالدول المشابهة لنا ، حيث بلغت النسبة في مصر حوالي 1% للتأمينات العامة و تأمينات الأشخاص في حين تجاوزت هذه النسبة في دول المغرب العربي ما يقارب الـ 7% ، و قد يكون هذا المؤشر دليلاً علي التحديات الخاصة بالوعي التأميني و وجود فئات لاتزال بعيدة عن التأمين، ناهيك عن التحديات المرتبطة بالمنافسة السعرية.
يجب التعامل مع ضعف الوعي كفرصة وليس تحدِ واستثمارها لتعظيم مساهمات التامين
إن الوعي التأميني و كذلك الفئات التي لاتهتم بالتأمين تعتبر من التحديات الكبيرة، و هي في كونها تحديات فهي في ذاتها فرص قوية للنهوض بسوق التأمين المصري.
يحضرني في ذلك إن إحدي شركات الأحذية العالمية الشهيرة ، كانت تفكر في فتح سوق جديدة في البيع و التوزيع في القارة السمراء منذ زمن بعيد و أرسلوا مندوب لهم لدراسة المسألة و الذي بدأ باحدي الدول النامية ناحية الجنوب، و لم يطل وجوده حيث عاد مؤكداً لهم بأنه لا توجد فرص هناك لخلق سوق ، لان الناس حفاه ، و لا يرتدون الأحذية او ما شابهها من الأساس و ان معظمهم فقراء…. ! حينها قررت الشركة ارسال شخص آخر و الذي أصر علي الذهاب مؤكداً بأنه سيجد حلولاً ، و كانت النقاط الذي إستند عليها و جعلت هذا البلد من أكثر الأسواق الهامة لدي هذه الشركة ما يلي :-
- إن عدم إرتداء الأحذية تشير إلي
a. أنه لا توجد منافسة في الوقت الحالي.
b. أنه توجد فرص غير عادية للنمو حيث السوق بكر و لم يستخدم بعد. - الفقر لا يعني عدم القدرة المطلقة و لكن يؤكد ان الأمر يحتاج الي حلول في طرق التمويل و تسهيلات الشراء.
- الوعي بأهمية الحذاء سيكون أحد المفاتيح الهامة من خلال حملات توعية يستخدم فيها أهل المكان ممن له ثقة بين الأهالي من خلال إقناعهم أولاً ثم دعمهم بالأفكار و المال و كأنها حملة دعاية و لكن بشكل مختلف و ليس مجرد إعلان و انما شبه حوار داخل المجتمع .
و بالقياس و لكن مع الفارق ، فأن قلة الوعي التأميني هو في حد ذاته أحد الفرص المتاحة والتي تحتاج إلي عمل شاق لمدة طويلة متصلة و ستكون النتائج بإذن الله مبهرة و مستمرة علي المدي الطويل.
إن الفئات الخاصة بالشركات و الكيانات الصغيرة و متناهية الصغر هي شرائح لم يتم طرق ابوابها بشكل كامل ، وتمثل أحد مفاتيح النمو العام في سوق التأمين المصري و كذلك نمو الأقتصاد المصري بوجه عام ، لانها تشكل القاعدة العريضة الثابته للاقتصاد بعيداً عن المشاريع و الكيانات الكبيرة و الضخمة.
رجال المبيعات خط الدفاع الأول عن السوق والتعويضات يسانده لوجستيًا
كما أن الأفراد في حد ذاتها كشريحة لازالت لم تستثمر بالشكل الكافي ، علي سبيل المثال سنطرح تساؤلين علي من لديهم الوعي التأميني من العاملين في قطاع التأمين ونحن جزءًا منهم.
فأما السؤال الأول ، كم عدد من أصدر وثيقة تأمين علي سيارته الخاصة ، أقصد سيارات العاملين بشركات التأمين نفسها ؟ قد تكون الإجابة بأن 70% أو 90% قد قام بذلك ، و قد تبدوا النسبة معقولة للبعض و لكن ، كان من المنتظر أن تكون 100% من أهل القطاع.
أما التساؤل الثاني، فهو ، كم عدد العاملين بقطاع التأمين من إستصدر وثيقة تأمين لمسكنه الخاص ؟ من المؤكدأن الاجابة ستكون صادمة للغاية و ان النسبة المئوية قد تقل عن 5% و ربما نضطر لذكرهم بالعدد و الأسماء ….!!!
هذا مؤشر علي ان منتجات الأفراد لازالت إحدي الفرص الهامة في هذا السوق و قد تحتاج الي مزيد من الاهتمام في طرق البيع ، من حيث طريقة التواصل و تسهيل الأجراءات في البيع و تلقي الخدمات ، كذلك خلق قنوات بيع مناسبة و مؤهلة سواء علي مستوي شركات الوساطة أو الوسطاء الأفراد أو المنصات الرقمية وغيرها.
ثم يأتي دور التعويضات لتساند في استكمال الحصول علي الفرص و تجاوز التحديات ، فكلما كان أفراد التعويضات و كذلك قياداتهم علي علم بالنقاط الفنية للمنتجات المختلفة و كذلك الاكتتاب الخاص بها ممزوجاً بماهية إعادة التأمين الخاصة بكل نوع تأمين عوضاً عن المعرفة بجنود الصف الأول أو خط النار الأمامي وهم المسئولون عن البيع و الانتشار الجغرافي، كلما كانت مؤازرتهم لتأكيد و تحسين الصورة الذهنية الجيدة عن التأمين كبيرة ، و بالتالي المساهمة بشكل مباشر في رفع الوعي التأميني.
إن معرفة رجل التعويضات بمسألة ادارة المخاطر تؤهله للتعامل مع التعويضات بشكل أفضل من حيث ارشاد و نصح العملاء بكيفيه تجنب العديد من المخاطر و المساهمة في تقليل حجم الخسائر في حال حدوثها لا قدر الله.
و بالتالي تكون المناقشة و التنسيق مع القطاع الفني للإكتتاب علي اسس فنية و بذات اللغة نحو الأرتقاء بالعمل و مصالح العملاء و الشركة معاً .
سوق التأمين المصرية تتحسن ولكن نطمح في الإسراع بوتيرة هذا التحسن
خبري : لكن إجمالًا هناك أمالًا وليس أمل واحد تلوح في الأفق وليست قاتمة كما قد يظنها البعض؟
مأمون : بكل تأكيد ، فالإنسان دون أملِ لا يعدو إنسان، وظني أن سوق التأمين تتجه للأفضل، ولكن شغفي أن أري الأفضل بوتيرة أسرع ليستعيد السوق مكانه ومكانته بين أسواق التأمين علي مستوي الشرق الأوسط.
ولا شك أن مستوي سوق التأمين المصري يمكنه ان يستمر في أن يكون أفضل مما نحن عليه الآن ، قياسًا علي الخبرات المتراكمة الموجودة بالسوق منذ أكثر من قرن حيث تأسست الشركة الأهلية للتأمين عام 1900 و تلاها العمالقة الشرق و مصر للتأمين في ثلاثينيات القرن الماضي، ثم توج ذلك بالعملاق الهام “المصرية لإعادة التأمين” عام 1957 ، بالإضافة الي الخبرات الكبيرة الموجودة حالياً في القطاع بكافة جوانبه ، وكذا الطفرة الألكترونية التي قد تساند ذلك بشكل فعال.
و نري بوضوح خطوات هيئة الرقابة المالية و الاتحاد المصري للتأمين نحو مساندة السوق في التقدم نحو الأفضل و لا يتبقي لنا سوي استكمال العمل للمضي قدماً نحو غداً أفضل.
أيمن مأمون في سطور
· خريج أكاديمية السادات للعلوم الإدارية عام 1985
· عمل في قطاع التأمين ما يقرب من أربعة عقود
· شارك في العديد من ورش العمل والبرامج التدريبية المكثفة والمتخصصة في عدد من الدول مثل ألمانيا و الهند و الإمارات و البحرين و تركيا و قبرص بخلاف مصر
· عضوًا سابقًا في لجنة التأمين الهندسي بالاتحاد المصري للتأمين
· عضوًا سابقًا في لجنة تأمين الحوادث المتنوعة بالاتحاد المصري للتأمين
· عضوًا سابقاً في لجنة التنمية المستدامة بالاتحاد المصري للتأمين
· رئيسًا للجنة التعويضات للتأمين العامة بالاتحاد المصري للتامين حاليًا
· ألقي العديد من المحاضرات في كافة القطاعات والإدارات التي عمل فيها
· أمضي 25 عامًا في مجال الإكتتاب والتعويضات بكافة أنواعها
· قضي عشر سنوات رئيسًا لقطاع الإنتاج والفروع
الشركات التي عمل فيها مأمون
1 – قناة السويس للتأمين في قطاعات الممتلكات و التأمينات الهندسية
2 – الوطنية للتأمين التعاوني NCCI بالمملكة العربية السعودية في قطاع التعويضات
3 – GIG للتأمين -المستثمرون المتحدون للتأمين سابقاً- مديراً للتأمين الهندسي و الحوادث المتنوعة.
4 – AIG مديراً بالتعويضات و مديراً عاما ًللتأمين البحري ثم رئيساً لقطاع الأنتاج الفروع
5 – الدلتا للتأمين رئيساً لقطاع الإنتاج و الفروع و التطوير.
6 – طوكيو مارين بمصر رئيساً لقطاع الأنتاج و الفروع.
7 – ثروة للتأمين رئيساً لقطاع التعويضات في الوقت الحالي