تعاملت شركة ثروة لتأمينات الحياة – إحدي الشركات التابعة لمجموعة كونتكت المالية القابضة- مع الضغوط الإقتصادية الناتجة عن الأخطار الجيوسياسية علي أنها أمرًا طبيعيًا ولا يدعو للخوف المشوب بالحذر ، او التربص لما هو قادم.
ورغم الأثار الإقتصادية السلبية بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية اللاحقة لجائحة كورونا ، ومنها إرتفاع معدل التضخم وما تلاها من إجراءات إقتصادية مثل طرح أوعية إدخارية بعوائد تنافسية ، مدعاة للخيفة إلا أن ثروة حياة وضعت هذه الآثار والأعراض في إطارها الطبيعي دون تهويل أو تهوين.
رماح أسعد ، العضو المنتدب لشركة ثروة لتأمينات الحياة ، فسر أسباب التعامل مع الضغوط الاقتصادية بهذا الهدوء المثير للتساؤل الاستفهامي قبل أن يكون إستفساري ، متكئًا في ذلك علي رصيد خبراته الذي عاصر فيه دروبا من الأوجاع الإقتصادية الطارئة بلا هوادة.
في الحوار الموسع الذي أجرته مجلة خبري والذي إستفاض فيه أسعد شارحًا بعض البيانات والنتائج التي حققتها الشركات سواء خلال العام المالي الماضي 2021/2022 ، أو البيانات السنوية المرتبطة بالعام الميلادي 2022 ، عرجنا علي بعض القضايا المُلحة عمليًا والتي تتشابك وتتقاطع مع التغيرات الاقتصادية التي لم تهدأ وتيرتها ويبدو أنها لن تهدأ في قريب الأيام.
وإلي نص الحوار:
أجري الحوار – ماهر أبو الفضل:
خبري : لم يعد خاف علي أحد أن التغيرات الاقتصادية المتلاحقة بسبب كورونا وما زاد طينتها بلة الأزمة الروسية الأوكرانية وتأثيرها علي أسواق الإعادة أولًا وبالتبعية علي صناعة التأمين عالميا ومحليًا من المؤكد أن أدي إلي تغييرات جذرية في استراتيجيات شركات التأمين ، لاسيما التي تزاول نشاط الحياة لاسباب سنتعرض لها تفصيلًا فيما بعد ، فكيف تعاملت ثروة حياة مع هذه الآثار وتلك المعطيات؟
أسعد: ليس مطلوبًا من شركات التامين أن تتوجس خيفة من التغيرات الإقتصادية أو الآثار المترتبة علي المخاطر الإقتصادية او الجيوسياسية ، بل بالعكس عليها أن تتنبه فقط لها وتعالجها بتروي وحِكمة وتستفيد منها قدر الإمكان ، وثروة لتأمينات الحياة نجحت في تجاوز هذا التحد بمؤشرات ربما تثير دهشة البعض وإن كانت طبيعية للإدارة التنفيذية في ثروة حياة وفريق عملها الماهر.
267 مليون جنيه زيادة في حصيلة الإكتتاب المباشر ونسبة نمو تجاوزت 162.3%
خبري: أتقصد معدل النمو في الأقساط المباشرة؟
أسعد : ليس فقط الأقساط المباشرة ولكن كافة النتائج المالية والتي سأعرض بعضها في إيجاز لايخل بالمعني.
بالنسبة لنتائج الأعمال علي أساس سنوي ، اي بنهاية 2022 ، إستطاعت ثروة لتأمينات الحياة أن ترفع رصيد أقساطها المباشر إلي 431 مليون جنيه ، مقابل 164 مليون جنيه فقط في نهاية العام السابق ، بزيادة تصل إلي 267 مليون جنيه ، ونسبة نمو 162.3%.
إنخفاض تكاليف الإنتاج من 25 إلي 17% وخفض المصاريف العمومية من 11 إلي 5%
وفي المقابل إنخفضت نسبة تكاليف الإنتاج من 25 إلي 17% خلال عامي المقارنة ، كما إننخفضت المصاريف العمومية من 11 إلي 5%.
في نفس السياق ، رفعت ثروة لتأمينات الحياة معدل الاحتفاظ من 47% نهاية 2021 إلي 66% بنهاية العام الميلادي الماضي ، ونتيجة لذلك إرتفعت أرباح النشاط من 9.5 مليون جنيه نهاية العام قبل الماضي إلي 28.3 مليون جنيه في 2022 ، بإرتفاع قيمته 18.7 مليون جنيه، وبنسبة نمو تصل الي 197%.
أما عن نتائج أعمال العام المالي 2021/2022 ، فقد إرتفعت الأقساط المباشرة لتصل الي 326 مليون جنيه بنهاية يونيو الماضي، مقابل 107 مليون جنيه في العام المالي السابق 2020/2021 ، بإرتفاع يصل الي 220 مليون جنيه ، وبنسبة نمو يلامس 206%.
زيادة معدل الإحتفاظ إلي 66% وفاتورة المطالبات المسددة سجلت 56.5 مليون جنيه
ورفعت ثروة لتأمينات الحياة معدل الاحتفاظ من 49% في 2020/2021 لتصل الي 66% في العام المالي الماضي ، وإرتفع ربح النشاط إلي 20.1 مليون جنيه ، مقابل عجز بلغ 2.5 ملايين جنيه في 2020/2021 ، فيما بلغت فاتورة المطالبات المسددة نحو 56.5 مليون جنيه نهاية يونيو الماضي مقابل 59 مليون جنيه مسددة في الفترة المقابلة من العام المالي 2020/2021.
كفاءة النتائج تكتسب أهميتها في خروجها من رحم معاناة الإقتصاد العالمي
خبري: قد يقول البعض ان معدلات النمو رغم ضخامتها للوهلة الأولي إلا أنها طبيعية لشركة حديثة العهد ، لاسيما وأن ثروة لتأمينات الحياة تتلمس طريقها في السوق، كونها نشأت قبل ثلاث سنوات؟
أسعد: رغم منطقية الرأي إلا أنه ليس كذلك في الظروف الغير طبيعية التي يمر بها الإقتصاد ، ومن ثم فما يؤكد كفاءتها هو أنها جاءت في خضم أخطار جيوسياسية كما اسلفت في تساؤلاتك ، وخرجت من رحم معاناة الاقتصاد العالمي.
إرتفاع فاتورة المطالبات ليس لها دلالات فنية لأنها ناتجة عن زيادة تكلفة الخدمات الطبية
خبري: وما سبب ضخامة فاتورة المطالبات المسددة ، رغم أن وثائق تأمين الحياة معروف أنها طويلة الآجل ومن ثم فإرتفاع فاتورة المطلبات قد يعطي دلالات فنية معينة يفهمها أهل الإختصاص؟
اسعد: ليس لإرتفاع فاتورة المطالبات اي دلالات فنية سوي أنها ناتجة عن زيادة تكلفة الخدمات الطبية ، ومن ثم فمن الطبيعي أن ترتفع التعويضات او المطالبات ، ناهيك عن ان هذه الفاتورة طبيعية مقارنة بالنمو الضخم في الإكتتاب المباشر.
وأود الإشارة هنا إلي ان ثروة لتأمينات الحياة بدأت نشاطها تركيزًا علي التأمينات الجماعية وهو توجه معروف لأي شركة جديدة ، ولكن بدأنا فعليا في التركيز علي التأمينات الفردية مطلع 2022 ، وهو ما يبرر إرتفاع فاتورة المطالبات.
نستهدف معدلات نمو في الأقساط لا تقل عن 80% ومؤشر الربحية سيتجاوز 50%
خبري : وهل معدل نمو الإكتتاب المباشر قد يستمر العام المالي الحالي؟
أسعد: قد أقطع أننا سنصل بمعدل نمو الإكتتاب المباشر إلي 70 او 80% بنهاية العام المالي الحالي 2022/2023 ،مقارنة بالعام المالي الماضي ، وسنصل بمعدل الربحية إلي 40 أو 50% في نهاية يونيو 2023 ، وكل المؤشرات والدلالات تبرهن علي ذلك.
دعني هنا أن اتطرق إلي الاصوات التي تري ان معدل النمو الكبير طبيعي بالقول ان البداية الفعلية لشركة ثروة لتأمينات الحياة كانت في 2022 ، بعد الإنتهاء من البنية التحتية فنيا اللازمة للإنطلاق ومنها إعداد المنتجات ، ومنها تغطية تكوين الأموال الجماعي، وتجهيز الأدوات التسويقية مع إضافة فريق البيع المباشر والوكالات بجانب الوسطاء بالاضافة الي بناء الهيكل التنفيذي والاداري والداخلي.
معدل النمو النمطي في تأمينات الحياة يجب أن لايقل عن 25% لأن مصر سوقًا بِكر
خبري: ما معدل النمو النمطي او الطبيعي في شركات تأمينات الحياة بصورة عامة؟
أسعد : لايجب أن يقل عن 25% ، لأسباب لها علاقة بان السوق بكر والفرص فيه كبيرة والعبرة بمن يستثمرها وليس بمن يبكي علي اطلالها.
خبري: هل اعتمدت علي فريق عمل وافد معك ام تم تكوينه؟
رماح : تم تكوينه بالطبع ، لكن الجزء الاهم من اسباب النمو له علاقة بمستوي الخدمة المتميز وبالتاكيد نحن لسنا الاقل في السعر خاصة في التأمين الطبي بل بالعكس اسعارنا قد يراها البعض كبيرة لكن ليست كبيرة مقارنة بالخدمة المقدمة.
نسبة تجديدات التغطيات تزيد عن 96% بسبب تمايز الخدمة والمعدل النمطي 85%
خبري: كم نسبة التجديدات في 2023؟
اسعد : تزيد عن 96% ولذلك دلالة علي الخدمة الجيدة رغم ان المعدل النمطي 85 او 87%
خبري: قلت اثناء طرح الشهادات الادخارية في البنوك ان التأمين علي الحياة سيتاثر سلبا بما لايقل عن 14% ؟
أسعد : قلت ذلك بالفعل ، ولكن هذا نصف شطر من التصريح ، أما شطره الثاني الذي لم يلتفت له الناقل ، ان التاثير سيكون مؤقت لاسباب لها علاقة بان الشهادات التي طرحت كانت لفترة مؤقتة لان هدفها كان امتصاص السيولة لخفض معدل التضخم ، ومع ذلك كان هذا مجرد توقع لكن التطبيق العملي اكد ان التأثير اقل من هذا.
الامر الثاني له علاقة بوجود ميزة تنافسية للتأمين لانه يكمن فيه عنصر الحماية وهذا غير متوفر في الشهادات الادخارية التي تطرحها البنوك ، إضافة الي ان ماهية وطبيعة منتجات الحياة طويلة الاجل ، وبالتالي لم يكن هناك نهم من العملاء لالغاء الوثائق لانهم يعلمون ان تصفية الوثيقة في سنواتها الاولي ستكون بالخسارة عليهم
خبري: معني ذلك ان التضخم لم يكن ذا تأثير علي شركات حياة؟ ام ان هناك دلالة علي زيادة الوعي ام علي ارتفاع مستوي الخدمة ام ارتفاع احتياج العميل للتأمين؟
أسعد: للتضخم تأثير بالطبع لكن ارتفاع معدلات النمو له علاقة كما اشرت في سؤالك الي زيادة الوعي وارتفاع مستوي الخدمة واحتياج العميل نفسه المُلح للتغطية التأمينية.
خبري: اذا كان هذا صحيح فلماذ لاتزال مساهمات التأمين في الناتج القومي اقل من المطلوب او ما يتناسب مع إمكاناته وقدراته؟
أسعد : لاسباب عديدة اظن منها ضعف الوعي في فترات سابقة وربما لعدم توافر القدرات المالية اللازمة او حتي بسبب وجود حزمة من التغطيات التي تسيل لعاب العميل ، ومع ذلك ضعف مساهمة التأمين في الناتج القومي لايعني ان التأمين لم يقم بدوره.
إجمالًا ، انخفاض مساهمة التأمين في الناتج القومي فرصة في حد ذاته لان القماشة او البيئة مواتية لتعزيز فرص النمو– يعني لسة التربة خصبة-
منتجات الحياة المعروضة أقل من الطلب والعِبرة ليست بالكم ولكن بكيفية ترويجه
خبري: ايعني ذلك ان التأمين لايجب ان يتاثر بالشكل الذي وصف به؟
أسعد: الازمات الحالية ليست فريدة بل تعرضت السوق المصرية لازمات مشابهة في 2016 ، بعد قرارات نوفمبر المرتبطة بتحرير سعر الصرف ومع ذلك حققت نمو حينذاك.
واود ان اشير الي نقطة هامة لايلتفت البعض لها وهي ان معدل الطلب علي التأمين أكبر من العرض ولكن العِبرة ليس بحجم المعروض رغم انخفاضه ولكن كيف تروجه.
ما اعنيه ان هناك نهم في الطلب ولكن هذا النهم لم يجد من يشبعه وعدم الاشباع لايعني عدم وفرة التغطيات ولكن عدم الوصول إلي ادوات يمكن من خلالها الوصول بالتغطية للعميل
ضعف مساهمة التأمين في الناتج القومي لايعني ان النشاط لم يقم بدوره
خبري: معني ذلك أن ضعف الوعي لا يشكل ركنا اساسيا في ضآلة مساهمة التأمين في الناتج القومي ، أو هكذا فهمت للوهلة الأولي؟
اسعد : ضعف الوعي جزء من التحديات وليس كلها ، والمنتتجات الغير نمطية جزء اخر، والتسويق جزء ثالث .
ما اقصده انه لايمكن إجمال الأسباب في مؤشر واحد وإغفال العناصر الأخري ، بل هي صورة كاملة لابد وان يتم النظر إلي كافة تفاصيلها سواء الوعي او المنتجات او التسويق او التشريعات وغيرها.
ودعني أحيلك إلي إحدي التحليلات التي أجرتها مجلة خبري في عدد سابق لها والتي اشارت فيها بناء علي الاحصاءات إلي تعاظم الوزن النسبي لتأمينات الحياة مقارنة بالممتلكات وهو تحليل صحيح ومعبر عن ان التسويق علي سبيل المثال جزء مهم لتعظيم أقساط القطاع.
نمو الحياة مقارنة بالممتلكات مرتبط بالتحالفات المصرفية بدليل نتائج الـ Big Players
خبري: كيف؟
أسعد : أقصد ان تأمينات الحياة توافرت لها فرصة في التحالفات مع البنوك من خلال التأمين البنكي، وبسبب نشاط هذه القناة التسويقية وإكتسابها زخمًا كبيرا في الفترة الاخيرة استطاعت شركات تأمينات الحياة وتكوين الاموال الوصول بمنتجاتها لشرائح أكبر حتي أن اللاعبين الكبار أو الـ Big Players غالبا ما يكونوا مرتبطين بتحالفات مع بنوك ، علي عكس تأمين الممتلكات التي ربما لاتكون هذه القناة التسويقية ملائمة لطبيعته.
خبري: لا تلائم طبيعته ام ان تكلفة تسويقه أعلي ومُكلفة؟
أسعد: نظريا تكلفة هذه القناة التسويقية أعلي ، ولكن عمليا الأقساط المحققة منها مغرية وكبيرة.
وهناك أمورًا أخري مثل التأمينات الالزامية ، وبما أن هذه الفترة الحديث الرائج عن التأمين متناهي الصغر ، فمن الأهمية بمكان أن نعرج علي بعض الادوات التي يمكن من خلالها تعظيم كفاءة هذا النوع بصورة تجعله الأكثر ربحية .
يمكن التعامل مع تحديات التأمين متناهي الصغر بتسويقه عبر فواتير الكهرباء
خبري: كيف؟
أقصد أن التحد الذي يواجه التأمين متناهي الصغر مرتبطة بتكلفة تسويقه الذي لايتلائم مع أسعاره ، ولكن هذا التحد ليس مستحيل التعامل معه ، بل إنه ليس صعبًا.
بمعني انه لايوجد منزل في مصر لاتتوافر فيه الإنارة ، أو لا تصله فاتورة الكهرباء او الغاز او المياه ، ومن ثم يمكن بسهولة تحميل هذه الفواتير قروش بسيطة – واقصد قروش بمعناها المباشر وليس الرمزي- لكن هذه القروش التي قد لاتتجاوز جنيه واحد ، مع اتساع القاعدة التي يتم تحصيلها منها ستعمل علي جلب ملايين الجنيهات شهريا ، وهو ما يمكن للتأمين من توفير تغطيات لاصحاب تلك الفواتير مثل حالاة الوفاة او العجز او غيرها.
هذا الحل لايشكل عبئًا علي العميل وفي نفس الوقت تتوافر فيه قاعدة الاعداد الكبيرة وبالتالي فهو ليس فقط مولد للنمو بل ” منجم ذهب” ، ولكن لايمكن لشركات التأمين أن تحصل علي قرش بصورة جماعية بموجب قرار منها ، لكن يمكن للدولة ان تفعل ذلك من خلال اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة ، وبالتالي ستتحمل شركات التأمين الأعباء التي تتحملها الدولة وفي نفس الوقت توفر غطاء حمائي للمجتمع بتكلفة زهيدة للغاية ، ويساهم في زيادة الوعي ، وبالتالي زيادة مساهمات التأمين في الناتج القومي .
قطعنا شوطًا في التأمين علي اصحاب بطاقات التموين وإرجاء المشروع بسبب كورونا
خبري: قد يكون للطرح وجاهته لكن السؤال هل هذا المقترح وما يشبهه علمت به المؤسسات المنوطة ودوائر صنع القرار؟
اسعد: ليس هذا المقترح تحديدا ولكن مقترحات شبيهة مثل تحصيل جنيهات بسيطة من بطاقات التموين وتم وضع تصور عام له وكانت هناك مناقشاات جادة حولها لكن تم إرجاء استكمالها بسبب جائحة كورونا وما تلاها.
خبري: لكن هناك تحركات من دوائر صنع القرار تستهدف توسعة رئة السوق ، منها الضوابط المرتبطة بتسويق وثائق متناهي الصغر عبر المتاجر الالكترونية وشركات الاتصالات؟
أسعد: هذه الضوابط هامة للغاية ، وتعكس رؤية جهة الرقابة وإنشغاله بهموم لقطاع واتراحه ، والأهم إنشغاله بخلف فرص تمكن شركات التامين من الوصول للعملاء.
خبري: لكن رغم اهمية هذه القرارات لكنها ساهمت في غبن لدي سماسرة التأمين الذين تولدت لديهم شجون ووجهات نظر ان الجهة الرقابية لا تعبأ بهم بل وتهمش دورهم؟
اسعد: ليس صحيح ، اولا ليس هناك تهميش لدور الوسيط بل هناك دعم وتعضيد من كافة اطراف الصناعة لهم ، لكن حينما يتم اصدار قرارات رقابية فذلك ياتي في ضوء احجام جزء من هذا القطاع وهم الوسطاء عن ترويج وثائق متناهي الصغر لان تكلفتها عليهم اكبر من عوائدها.
من ذلك نخلص إلي ان الدولة لا تسعي لتهميش اي طرف بل هي تتدخل في الوقت الذي تراه مناسبا باجراءات غير نمطية 29
خبري: في حوار سابق لمجلة خبري قبل عام قلت ان توجه ثروة حياة يميل إلي زيادة الوزن النسبي لتأمينات الأفراد مقارنة بالجماعي ، هل كان لذلك إنعكاس علي الارض بناء علي الاجراءات التي اسلفت ذكرها؟
أسعد : بكل تأكيد ، والدليل ان الوزن النسبي لتأمينات الافراد مقارنة بالجماعي كان موزعا بواقع 0.5% للفردي مقابل 99.5% للجماعي او الشركات corporate لكن في ديسمبر 2022 ، الوزن النسبي لتأمينات الافراد ارتفع إلي 15% مقابل 85% لتأمينات الجماعي او الشركات.
خبري: وما ملامح الاستراتيجية الخاصة بالاوزان النسبية؟
اسعد: نستهدف الوصول للتوازن في المحفظة بحيث تشكل فيها التأمينات الفردية 50% ومثلها للجماعي او الشركات ، فرغم أهمية تأمين الشركات لكن يظل مستقبل شركة التأمين مرتبط بالنمو في التـأمينات الفردية لانه يضمن استقرار النمو واستدامته.
خبري: هدف شركة التأمين الوصول الي رقم معين من الربحية الفنية دون الاكتراث بوسيلته ، بالطبع دون الانحراف عن مؤشر التسعير ، فلماذا يعول علي التأمينات الفردية في تحقيق الربحية رغم القدرة علي تحقيقه من الجماعي؟
أسعد: من الأهمية بمكان والطبيعي ان تركز شركة التأمين في بداية عملها علي التأمين الجماعي او الشركات ، لانه يضمن تحقيق وفرة من الاقساط مع نسبة مقبولة من الربحية وهو ما يسمي بضمان الـ Top Line ، لكن خطورته انه قد يتأثر بسرعة من اي حدث عارض، لكن التأمينات الفردية رغم انها أعلي في التكلفة التسويقية إلا أنها تظل مقترنة بتحقيق الربحية الفنية المستدامة خاصة في الحياة لانها تضمن استدامة النمو لفترات طويلة ، وهو ما يسمي بالـ Bottom-Line خاصة المنتجات الادخارية لانه يرفع الاصول والاستثمارات.
خبري: ألا تستدعي الضرورة ان تتدخل الجهات المعنية او حتي الشركات نفسها لزيادة معدل الاحتفاظ؟
اسعد: دعني ادلو بوجة نظري بصورة عامة ، ايا كان الاسلوب الداعم لزيادة نسب لاحتفاظ فهو مطلوب بل ومرغوب ، لاسباب لها علاقة بالمزايا المرتبطة بزيادة نسب الاحتفاظ منها الحد من تصدير الاقساط وبالتالي عدم الضغط علي السيولة الدولارية ، ناهيك عن اهمية الاحتفاظ في زيادة العائد من الاموال المستثمرة وكذا الربحية الفنية ، ولكن يجب ان تكون هناك طاقات استيعابية تتحمل ذلك والأهم ان تكون الممارسات منضبطة فنيا.
بل دعني ازيدك من الشعر بيتًا ان زيادة معدل الاحتفاظ سيلزم شركة التأمين علي اتباع السياسات الاكتتابية المتزنة فنيا ، ومن ثم فهو ميزة في حد ذاته واعراضه اقل من أمراض خفض الاحتفاظ.
خبري: إذا كانت اعراض زيادة معدل الاحتفاظ اقل من امراض خفضه ، فلماذا تعرض شركات تأمين عنها؟
أسعد: هي سياسة شركات ولكل شركة سياستها وتوجهها ، ولكن إذا تحدثت عن ثروة لتأمينات الحياة فقد انتهجنا هذه السياسة منذ شرفت بتولي المنصب ، من خلال زيادة معدلات الاحتفاظ من 20 إلي 50% ، ومن ثم فلا يمكنني الحديث بإسم السوق أو بإسم اي شركة اخري ولكن ذكرت مزايا الاحتفاظ بشكل عام.
مصلحة أسواق الإعادة رفع شركات التأمين نسب إحتفاظها وليس نقل العبء عليها
خبري: من الذي يحدد نسبة الاحتفاظ شركة التأمين ام الاعادة؟
أسعد: شركات الاعادة من مصلحتها ان يرفع السوق معدلاته احتفاظه وليس نقل العبء عليها.
خبري: لماذا؟
أسعد: لان احتفاظ السوق المحلية بجزء كبير من الخطر يعني ان الشركات في هذا السوق ستتحوط في ممارساتها حتي لا تنكوي بنيران الخسائر ، ومن ثم ستسعي لتحقيق ارباحا فنية وهي الغاية التي يسعي لها معيدي التأمين لانهم يستفيدون من العوائد الفنية وليس من العوائد الاستثمارية.
شُح السيولة الدولارية مآساة يتوجع منها القطاع والجهات المعنية وعدت بمعالجتها
خبري: هل تأثر القطاع من شُح السيولة الدولارية؟
اسعد: بالتأكيد تأثرنا ولازلنا متأثرين لان شح السيولة الدولارية يعني البطء في سداد الالتزامات الخارجية المرتبطة بإتفاقيات اعادة التأمين ، ولا أظن ان احدا سيختلف معي إن قلت ان ازمة السيولة الدولارية هي المآساة التي يتوجع منها القطاع حاليًا ولكن لدينا وعود من الجهات المعنية بأن تضع البنوك شركات التأمين ضمن اولويات اجندتها في تدبير العملة الصعبة لسداد المستحقات الخارجية لاهميتها لصناعة التأمين كمكون مهم من مكونات الاقتصاد لانها تمثل الغطاء الحمائي للإقتصاد.
خبري: ايعني ذلك ان هناك ضغوط من شركات الاعادة علي السوق؟
أسعد: لا توجد ضغوط لان شركات الاعادة تتفهم ذلك لاسيما وانها ازمة عالمية وليست مقتصرة علي السوق المصرية ، ولكن حينما اقول مآساة أعني بها انها تؤثر علي السوق لكن لايعني ذلك انها تهدد سلامه واستقراره ، خاصة وان هناك ثقة من المعيدين ليس فقط في القطاع بل في الاقتصاد المصري كله.
خبري: حصلتم علي موافقة الرقابة المالية لوثيقة تأمين طبي فردي ومع ذلك لم يتم البدء في ترويجها ، فلماذا؟
أسعد: بالفعل حصلنا علي موافقة الرقابة المالية وكان مخططا البدء في تسويقها مطلع 2023 ، لكن بسبب التغيرات الجيوسياسية وتاثيرها علي الاوضاع الاقتصادية وتذبذب اسعار الخدمات خاصة المرتبطة بالعلاج الطبي ، قررنا التآني في طرح التغطية لحين استقرار الاوضاع.
لكن نأمل ان يتم طرح لتغطية في النصف الثاني من العام الحالي 2023.
وفرة الطاقات الاستيعابية ليست ضوءًا أخضر للتساهل في السياسة الإكتتابية
خبري: هل الطاقة الاستيعابية تؤثر علي السياسة الاكتتابية ، بمعني هل زيادة الطاقة الاستيعابية المتاحة لشركة التأمين بغض النظر عن كيفيتها قد يضطر شركة التأمين للتنازل فنيا بهدف ملء الطاقة الاستيعابية؟
اسعد: السؤال فني بحت ودعني اجيبه بنفس الكيفية ، لايوجد اختلاف علي ان السياسة الاكتتابية لايجب تطويعها لخدمة اية اغراض ، بمعني لايجب التنازل عن السياسة الاكتتابية لمجرد وجود وفرة في المتاح من الطاقة الاستيعابية.
لكن يجب ان تكون السياسة الاكتتابية صارمة في ادواتها من خلال تقييم الخطر بشكل فني وعادل ، وإذا ما كانت هناك حاجة لزيادة الطاقة الاستيعابية فيمكن التعامل معها بابرام اتفاقيات اختيارية او مكملة ، لكن ليس مطلوبا ولا مستساغًا التنازل عن السياسة الاكتتابية المرتبط بالتقييم الفني العادل تحت اي ظرف، لان شركة التأمين دورها ترويض الخطر وليس الهروب منه.