اعتمدت شركات التأمين سابقًا على النمو وتحقيق الأرباح عن طريق تحديد المنتجات والأسواق الجذابة، فضلًا عن هيكلة كامل سلسلة القيمة لديها لدعم المنتجات والأسواق. ويقوم قطاع التأمين العالمي اليوم بإعادة دراسة هذه المنهجية في سلسلة القيمة بطريقتين؛ هما حِزم المنتجات وفصل وحدات الأعمال.
كما يتم دمج المنتجات التي تلبي احتياجات الشرائح نفسها من العملاء مما يضع شركات التأمين أمام واقع جديد. وستتنوع بعض شركات التأمين في جميع مجالات التأمين لدى وجود طلب من عملائها. و يجب أن تعمل هذه الشركات على توسيع نطاق منتجاتها وتطويرها مبتعدةً عن المنتجات التقليدية أو التي تتطلب ميزانية كبيرة، منتقلةً نحو المنتجات التي تحتاج رأسمال محدود، إضافة إلى توحيد نقاط تقديم الخدمات لتوفير تجربة عملاء أبسط وأكثر تكاملًا.
فصل سلسلة القيمة والتركيز على مصادر القيمة المميزة
ومن المتوقع أن تقوم شركات التأمين بفصل سلسلة القيمة لديها، والتركيز على مصادر توفير القيمة المميزة أو ترك هذه الأجزاء من سلسلة القيمة للشركات صاحبة الأفضلية. وتساعد منهجية الفصل على تحقيق القيمة ضمن نموذج العمل المتكامل، والتركيز على التميز مع إنشاء مصادر جديدة لتحقيق النمو والقيمة.
وسيؤدي هذا التغيير إلى ظهور أربع وحدات أعمال في قطاع التأمين هي (تصميم المنتج وتقييم مخاطره ومزاياه/ وإدارة الميزانية العامة/ والتوزيع/ والتكنولوجيا والإدارة). ويمكن لشركات التأمين البدء عن طريق تحديد كيفية ارتباط نقاط قوة نماذج عملهم بهذه الوحدات الأربعة.
وعلى سبيل المثال، بإمكان المتخصصين في الميزانية العامة التعاون مع شركاء التوزيع، بينما يفضل المتخصصون في تقديم خدمات التأمين الاستفادة من خدمات الشركاء في مجالات تصميم المنتجات وتقييم مخاطرها ومزاياها وإدارة الميزانية العمومية. وتستطيع شركات التأمين بعدها الاستفادة من نقاط قوتها لتحقيق التميز والنمو المثمر واستقطاب المستثمرين.
كما تسهم الهيكلة المتغيرة لقطاع التأمين في توفير فرص جديدة لتحقيق القيمة أمام شركات التأمين ، ما يعزز مواكبة القطاع لاحتياجات المستهلكين ويرتقي بجاذبيته أمام المستثمرين. ويتعين حينها على شركات التأمين رسم مسارها الخاص ضمن هذه التغيرات وتحديد نهجها في تحقيق القيمة، الذي يعتمد بصورة جزئية على الأهداف المؤسسية وتوقعات المستثمرين.
أجندة جذب الاستثمار
ويشهد قطاع التأمين حاليا حضور ستة مواضيع رئيسية على أجندة جذب الاستثمار، تشمل نمو الإيرادات والحصة في السوق، والتنويع (ضمن المناطق الجغرافية والمنتجات)، والتأثير الاجتماعي والمتعلق بالعملاء، وانخفاض وتيرة تقلبات النتائج والأرباح، والعائد على حقوق المساهمين، وتوفير رأس المال.
ويُرجح أن تبدأ شركات التأمين بالتركيز على جميع هذه المواضيع حسب نوع ملكيتها ومالكيها. وستمر شركات التأمين بظروف خاصة ينتج عنها توقعات فريدة لكل منها.
أربعة نماذج من شركات التأمين
و من وجهة نظري فهناك استجابة بأربعة نماذج من شركات التأمين الشامل للأهداف المؤسسية وتوقعات المستثمرين من خلال الاستفادة من نقاط قوتها لتحقيق التميز في القطاع وهي كالتالي :
· شركات التأمين المدعومة برأس المال الخاص والجهات الفاعلة في مجال إدارة الأصول البديلة :
ستسعى هذه الشركات إلى تطوير عوامل جديدة لتعزيز النمو، مثل إقامة مزيد من المشاريع المربحة بعيدًا عن عمليات الاندماج والاستحواذ التقليدية والتوسع الدولي أو الجغرافي. قد تستمر الشركات أيضًا بتعزيز إمكاناتها في مجال إدارة المخاطر (بالنظر إلى محفظتها الاستثمارية عالية المخاطر نسبيًا)، إلى جانب تحسين إمكاناتها في مجال إدارة الاستثمار، من خلال إعادة موازنة المحفظة بصورة ديناميكية، فضلًا عن تطوير موارد إضافية لتحقيق القيمة بعيدًا عن الاستثمار القائم على الأداء – مثل تركيز الجهود على العمليات والتكنولوجيا لإيجاد القيمة- .
· شركات التأمين التبادلي:
قد تسعى شركات التأمين التبادلي، في إطار طموحاتها المستقبلية، إلى تعزيز ابتكاراتها في عروض منتجاتها بهدف تحقيق النمو من خلال تخصيص المنتجات المميزة التي تلبي احتياجات العملاء بالشكل الأمثل، إضافةً إلى إحداث قفزة نوعية في إمكانات التوزيع والتفاعل مع العملاء. كما يمكن لتلك الشركات التركيز على كفاءاتها التشغيلية لخفض التكاليف، ومنح الأولوية لجودة الحوكمة بقصد تعزيز الإنتاجية وتخصيص رأس المال.
· شركات التأمين ذات الأسهم المتداولة:
حيث يتعين على شركات التأمين ذات الأسهم المتداولة تعزيز مزايا التنافسية وتوفير رأس المال في بعض المناطق الجغرافية أو خطوط الأعمال الرئيسية أو أجزاء من سلسلة القيمة. وعلى سبيل المثال، قد تتعاون هذه الشركات مع جهات أخرى لتحقيق الإمكانات الأساسية لإدارة الاستثمار، والتي تساعدها على منافسة شركات التأمين المدعومة برأس المال الخاص أو الجهات الفاعلة في مجال إدارة الأصول البديلة، والاستفادة من الفرص التي يصعب على الشركات النظيرة اغتنامها. ومن الممكن أيضًا أن تعمل على إيجاد طرق مبتكرة للاستفادة من فرص النمو وضمان استقرار قيمتها بين المستثمرين.
· شركات التأمين الحكومية:
يتعين على شركات التأمين الحكومية تطوير منتجات مبتكرة تلبي الاحتياجات المتغيرة للعملاء، توازيًا مع التحول الذي يشهده الطلب على منتجات التأمين وتزايد خصوصيتها حسب كل عميل. كما يجدر بهذه الشركات مواكبة التحول الرقمي في القطاع الخاص وموازنة الاستثمارات الضخمة مع وضعها المالي. كما ننصح شركات التأمين الحكومية بمعالجة مشكلة استقطاب المواهب، مثل تحسين تقييم المخاطر وقدرتها التنافسية أمام شركات التأمين في القطاع الخاص.
و بالنهاية أشير الى أن قطاع التأمين سوف يواجه تحديات مستمرة خلال السنوات القادمة، مثل العوائد بعد خصم تكلفة رأس المال والمخاطر الجيوسياسية والتحديات الجديدة وحالات انعدام اليقين، التي تشمل ارتفاع مستويات التضخم وتقلب بيئات الاقتصاد الكلي.