التأمين و مخاطر تغير المناخ .. إن أزمة المناخ لها آثار شديدة السلبية في مختلف مناحي الحياة وعلى جميع القطاعات و هذا الأمر يؤكد أهمية إيجاد نظام أكثر فاعلية للحماية وإدارة المخاطر حيث أن المخاطر المادية والانتقالية لتغير المناخ تترجم بشكل متزايد إلى مخاطر مالية.كما أوضح أن نحو نصف سكان العالم مهددون بآثار التغير المناخي فقد فقدت نحو 55 دولة من الدول متوسطة ومنخفضة الدخل أكثر من 20% من إجمالي الناتج المحلي الخاص بها بسبب تغير المناخ.
و دور قطاع التأمين هنا هو التكيف مع تغير المناخ و يجب إيجاد الوعي لدى الجميع لضرورة التعامل مع التأمين بوصفه منهجا من مناهج التعامل مع تغير المناخ لقدرته على تقليل المخاطر وحماية البشر وهو ما يستلزم توجه صناعة التأمين نحو شراكات أكبر بين القطاعين العام والخاص وتوفير آليات للحماية في إطار التحول العادل.
فالتأمين ضد مخاطر المناخ لديه القدرة على الحد من التأثير الكارثي لظواهر التغير المناخي وتحقيق التعافي في الوقت المناسب والمساهمة في استدامة الصمود في مواجهة تغير المناخ. حيث يمكنه دعم إدارة المخاطر المناخية والمساهمة في تحقيق الصمود في مواجهة التغير المناخي وخلق مساحة من الثقة تعزز التخطيط والاستثمار في مشروعات المناخ كما يمكنه توفير إغاثة مالية موثوقة في الوقت المناسب تساعد على تعزيز العمل المبكر في مواجهة أي كارثة، وزيادة وتيرة التعافي من أجل استعادة سبل كسب العيش وإعادة بناء البنية التحتية الحيوية وإعادة الإعمار حتى يتمكن الناس والمجتمعات المحلية والاقتصادات من النهوض من جديد.
و أود أن أشير الى أن البنك الدولي والصندوق العالمي للحد من الكوارث والتعافي من آثارها يقومان بالتعاون مع الشركاء بتطوير حلول التأمين وتوفير التمويل لمساعدة البلدان المعرضة للخطر على إدارة مخاطر الكوارث بطريقة استباقية بالاستعانة بمجموعة من الأدوات المالية.
وبالإضافة إلى الحلول السيادية كخطط التأمين حيث تكون الحكومات نفسها هي صاحبة وثيقة التأمين، يمكن للأفراد والأسر المعيشية أيضاً الحصول على تغطية تأمينية ضد آثار الكوارث. على سبيل المثال، يوفر صندوق التأمين العالمي المستند إلى المؤشرات التابع لمجموعة البنك الدولي حلولاً لتحويل مخاطر الكوارث وتوفير التأمين المستند إلى المؤشرات للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، وأصحاب المشروعات متناهية الصغر، ومؤسسات متناهية الصغر في البلدان النامية. وقد قدم 151 مليون دولار في شكل تأمين يغطي نحو 6 ملايين شخص، لاسيما في مناطق أفريقيا جنوب الصحراء وآسيا وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي.
ويمكن أن تساعد حلول التأمين الحكومات على حماية الميزانيات الوطنية وأيضاً حياة مواطنيها وسبل كسب عيشهم من آثار الكوارث، مما يحمي في نهاية المطاف الجهود المبذولة من أجل التنمية الاقتصادية والحد من الفقر. ففي كل عام، يسقط نحو 26 مليون شخص في براثن الفقر من جراء الكوارث مثل حالات الجفاف والفيضانات والأعاصير والزلازل. وعند حساب الآثار على الرفاه، تكلف الكوارث الاقتصاد العالمي ما يقدر بنحو520 مليار دولار سنوياً، مع تحمل البلدان المعرضة للخطر، ولاسيما مجتمعاتها المحلية الأشد فقراً، العبء الأكبر لآثار الكوارث. فقطاع التأمين يمثل عنصرًا حيويًا في مواجهة التغير المناخي.