ما دلالات إرتفاع أو إنخفاض نسب الاحتفاظ بشركات التأمين؟ وهل يمكن من خلالها قياس – ولو بشكل جزئي- ، رشادة القرار الإكتتابي ؟، او ما يتعلق بقبول او رفض الخطر المراد التأمين عليه؟ وهل هناك علاقة بين نسبة الطاقة الاستيعابية ومعدل الاحتفاظ؟ وما دور معدل الاحتفاظ ونسبة الطّاقة الاستيعابية المستغلة في تحليل أخطار المحفظة التأمينية؟
هناك فرضتين ، أو سيناريوهان رئيسيان لاثالث لهما – كما أظن بالطبع-، الاول أنه يوجد علاقة ذات دلالات احصائية ، بين الطاقة الاستيعابية المستغلة ومعدل الاحتفاظ، والفرضية الثانية هي انه لايوجد اية علاقة من الأساس بين نسبتي ، الطّاقة الاستيعابية المستغلة ، وحجم الأخطار التي تتعرض لها المحفظة التأمينية؟.
لماذا السيناريو الأول أقرب للواقع؟
عمليًا- وفقًا لنتائج أعمال شركات التأمين في السوق المصرية– ونظريًا- وفقًا لسلاسل ماركوف في تحليل معدلات الاحتفاظ، كانت احتمالات السيناريو الأول أقرب للواقع، اي وجود ارتباطٍ بين نسبة الطاقة الاستيعابية المستغلة ومعدل الاحتفاظ، إضافة إلى الارتباط بين نسبتي الطّاقة الاستيعابية المستغلة وحجم الأخطار التي تتعرض لها المحفظة التأمينية لدى الشركات، فضلاً عن تأثر نسبة أخطار إعادة التأمين عكساً مع معدل الاحتفاظ.
ويعتبر تقدير مؤشري معدّل الاحتفاظ و الطّاقة الاستيعابية المستغلة ، من أصعب الأمور عند وضع برنامج إعادة التأمين ، وقد أجريت محاولاتٌ عديدةٌ للتغلب على ذلك باستخدام الأساليب الرّياضية والإحصائية ، لكن لم يتم الوصول لحلول ناجعة أو نهائية ، ويبقى بذلك عنصر الخبرة أهمّ عاملٍ لتقدير وتحديد البرنامج المناسب الذي يحقق التوازن في المحفظة التأمينية.
المعدل المقبول لنسب الاحتفاظ بشركات التأمين؟
علي أية حالِ، معدل الاحتفاظ ، هو أداة نقيس من خلالها او نصل لها من خلال صافي الأقساط المكتتبة في السّنة مقارنة بإجمالي الأقساط المكتتبة في العام نفسه.
والمدى المقبول للمعدل السابق، هو أن يكون أكبر من 50% ، لأن معدّل الاحتفاظ بالأقساط يشير إلي مدى اعتماد شركة التأمين ، علي معيدي التأمين Re-insures , وإرتفاع هذا المعدل يعطي انطباعات او دلالات تأمينية ، منها ذِكرًا وليس حصرًا، انتقاء شركة التأمين للعمليات التي تقبلها رغم ظّروف المنافسة الحادّة- أغلبنا يعرف أسبابها ونتائجها- ، والثاني توفر الملاءة المالية للشّركة لكي تمكّنها من سداد نصيبها من التعويضات عن العمليات التأمينية التي تقبلها ، ناهيك عن أنه يعكس وجود إدارة تأمينية لديها وعي وقدرة علي اتخاذ القرار المناسب في عملية إعادة التأمين.
أروم – اي أتمني- أنتهاءً أن تضع شركات التأمين المصرية، معدل الإحتفاظ محل إهتمامها، ليس إضطرارًا بالطبع نتيجة رفض شركات الإعادة قبول المخاطر، لعدم كفاءتها او لردائتها، كما يستسيغ البعض توصيفها، ولكن زيادة نسب الاحتفاظ، رغبة في استثمار عوائدها، وتيقنا من سياسات القبول و”جودة الخطر”، لان ذلك سيؤدي بما لايدع مجالًا للشك، للتخفيف من الضغط علي العملة الدولارية.
ولمن لايعرف من القراء غير المتخصصين، معدل الاحتفاظ ، هو قيمة الأقساط التي تحتفظ بها شركات التأمين ضمن طاقتها الاستيعابية من إجمالي الأقساط المكتتبة بكل فرعٍ من فروع التأمين ، وتقوم شركات التأمين المباشرة ، بإعادة تأمين ما يزيد عن معدّل الاحتفاظ لدى شركات إعادة التأمين المحلية و/أو العالمية. فزيادة معدلات احتفاظ شركة التأمين يتبعه زيادة الطّاقة الاستيعابية للسّوق في مجمله، وهذا دون إهمال الأسس الفنية السّليمة لعملية الاكتتاب.
ماذا يُقصد بسلاسل ماركوف؟
ولمن لايعرف أيضًا، نظرية ماركوف او سلاسل ماركوف ، هي ببساطة ، عملية رياضية يتم من خلالها توقع او تكهن المستقبل بناءً علي النتائج الحالية او الحاضر ، بدون الحاجة لمعرفة الماضي ، وسُميت بسلاسل ماركوف او النظرية الماركوفية نظرًا لأن مُبتكرها هو العالم الرياضي الروسي الشهير ماركوف.