في كل محفل عالمي تؤكد دولة الإمارات فرادتها وتميزها ومكانتها الرفيعة، وأنها أهل للصنائع العظيمة والمواقف التاريخية المشرفة والكبيرة.وها هو العالم في حال انبهار أمام هذا النموذج الفريد وهذا العطاء النادر وهذا التفاني في الإخلاص والحرص والالتزام والإحساس العالي بالمسؤولية تجاه البشرية جمعاء والأرض وتجاه أجيال الحاضر والمستقبل.
نموذج فريد تجسد في إعلان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات -حفظه الله- خلال القمة العالمية للعمل المناخي، عن إنشاء صندوق بقيمة 30 مليار دولار للحلول المناخية على مستوى العالم، لسد فجوة التمويل المناخي وتيسير الحصول عليه بتكلفة مناسبة، بالإضافة إلى تحفيز جمع واستثمار 250 مليار دولار بحلول 2030.
وحدها الأرقام أبلغ من كل مقال وهذا الإعلان كفيل بأن يجعل العالم يقف وقفة احترام وانبهار أمام شجاعة وإقدام منقطعي النظير للقائد العربي، انطلاقاً من أرض عربية حملت مسؤولية التصدي لقضية كونية بالتزامات عالية والجميع يدرك حجم التحدي وحجم المسؤولية.إننا أمام لحظة تاريخيّة بهذا الإعلان الفارق المهم الذي أقدمت عليه دولة الإمارات، وجاء في اليوم الثاني ليمثل مفاجأة المفاجآت. وكان اليوم الأول أيضاً قد تميز بمفاجأة وجدت الترحيب والإشادة الدولية.
إنجازات عظيمة وغير مسبوقة تتوالى في كل يوم من أيام COP28، والإمارات كعادتها تخطف الأنظار وتزرع الدهشة والفخر، ومنذ اليوم الأول أبت إلا أن تكون بدايته قوية تبشر بالخير للأرض والبشرية؛ فخلال الساعات الأولى لانطلاق مؤتمر الأطراف أعلنت عن مساهمتها بمبلغ 100 مليون دولار لتقديم الاستجابة الفعالة لتداعيات تغير المناخ، وهو ما لم يحدث قط في أي من دوراته السابقة، ودعت على لسان الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، جميع الدول القادرة إلى المساهمة في هذه الجهود وتكريس روح التكاتف بين البشر.
ولنا أن نتخيل المقاربة بين قرار تشغيل الصندوق الذي أُقر إنشاؤه في دورة 27COP السابقة بمساهمة الإمارات بـ100 مليون دولار، الذي اعتبر قراراً تاريخياً، فماذا سنقول أمام إعلان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، شخصياً بإنشاء صندوق بقيمة 30 مليار دولار.. إنه لأمر مدهش بكل المقاييس.. وأين الغرابة وهكذا هي دائماً دولة الإمارات ترفع سقف الإنجازات والصنائع وفوق التوقعات.
الجميع يعلم جيداً ماذا تعني رئاسة دولة الإمارات لمؤتمرCOP28 ؟ فعلاوة على مكانتها الدولية الرفيعة ولكونها تحظى بتقدير عالٍ، ونظراً لخبرتها العميقة في الإدارة والتنظيم، فإن الجميع يترقب كل إعلان وبيان وتصريح له صلة ما بها في هذا المؤتمر؛ لأن الجميع يعلم أن دولة الإمارات إذا قالت فعلت، وإذا تبنت أقنعت وصنعت فأدهشت. فالعالم من أقصاه إلى أقصاه يثق بدولة الإمارات ثقة راسخة في مصداقيتها وشفافيتها المعهودة وفي التزامها وبدورها المحوري المهم في العالم.
إن دولة الإمارات تعمل في وضح النهار على تبني التوافق وتقريب وجهات النظر والآراء، وتدفع بالجهود لتقديم نتائج مناخية واعدة وطموحة، وتوجه القناعات لإحراز كل تقدم في معالجة تغير المناخ لصالح الكوكب ولصالح البشرية، ليس بالشعارات بل بالعمل فهي تجمع ولا تفرق فهي مشغولة بما هو أسمى وما هو أعلى، ورغم أنها غير ملزمة بالمساهمة في صندوق الأمم المتحدة إلا أنها كانت سباقة كعادتها فالتزمت بتخصيص بإنشاء صندوق بثلاثين مليار دولار علاوة على مساهمتها بمبلغ 100 مليون دولار لمواجهة الخسائر والأضرار الذي أعلنت عنه في اليوم الأول.
إنها دولة الإمارات موطن كل لقاء مستنير، ومكان كل تواصل مثمر، ومؤتمر الأطراف الذي يقام فيها هو مؤتمر من أجل الجميع ولأجل هدف واحد جمعت فيه الدول الفقيرة بالغنية، وجمعت الشرق بالغرب والشمال بالجنوب من أجل الأرض والمناخ ومن أجل البشرية ومن أجل الأجيال القادمة وإنسان الأزمنة القادمة.
بتنظيمها وبمواقفها ومساهماتها، تؤكد دولة الإمارات وهي ليست بحاجة إلى تأكيد من خلال مؤتمرCOP28 ، أنه وأمام عظم المسؤولية لإنقاذ الأرض ومن أجل البشرية ومن أجل الأجيال تهون كل العوائق وكل التحديات وتعلو القيم الكبرى، ولا مجال لفكرة انتصار أحادي أو منافسة بين الدول أو أن تهزم دولة ما دولة أو تغزو دولة أخرى أو تفكر دولة ما في إقصاء أو إزالة أخرى من خارطة العالم، لكنّ الفكرة هنا أكبر من أن تحكم دولة دول العالم أو أن تستفرد بقرار أو تحتكر مصير البشرية.. فهنا الجميع يجمعهم المصير الواحد والخلاص الوحيد.
إنها دولة الإمارات موطن اللقاء والتواصل من أجل الأرض والبشرية.. هنا حيث توحد العالم فخرج بنتائج مبهرة لأول مرة في تاريخه بمواقف مشرفة عظيمة وبحلول عملية فعالة لتحدي التغير المناخي؛ على رأسها توفير التمويل بصورة ميسرة وتكلفة مناسبة.فبعد أن كان الهدف يتأرجح بين الطموحات ومناقشة الخيارات لإحراز تقدم، تجاوز العالم أصعب مرحلة ودخل مراحل العمل الأولى التي تتسم بالفاعلية أمام القضية الأولى في الوجود والتي تختصر معادلتها في الأرض والإنسان.