كتب عبد الخالق رؤوف ، الأمين العام السابق للاتحاد العام العربي للتأمين GAIG ، مقالًا اختص نشره في خبري نيوز بعنوان ” أثر تغليب المصالح الشخصية علي المصلحة العامة في بيئة العمل ” ، قال فيه الأتي .
في أي مؤسسة، سواء كانت حكومية أو خاصة، يعد التوازن بين المصالح الشخصية والمصلحة العامة أمرًا جوهريًا لضمان تحقيق الأهداف المشتركة وخلق بيئة عمل مستقرة ومنتجة. ومع ذلك، عندما تُغلّب المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة، تبدأ المشكلات الإدارية والتنظيمية في الظهور، مما يؤدي إلى ضعف الأداء، وانتشار الفساد الإداري، وتراجع الروح الجماعية في العمل و أوضح ما أشير اليه في السطور التالية :
مفهوم المصلحة الشخصية والمصلحة العامة:
المصلحة الشخصية تشير إلى تحقيق الفرد لمكاسبه الخاصة، سواء كانت مالية، مهنية، أو اجتماعية، دون النظر إلى تأثير ذلك على الآخرين. أما المصلحة العامة، فهي تحقيق الفائدة للمجموعة ككل، بما يضمن تطور المؤسسة واستدامتها، وتحقيق العدل والشفافية بين جميع العاملين.
أسباب تغليب المصلحة الشخصية
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى تغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة في بيئة العمل، ومنها:
غياب الرقابة والمساءلة: عندما لا توجد قوانين صارمة أو نظم رقابية فعالة، يصبح من السهل على بعض الأفراد تقديم مصالحهم الشخصية على حساب العمل الجماعي.
ضعف القيم الأخلاقية: قلة الوعي الأخلاقي والمهني قد تدفع بعض الأفراد إلى استغلال مناصبهم لتحقيق مكاسب خاصة. على سبيل المثال ( التربح من المنصب …إلخ)
نقص العدالة والمساواة: عندما يشعر الموظفون بعدم وجود عدالة في التوزيع الوظيفي والترقيات، فقد يلجأ البعض إلى طرق غير مشروعة لتحقيق طموحاتهم.
ضعف القيادة الإدارية: الإدارة الضعيفة وغير الفعالة قد تساهم في تفشي السلوكيات الفردية السلبية، مما يؤدي إلى تراجع الأداء العام.
و تؤدي هذه الظاهرة إلى العديد من المشكلات التي تعرقل مسيرة العمل وتؤثر على جميع الأطراف، وأبرز هذه الآثار:
انخفاض مستوى الإنتاجية: عندما يصبح الموظفون أكثر تركيزًا على مصالحهم الفردية، يقل التعاون والتنسيق، مما يؤثر سلبًا على كفاءة العمل.
انتشار الفساد الإداري: يصبح استغلال النفوذ والمحسوبية ظواهر شائعة، مما يؤدي إلى تراجع الشفافية والنزاهة داخل المؤسسة.
ضعف الولاء المؤسسي: الموظفون الذين يرون أن المصالح الشخصية تطغى على العامة يصبح لديهم إحباط وانعدام الولاء لمكان العمل.
تفاقم النزاعات الداخلية: عندما تتعارض المصالح الشخصية، تنشأ الخلافات بين الموظفين، مما يؤدي إلى بيئة عمل غير صحية.
و أشير من واقع خبرات عديدة في تولي مناصب قيادية متعددة آخرها تولي منصب أمين عام الاتحاد العام العربي للتأمين لأكثر من عشرين عاماً و لغرض مواجهة هذه الظاهرة وتعزيز روح التعاون في بيئة العمل، يمكن اتباع الاستراتيجيات التالية:
تعزيز قيم النزاهة والشفافية: وضع سياسات واضحة تحث على الأخلاق المهنية، وتطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة.
تفعيل آليات الرقابة والمحاسبة: يجب أن تكون هناك رقابة مستمرة تضمن أن جميع القرارات تُتخذ بناءً على معايير مهنية عادلة.
تحفيز الموظفين على العمل الجماعي: تشجيع روح الفريق وتقدير الإنجازات الجماعية بدلًا من التركيز على النجاحات الفردية.
تحقيق العدالة الوظيفية: التأكد من أن جميع الموظفين يحصلون على فرص متساوية للترقيات والمكافآت بناءً على الأداء وليس العلاقات الشخصية.
تعزيز القيادة الإدارية الفعالة: تطوير القادة داخل المؤسسة ليكونوا قدوة في اتخاذ القرارات العادلة وتوجيه الفريق نحو تحقيق المصلحة العامة.
أخيرًا وليس أخرًا ، تحقيق التوازن بين المصالح الشخصية والمصلحة العامة في بيئة العمل أمر ضروري للحفاظ على استقرار المؤسسات وضمان تقدمها. وعندما يُدرك الأفراد أن نجاحهم الشخصي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بنجاح المؤسسة ككل، فإن ذلك يؤدي إلى بيئة عمل أكثر إنتاجية واحترافية. ولذلك، فإن نشر ثقافة التعاون والشفافية وتطبيق معايير العدالة هي مفاتيح أساسية لبناء مؤسسات قوية ومستدامة.