ملفات ضاغطة، وأمورًا متشابكة، فما أن حاول الإقتصاد المصري والعالمي إلتقاط أنفاسه بعد التعافي النسبي من كورونا، إلا وداهمه التضخم ، وكأنه لم يهن عليه أن يترك قطاعات الإقتصاد المختلفة ، تهنأ ولو لفترة قليلة كفترة نقاهة.
في المقابل، توجد صناعة بطبيعتها ليست موسمية، اي تنشط وتزيد مبيعاتها في فترة وتخمل في فترة أخري، بل علي العكس طبيعتها وخصوصيتها يجعلها مهمة في فترة الأزمات قبل الرخاء ، أقصد هنا التأمين كنشاط قائم علي ترويض المخاطر وتهذيبها ومحاولة الخروج من تأثيراتها بأقل خسائر ممكنة، حماية للعميل الذي إطمئن لها وإتكل عليها كظهير حمائي له.
من بين اللاعبين في الصناعة ، شركة “أورينت للتأمين التكافلي – مصر” ، إستطاعت رغم حداثة تواجدها إذا ما قورن بعُمر الشركات أن تحجز لها مكانا وسط الكبار، ليس فقط من مقياس الحصة السوقية أو أقساطها المباشرة التي دخلت من خلاله نادي المليار جنيه، ولكن بسبب العوائد المحققة عن هذه الحصيلة فنيًا ، أو ما يُعرف بفائض الإكتتاب التأميني، ناهيك عن قدرتها في ضبط سياستها الإكتتابية ، ما إنعكس بالضرورة علي سياسة قبول الخطر ، وإنتقاء العملاء.
محمد مصطفي عبد الرسول، العضو المنتدب لشركة “أورينت للتأمين التكافلي- مصر” أكد أنه يستهدف نمو في العام المالي الحالي ، يصل الي 15%، إلا أن هذا النمو في الأقساط لا يعني التنازل عن مؤشر الربح الكلي.
وأشار عبد الرسول في حواره الموسع لـ”خبري” أن شركته ليست الأرخص علي مستوي السوق، في إشارة لعدم الإنزلاق لمستنقع المنافسات السعرية الضارة، وأنها تسعي لزيادة نسب إحتفاظها من الأخطار ، إعتمادًا علي نقطتين، أولاها الملاءة المالية الضخمة ، والثاني جودة السياسة الإكتتابية.
وتطرق الحوار إلي ملفات أخري لها علاقة بإعادة التأمين، وكيفية قياس شركة التأمين سواء من جانب العملاء أو من جانب شركات الإعادة، بالإضافة الي أبرز التحديات التي تواجه السوق المصرية ، وإنعكاس تأسيس مجمعات للتأمين علي ضبط السوق فنيا، علاوة علي دور المعايير المحاسبية في ضبط المنافسات السعرية.
وإلي نص الحوار:-
خبري:السوق المصرية ستبدأ تطبيق المعيار المحاسبي IFRS 9 والسوق الأردنية ستطبق المعيار الأحدث IFRS 17 ، علي كلِ، هل المعيار المصري سيحد من المنافسة السعرية، أو بمعني أخر أن كورونا أثرت علي بعض الفروع كالبحري والطبي والسيارات، وبالتالي ستسعي الشركات للتركيز علي فروع أخري لتعويض ما فقدته في الفروع السالفة، فهل يمكن ربط ذلك كله بمؤشر التسعير؟
محمد مصطفي عبد الرسول : السوق المصرية ستطبق المعيار المحاسبي IFRS 9 العام الجديد 2022 ، وستطبق المعيار الأحدث IFRS 17 في 2023.
لكن دعني أدخل في الموضوع، معيار المحاسبة المصرى رقم 47 ” الادوات المالية ” الذي سيتم تطبيقه قريبًاK بما يتفق مع معيار التقارير الدولى رقم IFRS9 ، وبالتالى فان نموذج الإيضاحات سيختلف من شركة الى أخرى وذلك حسب حالة كل شركة وظروفها والسياسة التى ستختارها، ومن المرجح أن يكون تأثير المعيار الجديد أكثر أهمية بالنسبة للمؤسسات المالية، وبالنسبة للبنوك وشركات التأمين على وجه الخصوص.
وسيترتب على تطبيق هذا المعيار ، تطبيق قواعد الحوكمة والرقابة ، لأن التطبيق سيكون عبارة عن افتراضات محاسبية ولابد من مراعاة إعادة تصنيف الأصول طبقا للمعيار الجديد، و تكوين مخصص الاضمحلال للمخصصات التجارية وليست الفنية، و الإفصاح والعرض فى القوائم المالية، وكل ما سبق مرتبط بوجود إدارة مخاطر داخل شركات التأمين، لان التصنيف مبنى على دراسة مخاطر السوق، مخاطر الائتمان، مخاطر التشغيل.
شركات التأمين ستضطر لزيادة أسعارها أو خفض عمولات الإعادة بعد تطبيق المعيار IFRS 17
خبري: هل المعيار المحاسبي أيا كان نوعه وتحديدًا IFRS 17 سيؤثر علي طبيعة المنافسة، لاسيما وأن معيدي التأمين يعملون به وهو يعتمد في الأصل علي تقييم الشركات او المؤسسات وفقًا للربحية الفنية؟
عبد الرسول: معيد التأمين في علاقته مع الشركات، يتعامل وفق رؤيته ، وكذا الطاقة الإستيعابية المتاحة لديه، وهذه الطاقة هي ترجمة لرأسمال شركة إعادة التأمين، ومن ثم يتم توزيع هذه الطاقة وفقًا لنتائج أعمال شركة التأمين، والربحية الفنية المحققة ، هذه نقطة.
النقطة الثانية، أن شركات التأمين حينما ستطبق المعيار المحاسبي IFRS 17 ستكون أمام خيارين، إما زيادة أسعارها أو مؤشر تسعيرها أو أنها ستتعرض لخفض عمولة الإعادة التي تحصل عليها من معيدي التأمين ، لأن معيد التأمين مثله مثل شركة التأمين يقيس تكلفة رأس المال بعوائده عليها.
خبري: المفاضلة بين زيادة الأسعار أو التنازل عن جزء من عمولة إعادة التأمين، الخيار هنا يكون لشركة التأمين أم لمعيدي التأمين؟
عبد الرسول: معيد التأمين ليس لديه رفاهية منح الخيارين لشركة التأمين.
بمعني أن شركات الإعادة في تعاملاتها أو خلال تجديد الإتفاقيات مع الأسواق المباشرة تكون مرتبطة ببعض المحددات، منها التكلفة والعائد ،والقناة التي تحقق العائد، بمعني هل الأرباح فنية أم استثمارية ؟ وبالطبع يتم قياس نتائج شركة التأمين التي يتعامل معها، لكن في الأصل شركة الإعادة تدرس تكاليفها والعوائد المستثمرة علي رأس المال، وقنوات تحقيقها.
علي كل لابد من التأكيد أن اسعار اعادة التأمين شهدت زيادة بعد كورونا نظرًا لصعوبة إعادة إعادة التأمين أو ما يسمي بالـ Re reinsurance ، ومن المعتاد أن تتحول أسواق الإعادة من أسواق مرنة “Soft Markets ” إلى أسواق متشددة “Hard Markets” وذلك من فترة لأخرى ، فيما تتعامل كل شركة تأمين مباشر مع ذلك وفقا لسياستها.
و تحديد السياسة السعرية وضوابط الاكتتاب يختلف من شركة تأمين لأخرى ، وهى قد اعتادت على التغيرات فى أسواق إعادة التأمين ، التى تحدث عادة عقب الأزمات المالية والاقتصادية العالمية، وتلك التحولات تكون مناسبة جيدة لشركات التأمين للتغلب على أى أخطاء أو هفوات فى الاكتتاب.
وبشكل علمي وفني، يتم تحديد التسعير أو تقييم معيدي التأمين لشركة التأمين المباشر ، وفقًا للمتوسط العام ، وهو ما يتم إعداده عن فترة زمنية وليس عامًا بأخر، وقياس بوصلة المؤشر ، سواء نموًا وزيادة أم تراجع وانخفاض؟ وبناءً عليه يتم تحديد نوع الاتفاقية وليس التسعير.
ولابد أن أشير هنا، إلي أن سوق الإعادة إزداد صعوبًة وتحول إلي Hard Market من قبل أزمة كورونا.
خبري: متي يرفض معيد التأمين زيادة الطاقة الاستيعابية لشركة التأمين حتي وإن كانت الأخيرة تحقق نتائج مقبولة؟
عبد الرسول: تحديد الطاقة الاستيعابية يتم وفق نتائج أعمال شركة التأمين ، والأهم تكلفته علي معيد التأمين، بمعني أن أورينت للتأمين في حال ما إذا كانت طاقتها الاستيعابية- كمثال وليس معلومة- مليار جنيه، ولديها رغبة في زيادتها الي 1.2 مليار جنيه، ففي الأغلب ترفض شركة الإعادة ، لإرتفاع التكلفة عليها، أو أن تلجأ للسيناريو الثاني وهو زيادة الطاقة الاستيعابية مقابل خفض عمولة الإعادة.
خبري: متي تلجأ شركة التأمين لخفض عمولة الوسيط؟
عبد الرسول: الأمر يرتبط بطبيعة كل شركة تأمين وظروفها.
خبري: ظروف مالية أم ظروف عمولات الإعادة أم نتائج الإكتتاب سواء في الفرع التأميني او في المحفظة كاملة؟
عبد الرسول: حسب التكلفة ، أقصد وفق نسبة عمليات الإدارة في إجمالي المحفظة أو ما يسمي بالتأمين المباشر، ونسبة العمليات أو الأقساط المحققة عن طريق الوسطاء، والتكلفة الإجمالية علي المحفظة الكلية، سواء مصاريف عمومية أو إدارية، وبطبيعة الحال عمولات إعادة التأمين عامل من العوامل المحددة لنسبة عمولة وسيط التأمين، لأنه من غير المقبول أن يتم منح عمولة سمسرة تأمين مباشر أعلي من عمولة الإعادة.
زيادة نسب الإحتفاظ بنسبة 10% لقوة الملاءة المالية .. وحصة المساهمين من الأقساط 6%
خبري: ما متوسط نسب الإحتفاظ بأورينت للتأمين وهل هناك خطة لزيادتها؟
عبد الرسول: تم زيادتها بالفعل بعد رفع رأس المال المدفوع لـ 250 مليون جنيه، وحقوق المساهمين إرتفعت إلي 760 مليون جنيه، والسبب في ذلك عدم صرف أرباح إلا كل ثلاثة أعوام، وهي سياسة المركز الرئيسي في الإمارات، والهدف دعم الملاءة المالية، بما ينعكس بالضرورة علي زيادة حدود الإحتفاظ.
خبري: هل زيادة نسب الإحتفاظ مرتبطة بالطاقة الإستيعابية لشركة التأمين أم بالمتوفر من الطاقة الاستيعابية لمعيدي التأمين، أم يرتبط بنتائج شركة التأمين؟
عبد الرسول: بنتائج شركة التأمين
خبري:وما نسبة الزيادة التي جرت في العام المالي الحالي 2021/2022؟
عبد الرسول: تم زيادة نسبة الإحتفاظ علي الإتفاقيات بنسبة تتراوح من 10 إلي 15% تقريبًا، وبناء علي نتائج العام المالي الجاري، سيتم تحديد نسبة الزيادة في العام المالي المقبل، لكن الأهم أو ما نعكف عليه الأن هو ملف المعيار المحاسبي الجديد ، لتعقيده خاصة المعيار IFRS 17 ، فمثلا التعويضات ملف شائك ومعقد، حيث تقوم بوضع مخصص معين ويتم قياس معدل الخسارة كل خمسة أعوام ، وطبيعة المؤشر والتغييرات فيه او ما يسمي “Trading view “.
خبري: هل الإدارات المالية تعي أهمية التحديثات الجديدة للمعايير المحاسبية ودورها أو إنعكاسها علي التأمين؟
عبد الرسول: في أورينت الموضوع مختلف نسبيًا، ففي المركز الرئيسي بالإمارات، تم الإستعانة باستشاريين عالميين للمجموعة، و تدريب العناصر البشرية والإدارات التنفيذية ، حول المعايير المحاسبية، وبطبيعة الحال الهيئة العامة للرقابة المالية ستطلب من الشركات تطبيق المعيار في الوقت المناسب والآلية المناسبة بعد تدريب كافة العناصر المُخاطبة بهذا المعيار او التي تستخدمه، وأورينت للتأمين كمجموعة قابضة في الإمارات وأذرعها في الدول المختلفة تلقت تدريبات مكثفة بخصوصه كنوع من التحوط للمخاطر او الآثار الناتجة عن التضخم.
خبري: ما نسبة النمو المتوقعة في محفظة الأقساط المباشرة بأورينت للتأمين؟
عبد الرسول: العام المالي الماضي 2020/2021 المنتهي في يونيو الماضي، حققت الشركة نموًا بلغت نسبته 30% في محفظة أقساطها المباشرة، لتصل الي 1.3 مليار جنيه تقريبًا، وأتوقع أن تتراوح نسبة النمو في العام المالي الحالي 2021/2022 ما بين 10 إلي 15% وهي نسبة جيدة مقارنة بالتآثيرات الإقتصادية ، بالإضافة الي سياسة الشركة بشكل عام في النمو المتعقل أو المتأني، ونسبة النمو المستهدفة سنويًا في حدها الأدني من 10 إلي 15%.
خبري: وماذا عن المنتجات الجديدة؟
عبد الرسول: نعكف علي دراسة المنتجات المرتبطة بالأفراد، أو التجزئة Retail ، وهو تربة جيدة لتنويع المنتجات وإبتكارها علي عكس المنتجات المرتبطة بالمؤسسات أو Corporate .
خبري:تركيز شركات التأمين خاصة الجديدة منها في بداية عملها عادة ما يكون علي التجزئة أو الـ Retail لتسويق نفسها ثم بعد ذلك تكون المرحلة الثانية بالتركيز علي الـ Corporate بحيث تكون قد إكتسبت قاعدة معينة من العملاء وأثبتت خبراتها، علي عكس أورينت التي بدأت بالـ Corporate ثم التركيز في المرحلة الثانية علي الـ Retail؟ فهل لإعتمادها علي المساهمين في البداية؟ و ما هي فلسفة التواجد العكسي؟
عبد الرسول: أولًا وجود قاعدة مساهمين قوية في أورينت أمر يدعمها، الأمر الأهم أن الشركة إعتمدت في عامها الأول علي المساهمين ولايمكن إنكار ذلك، أما الأن فإجمالي نصيب المساهمين من الأقساط المباشرة لا تتجاوز 6%.
لكن دخولًا في الموضوع، قاعدة البدء بالتجزئة ، ثم بعد ذلك التركيز علي الشركات أو المؤسسات ، ليست قاعدة جامدة، ولكن تخضع لسياسة كل شركة تأمين، وأورينت وضعت في البداية خطة لتسويق نفسها لدي المؤسسات والشركات واصحاب الأعمال، وهو ما لايمكن تحقيقه دون التركيز علي تأمين الـ Corporate، هذه نقطة.
النقطة الثانية، أن تأمين الـ Corporate يعد رافدًا جيدًا للأقساط الضخمة بتكلفة أقل نسبيًا مقارنة بالتجزئة، أما النقطة الثالثة وهي الأهم ، أن تأمين التجزئة أو الـ Retail لم يكن معروفًا بالشكل الكافي حينما بدأت أورينت نشاطها في السوق عام 2009.
خبري:هل التركيز علي شريحة الـ Retail الفترة الحالية سيقتصر علي تسويق منتجاته Online؟
عبد الرسول: سيتم تسويق منتجات الأفراد عبر الـ Online بعد موافقة الهيئة العامة للرقابة المالية، وفي نفس الوقت عدم إغفال البيع النمطي المتعارف عليه.
خبري: هل في جعبة أورينت أي خطط لها علاقة بالتوسعات الجغرافية؟
عبد الرسول: من وجهة نظري، التوسعات الجغرافية ليس لها سند الفترة المقبلة، بمعني أنها ليست ذات معني إلا إذا تحققت بعض الشروط أو علي الأقل توافرت هذه الشروط، وهي تكلفة الفرع، والربحية المتوقع تحقيقها مقارنة بالتكلفة، وفرص النمو في المنطقة التي يتواجد فيها الفرع، فإن كانت نتيجة المعادلة بالإيجاب فلا مانع من التوسع والعكس صحيح.
علي كلِ، أورينت للتأمين التكافلي موجودة حاليًا في القاهرة كمقر رئيسي وثلاثة فروع جغرافية في القاهرة الكبري، بخلاف ثلاثة فروع أخري منها الإسكندرية والغردقة.
خبري: وبالنسبة للخطط المرتبطة برأس المال؟
عبد الرسول: رأسمال أورينت حاليًا 250 مليون جنيه، وهو رقم كاف للتوسعات الحالية والمستقبلية، ولا داع لزيادته حاليًا.
خبري: كعضو مجلس إدارة في الإتحاد المصري للتأمين، ما الأجندة أو خطة العمل التي يركز عليها محمد عبد الرسول؟
عبد الرسول: بادئ ذي بدء، الإتحاد المصري للتأمين في دورته السابقة قام بجهود وإجراءات عديدة لايمكن لموضوعي إنكارها، وفي السنوات الأربع الحالية والتي شرفت فيها بإنتخابي عضوًا بمجلس الإدارة ، سنكمل ما بدأه السابقون او المجلس السابق بمعني ادق.
وأود أن أشير إلي أن الإتحاد المصري للتأمين هو واجهة لكافة الشركات، وأن يكون الكيان التنظيمي قوي يعني أن الشركات نفسها قوية ، أما عن خطتي، فأسعي بالتعاون مع باقي أعضاء المجلس وكذا رئيسه، بأن يكون للجانه الفنية دور أكبر وأقوي، لأسباب لها علاقة بأن اللجان الفنية في الإتحاد تعد مرجعًا للسوق كله، كونها تتشكل من خلاصة وعصارة خبرات السوق.
اللجان الفنية بإتحاد التأمين مرجعًا للسوق وقوة الكيان التنظيمي من قوة أعضائه
خبري: هل هناك ملفًا محددًا مهموم به بخلاف رفع كفاءة اللجان الفنية؟
عبد الرسول: المنافسة السعرية، وهو أكثر التحديات إرهاقًا للسوق، وأحلم أن تكون الفترة الحالية بداية النهاية لهذا المسلسل المُمل ، نظرًا لخطورته علي السوق والصناعة من جهة، بالإضافة الي الرغبة في ترك إرث من الممارسات المنضبطة كخريطة عمل أو مرجعًا للأجيال القادمة، مثلما تعلمنا نحن الجيل الحالي من أساطين القطاع في سوابق عهدهم.
خبري: ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، أقصد أنه علي الرغم من أن حُلمك مشروع، وهو ضبط المنافسة السعرية، لكن علي الرغم من قوة الكيان التنظيمي الحالي، لكنه سيظل في النهاية مجلسًا استشاريًا لايمكنه إلزام الشركات بتوصياته إلا بالتنسيق مع الرقابة المالية لأنها تملك كافة الأدوات والسلطات التي تخول لها تفعيل قرارتها بُحكم القانون؟
عبد الرسول: الملف أعمق من إلزام الشركات بتنفيذ قرارات، لكن الأهم قناعة السوق بأهمية ضبط المنافسة السعرية، هذه نقطة، وثانيها أن الإتحاد ولجانه الفنية هم ممثلوا شركات التأمين، سواء الفنية في لجانه الفنية، أو إداراته التنفيذية، الذين يشكلون مجلس إدارته ومجلسيه التنفيذيين.
المنافسة السعرية أكثر التحديات إرهاقًا لسوق التأمين المصرية
خبري: ألاتري أن شركات التأمين إتفقت علي أن لا تتفق في هذا الملف، أقصد المنافسة السعرية، ربما لوجود ضغوط من المساهمين في بعض الشركات لتحقيق رقمًا معين من الأقساط، أو سعي بعض الشركات للتركيز علي عوائد الاستثمار والتي تتعاظم بتعاظم الأقساط بغض النظر عن جودة الإكتتاب او التسعير والأرباح الفنية المحققة، بمعني أن الإتحاد رغم أنه يضم كافة الشركات لكن الشركات نفسها تتعامل بشكل نفعي أو براجماتي وليس أفلاطوني؟
عبد الرسول: ومن قال أن ضبط المنافسة السعرية تفكير أفلاطوني؟ بالعكس قياس نتائج ضبط الممارسات وإيجابياتها أكبر من سلبياتها، وإذا تم ترجمة هذا علي أرض الواقع، ستتمكن شركات التأمين- دون ضغوط بالطبع- من تحقيق وفورات من الأرباح الفنية، دون التأثير علي مؤشر الربح الكلي، وإذا تحققت الأرباح الفنية ألا يُعد ذلك تفكيرًا عمليًا أو براجماتيًا، هذه نقطة.
النقطة الثانية، أن ضبط السياسة الإكتتابية ليس معناه رفض تأمين بعض المخاطر، ولكن وضع شروطًا واستثناءات لقبولها، ومن بين الشروط ما يتعلق بمؤشر التسعير، ما سينعكس بالتبعية علي نتائج الأعمال، ويساهم في إبرام إتفاقات إعادة تأمين جيدة، والحصول علي عمولات إعادة مقبولة، وبالتالي لن يكون هناك ضغوط علي المصاريف العمومية والإدارية.
اما النقطة الثالثة ، إتحاد التأمين لايضغط علي الشركات بل دوره تنظيمي، ومن قواعده الكشف عن سلبيات المضاربات السعرية والمطالبة – مجرد المطالبة- بإتخاذ إجراءات تحوطية، وفي النهاية أي عائد علي الممارسة المنضبطة سينعكس علي السوق بأكملها وليس شركة دون الأخري.
خبري: أتراهن علي الإصلاح التشريعي، أو قانون التأمين الموحد الذي قاب قوسين أو أدني من الصدور في أن يكون نقطة تحول لصناعة شديدة الخصوصية والأهمية؟
عبد الرسول: قانون التأمين الجديد محورًا رئيسيًا في ضبط السوق وزيادة معدلات نموها، لأسباب من أبرزها تضمينه عددًا كبيرًا من التغطيات الإلزامية، والتي ستنقل السوق لمربع مختلف تمامًا عما هي عليه الأن، وزيادة أقساط السوق ستكون من نتائجه، ورفع الوعي التأميني، نتيجة حتمية لتطبيق وتفعيل تلك التغطيات، ناهيك عما تضمنه القانون من مواد تعد ثورة حقيقية لصناعة التأمين، وهو جهد للرقابة المالية بالتنسيق مع الإتحاد لايمكن إنكاره.
خبري: هل شركات التأمين تتوكل علي قانون التأمين أم تتواكل عليه؟
عبد الرسول : بكل تأكيد نتواكل عليه ولا نتكل عليه، فالأصل في الموضوع أن الشركات تطالب منذ فترة بإصلاح بعض البنود – ليس بسبب عوار القانون الحالي ولكن لعدم تطوره وحداثته بما يتماشي مع التغييرات الدراماتيكية في طبيعة المخاطر- والكيان الرقابي ، كان ممسكا علي زمام الأمور، وتحرك وفق استراتيجية حقيقية، من نتائجها القانون الجديد.
وأود أن أشير إلي أن القانون الجديد علي سبيل المثال ، رفع الحد الأدني لرؤوس الأموال، ووضع شروطًا وإشتراطات لتأسيس الشركات الجديدة، لضمان استمراريتها واستدامتها، ناهيك عن الهياكل التنظيمية التي ستُنشئ للمهن المرتبطة بالتأمين، وكذا ضم أنشطة لشركات كانت تمارس التأمين دون أن تخضع لرقابة الهيئة، ولهذا كله نتائجه الإيجابية علي السوق.
ومن المهم أيضًا الإشارة إلي أن زيادة التأمينات الإلزامية أو الإجبارية سيرفع معدل الوعي، وبالتالي ستستثمره الشركات في تسويق باقي تغطياتها، متواكلة علي القانون وليس متكلة عليه بكل تأكيد.
خبري: أتقصد أن إلزام المجتمع ببعض التغطيات وأغلبها يتركز علي تأمين المسئوليات سيتحول مع الوقت لتعود كما في التأمين الإجباري علي السيارات، ومن ثم تلذذ أو قناعة بأهمية التأمين، وهو ما سيتم استثماره لترويج وتسويق بعض خدمات التأمين؟
عبد الرسول: أتفق مع ذلك كليًة
خبري: تُجري الهيئة إختبارات الضغوط او التحمل أو الإجهاد علي شركات التأمين Stress Testes كإجراء تحوطي لمواجهة التغييرات الفجائية، فما هي الإجراءات التي تتبعها أورينت كتحرك مماثل لما يفعله الجهاز الرقابي حماية لنفسها وبالطبع لعملائها؟
عبد الرسول: بما أن أورينت للتأمين لديها تصنيف إئتماني، فبالضرورة إختبارات التحمل أو الإجهاد كما يستسيغ البعض تسميته، يتم إجرائها في الشركة ، ولكن بصورة أخري وهي إختبارات الإحتياطي الخلفي أو The Reserve back Tests بمعني قياس المخصصات والإحتياطيات التي تم تكوينها في عام سابق، ومدي كفايتها من عدمه، بالإضافة الي الاستثمارات ومدينو عمليات التأمين .
خبري: كنت مشرفًا عن لجنة السيارات التكميلي بالإتحاد المصري للتأمين، وبصفتك متعمق في هذا الملف، اين تكمن خطورته؟
عبد الرسول: ملف السيارات التكميلي مهم وحساس، ولجنة السيارات التكميلي من أنشط اللجان الفنية بالإتحاد المصري للتأمين، ومن الأهمية بمكان إعادة توجيه اللجان الفنية بمعني إعادة بلورة أهدافها بطريقة مختلفة وهو ما يقوم به الإتحاد بالفعل بدعم مباشر من رئيسه علاء الزهيري.
خبري: تعاقدت أورينت مع معظم شركات وساطة التأمين، وفي نفس الوقت تتجه لترويج بعض التغطيات online فهل سيتم الاستعانة بالوسطاء في ترويج ما يتم تسويقه عبر الانترنت؟
عبد الرسول: تسويق المنتجات Online سيكون لمنتجات التجزئة ، وبالنسبة لوسطاء التأمين فهم يشكلون القوة الضاربة لأي شركة تأمين، وهي الأذرع الطولي للشركات في السوق، ليس بمعني السلبي للأذرع الطولي ، ولكن بمعني أنهم سفراء للسوق، وبالتالي فأي جهد منهم سينعكس بطبيعة الحال علي سوق التأمين بأكملها.
وأود أن أشير الي أن ترويج بعض المنتجات online مثل تأمين المسكن علي سبيل المثال، الهدف منه الاستفادة من قاعدة المتعاملين أو من لديهم حسابات علي مواقع التواصل الاجتماعي والذي يربو علي 26 مليونا في الفيس بوك وقد يزيد ، وهو ما سيتم استثماره عبر ابتكار وسائل تسويقية تتلائم مع طبيعة وفكر وإحتياجات الشريحة التي لديها حسابات علي مواقع التواصل الاجتماعي.
علي كلِ لايمكن الاستغناء عن وسطاء التأمين، وتأمين الممتلكات يعتمد بشكل كبير علي الوسطاء المستقلين ، علي عكس شركات تأمين الحياة والتي يمكنها تكوين أجهزة إنتاج تابعة لها، أما تكوين أجهزة إنتاج في تأمين الممتلكات قد يكون مرهق ماليًا والعائد منه ليس بالشكل المطلوب علي عكس تأمينات الحياة، ليس بسبب قصور في تأمين الممتلكات ولكن لطبيعة النشاط نفسه.
النقطة الأخري التي أود التركيز عليها، هي أن عضو الجهاز الإنتاجي في تأمين الممتلكات، أو الذي يعمل بلائحة مالية وتابع لشركة تأمين واحدة، قد لايؤدي الدور الذي يؤديه الوسيط الذي يحصل علي عمولة مقابل جلب العميل وتوفير الخدمات التي يحتاجها قبل وأثناء وبعد إصدار الوثيقة.
لسنا الأرخص سِعرًا بسبب الإصرار علي إتباع سياسة منضبطة في قبول المخاطر
خبري: هل أورينت للتأمين تفضل التعامل مع الوسطاء من الشخصيات الطبيعية أم الإعتبارية؟
عبد الرسول: بالتأكيد الأشخاص الإعتباريون، أو شركات الوساطة، وهذا لا يعني عدم وجود وسطاء أفراد مؤهلين ولديهم إمكانات وخبرات كبيرة، وأود ان أشير إلي أن أورينت للتأمين التكافلي ليست أرخص شركة تأمين- اي ليست الأقل سعرًا- ومن ثم لا يعمل معها بعض الوسطاء الأفراد ، علي الرغم من أن هذه الأسعار تم وضعها بشكل فني ،وفق سياسة إكتتابية مدروسة، ومن الصعب توفير خدمة جيدة مقابل سعر رخيص أو ضئيل.
نتائج الإكتتاب ليست مؤشرًا وحيدًا لتعامل معيدي التأمين مع الشركات المباشرة
خبري: كيف يمكن تقييم شركة التأمين من العملاء الأفراد، أو الأساس الذي يجب قياس كفاءة شركة التأمين مقارنة بغيرها؟
عبد الرسول: تقييم شركة التأمين لابد وأن يكون بناءًا علي الخدمة المقدمة، سواء أثناء اصدار الوثيقة او حتي قبلها ، والأهم توفير الخدمة بعد الاصدار، خاصة الخدمة المرتبطة بالتعويضات، لأن التعويضات وسرعة الاستجابة للإخطارات المرتبطة بها من أهم مؤشرات قياس كفاءة شركة التأمين ، وهي وسيلة مهمة لبناء جدار من الثقة.
ومن هنا وجب لفت إنتباه العميل إلي ضرورة قياس مستوي الخدمة في شركة التأمين، وعدم الإنجراف للأقل سعرًا بل للأعلي خدمة حتي وإن كانت أسعاره مرتفعة.
خبري: هل وثائق التأمين تحتاج لتبسيط مصطلحاتها لتتلائم مع طبيعة الفكر السائد؟
عبد الرسول: بالتأكيد ولكن ليس كل الوثائق، الأهم تبسيط التغطيات التي تخاطب الأفراد لتناسب مستوي الوعي.
خبري: ما تأثير التضخم علي سوق التأمين سواء سلبياته أو إيجابياته؟
عبد الرسول: التأثيرات السلبية مرتبطة بالإرتفاع في مؤشر التعويضات، لكن إرتفاع مبالغ التأمين سينعكس بالتبعية علي حصيلة الأقساط، و هناك تأثيرات أيجابية غير مباشرة مرتبطة بزيادة الوعي التأميني، و من التاثيرات السلبية للتضخم ، تقلص الفوائض التي قد تحول دون الإنجذاب للخدمات أو التغطيات التأمينية.
في المجمل سلبيات التضخم أكبر من ايجابياته، قد تستفيد الشركات منه بزيادة عوائد الاستثمارات في القنوات الأمنة ، مثل الودائع وذلك علي إفتراض لجوء البنوك لزيادة الفائدة لإمتصاص السيولة ومحاصرة التضخم، لكنها قد تخسر جزء من قاعدة العملاء المستهدفين ممن سينجذبون للقطاع المصرفي لاستثمار مدخراتهم ، أو الاستفادة من سعر الفائدة المرتفع ، والإبتعاد عن التأمين رغم أهميته ، وهو نتيجة طبيعية لضعف الوعي بأهمية التأمين.
الأزمات الإقتصادية فرصة جيدة لتغلب الشركات علي هفوات الإكتتاب
خبري: التامين كصناعة ينشط فى الأزمات ام الرخاء؟
عبد الرسول: بكل أريحية ، في الأزمات لزيادة الوعي بأهمية التأمين ، مما يُكسب الصناعة أرضية جديدة لدي العملاء المستهدفين ، لكن تختلف درجة الوعي من دولة لأخري ، وفقًا لطبيعة الثقافة حينا والظرف الاقتصادي أحيانا.
كفاءة تحصيل الأقساط تصل لـ 97% بسبب إنتقاء العملاء وجودة الإكتتاب
خبري: البيانات الصادرة عن الرقابة المالية، تقول أن هناك إرتفاعًا في معدلات نمو الأقساط المباشرة في التأمين التكافلي وكذا حصته السوقية، وفي الوقت نفسه مؤشر الأقساط المحصلة يتراجع مقابل إرتفاع التعويضات المسددة؟ فما دلالة ذلك؟
عبد الرسول: حقيقة لا أعرف أسباب ذلك، لكن شركة أورينت للتأمين تشهد معدلات نمو كبيرة في مستويات تحصيل أقساطها ، تتراوح ما بين 85 الي 88% وكفاءة التحصيل الكلية تصل الي 97% وهي نسبة مطمئنة وتدل علي أمرين، أولًا وجود سياسة إكتتابية منضبطة ، وكذا سياسة قبول المخاطر وانتقاء العملاء أو الأخطار التي يتم تغطيتها.
اتمني أن تكون الفترة الحالية نهاية لمسلسل المنافسات السعرية لترك إرث جيد للأجيال المقبلة
خبري:قيل أن التحد الأكبر بسوق التأمين المصرية لايزال في ضعف الوعي، وهناك وجهة نظر أخري تقول أن السبب مرتبط بالحالة الإقتصادية، فإلي أي وجهتي النظر تميل ؟ ولماذا؟
عبد الرسول: أميل للمدرسة التي تري ضعف الوعي سببًا، والدليل علي ذلك ان البعض قد يلجأ للإقتراض من البنوك لشراء مسكن أو سيارة، ومع ذلك لايتحوط من المخاطر التي قد تواجههم من خلال شراء وثيقة تأمين لترويض تلك المخاطر، ولايقوم إلا بالتأمين علي ما تفرضه عليه الجهة الممولة أو مؤسسة التمويل.
لكن أتوقع أن يرتفع الوعي الفترة المقبلة سواء بفضل الاصلاحات التشريعية التي قامت بها الرقابة المالية، أو من خلال التوجه لرقمنة التأمين واستخدام التكنولوجيا كأداة تسويقية جديدة
مجمعات التأمين وسيلة لضبط السوق فنيًا وتخفيف ضغوطه ماليًا
خبري: التوسع في مجمعات التأمين، هل يضيف لرصيد التأمين أم يخصم منه ويؤثر علي جودة المنافسة؟
عبد الرسول: إنشاء مجمعات التأمين يخدم القطاع ويساهم في ترشيد نفاقاته، ومن ثم يمكن الحكم عليها بأنها احد الأدوات الهامة لضبط السوق فنيا ، وتخفيف ضغوطه ماليًا، والدليل علي ذلك مجمعتي السيارات الإجباري والسفر، فالأولي ساهمت في الحد بل محاصرة التزوير والتحايل مما أهدر علي القطاع مئات الملايين من الجنيهات، وكذا مجمعة السفر التي رفعت أقساطه من 60 مليون إلي ما يقرب من مليار جنيه، وهو ما يعزز القرارات التي تصدرها الرقابة المالية ، بخصوص إنشاء المجمعات ويثبت قدرتها علي استشراف المستقبل ، وبذل الجهود لرفع معدلات نموه، وإكسابها رصيدًا كبيرًا من الثقة لدي العملاء وأرضية يمكن الإعتماد عليها في تسويق باقي منتجات التأمين.