كتب- ماهر أبو الفضل – غادة عازر – أمينة سامي :
في سبتمبر 2016 ، أصدر شريف سامي ، الرئيس الأسبق للهيئة العامة للرقابة المالية ، القرار رقم 805 لسنة 2016 ، بشأن ضوابط المواقع الإلكترونية لشركات ووسطاء التأمين ، أو إعادة التأمين علي شبكة المعلومات الدولية.
وفي أغسطس من عام 2018 ، اصدر الدكتور محمد عمران، الرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية ، القرار رقم 1008 لسنة 2018 ، بتعديلات علي قرار سلفه سامي شريف.
لسنا في معرض مناقشة القرار أو تعديلاته، ولكن مناقشة مضمونه ، والذي جاء في محاولة من جهة الولاية ، وهي الهيئة العامة للرقابة المالية ، للسيطرة علي الإعلانات والوعود الوهمية التي يطلقها البعض بين الحين والأخر، سعيًا لإقناع عميل هنا ، وأخر هناك.
وبما أن ضعف الوعي سيظل المبرر الحاضر دائمًا – رغم تحفظنا عليه- ، ففي الغالب تنجذب شريحة ليست بصغيرة لهذه الوعود المُضللة ، والتي ليس لها أساس من الصحة، أو بمعني أدق ليست صادرة عن شركة تأمين مرخصة من الهيئة العامة للرقابة المالية.
ولما إستفحل الأمر، وإنتشرت هذه الإعلانات، تدخلت جهة الولاية كما أسلفنا، نظرًا لتأثير هذه الإعلانات علي سمعة سوق التامين ، ما أفقد الشريحة التي إنجذبت للوعود الوهمية الثقة في صناعة التأمين وهي من هذه الوعود براء.
بعد صدور قرار الهيئة وتعديلاته سواء في 2016 أو في 2018 ، إستقر الوضع ، وخفتت الإعلانات الوهمية، حتي أطلت علينا مجددًا خلال الشهور القليلة الماضية ، وتركزت في التأمين علي السيارات والتأمين علي الحياة خاصة المنتجات الإدخارية ، فمثلا تشاهد إعلان بأن ” كذا ” أفضل وسيط تأمين سيارات!!! رغم انه لايوجد ما يثبت أنه أفضل ولا حتي من الأفضل ، وأخري، تعلن عن أسعار للتأمين علي السيارة لا تتجاوز 1% ناهيك عن إمكانية سداد هذا القسط مجدولًا، اي علي أكثر من مرة ، وإعلان أخر ، كاد أن يُقسم بأغلظ الإيمانات، انه يمكنك التأمين علي سيارتك المستعملة ، وبدون معاينة ، بالاضافة الي عدم إضافة أي نسب تحمل ، وإعلان رابع يطلب منك سداد 10 جنيهات في اليوم لتحصل علي مليون جنيه بعد عشر سنوات!!!!!!!!
الإعلانات والوعود البراقة إنتشرت كالنار في الهشيم ، إختلفت في طبيعة السم الذي تدسه في عسلها، لكنها إتفقت جميعًا علي عدم الإعلان عن إسم شركة التأمين، أو وسيط التأمين، او حتي شركة الوساطة ، وإكتفت بفقرة مضمونها ،” للتفاصل كلمنا علي الخاص”.
من جهتها أجرت مجلة خبري، محاولة لمعرفة أصحاب تلك الإعلانات، ومدي قانونية الوعود التي يطلقوها صباح مساء، فتواصلت مع صفحتين من تلك الصفحات علي موقع التواصل فيس بوك ، وتساءلنا نصًا ” عندي سيارة موديل 2020 بسعر 200 ألف جنيه” ممكن أعرف القسط كام؟ وما هي الإجراءات؟.
بالطبع كان الرد من مسئولي الصفحات كالتالي ” تم الرد علي الخاص”!!!!! وكأنه سرًا حربيًا!!!
ذهبنا علي الخاص، ودار الحوار التالي :
خبري: مساء الخير
مسئول صفحة الفيس : أهلا وسهلا يا أفندم ، تحب تسأل علي حاجة معينة؟
خبري: حضراتكم كاتبين ان التأمين علي السيارة بدون معاينة وكمان بالتقسيط ، عايز أعرف ايه المطلوب لو عندي عربية موديل 2020 وسعرها 200 الف جنيه؟ عايز اعرف قسطها كام وازاي ممكن اقسط القسط ؟
مسئول الصفحة: إبعتلنا صورة بطاقتك وصورة الرخصة؟
خبري: طيب مش أعرف الأول مين بيكلمني؟
مسئول الصفحة: إبعت صورة الرخصة والرقم القومي وهنجاوبك علي كل حاجة؟
خبري: مينفعش أبعت صورة البطاقة ولا الرخصة لحد معرفوش ، مين أنتوا؟
مسئول الصفحة: احنا شركة تقسيط يا افندم ومتعاقدين مع شركات تأمين!!!!!!
خبري: نعم ؟؟؟ شركة تقسيط؟ وايه علاقتكم بالتأمين؟ معاكم ترخيص من الرقابة المالية علشان تسوقوا وثائق التأمين؟ مش مهم ، طيب معاكم تفويض من شركات التامين؟ برضو مش مهم ، طيب ممكن اعرف اسماء شركات التأمين
مسئول الصفحة : يا افندم حضرتك شغال ايه؟
خبري: واحد عادي عايز اعرف التفاصيل علشان عايز اطلع وثيقة تأمين
مسئول الصفحة: بس حضرتك طالب تفاصيل معنديش علم باجاباتها ممكن تبعت صورة الرقم القومي وهنجاوبك
خبري: مش هينفع ابعت غير لما أعرف بأكلم مين
بلووووووووووك كان هذا رد فعل مسئول الصفحة
لم تندهش مجلة خبري من الإجابات، لتأكدها بأنها إعلانات لا أساس لها من الصحة، أو انها تتم بشكل غير قانوني، استغلالا لضعف الوعي.
تواصلنا مجددًا مع صفحة أخري
الردود كانت أدق نسبيا
وكان الحوار التالي:-
خبري: حضراتكم كاتبين ان التأمين علي السيارة بدون نسبة تحمل وكمان بالتقسيط ، عايز أعرف ايه المطلوب لو عندي عربية موديل 2020 وسعرها 200 الف جنيه؟ عايز اعرف قسطها كام وازاي ممكن اقسط القسط ؟
مسئول الصفحة: إبعت صورة الرخصة والرقم القومي وهنجاوبك علي كل حاجة؟
خبري: طيب اعرف الاول مين معايا؟
مسئول الصفحة: انا وسيط تأمين
خبري: طيب ممكن اعرف اسمك وتبع شركة ايه وايه الاجراءات؟
مسئول الصفحة: يا افندم لو هتدفع قسط هتسدد 1720 جنيه علي مرتين– لاحظ الرقم أي ان السعر 0.86% بالطبع سيخصم منه العمولة!!!!
خبري: طيب ممكن اشوف الوثيقة وهل حضرتك مسجل في الهيئة؟
مسئول الصفحة: مُسجل في الهيئة!!! مين معايا؟
خبري: واحد عايز يطلع وثيقة تأمين.
مسئول الصفحة : بس دي اسئلة واحد عارف التأمين كويس
خبري : وفيه مشكلة لو عارف شوية معلومات؟
مسئول الصفحة: لا يا افندم مفيش مشكلة بس مش هينفع اقولك اسمي بس انا متسجل في الهيئة
خبري: طيب عايز صورة الوثيقة اقرأها؟
مسئول الصفحة: مينفعش
وبدون سابق تنويه قام بعمل بلوووووك كسابقه.
دون إسهاب رغم أهميته ، بعض شركات التأمين والوساطة ، منها علي سبيل المثال وليس الحصر ، ” ثروة للتأمين” و” مصر لتأمينات الحياة” ، و” رويال للتأمين”، وغيرها ، بالإضافة الي شركات وساطة مثل ” أمنلي” و “سيفتي بلس” إلتزمت بقرار الهيئة ، واستثمرت مواقع التواصل للترويج لمنتجاتها، وأفصحوا عن كافة بياناتهم ، بل والتنويه عن ان هذه الإعلانات تم إعتمادها من الهيئة العامة للرقابة المالية ، فما هي الجريرة التي ترتكبها الشركات التي تلتزم بقرارات الهيئة لتتحمل فاتورة الممارسات السلبية من منتحلين صفة مندوبي شركات تأمين او وساطة؟
تنويه ضروري
لا ترتبط مجلة خبري ببعض الشركات السالف ذكرها ككيانات ملتزمة ، اية علاقات ، وذكر اسمائها ليس إلا تنويها وليس تسويقا او ترويجًا لها ، بل بالعكس تختلف مجلة خبري مع بعض هذه الشركات في وجهات النظر ، لكن الموضوعية تقتضي عدم تجاهلها طالما انها مُلتزمة، دون أية إعتبارات لخلافات مع مسئوليها في وجهات النظر.
السؤال الذي خرجت به مجلة خبري من هذه التجربة ، من سيتحمل فاتورة هذه الإعلانات المضللة؟ وهل توجد شركات تأمين او وساطة تُشارك فيها ، هروبا من ضوابط الهيئة؟ بالطبع هذا التساؤل علي سبيل الظن وليس التأكيد-وليس كل الظن إثم- لكن من المؤكد أن سوق التأمين بكافة أطرافه وتعدد أطرافه ، سواء شركات تأمين او وساطة او سماسرة مقيدين بالهيئة سيتحملون فاتورة هذه الممارسات، لأنها ستخصم من رصيد الثقة لدي الشرائح المستهدفة.
الرقابة المالية قامت بدورها واصدرت ضوابط لهذه الإعلانات ، لكنها ليست مطالبة بالطبع ان تنشئ لجانا إلكترونية لمتابعة مواقع التواصل لكشف الإعلانات المُضللة، لكن تظل المسئولية علي شركات التأمين، التي قد يُساء سمعتها دون أن تدري، بسبب ممارسات من البعض مستغلين ضعف الوعي حينا، وعدم إهتمام بعض شركات التأمين بمواقع التواصل أحيانا.