أجري الحوار- ماهر أبو الفضل:
تصوير- بيتر شُهدي
إذا أردت أن تُلخص استراتيجية مجموعة مصر القابضة للتأمين، في جملة واحدة، يُمكن القول إنها تسعى لتحقيق قاعدة «One Stop Shop» أي توفير كافة الخدمات في نفس المكان، ربما لذلك سعى باسل الحيني، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمصر القابضة للتأمين، لإنشاء أذرع جديدة للمجموعة -كأكبر مجموعة مالية غير مصرفية في مصر- سواء في التأمين التكافلي، والذي بدأها بمصر للتأمين التكافلي ممتلكات، وقريبًا مزاولة نشاط مصر لتأمينات الحياة التكافلية -بعد الحصول على الترخيص النهائي من الرقابة المالية- بجانب شركة التأجير التمويلي والتخصيم، ناهيك عن شركة التأمين الطبي التي تَقَدَّمَت بطلب لجهة الرقابة لتأسيسها، وتنتظر صدور قانون التأمين الموحد الذي يسمح بتأسيس شركات النشاط أو الفرع التأميني الواحد.
توسعات القابضة للتأمين، رغم وجاهة منطقها فإنها تطرح عددًا من التساؤلات، على الأقل ما يرددها المتابعون والمتخصصون، منها ما يرتبط بالمخاوف من المنافسة الذاتية بين شركات المجموعة، لا سيما التي تزاول نفس النشاط، بالإضافة إلى موقع الحصة السوقية من فِكر الرجل، لا سيما أنها شهدت تآكلًا خلال السنوات الماضية، ناهيك عن خطته للسنوات الثلاث المقبلة بعد تجديد الثقة فيه رئيسًا لهذا الكيان الضخم.
وإلى نص الحوار:-
خبري: في الوقت الذي حوَّلَت فيه شركات تأمين نظام عملها من التكافلي للنظام التجاري، وتسعى شركات أخرى لانتهاج نفس المنحى، في نفس الوقت أنشأت القابضة للتأمين شركة متخصصة في التأمين التكافلي بنشاط الممتلكات، واستتبعها خطوات أوسع لتأسيس شركة للحياة التكافلي، ما يثير تساؤلات عديدة، بعضها له علاقة بمخاوف المنافسة الذاتية بين شركات التأمين سواء الخاضعة لولاية القابضة قانونًا كمصر للتأمين ومصر حياة، وبين الشركات التي تسيطر فيها القابضة على حصة كبيرة من هيكل ملكيتها مثل مصر للتأمين التكافلي ممتلكات، ناهيك عن أن التطبيق العملي أثبت أن الاختلاف بين التأمين التكافلي والتجاري لايزال نظريًّا ولا يوجد ما يميز أحدهما عن الآخر إلا في فروق بسيطة؟
باسل الحيني: دعني أختلف معك في البداية، من وجهة نظري، ووفقًا لقناعاتي، هناك اختلافات بين قواعد التأمين التكافلي أو الإسلامي، والتأمين التجاري أو التقليدي، صحيح أن هذه الاختلافات ليست جذرية وعميقة وفقًا لما هو متصور أو مُطبق، ولكن يظل هناك اختلاف.
وبناءً عليه، بما أن هناك اختلافات بين النظامين، التأمين التكافلي والتجاري، فلا بد أن يختلف سوق كلٍّ منهما عن الآخر، أقصد هنا اختلاف طبيعة مُتَلَقِّي الخدمة أو العميل، نظرًا لتمايز الأذواق واختلافها وفقًا للقناعات الشخصية لكل عميل.
وفي رأيي أن شركات التأمين التكافلي التي أُنْشِئَت بالسوق المصرية منذ عام 2002م -تاريخ إنشاء أول شركة تأمين تكافلي- وحتى الآن، لم تستغل أو تستثمر هذا الاختلاف بالشكل الكافي، أقصد اختلاف السوق، ومن ثم اختلاف طبيعة العميل.
ولوجًا في التساؤل الرئيسي، مجموعة مصر القابضة للتأمين، أنشئت أو كان لها النسبة الأكبر سواء ككيان أو توابع من هيكل الملكية في شركة مصر للتأمين التكافلي، وتستعد لإطلاق شركة أخرى لتأمين الحياة التكافلي، بسبب الرغبة في استثمار اختلاف السوقين التكافلي والتجاري، وكذا اختلاف أذواق عملاء كل نظام من هذه الأنظمة.
نخطط لتوسعة رئة السوق دون الانكفاء والاكتفاء بالمنافسة على نفس كعكة العملاء الحاليين
اختصارًا، تسعى القابضة للتأمين لتوسعة رئة السوق، عن طريق جذب عملاء جُدد، دون الانكفاء والاكتفاء بالمنافسة والمنازعة على نفس كعكة العملاء الحاليين، وفتح الآفاق الجديدة، واستقطاب العملاء الجدد لن يتأتى دون تنويع الخدمات المُقدمة لهم، ليس فقط على مستوى طبيعة التغطية التأمينية، بل والخدمة المقدمة، ووسيلة عرضها، وكيفية الوصول للعميل المستهدف من كل نشاط سواء حياة أو ممتلكات وفي كل نظام سواء تكافليًّا أو تجاريًّا.
وكما قلتُ مرارًا، مجموعة مصر القابضة للتأمين، هي في الأصل مجموعة مالية، وليس فقط مجموعة تأمين، وإذا كان التأمين نشاطها الرئيسي وفي قلب أنشطة المجموعة، فلا بد أن تتميز وتتمايز المجموعة وشركاتها التابعة به وفيه.
خبري: دعني أصارحك، ما تقوله مقبول نظريًّا وله من الوجاهة ما يجعله منطقيًّا، لكن عمليًّا أو على أرض الواقع، الممارسات تقول عكس ما يُشاع نظريًّا، أقصد هنا أن التنازع بين الشركات بات سمة حاكمة، حتى إنه طال التنافس بين شركات التكافلي والتجاري على السواء، طالما أنها تزاول نفس النشاط.
الحيني: ما تقوله يعكس سوء فهم لقواعد التأمين التكافلي والتجاري، وليس معنى أن هناك مشكلات في التطبيق أن نهيل التراب على هذا النظام أو ذاك.
ما أقصده، ودعني أتحدث عن القابضة للتأمين بصفتي مكلفًا بإدارتها، مصر القابضة للتأمين يتبعها عملاقان أحدهما في تأمين الممتلكات هي مصر للتأمين، وشقيقتها في الحياة، مصر لتأمينات الحياة، ومن ثم فالضرورة تقتضي أن يتم تقديم وجبة متكاملة للعميل، وبما أن هناك اختلافًا في أذواق العملاء، فمن الضرورة بمكان أن يتم مواكبة هذا الاختلاف بتقديم ما يلبي احتياجاته، ولذا تم إنشاء شركة للتأمين التكافلي ممتلكات، وقريبًا سيتم الإعلان عن بدء ممارسة النشاط بشركة تأمين الحياة التكافلي، لا سيما أننا أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من الحصول على الترخيص النهائي من الهيئة العامة للرقابة المالية.
التوسع في إنشاء شركات للتكافلي والطبي والتخصيم لتقديم خدمة متكاملة للعملاء
خبري: معنى ذلك أن شركات التأمين التكافلي التي أنشأتها القابضة، أقصد مصر للتأمين التكافلي، أو التي تستعد لإطلاق نشاطها في الحياة، تستهدف تقديم أنموذج مختلف لبضاعة مختلفة.
الحيني: بالتأكيد، والدليل على ذلك أن مصر للتأمين التكافلي، نجحت في أن تحجز مكانًا في مقاعد الصفوف الأولى بين اللاعبين في نشاط التأمين التكافلي، وهذا لم يتأتَ إلا باختلاف المُنتج الذي تُقَدِّمه، والخدمة التي يتم من خلالها تقديم هذا المُنتج أو التغطية.
وبعد إطلاق نشاط شركة الحياة التكافلي، تكون القابضة للتأمين قد قدمت وجبة متكاملة للعميل، ولا ينقصها إلا التأمين الطبي، وهو ما تستعد له بتأسيس شركة مستقلة لمزاولة هذا النشاط، وتم تقديم طلب للرقابة المالية بذلك، ولكن تظل الموافقة عليها مرهونة بصدور قانون التأمين الجديد الذي سمح بتأسيس شركات مستقلة في نشاط واحد.
شركات التكافل لم تستثمر اختلاف أذواق العملاء ونسعى لتعويض ذلك بتقديم منتجات مختلفة
خبري: ما فلسفة وجود خدمة كاملة أو تنويع المنتجات للعميل، بمعنى ما مغزى تأسيس شركة للحياة التكافلي وقبلها لتأمين الممتلكات التكافلي، بجانب شركتي الحياة والممتلكات التجاريتين، ومستقبلًا شركة للتأمين الطبي؟
الحيني: المغزى من ذلك تطبيق ما يُسمى بالـ«One Stop Shop» أي كل الخدمات في مكان واحد، أو محطة واحدة أو تسهيلًا للقارئ متجر متكامل، يمكن لأي عميل أيًّا كان ذوقه وميوله أن يجد فيه ما يُلبي احتياجاته التأمينية، يضاف إلى ذلك قريبًا توفير خدمة جديدة لنشاط التأجير التمويلي والتخصيم، وبعد ذلك يُمكننا القول إننا مجموعة مالية متكاملة عمليًّا وليس نظريًّا، وهو ما استهدفناه منذ أن تولينا إدارة المجموعة قبل ثلاث سنوات مضت.
خبري: قلتَ في معرض حديثك أنك مقتنع أن هناك اختلافًا بين قواعد التأمين التكافلي والتجاري، حتى وإن كانت اختلافات ليست جذرية، فهل الممارسات الحالية تشير إلى عدم فهم هذه القواعد؟
الحيني: لا يمكنني الحُكم على غيري، أو الطعن فيهم، وأصدقك القول إنني لا أعلم الطريقة التي تُمارس بها الإدارة التنفيذية والهيئة الشرعية نشاطها في الشركات الأخرى، ومن ثم التعليق على الممارسات لا محلَّ له من الإعراب، أو بمعنى أدق قد لا أكون غير موضوعي إذا قمتُ بالتعليق على الممارسات دون عِلم طبيعة وفلسفة الإدارة في كل شركة من الشركات الأخرى.
لا توجد منافسة بين الكيانات التي نملكها أو نُساهم فيها والعلاقة بينهما تقوم على التكامل
خبري: لن أختلف معك، لكن إذا كانت هناك منافسة بين مصر للتأمين التكافلي ومصر للتأمين على نفس العميل، فلمن تلجأ الشركتان، لا سيما وأن إحداهما يتبع القابضة كلية -أقصد مصر للتأمين- والثانية تسيطر القابضة على حصة كبيرة من هيكل ملكيتها؟
الحيني: منطقيًّا وواقعيًّا ألا تكون هناك منافسة بين الشركتين، لسبب بسيط، وهو اختلاف حجم كل منهما عن الآخر، ومن ثم فمن الأفضل أن تستفيد الشركة الأصغر-أقصد هنا الأصغر في الملاءة المالية ومحفظة العمليات وليس الأصغر في خبراتها وكوادرها- من الشركة الأكبر، وترتبط بها في العمليات الكبرى، ومن الأفضل أيضًا أن تستفيد الشركة الأكبر من الأصغر إذا كانت لديها مرونة أكبر في الوصول إلي العملاء.
ومن ذلك يمكن القول، إن العلاقة بين شركتي مصر للتأمين ومصر للتأمين التكافلي، هي علاقة تكامل لا تنافس، وإن كان هناك تنافس فهو صحي، ولكن لم ولن يرقى لمستوى التناحر لسبب بسيط، أن القابضة للتأمين تسعى من خلال شركاتها سواء الخاضعة لولايتها المباشرة أو التي تُساهم في هيكل ملكيتها بنسبة كبيرة إلى توسعة رئة السوق، وتقديم وجبة متكاملة من الخدمات للعملاء كما أسلفت ذِكرًا، والأهم من ذلك الابتعاد كليًة عن الممارسات الاحتكارية.
خبري: وماذا لو انجرفت هذه المنافسة لن أقول إلى مستوى التناحر ولكن على الأقل للممارسة السعرية الضارة، فكيف يتم التعامل مع هذا السيناريو؟
الحيني: هذا السيناريو غير وارد على الإطلاق، لسبب بسيط أن الشركات التابعة للقابضة للتأمين، يتم مراقبتها من جهات عِدة سواء القابضة ككيان، أو الهيئة العامة للرقابة المالية كجهاز رقابي، أو وزارة قطاع الأعمال العام ككيان مالك لهذه الشركات بصفته ممثلًا للدولة.
ودعني أزيدك من الشِعر بيتًا، إذا كنا نحن مَن نعترض على بعض الممارسات السعرية الضارة في السوق، فكيف ننجرف إليها؟ ومن ثم فنحن لا نستطيع انتهاج الأسلوب حتى وإن أُتيحت الفرصة لذلك.
خبري: هذا ينطبق على مصر للتأمين، ككيان تابع لوزارة قطاع الأعمال العام، ويتبع القانون 203 لسنة 1991، لكن هل هذا ينسحب على مصر للتأمين التكافلي، وهي وعلى الرغم من سيطرة القابضة للتأمين على حصة كبيرة من هيكل ملكيتها فإنها تُعد شركة خاصة، ناهيك عن أنها مطالبة بتحقيق رقم معين من الأقساط أو بمعنى أدق نتائج محددة قد تكون المنافسة السعرية أحد وسائلها لبلوغ هذا الهدف؟
الحيني: القابضة للتأمين تمتلك أكثر من 90% من هيكل ملكية مصر للتأمين التكافلي، وعليها نفس الضوابط الخاصة بالشركات الحكومية -أقصد مصر للتأمين- وإن كان لديها مرونة أكبر في الإدارة، لكن القواعد العامة الحاكمة لمصر للتأمين التكافلي هي نفس القواعد الحاكمة لمصر للتأمين.
التأمين الحكومي بات مفرخة للكوادر بدليل قيادة كوادره للشركات الخاصة
خبري: ألا يزعجك انتقال كوادر مصر القابضة وتوابعها للشركات المنافسة؟
الحيني: بالعكس تمامًا، فانتقال الكوادر من القابضة للتأمين أو الشركات التابعة لقيادة شركات تأمين في القطاع الخاص، له دلالتان، أولاهما، أن التأمين الحكومي ممثلًا في القابضة وتوابعها بمثابة المدرسة التي تعمل على تفريخ الكوادر للسوق كله، والدلالة الثانية، مرتبطة بأن هذه الكوادر تُعَدّ سفراء لبيت التأمين الحكومي في مصر-أقصد القابضة وتوابعها- في السوق، وأي نجاح ستُحققه هذه الكوادر في شركاتها التي تديرها يُحسب للشركة التي خرجوا من عباءتها، أقصد مجموعة مصر القابضة للتأمين.
وإسهابًا في هذه النقطة، خروج كوادر من مصر القابضة وتوابعها لقيادة دفة الشركات الخاصة، سيُساهم في ضبط السوق؛ لأن فِكرهم يتسق مع فِكر الشركة الحكومية، بل إن الإدارة الحالية للقابضة للتأمين تُشجع هذا المنحى ولا تمتعض منه، لا سيما أن هذا يؤدي إلى تعاقب الأجيال، وتجديد دماء الشركة بقيادات شابة تستطيع تحمل المسئولية ليظل التأمين الحكومي هو عنوان السوق وبيت قصيده.
خبري: إذا كانت خروج الكوادر من مصر القابضة لقيادة دفة الشركات الخاصة لا يُزعج الإدارة الحالية، وإنكم ترون دلالاته الإيجابية أكبر، فهل لا يُزعج القابضة تعملق الشركات الخاصة التي تديرها كوادر سابقة من مصر القابضة، ومن ثم تآكل حصة الشركات الحكومية لحساب الخاصة، على المدى الطويل؟
الحيني: قلتُ وسأظل أكرر، الحصة السوقية ليست هدفًا وحيدًا للقابضة للتأمين، فالحصة السوقية بلا عائد يتم ترجمته في صورة أرباح فنية، ومن ثم أرباح كلية، لا معنى له، وبالتالي فهو ليس غاية، ومن ثم فهي مجرد وسيلة لبلوغ غاية، والغاية بالنسبة لباسل الحيني والإدارة الحالية هي تحقيق الأرباح سواء أرباحًا كلية أو ما يُسمى اصطلاحًا بفائض النشاط، أي الأرباح الفنية مضافًا إليها عوائد الاستثمار، دون إغفال الأرباح الفنية أو ما تُسمى اصطلاحًا بفوائض الاكتتاب.
هذه نقطة، أما ثانيها، فهي أن الحديث عن تآكل الحصة السوقية للشركات الحكومية، مُتكرر، ورغم تكراره لأكثر من عقد مضى، فإن الشركات الحكومية ما زالت تسيطر على نصيب الأسد، رغم أنهما شركتان مقابل عشرات الشركات التابعة للقطاع الخاص، ألا يثبت ذلك أن الشركات الحكومية ستظل متجذرة وفاعلة في جملة سوق التأمين الإعرابية؟
الحصة السوقية ليست هدفًا في حدِّ ذاتها والأهم ترجمتها لأرباح كلية
خبري: معنى ذلك أن الحصة السوقية ليست على أجندة الاهتمامات حتى وإن كانت ليست غاية؟
الحيني: لم أقل إنها ليست على أجندة الاهتمامات، بل قلتُ هي وسيلة لبلوغ غاية، وما أقصده هنا أن ضبط إيقاع السياسة الاكتتابية، وتجويد الخدمة، وانتقاء المخاطر، كلها عوامل ستؤدي إلى تعظيم الأرباح الفنية، وكذا أرباح النشاط، وبالضرورة ستكون الحصة السوقية نتيجة لهذه المعطيات، بمعنى أن الحصة السوقية لاحقة للأرباح وليست سابقة عليها.
ضبط السياسة الاكتتابية ساهم في زيادة الحصة السوقية بعد عقد من تراجعها
خبري: البعض قد يقول إن هذه التصريحات دغدغة للمشاعر، أو بمعنى أوضح أنها تُكأة لتبرير تراجع الحصة السوقية؟
الحيني: قد أتفق مع هذا جدلًا، لكن إذا كانت الأرقام تؤكد هذه التصريحات، فهل هناك معنى لما يُشاع؟ بمعنى أنه بعد مرور ثلاث سنوات وهي التي شرفت فيها بإدارة مصر القابضة للتأمين، وبعد إعادة ترتيب البيت من الداخل، لأول مرة تشهد الحصة السوقية لشركات التأمين الحكومية زيادة هذا العام، وهو ما لم يحدث منذ عقد مضى، ألا يشير هذا إلي نجاح الفلسفة التي تنتهجها الإدارة الحالية؟ ناهيك عن أن معدلات نمو الشركات الحكومية أعلى من نمو السوق أو الشركات العاملة فيه.
النتائج المُحققة مؤخرًا بسبب حُسن استخدام الأدوات المتاحة وفي القلب منها الكوادر البشرية
خبري: قضيتَ أغلب سنين حياتك في العمل المصرفي، مرورًا بالعمل في مجال الاستثمار، وأخيرًا توليت منصب نائب رئيس القابضة للشؤون المالية والاستثمار حتى عام 2018م، وفي هذا العام توليت رئاسة القابضة، ألم يُشكل ذلك تحديًا لك خاصة وأنك ستتولى مسئولية إدارة نشاط شديد الخصوصية أقصد نشاط التأمين ومسئول عن أكبر شركتين للتأمين في مصر والشرق الأوسط؟ هذه نقطة، أما ثانيها فكيف تحققت النتائج المُعلنة، والتي تؤكد معدلات نمو نشاط التأمين رغم أنك لست ابن قطاع التأمين، بل وافد عليه؟
الحيني: اختصارًا، السبب في ذلك هو الإدارة، وما دون ذلك لا يُعَوّل عليه.
خبري: ماذا تقصد بالإدارة؟ أليس السابقون كانوا يديرون أيضًا؟
الحيني: ما أقصده من الإدارة هو حُسن استخدام الأدوات المتاحة، فليس شرطًا لكي تكون ناجحًا في مجال التأمين أن تكون ابنًا للصناعة، ولكن الأهم أن تُحسن استخدام الكوادر العاملة في الشركات التابعة، وتسند لها مهامًا تتسق مع خبراتها؛ لأنه كما يقال «مكة أدرى بشعابها».
ما أريد قوله هو أن الإدارة تعني رسم السياسة العامة، ووضع الأهداف بما يتماشى مع الاستراتيجية الرئيسية، على أن تُتاح المساحة الكافية للكوادر بما يمكنها من تحقيق هذه النتائج والأهداف وفقًا لخبراتها، ونحن لا نتعامل كقابضة تدير شركات، بل مجموعة مالية متكاملة، تتقاطع وتتشابك أهدافها لنصل إلى الهدف الأكبر، وهو تحقيق الربحية الكلية والفنية، والأرقام تؤكد وتدلل على ذلك.
ودعني أزيدك على ذلك بالقول، إن أسلوب العمل في القابضة للتأمين وشركاتها التابعة تحول من العمل فيما يُشبه الجُزر المنعزلة، وفي بعض الأحيان المتنافرة، إلى كوادر تعمل تحت عباءة مجموعة لها أهداف كلية، تستلزم التجانس والتفاهم وليس الانعزالية والتناحر او حتى التنافر.
خبري: هل يُمكن مجازًا وصف السنوات الثلاث الماضية بالسُمان، وأن السنوات المقبلة هي سنوات عجاف، لأسباب من بينها ارتفاع معدل التضخم والتوترات الجيوسياسية وتأثير ذلك على صناعة التأمين العالمية بشكل عام، ومن ثم انعكاس ذلك على السوق المحلية؟
الحيني: أختلف مع وجهة النظر التي أصفها بالمتشائمة، بل لدي يقين أن السنوات المقبلة ستشهد نموًا متتاليًا على مستوى مجموعة مصر القابضة للتأمين وشركاتها التابعة بشكل خاص أو على مستوى السوق بصورة عامة، لأسباب من بينها، أن السوق وفي القلب منها شركات التأمين الحكومية نجحت في تحقيق معدلات نمو مقبولة رغم جائحة كورونا، والتي شهدها العالم كله فجأة، فما بالك لو أن الأخطار المستقبلية أيًّا كان نوعها سواء تضخمًا أو تطورات جيوسياسية معروفة مسبقًا أو على الأقل متوقعة، فبالتالي أظن أن قطاع التأمين لديه القدرة على ترويض تلك المخاطر وتجاوز آثارها، ومن ثم تحقيق معدلات نمو ستضيف لرصيد السوق ولن تخصم منه.
القابضة حققت كافة مستهدفاتها رغم كورونا باستثناء التوسعات الخارجية بسبب الجائحة
خبري: معنى ذلك أن القابضة للتأمين حققت كافة مستهدفاتها رغم جائحة كورونا؟
الحيني: ليس معنى تحقيق معدلات نمو كلية، أن السوق بما فيه الشركات الحكومية تمكنت من تحقيق جُل مستهدفاتها، بطبيعة الحال هناك تأثيرات انعكست على تحقيق المستهدفات، لكن يظل التأثير محدودًا، ففي القابضة للتأمين المستهدف الوحيد الذي لم يتحقق هو التوسعات الخارجية، نظرًا للتطورات المتلاحقة على مستوى العالم بسبب كورونا وإغلاق الأسواق وما إلى ذلك، بالإضافة إلى عدم القدرة على تحقيق النسب المستهدفة من الأرباح الفنية أو ما يُعرف بفوائض الاكتتاب، لكن هذا لا يعني تحقيق نسب كبيرة من المستهدفات، وأن مؤشرات النمو كانت جميعها بالموجب وليس بالسالب، وهو ما يُحسب للقائمين على إدارة الشركات التابعة الخاضعة لولاية مصر القابضة للتأمين.
خبري: تم التجديد لك لسنوات ثلاث جديدة، فما هي استراتيجية باسل الحيني خلال الفترة المقبلة؟
الحيني: استكمال خطة التوسعات والنمو المستمر والمستدام، بالإضافة إلى صيرورة التطوير أو استمراريته؛ لأن الهدف هو إرساء دعائم النمو المستدام، ولا أخفي سرًّا أننا تولينا المسئولية والموضوع لم يكن بالسهولة التي يتصورها البعض، لذا فالإدارة الحالية للقابضة تسعى لتسليم الراية للأجيال الجديدة وفق استراتيجية واضحة المعالم، سواء من حيث الخطط والأهداف أو حتى وسائل تحقيقها.
إجمالًا، نسعى لتسليم القابضة للأجيال الجديدة وكافة طرق نموها مُعبدة ومرصوفة، من خلال تطوير العنصر البشري، والتطوير المؤسسي، وتحقيق معدلات نمو في كافة المؤشرات دون إغفال أي منها سواء في النشاط التأميني أو غير التأميني.
خبري: هل تركز القابضة على نمو الأرباح الفنية أم الكلية؟
الحيني: لا ينفك هذا عن ذاك، فالنمو الكلي والمقصود منه الأرباح الكلية سواء في عوائد الاستثمار ووفورات النشاط الفني لن تتأتى دون زيادة الأقساط بسياسة اكتتابية منضبطة، ومن ثم تحقيق فائض من الاكتتاب التأميني، مع استثمار هذه الأقساط وفق النسب المُحددة باللائحة التنفيذية لقانون الإشراف والرقابة على التأمين، لتحقيق عوائد تضاف إلى العوائد الفنية، وبالتالي سيكون الناتج الطبيعي تحقيق أرباح كلية.
هذه نقطة، أما ثانيها فله علاقة بتحقيق معدلات نمو سواء في التأمين أو الاستثمار، وكذا في الأصول العقارية، وسيُضاف إليهم الخدمات المالية بدءًا من العام المقبل.
استكمال إنشاء مول التجمع بتكلفة تتجاوز 300 مليون جنيه
خبري: إذا انتقلت إلى محور له علاقة بإدارة الأصول، ما الأراضي التي تم تطويرها أو التي يتم دراسة تطويرها حاليًّا؟
الحيني: هناك أمران مهمان تم إنجازهما الفترة الأخيرة، أولهما أن اللجنة التي تم تشكيلها للتفاوض لتغيير عقود تأجير العقارات المملوكة للقابضة للتأمين، من النظام أو الإيجار القديم للجديد، حققت نتائج ملموسة، والملف الثاني له علاقة بالاتفاقية التي أبرمتها القابضة عبر شركتها التابعة لإدارة الأصول مع إحدى الجهات السيادية وشركة خاصة، لتطوير المول التجاري في التجمع الخامس، والذي كان متوقفًا لسنوات طويلة، تم استكمال إنشائه، وسيتم افتتاحه قريبًا.
خبري: ما التكلفة الاستثمارية للمول الجديد؟
الحيني: تكلفة الإنشاءات وعمليات التطوير التي تتم حاليًّا تصل إلى 300 مليون جنيه، لكن التكلفة الكلية منذ البدء فيه وحتى الآن تتجاوز هذا الرقم.