جرت في نهر التأمين مياه كثيرة ، غيرت من ماهية مخاطره .. و ما بين هذا وذاك مطلوب دائما أن تظل شركات التأمين صلدة ، تقاوم أمواج الأخطار المتلاطمة ، بل الأكثر من ذلك ، أن تنجو من هذه المعركة في شتاء الأخطار الجيوسياسية القارصة غالبة منتصرة ، وفي جعبتها صيدًا ثمينًا من فوائض الإكتتاب التأميني ، أو ما يستسيغ البعض تسميته بالأرباح الفنية.
التحد الذي واجه شركات التأمين بشكل عام ، ووحدات الحياة بصورة خاصة ، لا يقتصر فقط علي الأخطار التي تروضها ، لأنه نشاطها ومهنتها التي بدونها لن تصبح ذات خصوصية ، كما المخاطر التي تروضها، بل زاد طينها بلة ، لجوء البنوك المركزية لرفع سعر الفائدة ، لامتصاص السيولة حينا ، ولخفض حرارة التضخم أحيانا ، وكأن شركات الحياة في حاجة إلي مزيد من الضغوط ! فكيف يُطلب منها مواجهة هذه التحديات فرادي؟ وهل لديها من المناعة ما يجعلها قادرة علي الصمود ككيانات مؤسسية أمام جُل هذه التحديات؟.
محمود حنفي ، العضو المنتدب لشركة اللبنانية السويسرية لتأمينات الحياة ، وعضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للتأمين، يري أن الصورة ليست قاتمة إلي هذا الحد ، وأن سيطرة فلسفة شوبنهاور التشاؤمية ، لا معني ولا مغزي لها، مؤكدًا أن الأخطار مهما تعاظمت ، فصناعة التأمين تمتلك أدوات تؤهلها للخروج من هذا النفق لعالم أرحب ومتسع بالربحية، ليس لتمايز صناعة التأمين عن غيرها من الأنشطة ، ولكن بحكم إختصاصها ، كونها الأقدر والأجدر علي ترويضها والتعامل مع مستجداتها.
حنفي، أشار في حواره الموسع مع مجلة خبري، إلي أن شركته نجحت في ترجمة معسول الكلمات ، أو كما قد يظنها البعض هكذا ، إلي أرقام يمكن لأهل الإختصاص كشف معانيها ودلالالتها.
الحوار تطرق إلي ملفات عدة، منها بالطبع نتائج الشركة ، ولكن في سياقها الملائم كلاعب داخل هذا السوق، وكيف تولدت هذه النتائج ؟ وماهيتها وأهميتها؟ وكيف يمكن للتأمين أن يجعل من الخطر ميزة وثمرة ، تسيل لعاب المتنافسون إلي إلتقاطها.
وإلي نص الحوار:-
أجري الحوار- ماهر أبو الفضل :
خبري: مخاطر جيوسياسية لاحقة لجائحة طبيعية أقصد كورونا ، إنعكست آثارها علي الإقتصاد العالمي والمحلي، لتشابكهما ، ومنها إرتفاع معدل التضخم ، ما أدي إلي لجوء البنوك المركزية علي مستوي العالم ، لرفع سعر الفائدة ، في محاولة لكبح جماح هذا الغول المفترس ، ورغم أهمية هذا التوجه إلا أنه يؤثر علي السيولة المتاحة للأفراد ، ما يعني عدم القدرة علي شراء تغطيات تأمينية جديدة ، علي الأقل التغطيات التي تستند علي حرية الإختيار ، وليست إلزامية، فكيف تعاملت اللبنانية السويسرية مع هذا التحدي؟
محمود حنفي: بدءًا رغم أهمية الطرح ، ورغم إطلاعي علي أراء كثيرة ، عددًا كبير منها يتشبع بفلسفة وأراء الفيلسوف الآلماني شوبنهاور التشاؤمية ، ويعتقدون أن التأمين كصناعة وُجدت كغطاء حمائي في وقت الإزدهار الإقتصادي أو علي الأقل التحسن الإقتصادي ، ويرون أن أي ازمة إقتصادية ستؤثر بالضرورة سلبًا علي هذه الصناعة ، وهي وجهات نظر تحتاج إلي مراجعة ومكاشفة للذات قبل مكاشفة الغير.
ما أقصده هنا، أن صناعة التأمين وُجدت لتغطية خطر، وإذا كانت هذه الصناعة تعتمد علي وعد وعهد غير محسوسين ، أقصد الوعد بالتعويض، فعلي الأقل الإحساس بالخطر أمرًا محسوسًا ، بمعني ، أنه هل يمكن لإنسان خلال تفشي جائحة كورونا أن يكون مطمئنًا علي نفسه؟ بالضرورة لا ، وهنا أتحدث عن جوانب علمية وعملية وليس ديني إيماني.
وبما أن الشعور بالخطر يمكن لمسه، ففي تلك الحالة يمكن إدراك أهمية التأمين ، لأنك تطمئن عميل أنه سيكون آمنا علي نفسه إن اصابه خطر مؤقت مثل الإصابة او العجز ، وسيكون مطمئنًا علي ذويه في حال وفاته لاقدر الله ، ومن ثم فالأزمات الجيوسياسية والأخطار الطبيعية هي فرصة ومكسب ليظهر التأمين كصناعة وغطاء للحماية ، ومن وجهة نظري، أن السنوات العجاف إقتصاديًا هي سنوات سمان تأمينيا.
خبري: أتقصد أن من رحم الآلم يخرج الأمل؟
حنفي: هذا ما أقصده بالطبع ، والدليل علي ذلك وبناءً علي نتائج الأعمال ، أعتقد أن العام المالي الماضي 2022/2021، المنتهي في يونيو من العام الحالي سيكون من الأعوام التي تحقق فيها شركات التأمين معدلات نمو كبيرة علي مستوي حصيلة الأقساط ، وبالتالي ينعكس ذلك علي الإقتصاد القومي.
خبري: لكن زيادة الأقساط لايمكن الإعتماد عليه كمؤشر دال علي النمو الحقيقي، أقصد أنه قد لا يُعبر بالضرورة عن جلب عملاء جُدد ، او علي الأقل قد لا يُدلل علي تحسين مؤشر التسعير، فقد يكون ناتجًا عن أحد أمرين، إما إعادة تقييم الاصول إذا كنت تتحدث عن تأمين الممتلكات ، او رفع مبالغ التغطيات إذا كنا نقصد نشاط الحياة ، او قد يُعبر عن خفض الأسعار مقابل تغطية المزيد من المخاطر؟
حنفي: لن أختلف معك في هذا التفسير وهو وارد بالطبع ، ولكن ماذا إذا كانت النتائج النهائية إيجابية لصالح مؤشر العوائد الفنية ، أقصد أن تكون الشركات قد إجتازت هذه الإختبارات بزيادة أرباحها الفنية ؟ ألا يُعبر ذلك عن تحسن مؤشر التسعير أو علي أقل تقدير جلب عملاء جُدد ؟.
وبالمناسبة ، شركة اللبناينة السويسرية لتأمينات الحياة ، تُعد أنموذجًا لهذه الشركات ، التي أظن أن أغلبها وصل إلي نتائج مماثلة ، وبعد إفراج الرقابة المالية عن نتائج أعمال السوق للعام المالي 2021/2022 ، سنري ذلك.
خبري: المخاطر الجيوسياسية – أقصد هنا الحرب الروسية الأوكرانية- بدات في نهاية فبراير الماضي ، اي قبل انتهاء العام المالي بأربعة أشهر فقط، كما أن تأثيراتها لم تظهر بشكل جلي إلا في مايو الماضي أو بعد ذلك؟
حنفي: بالطبع، لكن الاخطار الطبيعية أو الأوبئة، وأقصد هنا جائحة كورونا وما ترتب عليها من توقف سلاسل الإمداد ، ثم زيادة عدد الوفيات ، ناهيك عن الضغوط الإقتصادية المترتبة عليها، كل ذلك ظهر منذ ثلاثة أعوام .
ولكن حتي لا ننحرف عن الموضوعية ، او يكيل لنا البعض إتهامًا بالأفلاطونية الحالمة ، لاشك أن الضغوط الإقتصادية تؤثر علي كافة القطاعات ومنها التأمين ، علي إعتبار أنه متشابك ومترابط معها ، وهو مرآة للإقتصاد مثل البورصة.
452.9 % نموًا في صافي فائض عمليات التأمين خلال عام واحد
خبري: إذا تحدثنا عن اللبنانية السويسرية كنموذج لشركات التأمين التي تري أن السنوات الضاغطة إقتصاديًا هي سنوات سُمان وليس عجاف، فما أمارات هذا الرأي؟
حنفي: الأمارات العديدة ، دعني أذكر منها مؤشرًا كاشفًا إلي حد ما ، كنموذج وليس حصرًا من وجهة نظري علي الأقل.
أي شركة تأمين يُقاس نجاحها بمؤشرات كثيرة منها الأرباح الفنية ، أو فائض الإكتتاب، أي العوائد المحققة من التأمين وليس الاستثمار ، واللبنانية السويسرية لتأمينات الحياة ، نجحت في تحويل عجزها الفني إلي فائض في الإكتتاب نهاية العام المالي الماضي 2021/2022 ، حيث كشفت المؤشرات المالية التي تم إرسالها للرقابة المالية لإعتمادها ، عن تحقيق الشركة صافي فائض عمليات التأمين ، أو فائض الإكتتاب إلي ما يزيد عن 6 ملايين جنيه ، مقارنة بعجز في صافي عمليات التأمين ، قيمته 1.7 مليون جنيه تقريبًا، في العام المالي السابق 2020/2021 ، ما يعني أن اللبنانية لتأمينات الحياة ، حققت فائضً يصل الي 7.7 مليون جنيه ، بنسبة نمو تتجاوز 452.9 %.
هذا المؤشر له دلالات عديدة ، منها إصرار اللبنانية السويسرية لتأمينات الحياة، علي إنتقاء مخاطر، وأنها تملك سياسة إكتتاب رشيدة، ولديها عنصر بشري قادر علي ترويض هذه الأخطار فنيا وماليًا.
27.6 % نموًا في الأقساط المباشرة وتكاليف الإنتاج لم تتجاوز12% فقط
خبري: كيف أتي هذا الفائض؟ بمعني هل هناك تغيرًا ما شهدته السياسة الإكتتابية لشركة اللبنانية السويسرية لتأمينات الحياة التكافلية؟
حنفي: سياسة الإكتتاب أو سياسات القبول دائما ما يتم مراجعتها بشكل دوري ، لتتناسب مع أنماط المخاطر الدراماتيكية ، والتي لايمكن التوقف أمامها بسياسة إكتتاب جامدة، بمعني أن قبول الأخطار وآلياته يشهد مرونة.
علي أية حال، بالفعل تم التحوط في سياسات القبول، ليس رفضصا لتغطية المخاطر ولكن تسعيرها بشكل مناسب فنيًا، لأن التأمين او نجاح شركة التأمين لايعكسه فقط مؤشر الأقساط، بل جملة مؤشرات مجتمعة، منها الأقساط المباشرة والتعويضات المسددة، وبطبيعة الحال فائض الإكتتاب.
فأما عن مؤشر كالأقساط المباشرة، فقد تمكنت اللبنانية السويسرية لتأمينات الحياة، من زيادة رصيد أقساطها لتتجاوز 334.2 مليون جنيه في نهاية يونيو 2022 ، مقابل 261.9 مليون جنيه تقريبًا ، تم تحقيقها في يونيو من العام الماضي، بزيادة تصل الي 72.9 مليون جنيه ، وبنسبة نمو 27.6% ، بالمناسبة معدل نمو أقساط 2021 لم يتجاوز 2% مقارنة بالعام السابق.
تقليص المصاريف الإدارية والعمومية بنسبة 1% رغم الضغوط الإقتصادية
خبري: من المهم أن يشهد مؤشر الإكتتاب المباشر نموًا، ولكن كيفية تحقيقه أو آلياته ، هو الأهم ، فقد يكون بسبب قبول عمليات غير منضبطة فنيًا ، وقد يكون بسبب سخاء العمولات؟ ما نقصده أن الإكتتاب كرقم مجرد لا يوضح بالضرورة الصورة الكاملة للأداء الفني؟
حنفي: دعني اتعامل مع التساؤل علي أنه بريئًا ، وهو حق يُراد به حق كما أعلم ، بالفعل السياق الذي تتحدث عنه قد يكون صحيحًا ، لذا كان من الأهمية بمكان ذكر المؤشر المرتبط بفائض الإكتتاب، ولكن الأهم أيضًا أن اشير إلي المؤشرات المرتبطة بتكاليف الإنتاج وكذا بالمطالبات المسددة عن الإكتتابات المباشرة.
فأما عن عمولات وتكاليف الإنتاج، ووفقًا للمؤشرات الأولية التي تم إرسالها لجهات الرقابة وكذا مجلس الإدارة ، إنخفض إجمالي التكاليف والعمولات ليصل الي 38.8 مليون جنيه تقريبًا في يونيو 2022 ، مقابل ما يزيد عن 42 مليون جنيه في يونيو السابق، بإنخفاض قيمته 3.2 مليون جنيه علي الأقل، بنسبة تراجع يتجاوز 7.6% هذه نقطة.
أما الثانية ، فلها علاقة بأن نسبة العمولات وتكاليف الإنتاج مقارنة بالأقساط المباشرة لم تتجاوز 12% في العام المالي المنصرم، مقابل 16% هي نسبة التكاليف مقارنة بالأقساط المباشرة في العام المالي السابق ، ألا يشير ذلك إلي دلالات وأمارات تؤكد إنضباط سياسة القبول.
وفيما يخص النقطة الثالثة ، فلها علاقة بإنخفاض نسبة المصاريف الإدارية والعمومية بنسبة 1% في العام المالي الماضي 2021/2022 ، مقارنة بالعام السابق ، لتصل الي 15% من الأقساط ، مقابل 16% في العام المالي 2020/2021 ، وبلغت قيمة المصاريف الإدارية والعمومية نحو 48.8 مليون جنيه في يونيو 2022، مقابل 41.9 مليون جنيه في يونيو السابق.
وبالنسبة للمطالبات المسددة عن العمليات المباشرة، فقد بلغت 132 مليون جنيه ، في العام المالي 2021/2022 ، مقابل 145.3 مليون جنيه تم سدادها في العام المالي السابق 2020/2021 ، بإنخفاض يصل الي 13.3 مليون جنيه، بنسبة تراجع 9.2% تقريبًا.
13.3 مليون جنيه إنخفاضًا في المطالبات المُسددة لإنتقاء الخطر قبل القسط
خبري: من الأهمية بمكان التوقف امام المؤشر الخاص بتكاليف الإنتاج ، لاسيما وان نسبته في يونيو 2022 أقل من يونيو المقابل 2021 ، خاصة مع نمو الأقساط المباشرة، ولكن هذا قد يكون له تفسيرات فنية منطقية، لكن ما يثير التساؤل الاستفساري هو انخفاض المطالبات المسددة رغم إرتفاع الأقساط المباشرة؟ فقد يري البعض أن يد الإدارة التنفيذية شحيحة في صرف المطالبات؟
حنفي: سؤال استفساري في محله، لكن هناك إجابة منطقية عليه من الناحية الفنية ، وهو أنه كلما تحسنت سياسات القبول، كلما كان التوقع بحدوث الخطر أكثر دقة، هذا إذا تحدثنا عن أخطار كالوفاة والعجز وما إلي ذلك، أما إذا تحدثنا عن المطالبات المنصرفة نهاية مدة التأمين، فتلك يتمك احتسابها بالعوائد نهاية المدة، وتكون مخطط منذ البدء، بمعني أن أموال العملاء ومطالباتهم لابد من توافرها قبل مواعيد استحقاقها ومن مصلحة شركة التأمين ان لاتتواني في صرف المطالبة سواء نتيجة إنتهاء مدة الوثيقة او تحقق الخطر.
وأود الإشارة هنا أيضا ، إلي ان هناك جهات ولاية ، اقصد الرقابة المالية والتي تتابع عن كثب صرف المطالبات في مواعيدها دون تآن ، بالاضافة الي ان مصلحة شركة التأمين ان تُسرع من وتيرة الصرف لإسالة لعاب العميل وتحفيزه علي الاستمرار في تعاملاته مع صناعة التمين كصناعة ، علاوة علي أنه سيكون سفيرًا لشركة التأمين بالترويج للخدمات التي تقدمها؟
لاتوجد أزمة ثقة بين العملاء والشركات ونلتمس العُذر للأصوات الزاعقة رغم ضجيجها
خبري: لكن الصورة ليست حالمة كما رسمت او أفلاطونية كما تسعي لذلك ، وإن كان لك من الدوافع ما يبررك موقفك؟ وهنا أقصد أن بعض العملاء يجأرون من الشكوي حينا ، ويتهمون شركات تأمين بالمماطلة في صرف التعويضات والمطالبات أحيانا ، وبغض النظر عن أحقية هؤلاء في شكواهم، لكن تظل اصواتهم زاعقة وهي الأعلي بين هدوء امواج العملاء الذين صرفوا مستحقاتهم بلا عناء؟وقد تعطي إنطباعات تتسبب في شرخ في جدار الثقة؟
حنفي: لاتوجد أزمة ثقة بين العملاء من جهة وشركات التأمين من جهة أخري ، فكما اسلفت في سؤالك هي اصوات زاعقة، وهذه الأصوات بطبيعة الحال ستكون مثيرة للفت الإنتباه أكثر من الاصوات الهادئة الرصينة التي لا تتحدث عن المطالبات التي صرفتها وساذكر منها مثالًا فيما بعد.
ومع ذلك ، ورغم وجود هذه الأصوات الزاعقة، إلا أننا كشركات تأمين نلتمس لهم العُذر لاسباب لها علاقة بأننا نفترض دائمًا حُسن النية وأن العميل لا يدرك او علي الأقل لديه لبس او سوء فهم لشروط الاستحقاق ، ومن ثم يتم التعامل مع تلك الحالات بروية وهدوءِ وليس بحدية ، لأن التعامل بشكل حاد قد يفقد التأمين أهميته لانها صناعة طمأنينية وليس تخويف.
ودعني أجلد ذواتنا لان شركات التأمين عليها الإعلان والإعلام بالتعويضات المنصرفة ، واستثمار وسائل التكنولوجيا لذلك ، لان هذا الترويج سيغير الصورة الذهنية التي قد تكون مغلوطة لدي البعض.
وبالنسبة لشركة اللبنانية السويسرية لتأمينات الحياة التكافلي، فقد سددت الشركة ، تعويضًا بلغت قيمته نحو 60 مليون جنيه ، لشركة جي بي للتأجير التمويلي – إحدي توابع مجموعة جي بي غبور اوتو- ، نيابة عن أحد عملاء الثانية والذي توقف عن سداد أقساط القرض بسبب الوفاة.
التعويض الذي تم صرفه ، هو تعويض مُسدد نيابة عن العميل ، وهو صاحب إحدي المجموعات الإقتصادية المتخصصة في البيع بالتجزئة ، بعد توقفه عن سداد القرض الذي حصل عليه من جي بي للتأجير التمويلي بسبب الوفاة.
وأود الإشارة هنا إلي أن المطالبة التي تم تسويتها وسدادها بالكامل وقيمتها 60 مليون جنيه ، مرتبطة بوثيقة تأمين لتغطية مخاطر عدم السداد نتيجة الوفاة ،والتي تم إصدارها في مايو من العام الماضي ، وبمجرد تلقي اللبنانية السويسرية إخطارًا بوفاة العميل ، إتخذت كافة الإجراءات الفنية لتسوية المطالبة بعد التأكد من تحقق الخطر وفق شروط الوثيقة ، ولم تتوان في سداد المطالبة ، في وقت قصير للغاية.
علي أية حالِ ، دور شركة التأمين أيا كان نشاطها سواء في الحياة او الممتلكات، وبتنوع اسلوب عملها سواء تكافلية او تجارية، دورها لايقتصر علي ترويض الخطر المغطي وفق المعايير الفنية ، رغم أهميته بالطبع ، إلا أن الدور الأهم هو سداد التعويض أو المطالبة ، علي إعتبار أن سداد المطالبة في اسرع وقت يعد العنوان الأبرز لمصداقية شركة التأمين.
وعلي غير ما هو متصور خطا لدي البعض ، فإن سداد التعويضات ليس تكلفة ضاغطة علي شركة التأمين كما قد يتخيل البعض خطًا، ولكنه مكسبًا حقيقيًا يُعزز ثقة العملاء في شركة التأمين وبهذا النشاط شديد الخصوصية – يقصد نشاط التأمين- .
وبالمناسبة ، شركة اللبنانية السويسرية لتأمينات الحياة ، ليست استثناء من سوق التأمين في إلتزامها بسداد التعويضات ، فالقاعدة العامة هي إلتزام كافة الشركات بهذا الدور ، لأن صناعة التأمين في الأساس تقوم علي الوعد بالتعويض بعد تحقق الخطر ، بالطبع بعد استنفاذ كافة الوسائل الفنية لترويض هذا الخطر، من خلال تقييمه فنيًا.
شهادات البنوك الإدخارية ليست هاجسًا لوحدات الحياة لأننا نبيع الحماية قبل الاستثمار
خبري: دعني أدلف إلي نقطة أخري لها علاقة بمخاوف البعض من شهادات البنوك الإدخارية ، التي تطرحها وحدات القطاع المصرفي بعوائد مغرية بين الحين والأخر ، وأن هذه القنوات تخصم من رصيد شركات التأمين لأن العميل ينجذب بطبيعة الحال لما هو مغرِ او علي الأقل محسوس وليس للتأمين ربما لمعتقدت دينية ايمانية او ربما للظرف الاقتصادي نفسه الذي يجعل المرء يلهث لتحقيق ما هو منظور وليس ما هو غير منظورِ؟
حنفي: إذا تعاملت شركات التأمين مع فوائد البنوك او الشهادات الاستثمارية بعوائد مغرية التي يطرحها القطاع المصرفي ، علي أنها هاجس يؤرقها، فهذا محط توقف وتساؤل وليس التعامل معه علي أنه أمرًا طبيعيا.
ما أقصده، أنه ليس من العدالة مقارنة القطاع المصرفي بقطاع التأمين، لاختلاف النشاطين سواء من حيث الطبيعة او المهام وكذا الخدمات، هذه نقطة.
النقطة الثانية وهي الأهم ، أن شركات التأمين لاتقوم ببيع سلعة بل خدمة ، بمعني انها تقوم ببيع غطاء حمائي ضد اخطار متوقعة وليس استثمارا، بالفعل شركات التأمين لديها منتجات استثمارية ، لكنها في النهاية هي جزء مكمل للتغطية وليس منفصل عنه.
التأمين البنكي فرصة يجب استثمارها لتحقيق مصالح جميع أطرافها لخدمة العميل
خبري: إذا كنا نتحدث عن قطاع التأمين والبنوك والعلاقة التي تربط بعضهما البعض، هناك اراء تري ان التأمين المصرفي او التحالف بين البنوك وشركات التأمين ، إنعكس سليبًا علي شركات التأمين ، لاسباب لها علاقة بأن هذه القناة التسويقية اصبحت عبئًا علي الشركات وليس فرصة يجب استثمارها؟
حنفي: بعض الممارسات لايمكن إنكارها ، لكنها لا تشير إلي ان التأمين المصرفي في حد ذاته كعلاقة تكاملية بين البنوك وشركات التأمين ، يعتريها الغموض، بالعكس من ذلك، أري ان هذه التحالفات وكانت ولازالت فرصة لشركات التأمين والبنوك.
فأما عن مزايا البنوك، فتتضمن حصول هذه البنوك علي نسبة من القسط كعمولة توزيع، وأما من جهة شركات التأمين، فهذه التحالفات تضمن لشركات التأمين توفير سيولة نقدية Cash Flow ، وفي نفس الوقت سيصب في مؤشر الأقساط الكلي، وبالتالي سيترجم في صورة ارباح ما يدعم خزينة الدولة.
من ذلك يمكن القول، أن التأمين البنكي فرصة يجب استثمارها لتحقيق مصالح جميع أطرافه لخدمة العميل وليس الاتفاق علي العميل.
سوق التأمين المصرية ما زالت بِكرًا والرقابة المالية تدعمها لوجستيًا
خبري: تتحدث وكأنه لايوجد من يئن من بعض الممارسات ؟ أقصد أن هناك ممارسات تجري أدت إلي تشويه صورة التأمين لدي عملاء البنوك، خاصة في المناطق البعيدة جغرافيًا؟
حنفي: معك حق ولايمكن أن ندفن رؤسنا في الرمال، لكن السؤال، هل هذه الممارسات فردية ام جماعية؟ ، أظن انها فردية، وبمناسبة هذا ، لماذا يتم تجهيل الرقابة المالية كجهة ولاية ولديها من الأدوات التي يمكنها مجابهة أي خلل؟
ما اقصده ان دورالرقابة المالية هو حماية العميل بغض النظر عن طبيعة الخدمة او التغطية التي حصلها عليها ، وفي نفس الوقت تسعي إلي تقويم أي إنحراف إن وجد ، والدليل علي ذلك إنخفاض عدد شكاوي التأمين كنسبة مقارنة بالعملاء ، في السنوات الأخيرة ، بسبب الدعم السخي لوجستيا من الرقابة المالية لوحدات التأمين، أقصاها قبل أدناها.
إرتفاع معدل التضخم فرصة لإبتكار المنتجات وليس البكاء علي أطلالها
خبري: اسلفت ان شركات التأمين تبيع خدمة وحماية وليس فائدة واستثمار، بمعني ان الحماية مقدم علي الاستثمار، ولكن ماذا تفعل شركات التأمين مع إرتفاع معدل التخضم وتأثيره علي حجم السيولة التي قد لا تسمح للفرد بشراء تغطيات تأمينية؟
حنفي: هذا سؤال في محله ، لكن دعني أذكر لك بشكل موجز أن إرتفاع معدل التخضم او ظهور اي خطر ، لابد وان يكون دافعًا وحافزًا للشركات لابتكار المنتجات الجديدة التي تلبي طموحات العملاء، وتتناسب مع احتياجاتهم المضطردة ، وليس البكاء علي اللبن المسكوب او علي الأطلال، بمعني أن التأمين لم يوُجد إلا لتغطية خطر، او الحماية من خطر أو علي أقل تقدير التخفيف من آثاره وليس الهروب بعيدًا عنه ، ومن ثم فيجب ان يتم التعامل مع اي محنة بأنها فرصة منحة يجب استثمارها لتعظيم العائد.