سعر خام برنت ، تلقى تجار النفط الخام إشارات تحذيرية مع بدء العام الحالي 2024 نتيجة مخاوف تراجع معدلات النمو العالمي وتراجع حجم الطلب والتي تعوض ارتفاع المخاطر الجيوسياسية المتعلقة بالتطورات في البحر الأحمر وما حوله، حيث أجبرت الهجمات على السفن التجارية الشهر الماضي شركات الشحن على إعادة توجيه الشحنات القادمة من الشرق الأوسط وآسيا، مما أدى إلى زيادة تكاليف وزمن الرحلات.
تجدر الإشارة إلى احتمال أن تشهد الأسابيع المقبلة بعض التقلبات في التداول حيث من المتوقع أن يسعى المضاربون المتفائلون خلف إشارات تشجعهم على التداول، مما قد يتسبب بحالة من عدم من الاستقرار في سوق التداول.
هناك احتمالية متزايدة أن يشهد سعر النفط الخام استقراراً في الأشهر المقبلة مع عدم وجود محفز واحد قوي بما يكفي لتغيير ديناميكيات السوق الذي يوزع تركيزه بين مخاوف تباطؤ معدلات النمو، خاصة في الصين والولايات المتحدة الأمريكية من ناحية، وارتفاع الإنتاج من خارج أوبك+ من ناحية وتخفيضات أوبك+ والمخاطر الجيوسياسية من ناحية أخرى.
هانسن : قد تشهد المرحلة المقبلة تقلبات في استعداد المستثمرين للمخاطرة
قال أولي هانسن ، رئيس شؤون استراتيجيات السلع في ساكسو بنك ، أنه من المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تقلبات في استعداد المستثمرين للمخاطرة بالتوازي مع التغيرات في الوتيرة المتوقعة لخفض أسعار الفائدة الأمريكية ، مع وضع ذلك في الاعتبار، نرى أن نفط خام برنت سيحافظ على استقراره عند 80 دولاراً للبرميل خلال الربع الأول وجزء من الربع الثاني حيث يتجلى التهديد الأكبر الذي يمكن أن يؤثر على الأسعار في المخاوف من انهيار الاتفاق الحالي بين أعضاء أوبك+ والذي يتمثل في خفض الإنتاج، والتهديد الأكبر من الناحية الأخرى، قد يأتي من أحداث جيوسياسية كبرى قد تعطل تدفق النفط الخام والغاز من الشرق الأوسط.
وشهد سعر خام برنت العام الماضي 2023 تداولاً ضمن نطاق ضئيل نسبياً بلغ 27.5 دولاراً مقارنة بالنطاق البالغ 64 دولاراً في 2022 عندما دفعت الحرب في أوكرانيا السوق إلى الارتفاع بشكل حاد، قبل أن ينهار. وبشكل عام، أغلقت العقود الآجلة للشهر الأول في خام برنت على انخفاض بنسبة 6% على مدار العام بينما شهد خام غرب تكساس الوسيط انخفاضاً بنسبة 7%.
واشار هانسن أنه من منظور استثماري، تم تداول العقود الآجلة بأسعار اقل من العقود الفورية خلال معظم العام، وبالنظر إلى التأثير الإيجابي على العقود المتجددة في مثل هذه البيئة، انخفضت النتيجة السلبية إلى -1% في خام برنت و -2% في خام غرب تكساس الوسيط.
يقل سعر تداول خام برنت الحالي بالقرب من 80 دولاراً، بضعة دولارات فقط عن متوسط سعر العام الماضي والمتوسط المتحرك الحالي لمدة 200 يوم أعلى بقليل من 82 دولاراً، وفي حين أن الاستقرار النسبي يمكن أن ينسب إلى محاولات أوبك+ للحفاظ على استقرار الأسعار من خلال إدارة العرض بفعالية، فلا شك أن المجموعة كانت تفضل أسعاراً أعلى. لكن زيادة معدلات الإنتاج في الولايات المتحدة وإيران وفنزويلا وغيانا وغيرها، بالتزامن مع تراجع الطلب في الربع الرابع، حال دون اكتمال انتصار المجموعة نظراً لفشلها في رفع الأسعار بالرغم من تنازلها عن حصتها في السوق.
واوضح أنه لا يزال اضطرار المجموعة للتنازل عن المزيد من حصتها السوقية من أجل الحفاظ على الأسعار أكثر من 70 دولاراً يمثل تهديداً جدياً لوحدة المجموعة، خاصة بالنظر إلى احتمال تراجع نمو الطلب واستمرار معدلات الإنتاج المرتفعة من الدول غير الأعضاء في أوبك+ مما يؤدي إلى تراجع الحصة السوقية لأوبك+ وزيادة الضغط على القدرات الاحتياطية المتاحة، خاصة من المملكة العربية السعودية التي تمتلك أكثر من 3 ملايين برميل يومياً من الطاقة الاحتياطية، وهو تطور يجب أن يساعد في الأوقات العادية على كبح أي ارتفاع في الأسعار نظراً للحافز القوي لإعادة المزيد من النفط إلى السوق.
ومن المتوقع أن يواصل المضاربون مثل صناديق التحوط ومستشاري تداول السلع، كما هو الحال في العام الماضي، لعب دور مهم عندما يتعلق الأمر بتحديد الحد الأعلى والحد الأدنى للأسعار في السوق.
يميل هؤلاء المضاربون، الذين يلجؤون إلى استراتيجيات تداول تعتمد على متابعة الاتجاهات السائدة في السوق، إلى توقع وتسريع وتضخيم تغيرات الأسعار التي يتم تحريكها بواسطة عوامل أساسية مهمة في الاقتصاد. تجعلهم هذه الاستراتيجية يشترون عندما تكون الأسعار في ارتفاع ويبيعون عندما تكون في انخفاض، وهذا يعني أنهم غالباً يميلون بشكل كبير للشراء عندما يكون السوق في الذروة، أو للبيع قبل أن يتراجع السوق.
وشهد العام الماضي تحركاً محدود النطاق للسوق الأمر الذي شكل تحدياً لتلك الاستراتيجيات، مما أدى إلى العديد من المواقف حيث انتهى بهم الأمر إلى الاحتفاظ بمركز خاطئ عندما شهدت أسعار خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط تقلبات مفاجئة، مع تغير النظرة الفنية، مدفوعة من بين أمور أخرى بقرارات خفض إنتاج أوبك+، وتوقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية، والتطورات التي تشهدها الصين والأحداث الجيوسياسية.
وانخفض صافي الانتاج من 491 مليون برميل في فبراير ليصل إلى أدنى مستوى له عند 231 مليون برميل في يونيو قبل أن يصل إلى أعلى مستوى له في عامين في سبتمبر عند 560 مليون برميل، لينهار إلى أدنى مستوى له في 11 عاماً عند 171 مليون برميل في بداية ديسمبر، قبل أن تساعد اضطرابات البحر الأحمر في دعم انتعاش قوي لمدة أسبوعين قبل نهاية العام.
الخلاصة – وفقًا لرئيس شؤون استراتيجيات السلع في ساكسو بنك – ، أنه من المرجح أن يستقر سعر النفط الخام ضمن نطاق 80 دولاراً في برنت خلال الربع القادم حيث تعوض العرض من خارج أوبك والنمو العالمي عن تخفيضات الإنتاج والتوترات في الشرق الأوسط وارتفاع آخر في الطلب العالمي، وإن كان بوتيرة أبطأ من العام الماضي. ستواصل مجموعة منتجي أوبك+ دعم الأسعار من خلال تمديد وربما زيادة تخفيضات الإنتاج الحالية، متنازلة عن حصتها في السوق مع زيادة مستوى القدرات الاحتياطية المتاحة. من المتوقع أن يتسبب توقيت الخطوة الأولى لخفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة والخطوات اللاحقة بالمزيد من التقلبات في السوق غير المستقر بسبب المضاربين الذين يركزون على مؤشرات الاقتصاد الكلي.
أربعة عوامل تؤثر على سوق النفط في 2024
في سياق متصل ، هناك أربعة عوامل رئيسية تؤثر علي سوق النفط في 2024 ، وفقا لشركة سنشري فاينانشال – Century Financial ، منها تخفيضات إنتاج أوبك: التزمت المنظمة بخفض إنتاج النفط الخام بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً في الربع الأول من عام 2024، مع إمكانية تمديد هذه التخفيضات لمدة أطول. ومع ذلك، أظهرت الأسواق مرونة، مما يشير إلى احتمال تراجع سيطرة أوبك على أسعار النفط، خاصة وأن الإمدادات من خارج أوبك قادرة على تعويض النقص.
ويتضمن العامل الثاني ، طفرة النفط الأمريكية: من المتوقع أن يصل الإنتاج المحلي الأمريكي إلى 13.3 مليون برميل يومياً في عام 2024، متجاوزاً متوسط عام 2023 البالغ حوالي 13 مليون برميل يومياً. تعمل شركات الطاقة الكبرى مثل إكسون موبيل وشيفرون على زيادة الإنفاق لتعزيز الإنتاج. كما تشير عمليات الاندماج لكبرى في حوض بيرميان إلى التزام طويل الأجل بالنفط كمصدر حيوي للطاقة.
أما العامل الثالث فيكمن في الحرب حول الحصص من سوق النفط: تلوح في الأفق حرب محتملة حول الحصة السوقية، حيث تفكر المملكة العربية السعودية في إغراق السوق بالامدادات لدفع الأسعار إلى الانخفاض. قد تجبر هذه الاستراتيجية المنتجين الأمريكيين على التراجع، والتخلي عن بعض حصصهم في السوق. إلا أن هناك تباين في الآراء حول احتمال حدوث مثل هذا السيناريو، حيث أعرب شكك بعض الخبراء، مثل جولدمان ساكس، بحدوث هذا السيناريو.
والعامل الرابع والأخير ، هو الطلب على النفط: من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على النفط ببطء بمقدار 1.3 مليون برميل يومياً في عام 2024، مدفوعاً بتحسن الطلب على النفط الخام في الصين. من المتوقع، على المدى الطويل، أن يرتفع الطلب على النفط خلال السنوات العشر القادمة، الأمر الذي ينفي فكرة الوصول إلى ذروة الطلب على النفط في المستقبل المنظور.
تشير التوقعات لعام 2024 إلى وجود إمدادات وفيرة من النفط، مدفوعة بمجموعة من العوامل، بما في ذلك التباطؤ الاقتصادي العالمي وزيادة الإنتاج الأمريكي.
من المتوقع أن تساهم الدول البارزة المنتجة للنفط مثل البرازيل وغينيا والنرويج وكندا في سوق معروض بشكل جيد.
في مواجهة التكهنات بأن أسعار النفط ستلامس 100 دولار في عام 2024، يؤكد الخبراء أنه، باستثناء نقطة اشتعال جيوسياسية، فإن احتمال حدوث مثل هذا الارتفاع ضئيل.
تتوقع وكالة الطاقة الدولية نمو الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.1 مليون برميل يومياً في عام 2024.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يساهم المنتجون من خارج أوبك بـ 1.2 مليون برميل يومياً في العرض العالمي. تختلف توقعات أوبك قليلاً، حيث تتوقع ارتفاعاً قدره 2.25 مليون برميل يومياً.
من حيث السعر، تتلاقى التحليلات المختلفة حول مستويات الدعم الرئيسية: 65 دولاراً لخام غرب تكساس الوسيط ونطاق 60 دولاراً لخام برنت.
ومع ذلك، فإن هذه المستويات تتوقف على الظروف الاقتصادية العالمية، خاصة في مواجهة الركود المحتمل.
فيجاي فاليشا : تحولات كبيرة في سوق النفط العالمية
قال فيجاي فيليشا، رئيس قسم الاستثمار في سنشري فاينانشال Century Financial ، أن سوق النفط العالمية تستعد لتحولات كبيرة في عام 2024، مدفوعة بمجموعة من العوامل مثل تخفيضات إنتاج أوبك، والنمو المتسارع لإنتاج النفط في الولايات المتحدة، المعارك المحتملة حول الحصة السوقية. يراقب خبراء مجال النفط عن كثب العوامل الرئيسية التي ستشكل سوق النفط في العام المقبل، خاصة وأن أسعار النفط الخام شهدت عاماً مضطرباً، حيث انخفضت بنسبة 35 ٪ تقريباً عن المستويات السابقة.
واشار الي أن أسعار النفط الخام شهدت تقلبات كبيرة، تُعزى في المقام الأول إلى الازدهار المستمر في إنتاج النفط الأمريكي. على الرغم من سجل الإنتاج الجديد الذي تم التوصل إليه في سبتمبر، يتوقع السوق تحولات كبيرة في عام 2024، لا سيما مع سعي المنتجين في الشرق الأوسط إلى استعادة حصتهم المفقودة في السوق. في الوقت نفسه، تلوح الشكوك حول الطلب العالمي، خاصة مع التباطؤ الاقتصادي في الدول الرئيسية المستهلكة للطاقة مثل الصين.