إرتفاع معدل الفائدة علي الإيداع ، طرح شهادات بأسعار عائد تنافسية ، في محاولة من البنوك المركزية، ومنها البنك المركزي المصري، لكبح جماح التضخم، وترويض أخطاره، عبر إسالة لعاب اصحاب المدخرات، لإيداع ما لديهم من أموال في البنوك، للاستفادة من عوائدها المغرية حينا، والأهم من ذلك لتقليص نهمهم للشراء غير المبرر لسلع غير ضرورية في بعض الأحيان، مما يساهم في تهيئة الإقتصاد لتقييد هذا المارد المدعو بالتضخم، الذي انتفض نتيجة جائحة كورونا ومتحوراته ، وساهم في دعمه الأزمة الروسية الأوكرانية التي لايعلم أيا من الخبراء الاستراتيجيين، متي ستنتهي وكيف؟
في المقابل، تشهد اسعار الذهب ارتفاعات كبيرة، نتيجة الاسباب السالفة، حتي أن المعدن الأصفر بات وعاءً رطبًا للمزيد من المدخرات الصغيرة والمتوسطة.
في السياق ذاته، تحاول بعض شركات العقارات لترويج الفرص الاستثمارية الكامنة في أروقة اراضيها ومشروعاتها المنتشرة هنا وهناك، رغبة في اكتساب جزء من السيولة المحلية، سواء بتنظيم المعارض التي باتت دورية ومكثفة، او من خلال التسهيلات الكبيرة التي تقدمها تلك الشركات، سواء عن طريق إطالة آمد سداد الأقساط، او من خلال تبسيط الاجراءات المستندية، او حتي بالغاء المقدم.
الذهب، فوائد البنوك، العقارات، يضاف إليهم مؤخرًا إكتناز الدولار، في أيهما يمكن استثمار المدخرات الصغيرة والمتوسطة او حتي الكبيرة؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه الكثير من المصريين الذين يبحثون عن أفضل وسيلة لادخار أموالهم والاستثمار فيها في مصر .
هل الادخار في البنوك، أم شراء الذهب، أم الاستثمار في العقارات، أم البورصة، أم من الأفضل شراء الدولار والاحتفاظ به أملاً في ارتفاعه مقابل الجنية؟
ووسط هذه الاضطرابات قد يجد البعض ممن يرغبون في استثمار مبلغ فائض لديهم من المال، صعوبة في اتخاذ قرار مناسب واختيار الأدوات والوسائل المناسبة لحالته المالية والاستثمارية ، وطرحت مجلة خبري السؤال الأهم – علي الأقل في الوقت الحالي- وهو ما هي قنوات الاستثمار الأفضل للمدخرات وفوائض السيولة في الوقت الحالي؟
عبد العال: الشهادات أفضل لأصحاب المدخرات الصغيرة لضمان وانتظام عوائدها
محمد عبد العال، الخبير المصرفي ، قال إن أول الخيارات أمام المدخرين الأفراد من أصحاب المبالغ الصغيرة لاستثمار أموالهم ،هو شراء شهادات ادخار البنوك، بهدف الحصول على عائد منتظم ومضمون، وأيضا الحفاظ على هذه الأموال من أي مخاطر، خاصة إذا كان يعتمد على عائد هذه المبالغ أو جزء منه في معيشته.
يأتي الاستثمار في مثل العقارات والأصول غير السائلة في المرتبة الأخيرة عند عبد العال، وذلك في حالة وجود مبلغ فائض مع المستثمر يمكن استثماره في مثل هذه الأصول، وذلك بسبب صعوبة تسييلها عند الحاجة.
واشار إلي أن الأفراد يمكنهم استثمار أموالهم في أدوات استثمارية ذات مخاطر أعلى مثل الاكتتابات الجديدة في البورصة أو الاستثمار في الذهب، والأصول السائلة التي يسهل تسييلها عند الحاجة.
ولفت الخبير المصرفي إلي أن استثمار الأفراد ، يحتاج إلى خطة طويلة الأجل وليس مجرد القيام بخطوة الاستثمار في توافر بعض الوسائل الاستثمارية دون دراسة هل هي مناسبة أم لا، ودون أن يكون هناك استثمار في أدوات آمنة ومضمونة.
ووضع عبد العال ثلاثة سيناريوهات عامة تتضمن نصائح للاستثمار تتناسب مع المراحل العمرية والوظيفية المختلفة للمستثمرين ، حيث يرى أن خطة الاستثمار تعتمد على سن وموقف دخل المستثمر واحتمالية المخاطرة.
ونصح المدخرين الشباب بتوزيع المبالغ التي يرغبون في استثمارها مناصفة ما بين شهادات الادخار في البنوك والاستثمار في البورصة من خلال الاكتتابات الجديدة، خاصة لو كان نصف المبلغ يمكن أن يوفر عائدا سنويا مناسبا عند إيداعه في البنوك.
أما لو كان الشخص المستثمر اقترب من سن التقاعد فينصحه عبد العال، باستثمار كل أمواله المدخرة في شهادات الادخار في البنك، لأنه لم يعد من المحتمل خسارة مدخراته في هذه المرحلة العمرية والوظيفية.
وفي حالة كان المستثمر في مرحلة بين بداية حياته واقترابه من التقاعد يمكنه استثمار 60% من أمواله موزعة بين البورصة والسلع (من بينها الذهب) أو وسيلة استثمار تعتمد على التدوير السريع للأموال، والباقي في شهادات ادخار في البنك.
شوقي: تنويع المدخرات بين الذهب وسلة العملات لإمتصاص الإضطرابات المفاجئة
الدكتور أحمد شوقـي، الخبير المصرفـي
بينما ينصح الدكتور أحمد شوقـي، الخبير المصرفـي ،المستثمرين الأفراد بالابتعاد عن الاستثمار في العقارات لأن هناك فائضا من العقارات في السوق يقابله تباطؤ في القوة الشرائية، وما يدل على ذلك زيادة فترات التقسيط المتاحة لدى الشركات.
ورشح شوقي، الاستثمار في أذون الخزانة لمن يرغب في استثمار آمن ويعتمد على عوائد مدخراته في المعيشة ، وذلك لأنها تعطي سعر فائدة أكبر من الكثير من شهادات الادخار في البنوك ومن السهل تسييلها في أي وقت خاصة إذا حدث انخفاض لسعر العملة في وقت قريب.
ويري أنه في حالة عدم اعتماد الشخص الراغب في الاستثمار على عائد الأموال المدخرة في المعيشة يمكن استثمارها موزعة بين الذهب ، بنسبة 20% من المحفظة الاستثمارية ، وسلة عملات مثل الدولار واليورو والاسترليني.
واشار إلي أن هناك صعوبة في الاستثمار في البورصة بالنسبة للمدخرين الصغار خلال الفترة المقبلة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتقلبة والتحديات الاقتصادية، وعدم حدوث استفادة حقيقية من الطروحات المنتظرة في البورصة في إطار هذه الأوضاع.
حنان : المعدن الأصفر ملاذ آمن للمستثمرين.. ولكن!
أما حنان رمسيس، الخبير الاقتصادي، فقالت إنَّ بدائل الاستثمار المتاحة متعددة، وأية بديل منها يجذب إليه الأفراد والمتعاملين الذين يفضلون الدخول فيه وبالتالي توجيه مدخراتهم إليه ، مشيرة إلي الأهم من الاختيار بين أوجه الاستثمار المتعددة هو القدرة على تحمل المخاطرة، وكذلك الاستمرارية حتى تتحقق الأهداف المرجوة».
وترى أنَّ الاستثمار في الذهب رغم إغرائه، فهو الملاذ الآمن للمستثمرين، الصغار منهم والكبار، إلا أنَّ سعره يرتفع في حالات عدم اليقين فقط، أما في حالات الاستقرار تسيطر عليه حالة من الثبات، بل وأحياناً يميل إلى الانخفاض، ناهيك عن ضرورة المتابعة اليومية والمستمرة، وعلى مدار الـ 24 ساعة في أوقات التذبذب الشديد، كما كان الحال في بداية جائحة كورونا.
ونصحت حنان ، المستثمرين، عند اختيارهم وضع مدخراتهم في الذهب، بالبحث عن مصدر موثوق فيه والتأكد من أمانته قبل التعامل معه، كذلك لابد من تحديد سعر دقيق للجرام قبل البدء في الشراء، أي تحديد نقطة يدخل عندها المستثمر سوق الذهب وبناءًا عليها يتم تحديد الأرباح المتوقعة وقت خروجه.
اضافت، لابد من تحديد هدف أو مستوى سعري لجرام الذهب بمجرد الوصول إليه.. لابد من استبدال مراكز الشراء بالبيع، أي البدء في جني الأرباح ، مؤكدة في الوقت ذاته ضرورة البعد عن شراء المشغولات الذهبية لتجنب فقد قيمة المصنعية عند البيع، ما قد يحول الربح إلى خسارة، واستبدال ذلك بالاستثمار في السبائك أو الجنيهات الذهب.
وتري حنان، أنَّ شراء شهادات الادخار المصرفية والاستثمار فيها، تتميز بأنها ذات عائد مرتفع بخلاف الادخار في الذهب، الذي لا يدر عائد دوري على الإطلاق، كما أنها ذات عائد دوري متنوع سواء يومي أو شهري أو ربع سنوي، أو سنوي.
و أشارت إلى أنَّ القطاع العائلي في مصر الأكثر رغبة وتوجهاً إلى وضع مدخراتهم في الشهادات الادخارية بالبنوك، وذلك إلى ميلهم إلى عدم المخاطرة بجانب افتقاد البعض إلى مهارات وثقافة التداول.
ولفتت إلي أنَّ فترات الاستقرار هي العدو الأول لمستثمري الذهب، فإنَّ الشهادات عدوها الأول التضخم لتأثيره السلبي على قيمة المدخرات المرهونة في تلك الأوعية، والمرتبطة بمدى زمني معين قبل تسييلها واسترداد أصل رأس المال.
واصف: الذهب “زينة وخزينة” ومن يملكه لا يتنازل عنه رغم إغراء
وقال وصفي واصف رئيس شعبة الذهب ، إن اسعار الذهب تشهد ارتفاعات قبل ارتفاع سعر الدولار ،لافتًا إلي أن هناك أسباب أخرى أدت لزيادة الأسعار منها الحرب الروسية الأوكرانية.
وأوضح رئيس شعبة الذهب، أن قرارات البنك المركزي بشان زيادة نسبة الفائدة علي الشهادات الادخارية تشجيعا على الاستثمار بها إلى 18% في مارس الماضي بعد أن كانت تمثل 11% فقط، اعقبه زيادة في اسعار الذهب .
ولفت إلي أن زيادة نسبة الفائدة على الشهادات الادخارية، لا يؤدي إلى قيام الأفراد لبيع المشغولات الذهبية التي يمتلكها ، مشيرا أن الذهب “زينة وخزينة” ومن يملك أموالًا لديه فرصة للاستثمار في البنك لزيادة سعر الفائدة، أما من يملك الذهب ينتظر فرصة زيادة الأسعار ويستثمر أيضا.