منذ ثلاث سنوات تقريبًا انتقل خالد عبد الصادق نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة المهندس للتأمين من العمل في رحاب شركات التأمين التابعة الي القطاع العام او قطاع الأعمال العام الي شركة المهندس للتأمين التابعة الى القطاع الخاص ، البعض وصف الخطوة بالمقامرة لأسباب مرتبطة بأن عبد الصادق استطاع ان يتبوأ منصبًا كبيرًا في الأعمال العام ، وان انتقاله للقطاع الخاص مجازفة ، لاسيما وان المهندس للتأمين من الشركات الناجحة في السوق وبالتالي لابد وان يضيف عبد الصادق لرصيدها المزيد من الأصفار ، ليس على مستوى المؤشرات المالية لانه الأجدر علي ذلك ، بل أيضًا على مستوى السمعة وثقة العملاء.
الأهم من ذلك ان الفترة التي تولي فيها عبد الصادق المهندس للتأمين كانت الأصعب تاريخيا على مستوى الاقتصاد المصري لاسيما في ظل أخطار جيوسياسية أدت الي ارتفاع معدل التضخم ليصبح التأمين أمام فكي الرحى ، الأول اقناع العميل بالتأمين علي أصوله ، أما الثاني فهو اقناع العميل باستقطاع جزء من أمواله لسداد اقساط التأمين رغم ترتيب سلم الأولويات لدى العميل واقتناعه دون بينة أن التأمين إنفاق بلا عائد.
أجرت مجلة خبري حوارًا موسعًا مع خالد عبد الصادق تطرقت خلاله الي بعض المحاور التي تتشابك حينا وتتقاطع أحيانا ما بين أداء الشركة والسوق ، بالإضافة الي التحديات التي تواجه نشاط التأمين ثم الملفات التي تحظى بالأولوية في فِكر العضو المنتدب لشركة المهندس للتأمين ، ومدي ملائمة وجود شركة وطنية لإعادة التأمين ، مرورًا بأداء الكيان التنظيمي ممثلا في الاتحاد المصري للتأمين ، وبعض المحاور الأخري التي ننشرها كاملة في الحوار التالي.
أجري الحوار – ماهر أبو الفضل:
التعاقد مع PWC لتطبيق المعيار IFRS 17 والمؤشرات الأولية مُبشرة
خبري: بدأت شركات التأمين في السوق المصرية تطبيق المعيار المحاسبي IFRS 17 بصورة تجريبية منذ ديسمبر الماضي ، ما انعكاس المعيار الجديد علي المراكز المالية؟
خالد عبد الصادق: بالطبع بدأنا كشركات تأمين تطبيق المعيار المحاسبي IFRS 17 علي القوائم المالية و بدأناها بالربع الأول من العام المالي 2023 /2024 ، في الفترة من اول يونيو حتى نهاية سبتمبر 2023 ، وتعاقدت المهندس للتأمين مع شركة برايس ووتر هاوس كوبرز PWC لتكون مستشار الشركة في تطبيق المعيار IFRS 17 ، وبالطبع وفقًا للتجارب التي سبقتنا على مستوى الأسواق الأخرى فإن تطبيق المعيار في بداياته قد لا تتضح الصورة كاملة ولكن بعد ذلك أصبحت هناك لغة مشتركة بين PWC والمهندس للتأمين ، والمؤشرات الأولية مبشرة ولا يوجد ما يستدعي التخوف أو القلق.
التركيز علي دعم المخصصات الفنية وزيادة معدل التحصيل
خبري: ما سبب هذا الاطمئنان رغم ان أسواق أخري قالت ان تطبيق المعيار قد يؤدي إلي لغط حتي وإن كان غير مقصود؟
عبد الصادق: الاطمئنان مبعثه ان المهندس للتأمين لديها مخصصات فنية كافية لمواجهة الأخطار ، بالاضافة الي ان معدل التحصيل في الشركة مرتفع للغاية ، كما ان المهندس للتأمين تتأني في العقود طويلة الأجل long term والتي يتولد أمامها التزامًا من جانب شركة التأمين خصوصًا في فروع التأمين بخلاف الهندسي ، وهذه الاجراءات انعكست اثارها بصورة ايجابية في تطبيق المعيار IFRS 17.
خبري: هل الانعكاس يظهر بصورة أكبر في مؤشر الربحية؟
عبد الصادق: مؤشر الربحية من المؤشرات الظاهرة وان كان ليس كل المؤشرات ، لكن علي أية حال قد تظهر فجوات في هوامش الربحية صعودًا أو هبوطًا وهذا معروف ولكن بعد فترة من تطبيق المعيار تتضح الصورة بشكل أكبر.
خبري: ومتي سيتم تطبيق المعيار بشكل رسمي؟
عبد الصادق: وفقًا للقرارات الصادرة من الهيئة العامة للرقابة المالية سيتم تطبيق المعيار المحاسبي الجديد بداية من يوليو الجاري ، وهو اول شهر من العام المالي الجديد 2024 /2025.
خبري : دون اسهاب في التساؤل الخاص بالمعيار IFRS 17 بعض الاسواق التي طبقته رسميًا قالت ان المعيار ينتج عنه قفزات ربحية او ارتفاع معدلات الخسائر خلال اول عامين الي ان تتضح الصورة ، هل التطبيق التجريبي يؤكد ام يرفض هذا الراي؟
عبد الصادق: لكل سوق تأمين خصوصيته وسياساته ونتائج التطبيق قد تختلف من سوق الي سوق ، لكن بشكل عام ظهور انفجارات ربحية او العكس قد يرتبط بمدي كفاية المخصصات ، لان شركة التأمين عليها دعم المخصصات متي سمحت الفرصة لذلك لان هذا يحمي شركة التأمين او المراكز المالية ضد اية مخاطر محتملة او غير مدروسة وبالتالي سيحمي عملاء شركة التأمين أنفسهم وهذا ما يسعي له سوق التأمين بالكامل.
خبري: ما مدي كفاية اسعار التأمين حاليًا في ظل معدلات تضخم تتسارع وتيرتها حتي وان كانت اغلب اسبابها خارجية لكنها انعكست علي كافة قطاعات الاقتصاد داخليًا؟
عبد الصادق: هذا سؤال يثير الكثير من الألم ، ومبعث الألم ليس في مستوي الاسعار والتي انخفضت او علي الأقل لم تشهد زيادات بالصورة المطلوبة بسبب ارتفاع المنافسة من جهة ، لكن من جهة أخري هناك ضغوط علي شركات التأمين تجعلها في حيرة من أمرها ، فإما ان تقبل الخطر بسعر ضئيل ولكن ليس أقل من السعر الفني العادل بالطبع او رفض الخطر كلية وبالتالي خسارة القسط الذي سيتم تحصيله منه.
المهندس للتأمين لا تتخلي عن العملاء دون تهاون في التسعير لحماية العميل نفسه
خبري: قد يكون المبرر مقبول نظريًا لكن شركات التأمين لا تعمل بمعزل عن الواقع كما انها لا تنفك عن اسواق إعادة التأمين و التي تتعامل بمنطق العصا والجزرة وفقًا لطبيعة الثمار التي تجنيها من أسواق التأمين المباشرة والتي ترتبط بصورة كبيرة بطبيعة ممارساتها؟
عبد الصادق: قد تكون محقًا ، لكن ما اقصده ان شركات التأمين او علي الاقل عدد كبير منها لا يبيع بالخسارة للاسباب التي ذكرتها في سؤالك ، لكن هناك مؤشر لابد وان تسترعي انتباهك له ، وهو ارتفاع معدل التضخم مع ضعف الوعي سيؤدي بالتبعية الي ترتيب سلم الأولويات لدي العملاء ، والذين يلجأون الي ترشيد النفقات علي حساب بند التأمين.
وبغض النظر عن مدي سلامة قرارات الاستغناء عن التأمين من عدمه لأن هذا يتطلب مؤتمرات لتفنيدها ، إلا أنها واقع لا محيص منه ، ولا يجب إنكاره ، وشركات التأمين في مصر تتعامل معه بنوع من الحرص والتأني قدر المستطاع ، بحيث تحقق المعادلة الصعبة بل ربما الأصعب وهي تحقيق الخطة وفي نفس الوقت انتقاء الخطر مع التسعير العادل ، حتى وان كان على حساب بنود أخرى تتحملها شركات التأمين لكن لا نتحمل التخلي عن العميل تحت اي ظرف طالما أن الخطر قابل للتأمين ، وذلك بعد استنفاذ كافة الوسائل الفنية لترويضه ، بالإضافة إلى منح تسهيلات في السداد كنوع من المشاركة مع العميل ، وفق القواعد المنضبطة فنيا وماليًا بالطبع.
وإذا تحدثت عن المهندس للتأمين فيمكن القول بملء الفم أن الشركة لا تتخلي عن العملاء حتى وان تنازلت بنسبة بسيطة عن جزء من الأسعار لكن دون التهاون في التسعير الفني العادل لان هذا يحمي العميل نفسه ، بمعنى ان وفرة الاحتياطيات وكفاءة المخصصات هو الظهير الحمائي للعميل في حال تحقق الخطر ، وهو ما يجب ان يدركه العميل دون انجراف لسعر أقل على حساب كفاءة الخدمة المقدمة.
كفاءة الخدمة أهم من خفض السعر والعميل يعرف شركة التأمين في التعويض وليس الإصدار
خبري: وهل شركات التأمين مؤسسات أفلاطونية بمعني انها تتنازل عن جزء من الأرباح او التكلفة العادلة للخدمة مقابل تقديم خدمة هي في الأساس التزام عليها؟
عبد الصادق: اتفق في جزء من السؤال واختلف في جزء أخر ، فأما عن الاتفاق يكمن في ان اداء الخدمة العادلة هو التزام علي شركة التأمين خصوصا خدمة سداد التعويض لانه حق للعميل ولكن يجب ان تتوافر شروط التعويض المنصوص عليها في التغطية ، اما عن نقطة الاختلاف فهي ان شركات التأمين مؤسسات افلاطونية ، لانها ليست كذلك لانها ليست مؤسسات خدمية بل مؤسسات تجارية تهدف الي الربح.
ولايوجد تعارض بين تحقيق الربح وبين تحقيق الالتزام ، وهذه هي المعادلة ربما الأصعب لأنه لا يجب ان يتم مقارنة شركات التأمين بالمؤسسات الاخرى ، وايضا شركات التأمين قد تتنازل عن جزء من عمولة إعادة التأمين التي تنفقها على عمولات التأمين والمصاريف الإدارية والعمومية ، لكن تسعى إلى تعويض ذلك من خلال تعظيم عائد الاستثمار بجانب تحقيق ربح فني ليس مغالي فيه حرصا على العميل.
لم نلجأ لخفض عمولات الوسطاء رغم الظروف الضاغطة لانهم طرف مؤثر في الصناعة
خبري: اذا كانت شركات التأمين بشكل عام وليس المهندس بشكل خاص قد تتنازل عن جزء من عمولة إعادة التأمين مقابل الحفاظ علي العميل ، هل معني ذلك ان عمولات التأمين انخفضت او علي الاقل النسب التي يتم منحها للوسطاء سواء اشخاص اعتبارية او طبيعية؟
عبد الصادق: المهندس للتأمين لم تخفض عمولات وسطاء التامين علي الإطلاق لسببين ، الأول ان عمولة الوسيط هي المصدر الرئيسي للدخل ، ووسطاء التأمين افرادا وشركات محملين باعباء ايضا وليس من العدالة ان تكون المهندس للتأمين عبء اضافي ، بل بالعكس نحن نوفر كافة الخدمات التي يحتاجها الوسيط بخلاف العمولة التنافسية.
أما عن السبب الثاني ان خفض عمولة الوسيط لن يمكنه من أداء دوره المطلوب وبالتالي ستتأثر خدمة التأمين التي تمنح للعميل ، والمهندس للتأمين لاتعمل بالمثل الشعبوي ” يعمر ساقية ويخرب طاحونة” بمعنى انها هدفها الأسمى هو توفير أعلى جودة من الخدمة مقابل سعر عادل دون افراط او تفريط ، حتى وان كان علي حساب عمولة إعادة التأمين التي نضحي بنسبة منها طوعًا.
ودون إسهاب النتائج الفنية والمالية لشركة المهندس للتأمين أكدت ان هذا الأسلوب أثمر عن نتائج يشهد بها القاصي والداني ، أن الشركة استطاعت أن تحقق طفرات في الأرباح الكلية مع تعظيم العائد على الأموال المستثمرة وكذلك زيادة حصيلة الاكتتابات المباشرة ، وبشكل عام لابد وان تتشابك شركات التأمين مع الظروف الضاغطة لأنها مؤقتة و ستمر كما مرت بظروف مشابهة وربما أصعب منها في أوقات ماضية.
نسبة من معدلات النمو بسبب إعادة تقييم الأصول والأخري من العمليات الجديدة
خبري: إذا كانت الصورة هكذا، كيف جاءت معدلات نمو الأقساط المباشرة والتي تتجاوز متوسطاتها 40% وفقا للبيانات الصادرة من الشركات نفسها؟
عبد الصادق: نسبة كبيرة من معدلات نمو الأقساط المباشرة جاءت بسبب إعادة تقييم الأصول بعد تحرير سعر الصرف ، بالإضافة الي ارتفاع أسعار التأمين الطبي نتيجة ارتفاع خدماته ، وبالتالي انعكس علي الاكتتاب ونسبة اخري من العمليات الجديدة بالطبع لان شركات التأمين تعمل علي توسيع نطاق تغطياتها لجلب عملاء جدد رغم صعوباته ، ولذك كما اسلفت ان المهندس للتأمين تعي أهمية دور الوسيط ومن ثم فلم تلجأ الي خفض عمولاته.
الشركات جمعت بين الحسنيين بعدم المغالاة في التسعير مقابل فرض نسبة تحمل على العميل
خبري: اذا كان الأمر كذلك فإن زيادة مبالغ التأمين بسبب إعادة تقييم الأصول كان من الممكن ان تظهر آثارها بصورة أكبر من المحققة ، بمعنى ان معدلات النمو كان يجب ان لاتقل عن 70 أو80% لان اسعار الخدمات وكذلك السلع والأصول زادت بهذه النسبة تقريبا؟
عبد الصادق: كما قلت ان شركات التأمين لجأت الي اعادة تقييم الاصول حماية للعميل نفسه حتي يحصل علي التعويض العادل في حال تحقق الخطر ، ولكنها راعت في الوقت نفسه معدل التضخم وعدم رغبة العملاء في زيادة الاسعار ، فقامت بزيادة الاسعار بنسبة ليست كبيرة مقابل فرض نسبة تحمل ، ومن ثم جمعنا بين الحسنيين ، الاول زيادة الاسعار لحماية العميل بسبب زيادة مبلغ التأمين والثاني عدم الضغط ماديا علي العملاء انفسهم من خلال فرض نسبة تحمل ، بما يضمن مشاركة العميل في الخطر وتحفيزه علي اتخاذ اجراءات العناية الواجبة لتقليص حدة الخطر في حال تحققه.
الضغط علي الوسيط لترشيد النفقات ليس صحيًا وتوجد حلول اخري تضمن تعظيم الربحية
خبري: ولماذا ارتفعت التكلفة الانتاجية بنسب كبيرة في شركات تأمين اذا كانت معدلات نمو الأقساط المباشرة جزء كبير منها جاء بسبب اعادة تقييم الاصول وليس من العمليات الجديدة؟
عبد الصادق: قلت ان وسيط التأمين لايجب ان يكون نقطة الضعف التي نتكئ عليها ونحملهم ما لا طاقة لهم به، بمعني ان اعادة تقييم الاصول استلزم مخاطبة الوسطاء للعملاء واقناعهم باهمية تقييم الاصول لحمايتهم ، ومن ثم لابد وان يحصل علي مقابل لهذه الخدمة ، وشركات التأمين لا تتعامل مع وسطاء التأمين بمنطق القطعة ، بمعني ان علاقتها بالوسطاء علاقة ارتباط كاثوليكي لان المنظومة لا تستقيم الا بوجود الوسطاء وهذا ما ندركه في المهندس للتأمين وهذا ما يعلمه الوسطاء.
النقطة الثانية ان وسيط التأمين ايا كان طبيعته سواء شخص طبيعي او اعتباري عليه متطلبات او تكاليف تسمي بتكلفة التسويق وهذه التكلفة تساعد علي تجويد العمل ومن ثم فليس من العدالة ان يتحمل الوسيط تبعات التضخم بمفرده ، وللعلم ايضا وسطاء التأمين الذين يتعاونون مع المهندس للتأمين يتحمسون بسبب هذه القيم التي نعمل بها والتي تساهم في زيادة قيمة الولاء للشركة بالإضافة إلى الحرص علي انتقاء الخطر والذي سينعكس بالتبعية علي نتائج الأعمال السنوية.
التوسع في عمليات الإدارة لا يضمن الاستقرار لشركة التأمين ويهدد استدامة نموها
خبري: ألا يوجد خيار ثالث بمعنى التوسع في عمليات الإدارة مما يقلص من التكلفة الانتاجية لتعويض جزء من اثار التضخم مقابل تحسين الخدمة؟
عبد الصادق: نظريًا عمليات الإدارة قد توفر بعض التكلفة لشركة التأمين ، وللعلم اغلب شركات القطاع الخاص لا يتوافر لها هذا الخيار لأسباب يطول شرحها ، اما عمليًا فليس مستحب إلغاء دور الوسيط ، لان وسيط التأمين جزء من المعادلة وليس على يسارها ، ووجود الوسيط في نشاط التأمين ليس رفاهية بل ضرورة لقدرته على توفير الخدمات اللوجستية التي يصعب علي شركات التأمين التي لديها محافظ ضخمة من توفيرها.
ومن وجهة نظري ، لا يجب التعامل مع الوسيط على أنه الحلقة الأضعف لأن في ذلك استهانة بالخدمات التي يقدمها لكن هناك حلول اكثر واقعية وذات نتائج أكبر وتضمن عدم تأثر أطراف صناعة التأمين وهنا اقصد شركة التأمين والوسيط.
خبري: ما هي تلك الحلول؟
عبد الصادق: البحث عن فرص نمو جديدة في مناطق مختلفة غير مزدحمة بالمتنافسين وتحتاج إلى تغطيات تأمينية مثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ، بالإضافة الي ضرورة زيادة العملاء الأفراد كوزن نسبي في المحفظة لضمان تفتيت الخطر مقابل قسط بسيط يتناسب مع طبيعة الأخطار ، هذا الحل المبدئي يضمن لشركة التأمين تحقيق وفورات ربحية دون تأثير على عمولات وسطاء التأمين وفي نفس الوقت لا تؤثر علي كفاءة الخدمة المقدمة للعميل.
والنقطة الأهم التي يجب الاشارة اليها ان التوسع في عمليات الادارة لا يضمن استقرار شركة التأمين ولا استدامة معدلات النمو ، لأن تلك العمليات معرضة من الانتقال إلى شركات منافسة في حال وجود اي تغير في الادارة او حتى في حال عدم حصول العميل على الخدمة المطلوبة والتي يجب ان تقدم كما يجب ان تكون.
خبري: كيف يتم ضبط مؤشر التسعير في سوق مزدحم باللاعبين مقارنة بكعكة العملاء التي لا تزيد لأسباب يعرفها الكثيرين؟
عبد الصادق: لا مناص الا بوجود ميثاق عمل أخلاقي يضمن المنافسة العادلة بين الشركات ليكون أساسها الخدمة وليس السعر ، لان العميل الذي يلجأ الي السعر الاقل على حساب جودة الخدمة سيكتوي بنار هذا الاختيار.
خبري: لكن الميثاق سيظل اخلاقيا ورغبات المساهمين قد تتعارض مع هذا الميثاق ان كان على حساب مؤشر الربحية؟
عبد الصادق: عميل التأمين فطن لما يقدم له ، بمعنى ان المنافسة لا يجب ان تكون قاصرة علي التسعير ، لان السعر الأقل سيقابلها خدمة ليست علي المستوي المطلوب ، والمساهمين ليسوا غرماء للإدارات التنفيذية بل هم داعمون لهم ، والعميل يعرف شركة التأمين وقت التعويض وليس اثناء اصدار التغطية.
ما اقصده ايجازا ان ربط المنافسة بالسعر لا يستقيم مع الرغبة في تطوير السوق ، ولا يؤدي الي نتائج ايجابية علي المدي المتوسط والطويل ، واذا تنافست الشركات علي الخدمة سيزيد عدد العملاء حتي وان كان السعر أكبر بالنسبة لهم في البداية.
خبري: ماذا لو تعارضت تطلعات المساهمين مع ديناميكية السوق ؟ بمعني ان المساهمين احيانا قد يطلبون من الإدارة التنفيذية زيادة الربح الفني مع زيادة الانتاجية ، وهي معادلة صعبة وليست مستحيلة بالطبع؟ فأيهما له الأولوية هل زيادة الإنتاجية علي حساب الربحية الفنية مقابل تعويضات من عوائد الاستثمار ام التركيز على الربح الفني علي حساب معدلات الإنتاج ما يؤثر على حصيلة الأموال المستثمرة؟
عبد الصادق: أظن ان السؤال عن الربحية الفنية وتعظيمها بالاضافة الي زيادة الانتاجية هو سؤال تاريخي تداوله اروقة الشركات بين الحين والأخر ، لكن تظل الادارة التنفيذية هي مفتاح الحل من خلال التوازن بين الربحية الفنية مع الانتاجية ، لأن الأمر ليس اقصي اليمين مع اقصي اليسار ، لاسيما وان هناك امكانية للجمع بينهما ولكن بصورة مقبولة فنيا وواقعيًا وفقا لطبيعة السوق نفسه ، ومن ثم لا يجب اللهاث لزيادة الانتاجية علي حساب العائد لان النتائج ستكون كارثية ولا يجب التركيز علي الربحية الفنية مع التنازل عن الحصة السوقية لان ذلك سيؤثر علي الربحية الكلية او التي تجمع بين العئد الفني مع ارباح الاستثمار او ما يعرف بفائض النشاط التاميني ، وبالتالي لابد من التركيز علي ما يسمي بالنمو المحسوب او التحوط في استهداف النمو.
وجود عناصر متخصصة في مجالس الإدارات يعزز خطط الادارة التنفيذية ولا يعطلها
خبري: وجود عناصر في مجالس إدارات شركات التأمين لديها وعي كافي بماهية الصناعة هل يشكل ضغط علي الإدارة التنفيذية لأنها تدرك دهاليز النشاط وما بين سطوره؟
عبد الصادق: السؤال قد يعطي ايحاء ان الادارة التنفيذية تعمل علي تحقيق رغبات المساهمين علي حساب المعايير الفنية ، وان وجود عناصر فنية في مجالس الادارات قد يعطل ذلك ، وهذا الايحاء غير منضبط علي ارض الواقع بل بالعكس ، وجود عناصر متخصصة في مجالس الادارات يعزز من خطة الادارة التنفيذية و لا يعطلها هذه نقطة.
اما النقطة الثانية فهي ان تنوع خبرات اعضاء مجلس الادارة يساهم في تجانس الخطة التي يتم وضعها لتحقيق معدلات النمو ، ومن ثم فإن الإدارة التنفيذية الناجحة هي التي تستثمر كافة أدواتها وخبرات أعضاء مجلس إدارتها لتحقيق الأهداف الكلية والتي تعد الغاية الأهم لأي شركة تأمين.
خبري: ما نسبة النمو المتوقعة في العام المالي 2023/2024 وفقًا للمؤشرات الأولية والتي يجري تجميعها من خلال الإدارات المختصة؟
عبد الصادق: أتوقع أن لايقل عن معدل نمو العام المالي السابق 2022 /2023 ، ولكن لايمكن الاشارة الي نسبة معينة حتي يتم تجميع البيانات بشكل رسمي ومن ثم الاعلان عنها ، لكن المهندس للتأمين بشكل عام مع نهاية كل عام مالي تضع هدفها في العام المالي الجديد مستهدفة تحقيق نمو أكبر ليس فقط علي مستوي الأقساط المباشرة ولكن علي مستوي الأرباح الفنية والكلية وحقوق المساهمين.
وأود التأكيد هنا الي ان نسبة النمو في حد ذاتها يتم احتسابها بناءً علي مؤشرات العام السابق ، وبالتالي انخفاض النسبة وهو أمر غير مطروح لا يعني التراجع لأنه علي سبيل المثال معدل النمو في حال ما اذا كان 10% على أساس سنوي ومحفظة الأقساط مليار جنيه ، بالضرورة سيكون قيمة الزيادة 100 مليون جنيه ، لكن معدل النمو ان كان 15% على أساس سنوي ومحفظة الأقساط نصف مليار جنيه ، ستكون قيمة الزيادة 75 مليون جنيه فقط ، وبذلك فإنه رغم ان نسبة النمو لمحفظة المليار جنيه اقل من نسبة نمو محفظة النصف مليار جنيه ، إلا ان قيمة الزيادة في الأولى أعلى من الثانية.
نستهدف تعظيم الأرباح الفنية والكلية مع تعزيز مكاسب حقوق المساهمين
خبري: أبرز المؤشرات التي تركز عليها الإدارة التنفيذية لشركة المهندس للتأمين هل علي فائض الاكتتاب ام الربح الكلي ام النسبة المشتركة او المعدل المجمع أو النسبة المجمعة Combined Ratio؟
عبد الصادق :بالطبع علي المؤشرات جميعها وان كان مؤشر الـ Combined Ratio هو الأبرز لانه يجمع في طياته عناصر عديدة ، لكن تسهيلا للقارئ نستهدف تعزيز الربح الفني الناتج عن الاكتتاب التأميني لأنه يعبر عن كفاءة الاكتتاب ثم تعظيمه بعائد الاستثمار ، وبالتبعية لابد من تحقيق نموًا ملحوظًا في حقوق الملكية أو حقوق المساهمين.
ما أريد قوله ان النمو لابد وان يكون جمعي وليس مركز علي عنصر دون آخر ، ومن ثم لابد من توازن المحفظة وعدم تركزها على فرع دون آخر ، مع تعزيز المحفظة بإدارة الاستثمارات والتي تنعكس بشكل غير مباشر على العميل لانها تساعد علي تحسين الخدمة والتوسعات المستقبلية.
الجهد المبذول في القطاع الخاص أكبر لكنه أكثر إمتاعًا لنتائجه المباشرة
خبري: بعد ثلاث سنوات تقريبا من عمل خالد عبد الصادق في القطاع الخاص ، ماذا تغير في فِكر العضو المنتدب لشركة المهندس للتأمين؟
عبد الصادق : أغلب سنوات عملي كانت في القطاع العام او قطاع الأعمال العام ، وفي اخر ثلاث سنوات شرفت بتولي منصب العضو المنتدب لشركة تأمين تتبع القطاع الخاص ، واحقاقا للحق ، قطاع الأعمال العام سيظل مفرخة للكوادر ، وعلي المستوي الشخصي ، وبناء علي خبرة السنوات الثلاث، اري ان المجهود المبذول في القطاع الخاص أكبر لكنه أكثر إمتاعًا بسبب نتائجه المباشرة والتي تحمس الإدارة التنفيذية على وضع خطط طموح دون الاكتفاء بسقف معين ، بالإضافة الي الانغماس مع العاملين في الشركة حتي أصبحنا عائلة يجمعنا رباط انساني قبل الرباط العملي ، علاوة علي الاقتراب من العملاء بشكل أكبر وكذلك بوسطاء التأمين كشركاء نجاح، وربما كان هذا احد اسباب ان اصبح المهندس للتأمين واحدة من الشركات ذات الثقل في السوق المصرية وأصبحت لاعبًا مؤثرًا علي يمين معادلة النمو.
السوق في احتياج إلى كيان وطني لإعادة التأمين لكن تأسيس الشركات لا يُبني علي العواطف
خبري: هل قدرات السوق المصرية تسمح بإتشاء شركة وطنية لإعادة التأمين؟ ليس علي مستوي الخبرات ولكن علي مستوى السيولة المالية لاسيما مع اختلاف وجهات نظر حول جدواها من عدمه؟
عبد الصادق : سوق التأمين المباشر في اي دولة تتطلب وجود كيان وطني لإعادة التأمين ، ولا أريد التفتيش في الماضي لعدم وجود داع لذلك ، لكن وجود كيان وطني لإعادة التأمين ضرورة المهم ان لاتكون العاطفة هي المحرك لتأسيسها ، لان البيزنس لا يدار بالعاطفة ، ولدي يقين ان الهيئة العامة للرقابة المالية برئاسة الدكتور محمد فريد ، وكذلك الاتحاد المصري للتأمين برئاسة علاء الزهيري ، يعلمون علم اليقين مصلحة السوق ويتعاونان كجهة رقابية وكيان تنظيمي لخدمة السوق المصرية لتعزيز قدراتها علي مستوي معدلات النمو وحماية العملاء والشركات علي السواء ، ايمانا بأهمية نشاط التأمين باعتباره الأقدر علي ترويض المخاطر التي تواجه البشر والحجر.
التناغم بين الرقابة المالية واتحاد الشركات لتعزيز قدرات السوق شركات وعملاء
خبري: هل عضوية أو رئاسة مجلس إدارة الاتحاد المصري لشركات التأمين هي واجهة لشركة التأمين ومغنم لصاحبها أم تكليف لخدمة السوق؟
عبد الصادق : الاتحاد المصري لشركات للتأمين أصبح صوتًا لقطاع التأمين وليس صوتًا لشركة دون غيرها ، هذه نقطة.
وأما النقطة الثانية فهي أن مجلس إدارة الاتحاد المصري للتأمين وكذا أعضاء جمعيته العمومية والتي تضم كافة شركات التأمين العاملة في السوق المصرية علي قلب رجل واحد ، ويسعى الي النهضة بنشاط التأمين وزيادة معدلات نموه بالتنسيق والتعاون مع الهيئة العامة للرقابة المالية.