لايُنكر إلا مغيب، أن سوق التأمين المصرية تشهد منافسة سعرية، لكن مهلًا، المنافسة السعرية لا تعيب السوق طالما أنها لم تصل إلي حد المضاربات، فالفرق بين كليهما كبير، فالأولي- أقصد المنافسة السعرية- تعني التنازل جزئيًا عن نسبة من الأرباح، لكن إذا لامس السعر الحدود الفنية الأمنة هنا تكمن الخطورة، وهو ما لم تنجر له سوق التأمين المصرية بأية حال، لأسباب من بينها وعي أصحاب الصناعة أو القائمين علي الإدارات التنفيذية للشركات، ناهيك عن وجود جهاز رقابي قوي ، قادر علي فرز السوق ومتابعته والتدخل إذا إستدعت الضرورة في التوقيت المناسب وبالإجراء المناسب.
المقدمة الإستهلالية السالفة لم تكن إسهابًا بلا معني، بل ضرورة مُلحة إذا ما كان الحوار مع أحد أساطين سوق التأمين المصرية، حسام علما، العضو المنتدب للشركة المصرية للتأمين التكافلي ممتلكات.
صحيح أن المصرية تأسست قبل ثلاثة عشر عامًا، لكن خِبرة حسام علما ممتدة لأكثر من ثلاثة عقود، قضي جميعها باستثاء العام الأخير في مصر للتأمين، والتي لا تحتاج تعريفًا لماهيتها وأهميتها.
قد يتركز الحوار التقليدي علي ما يحلم به ويستهدفه العضو المنتدب للمصرية تكافل لشركته، لكن الأهم تشخيص سوق التأمين بناءً علي سوابق خبراته، فالتشخيص الجيد يعني البدء في العلاج الناجح.
وإلي نص الحوار:-
خبري :سوق التأمين المصرية لم تصل لمرحلة المضاربات السعرية، لكنها تعاني من المنافسة السعرية كمرض يؤرق مضاجعها، فهل تلجأ له بعض الشركات طمعًا في عوائد استثمار أالقسط بغض النظر عن جودة الخطر؟ وما النتيجة التي ستصل لها شركة التأمين التي تتخذ من المنافسة السعرية منهجًا؟
حسام علما:أود أن أوضح نقطة غاية في الأهمية، وهي أن المنافسة السعرية لا تعني بالضرورة “البيع بالخسارة” ولكن قد يكون بالتنازل عن جزء من الأرباح، لكن إذا بلغت المنافسة السعرية مستوي التأثير علي السعر الفني العادل ، هنا تكمن الخطورة ، وفي هذه الحالة لا تسمي منافسة سعرية بل مضاربة أو مقامرة –بغض النظر عن التسمية-.
القائمون علي إدارة الشركات “صنايعية تأمين” والرقابة المالية نجحت في ضبط إيقاع السوق
خبري : إذا حاولنا توصيف سوق التأمين الأن، هل هو في مرحلة المنافسة السعرية أم المضاربة؟
علما: بكل تأكيد في منافسة سعرية وليس مضاربة ، لأسباب من بينها أن كل القائمين علي الإدارات التنفيذية بشركات التأمين المصرية علي درجة كبيرة من العلم والخبرة الفنية التي تؤهلهم للفرز بين الغث والسمين في النشاط الفني ، أو ما يمكن أن نطلق عليهم مجازًا أنهم “صنايعية تأمين” وهو ما ساهم في ضبط إيقاع السوق.
ولايجب هنا إغفال الدور المهم والحيوي للهيئة العامة للرقابة المالية ، وطالما أن الشركات لديها إدراك أن هناك جهة رقابة قوية وقادرة علي المتابعة المفاجئة والدورية أو حتي من خلال النتائج، فستضطر شركات التأمين للحذر من أية ممارسات قد تجني منها مكاسب وقتية في صورة أقساط ولكن نتائجها الكارثية قد يهدد الكيان بالكامل.
خبري : معني ذلك أن دور الرقابة المالية بات ملموسًا بشكل أكبر؟
علما: إنصافا للحقيقة ، نعم ، دور هيئة الرقابة المالية في الوقت الحالي أقوي من اي فترات سابقة، وهذا الحكم ليس تزلفًا بل واقع تؤكده التجربة، وسوابق خبراتي وتعاملاتي في السوق علي مدار ثلاثة عقود مضت تدعم هذا الرأي.
خبري : متي تكون الأقساط أو الحصة السوقية من الأقساط مؤشرًا مُعبرًا عن كفاءة شركة التأمين؟
علما: الحصة السوقية مهمة، لكن هذا لايعني أن الشركة صاحبة النصيب الأكبر من الحصة السوقية للأقساط هي الأكفأ والأنجح في السوق مقارنة بأترابها ، ودعني أسالك، ما دلالة تحقيق شركة من الشركات أو إستحواذها علي 80% من أقساط السوق ومع ذلك تتكبد خسائر؟.
ما أقصده هنا وأود إستخلاصه، أن الحصة السوقية من الأقساط المباشرة رغم أهميتها، إلا أنها ليست معيارًا وحيدًا لقياس كفاءة شركة التأمين، وأن هناك مؤشرات أكثر دلالة ، منها ذِكرًا وليس حصرًا، مؤشر الربحية الكلي، ومؤشر فائض الإكتتاب التأميني، ومعدل العائد علي رأس المال، فالمقارنة بين شركة تأمين ، رأسمالها 100 مليون جنيه مع أخري رأسمالها مليار جنيه، هي مقارنة غير عادلة.
الحصة السوقية معيار ليس كاف لقياس الشركات والعِبرة بفائض الإكتتاب والعائد علي رأس المال
خبري : إيجازًا يمكن قياس كفاءة شركة التأمين وفق مؤشر المُعدل المجمع أو النسبة المركبة والتي تحوي أكثر من عنصر مختلف داخلها؟
علما: أتفق مع ذلك وأؤيده ، لاسيما وإذا إقتصر المقياس علي مؤشر واحد مثل الأقساط، فهو كما وصفت سلفًا بأنه غير منصف، لاسيما في حالة تصدير أغلب الأقساط للخارج في صورة إتفاقات إعادة تأمين، ما يعني أن شركة التأمين ساهمت في تسريب الأقساط للخارج ، ومن ثم فالحُكم علي نجاحها وكفاءتها لايمكن قصره علي الحصة السوقية من الأقساط.
خبري : إذا كان مؤشر الحصة السوقية ليس مُعبرًا عن شركة التأمين، فلماذا تلهث بعض الشركات له؟ هل هي ضغوط من المساهمين؟
علما:لم أقصد أن الحصة السوقية مؤشرًا غير مهم، بل بالعكس جميعنا يلهث للإستحواذ علي أكبر حصة سوقية من الأقساط، لكن الأهم هو نوعية الأخطار أو الأقساط التي يتم السعي لجلبها، علي سبيل المثال، لو كانت الحصة السوقية من الأقساط كبيرة، وفي نفس الوقت أخطارها جيدة فنيًا، فهذا يعني تحقيق هامش ربح فني أو فائض إكتتاب جيد، وهي المعادلة التي يبحث عنها كل السوق، ناهيك عن الاستفادة بعوائد الاستثمار، كنتيجة إضافية أو هدف غير مباشر.
توصيف خطر التأمين بالجيد والردئ يرتبط بعنصري التكرار والشِدة
خبري :هل قاعدة الأخطار الرديئة والجيدة قاعدة سليمة فنياً؟
علما: توصيف الخطر بالردئ أوالجيد هو إجتهاد من الخبراء والمتخصصين، فقد يُجمع الكافة علي خطر معين أنه ردئ، ومع ذلك يحقق هذا الخطر ربحًا فنيًا ، أو لايتحقق كخطر، والعكس صحيح للأخطار الجيدة، لأنها في النهاية توقعات، فلا يوجد خطر مؤكد الحدوث أو مستبعد الحدوث، وجميعها يحمل التوقع بالتحقق وعدم التحقق في نفس الآن.
خبري : إذا كان توصيف الخطر بالجيد أو الردئ إجتهادًا، فما أسس هذا التوصيف من الأساس؟
علما: توصيف الخطر بالجيد والردئ يرتبط بمعدل خسائره خلال فترة زمنية محددة، مثل ثلاث أو خمس سنوات، ومن معدل الخسائر نستطيع توصيف الخطر بالردئ أو الجيد، ومعدل الخسائر هنا أقصد منه معدل تحقق الخطر خلال الفترة الزمنية التي يتم القياس عليها.
خبري : أتقصد معدل التكرار والشِدة للخطر التأميني؟
علما: بالطبع هذا ما أقصده، فالحُكم أو توصيف خطر بالجيد والردئ يرتبط بعنصري تكراره وشِدته ، علي سبيل المثال، معدل تكرار حوادث السيارات عال، لكن شِدته ليست كبيرة، مقارنة بنوع مثل تأمين الطيران، معدل تكراره ضئيل لكن شِدته أو شِدة تأثيره وخسائره كبيرة للغاية وقاسمة للظهر، لذا يُقال أن أفضل وقت لتسعير الطيران أو منح سعر قليل أو ليس عال في تأمين الطيران يكون بعد وقوع الحادث مباشرة، كونه حادثًا ليس متكررًا، بمعني ان الفترة الزمنية بين الحادث والثاني كبير.
ما أقصده هنا، أن أفضل توقيت للمنافسة وليس المضاربة سعريًا في تأمين الطيران ، يكون بعد وقوع الحادث، نظرًا لخضوعه لقاعدة ضألة تكراره أو انخفاض تكراره وزيادة شِدته.
خبري :أين تتجه بوصلة شركات التأمين، أو إلي أي نوع تنجذب، هل للخطر المتكرر ولكن شِدته ضئيلة أم للخطر الغير متكرر لكن شِدته كبيرة؟
علما: دعني أصف السؤال بالعبقري وأحييك عليه، وبصفة عامة، إنجذاب اي من الشركات للخطر سواء المتكرر وبشدة ضئيلة أو شدته كبيرة وتكراره ضئيل، يتوقف علي كل شركة تأمين وسياستها.
ما أعنيه، أنه في حال ما إذا كانت هناك شركة تأمين لديها إدارة استثمار قوية وقادرة علي توظيف السيولة أو الأقساط وتحقيق عوائد مرتفعة، ففي تلك الحالة ستتجه للأخطار ذات التكرار المرتفع ولكن شدتها ضئيلة ، لأن الأخطار المتكررة تُترجم في صورة سيولة دائمة للشركة أو تدفق نقدي مستمر flow cash ، وعوائد الاستثمار جزء من كل، اي ان هناك عوامل أخري مثل قوة الإدارات الخدمية داخل شركة التأمين مثل الاستثمار، بالإضافة الي توافر العناصر القادرة علي خدمة عملاء هذا النوع من المخاطر، وتكلفة الخدمة والعوائد المحققة منها، والعكس صحيح.
خبري : إذا كان عنصر الاستثمار أو العوائد المحققة من الاستثمار بالاضافة الي العناصر الأخري هي المُحدد لتركيز الشركات علي المخاطر المتكررة ولكن ذات شِدة أقل، أو العكس، أيعني هذا أنها غير مؤهلة لدخول قطاعات ضخمة او شديدة التركيز في مخاطرها رغم إنخفاض تكرارها مثل الطيران؟
علما:ليس هذا ولا ذاك، السبب في إحتكار تأمين الطيران أو تركزه في شركة أو إثنين في السوق، مرتبط بندرة خبراته، أو ضآلة عناصره التي لديها خبرة بهذا النوع من المخاطر.
خبري : ولماذا تعاني السوق من ندرة العناصرة المؤهلة او لديها خبرة بتأمين الطيران؟
علما: الخبرة تأتي من الممارسة، وعدد أساطيل الطيران في مصر ليس كبيرًا، وأغلبها يتركز في شركة واحدة، ومن ثم فلا توجد وفرة يمكن من خلالها إكتساب الخبرة اللازمة لهذا النوع من التأمين.
خبري : وما سبب إنخفاض المنافسة في فرع كالبترول، هل لنفس السبب ، بمعني ندرة كوادره؟
علما: ليس هذا سببًا، ولكن السبب مرتبط بأن تأمين البترول يتطلب توافر إحتياطيات مالية ضخمة ومخصصات مرتفعة، لأن خسائره ضخمة ويتسم بإتساع نطاق تحققه ، ناهيك عن انه لكي ترتبط باتفاق مع معيد تأمين متخصص لابد وان تتمتع شركة التأمين بإمكانات معينة.
وللعلم، المصرية للتأمين التكافلي ممتلكات، تستحوذ علي ثاني أكبر محفظة تأمين بترول بعد مصر للتأمين علي مستوي السوق، حيث تلامس قيمة أقساطه بنهاية يونيو الماضي 170 مليون جنيه من إجمالي محفظة الأقساط المباشرة ، وإحقاقًا للحق، الطفرة في اقساط البترول بالمصرية تكافل ليست وليدة الإدارة الجديدة، ولكنها أحد ثمار جهد السابقون، ونحن نسعي لتنميتها.
إجمالًا، المصرية للتأمين التكافلي لديها القدرة علي المنافسة في تأمين البترول لتوافر عناصر المنافسة ، علي عكس الطيران الذي أشرت سلفًا لعوامل وأسس المنافسة فيه.
خبري : إذا كانت المصرية للتأمين التكافلي لا تنافس علي تأمين الطيران حاليًا، هل تضعه علي أجدنة استهدافاتها مستقبلًا؟
علما: ليس الأن، لكن ما نعكف عليه حاليًا هو إعادة هيكلة محفظة المخاطر بالشركة، بمعني أن أحد الفروع وهو الحوادث المتنوعة ، يستحوذ علي 50% تقريبًا من الأقساط ، ومن وجهة نظري أن هذا توجه شديد الخطورة، اي تركز أغلب المحفظة او نصفها في نوع واحد من التأمين او المخاطر، وهو حُكم كُلي، بمعني ان استحواذ اي خطر علي نسبة كيبرة من محفظة أقساط اي شركة هو أمر غاية في الخطورة، بغض النظر عن طبيعة الخطر أو اسم شركة التأمين.
خبري : لماذا؟
علما: لأن اي تغيير في التشريعات المرتبطة بهذا الخطر أو اي سبب أخر قد يؤدي الي تآكل المحفظة بالكامل أو إنخفاضها بشكل كبير، لذا فالتنوع في محفظة المخاطر يضمن الاستدامة و الربحية في نفس الآن، للقدرة علي تفتيت الخطر او تنويع محفظة المخاطر دون تركيزها في فرع دون الأخر.
خبري : معني ذلك ان سياسة تنويع المحفظة تستلزم خفض نصيب فرع الحوادث المتنوعة من إجمالي محفظة الأخطار؟
علما: بالتأكيد ، بل قمنا بذلك بالفعل، وتم خفض نصيب الحوادث المتنوعة من 52 % إلي 39% دون التأثير علي إجمالي محفظة الأقساط الكلية علي مستوي الشركة والتي شهدت نموًا وليس تراجع أو إنخفاض.
خبري :كيف؟
علما: تم خفض نصيب الحوادث المتنوعة من 52 غلي 39% ولكن تم التوسع في فرع كالتأمين البحري بنسبة 300% وزيادة أقساط الطبي بنسبة 200% بنهاية يونيو 2021 مقارنة بالعام المالي السابق.
ما أقصده هنا أن المصرية للتأمين التكافلي توسعت أفقيًا في باقي الفروع لتعويض الخفض الذي أجرته في فرع تأميني معين، ما أدي إلي زيادة الأقساط الكلية.
خبري : دعني أتساءل ليس من قبيل نكء الجراح أو ذم السابقون، إذا كان تركز الأقساط في فرع تأميني معين خطر علي شركة التأمين، فلماذا لجأت القيادة السابقة لهذا الأسلوب حتي أن فرع كالحوادث استحوذ منفردًا علي 52% من إجمالي محفظة الأقساط؟
علما: حتي لا نظلم القيادة السابق، فالقيادة الحالية للإدارة التنفيذية التي أمثلها لا تعلم الظروف الكاملة للأسباب والظروف التي دفعت القيادة السابقة لتركيز الأقساط في فرع معين، فربما لو كنت موجودًا في هذا التوقيت كنت إتخذت نفس قرارات الإدارة السابقة ، ولكن إعادة هيكلة المحفظة في المصرية تكافل حاليًا له علاقة بظروف السوق حاليًا ، ورؤيتي الشخصية ، وهذا لا يعني أن القيادة السابقة كانت خاطئة والقيادة الحالية علي صواب .
خبري : ألا يؤثر تغير رؤي الإدارات التنفيذية علي شركة التأمين، أم أنه أمرًا صحيًا؟
علما: صحيًا للغاية، لأن الإرتكان أو الإعتماد علي سياسة واحدة في أي شركة بغض النظر عن طبيعة الإدارة، يؤدي بالشركة إلي منطقة غير مرغوبة أو عدم التحمس للمنافسة أو ما يسمي بالمنطقة الآمنة ، ومن ثم فلابد من تغيير طريقة وسياسات الإدارة تحفيزًا للعناصر من جهة، وإختبار السياسات الأخري.
ما أعنيه ، ثبات طريقة الإدارة أو السياسة والتوجه يضمن للشركة الاستقرار في منطقة معينة لكن لايضمن لها التوسع مستقبلًا، لكن تغير السياسة يعني ضمان المنطقة الأمنة التي تم الوصول لها، مع المنافسة في مناطق أخري، ما يعني النمو المرتبط بالنتائج الجيدة ، وكذا تنويع الخبرات.
خبري : لماذا لا نري شركات تأمين تعمل وفق استراتيجية المحيط الأزرق أو Blue Ocean Strategy ، بمعني المنافسة في مناطق مختلفة لضمان عوائد مرتفعة في نطاق منافسة أقل؟
علما: لأن سوق التأمين يعمل في كل المناطق وبكل المجالات، فلا توجد مناطق تعزف الشركات عنها باستثناء تأمين الطيران لطبيعته الخاصة كما ذكرتها سلفًا، ومن ثم دعني اتساءل هل هناك مناطق اخري لا تنافس فيها شركات التأمين؟
خبري : التأمينات الزراعية كمثال؟
علما: التأمينات الزراعية لها خصوصية ، ويعاني من وفرة كوادره، وأظن أن هذا النوع بدأ التركيز عليه من الكيان التنظيمي، أقصد الإتحاد المصري للتأمين، من خلال عقد الندوت واستقطاب الخبراء لشرح ماهية وأهمية هذا النوع ، هذه نقطة.
النقطة الثانية من وجهة نظري، أن مشكلة التأمين الزراعي في مصر، مرتبط بتفتيت الملكية ، ولكي تمارس التأمين الزراعي بشكل منضبط وصحيح- من وجهة نظري الشخصية التي تحتمل الخطأ والصواب- لابد وأن تعمل في اطار حيازات زراعية أو مناطق كبيرة ، إما عن طريق نظام التعاونيات أو شركات استصلاح أراضي.
مشكلة التأمين الزراعي في مصر مرتبط بتفتيت الملكية والإتحاد يسعي لتضميد جراحها
خبري :هل مشكلة التأمين الزراعي هو ملكياته المفتتة ، ما يرفع من تكلفة تسويقه أم هناك مشاكل أخري؟
علما: أخطار التأمينات الزراعية تتشابه مع التأمينات العامة، بمعني ، أنه في حال تحقق خطر بأرض زراعية كالحريق أو الوباء ، فإنه ينتشر في مناطق مجاورة كبيرة وشاسعة ، وعلي سبيل المثال لو ان هناك مساحة زراعية تصل الي 100 فدان موزعة علي 200 حائز أو مالِك، وفي نفس الوقت قامت شركة التأمين بتغطية ثلاثة أو أربعة من أصحاب الملكيات الصغيرة، وتحقق خطر كالحريق علي سبيل المثال في منطقة او مساحة لأحد الأفراد غير مشمول بالتغطية التأمينية، فإن الخطر قد ينتشر للمساحات المشمولة بالتأمين ، وهو ما يعني تعويضها وبالتالي ستكون فاتورة الخسائر علي شركة التأمين أكثر من العوائد.
ما أود قوله، أن اغلب التجارب الناجحة في التأمين الزراعي تتجه للشركات الكبيرة ، مثل شركات الاستصلاح الزراعي ، او نظام التعاونيات ، كالجمعيات الزراعية ، ويجوز الاستفادة من التجربة الهندية في التامين الزراعي علي الملكيات الصغيرة أو المفتتة ، لكن في النهاية سنصطدم بندرة الخبرات الكافية في السوق، وهو ما يعمل عليه الإتحاد المصري للتأمين حاليًا من خلال الندوات واستقطاب الخبراء ولكن الأهم تسويق ذلك عند العملاء المستهدفين
خبري :وكيف يتم تسويق ذلك؟
علما: لو تركزت الجهود علي الملكيات الكبيرة والتعاونيات لن يكون هناك مشكلة في تسويق هذا النوع من التأمين ، وكذا شركات الاستصلاح الزراعي، ما يعني التوجه للأراضي الجديدة المستصلحة خارج الوادي الأخضر.
خبري : بعد عشرة أعوام ونيف ، أنشئت المصرية تكافل في 2008 وبقياس عُمر الشركات فهي صغيرة النشأة، ومع ذلك اصبحت لاعب مهم في سوق التأمين وفي التكافلي بشكل خاص، هل تراها في مكانتها المستحقة أو راض عن المكانة التي تتواجد فيها؟
علما: لست راض ولن أرضي أبدًا عن مكانة الشركة، ليس بسبب قصور نتائجها، بل لأن الرضي في البيزنس معناه الإرتكان والسكون، علي سبيل المثال ، لو تبوأت المصرية تكافل المركز الأول بين قائمة الشركات المصرية، ستطمح في أن تكون الأولي عربيًا ثم إقليميًا وبعدها عالميًا.
ما أقصده أن الطموح ليس له حدود فهو مُطلق وليس نسبي.
خبري : تبوأت منصبك قبل أقل من عام، ما الهدف الذي تراهن عليه بصفتك العضو المنتدب وبشخصك كحسام علما؟
علما: مرحليًا نسعي لأن نكون المصرية تكافل الأولي علي مستوي السوق في نشاط التأمين التكافلي ممتلكات، وهو ما سنحققه عبر مجموعة من الآليات، أولاها، سرعة صرف التعويضات كما قلت سلفًا، وثانيها تطوير النظام التكنولوجي لمواكبة التطورات المتلاحقة، وثالثها وليس أخرها، الإنتشار الجغرافي ، عن طريق التفتيش عن الفرص المتاحة واستثمارها من أقصي مصر لأدناها، لذا سنتوجه في 2022 إلي الصعيد جنوبًا ، فرغم أن للشركة عشرة أذرع جغرافية منها إثنان في الصعيد بأسيوط وسوهاج ، إلا أن الصعيد يحتاج أذرع جديدة للشركة في محافظات مثل الأقصر وأسوان.
خبري : وهل تتواجد فرص النمو هناك؟
علما: بالتأكيد، فتوسعاتنا محسوبة، فلسنا كما قلت في المدينة الفاضلة، لذا ندرس الفرص ونستثمرها ، ولن نكتفي بذلك بل سنفتش عنها ونولدها.
خبري : هل تم تحديد المحافظة التي ستتواجد فيها المصرية تكافلف في 2022 بالصعيد؟
علما: لم نحدد المحافظة حتي الأن، وإختيارها كما قلت سيخضع لنتائج الدراسة التي تُجري حاليًا، لكن قرار التوسع صدر بالفعل.
دراسة نسب الإحتفاظ بناءًا علي النتائج وخفضها وارد لضبط إيقاع المحافظ
خبري : هل تسعي المصرية للتأمين التكافلي لزيادة ام خفض الاحتفاظ وفي اي فروع ولماذا؟
علما: سندرس نسب الإحتفاظ بناءًا علي النتائج ، وإن إستدعت الحاجة لخفضها سنفعل ذلك بشكل مرحلي لضبط إيقاع المحافظ أو الأخطار المُكتتبة ، وسيخضع تقييم الأخطار وإتخاذ قرار بشأنها سواء بخفض أو زيادة نسب الإحتفاظ فيها بطبيعة الخطر وخسائره ومعدل تكراره وشِدته وغيرها من العوامل المؤثرة في الخطر التأميني.
بشكل عام، المصرية للتأمين التكافل ستراجع سياسة الإحتفاظ والإعادة بناءًا علي المعطيات السالف ذكرها ، بالإضافة الي تقييم عمولات إعادة التأمين في الأخطار التي يتم إعادتها وجدواها، فقد يكون الإحتفاظ بالأقساط التي يتم تصديرها أفضل من حيث العائد إذا ما تم استثمارها مقارنة بقيمة عمولات إعادة تأمينها.
5 % نموًا بالأقساط المباشرة رغم خفض عمولات الإنتاج بنسبة 6%
خبري : ما نتائج المصرية تكافل في العام المالي 2020/2021 المنتهي في يونيو الماضي؟
علما: محفظة استثمارات المصرية تكافل بلغت 2.156 مليار جنيه بنهاية يونيو 2021، مقابل 1.8 مليار جنيه في يونيو 2020، بزيادة تتجاوز 350 مليون جنيه، ومعدل نمو تتجاوز 19% ، وفيما يتعلق بإجمالي الاصول، إرتفعت لتصل الي 2.506 مليار جنيه ، مقابل 2.155 مليار جنيه، خلال عامي المقارنة ، وأما حقوق حملة الوثائق، فإرتفعت إلي 1.556 مليار جنيه في يونيو 2021 مقابل 1.386 مليار جنيه في يونيو 2020، بمعدل نمو يصل الي 12%، إرتفع مؤشر حقوق المساهمين ليصل الي 547 مليون جنيه في العام المالي الماضي 2020/2021 مقابل 401 مليون جنيه في العام المالي السابق 2019/2020، بنمو نسبته 36%.
خبري: وما حصيلة الأقساط المباشرة؟
علما: وفيما يخص الأقساط المباشرة إرتفعت إلي 974 مليون جنيه في يونيو 2021 مقابل 932 في يونيو 2020، بنمو نسبته 5% وإرتفع مؤشر التعويضات المُسددة – وليس المباشرة أو المكتتبة- لتصل الي 500 مليون جنيه في يونيو 2021 ، مقابل 238 مليون جنيه في يونيو 2020 بإرتفاع يتجاوز 100% نتيجة سداد فاتورة متأخرة من التعويضات وليس عن أخطار العام الماالي 2020/2021 كما قلت سلفًا.
وبلغ فائض النشاط التأميني 260 مليون جنيه في يونيو 2021، مقابل 210 مليون جنيه في يونيو السابق 2020، بمعدل نمو يصل الي 24% ، وفي المقابل إنخفض مؤشر العمولات وتكاليف الإنتاج بنسبة 6% في العام المالي الماضي 2020/2021 لينخفض إلي 159 مليون جنيه مقابل 170 مليون جنيه في العام المالي السابق 2019/2020 ، رغم زيادة الأقساط المباشرة في العام المالي الماضي، ولذلك دلالاته يستطيع المتخصصين استنباطها.
وفيما يخص صافي الربح إرتفع الي 169 مليون جنيه في يونيو 2021 مقابل 110 ملايين جنيه في يونيو 2020 ، وأما فائض الإكتتاب التأميني فإرتفع إلي 45.9 مليون جنيه مقابل 38.3 مليون جنيه خلال عامي المقارنة 2020/2021 و2019/2020 علي التوالي.
تنقية محفظة الأخطار ورفض بعض تجديد عمليات بعض العملاء لأسباب فنية
خبري : وما المستهدف من الأقساط المباشرة العام المالي الحالي 2021/2022 بنهاية يونيو المقبل؟
علما: لن تزيد نسبة النمو المستهدفة عن 10% لأسباب من بينها ، أن الشركة تسعي لتعظيم الربحية علي حساب مؤشر الأقساط ، وبمعني أخر نعكف حاليًا علي تنقية محفظة المخاطر وهو ما سيقلص معدلات النمو في مؤشر الأقساط، لرفض الشركة تجديد العديد من العمليات لأسباب فنية، لكن تنقية المحافظ رغم أنه سيقلص معدل النمو في الأقساط إلا أنه سينعكس إيجابًا علي مؤشر الربحية سواء الفني أو الكلي، وهو المعيار المهم بالنسبة للمصرية تكافل.
خبري : معني ذلك أن المصرية تكافل لن تنافس علي الحصة السوقية من الأقساط، ومن ثم لن تستهدف الدخول في قائمة الكبار في هذا المؤشر؟
علما: المصرية تكافل تخطط لأن تكون ضمن الثلاثة الكبار في مؤشر الربحية، دون الإنعزال عن الحصة السوقية، لكن إذا كانت المفاضلة بين الحصة السوقية وبين مؤشر الربحية، سنختار الربحية لأنها المعيار الأهم والأبقي، وأن تكون المصرية تكافل من أكبر الشركات تحقيقًا للعوائد علي رأس المال.
وأود الإشارة الي أن المصرية تكافل ممتلكات تحتل المركز الثالث أو الرابع حاليًا في الحصة السوقية، لكن لن تضع الحصة السوقية من الأقساط هاجسًا يؤرقها ويؤثر علي مؤشر ربحيتها، هذه نقطة، أما النقطة الثانية ، المصرية تكافل كما قلت تعكف علي تنقية محفظة أخطار مما قد يقلص من نسبة نمو أقساطها ويؤثر علي الحصة السوقية في هذا المؤشر، الذي أراه لا يعبر بشكل كاف كما قلت سلفًا عن كفاءة ونجاح شركة التأمين.
خبري : هل تقبل الإدارة التنفيذية للمصرية للتأمين التكافلي تحويل العملية التأمينية من إنتاج لإدارة؟
علما: في حال طلب العميل ذلك رسميًا وكتابًة، لأن صاحب القرار الوحيد في شكل العملية سواء إنتاج أو إدارة هو العميل دون سواه.
خبري : وما رأيك في توسع شركات تأمين في عمليات الإدارة؟
علما: ليس صحيحًا من الناحية الإدارية لعدم وجود هيكل إداري بأي شركة تأمين يستطيع خدمة كافة العملاء، بالإضافة الي أهمية دور الوسيط، لانه ليس حلقة إتصال مرحلية بين العميل وشركة التأمين، بل حلقة وصل دائم بينهما من خلال الخدمات التي يقدمها الوسيط للعميل، لاسيما وأن وسيط التأمين يمثل مستشارًا تأمينيًا للعميل، ومن ثم فلا غني عنهم في سوق التأمين بشكل عام وفي المصرية للتأمين التكافلي بصورة خاصة ، لان سياستنا هي التعامل مع العملاء من خلال الوسطاء لأنهم الأقدر والأجدر بخدمة العميل .
خبري : هل هناك خطط مرتبطة بزيادة رأس المال المدفوع؟
علما: وافقت الجمعية غير العادية العمومية في إجتماعها الأخير علي زيادة رأس المال المدفوع من 230 مليون جنيه إلي 300 مليون جنيه، بزيادة قيمتها 70 مليون جنيه، وبنسبة نمو تتجاوز 30%، وتم تمويل الزيادة من الأرباح المُرحلة، والهدف من الزيادة خدمة التوسعات المستقبلية فنيا وجغرافيًا، بالإضافة الي التوافق مع مشروع قانون التأمين الجديد المزمع صدوره في 2022، وتم مخاطبة الرقابة المالية لإعتماد الزيادة الجديدة في رأس المال.
خبري : هل هناك دراسة لطرح منتجات جديدة؟
علما: لا توجد دراسة لمنتجات جديدة ولكن يتم تطوير المنتجات الحالية فنيًا وتسويقيًا، والتوسع في الإصدار الإلكتروني أو On Line وتطوير النظام الإلكتروني من خلال شركة أسكادنيا الأردنية.
خبري :وماذا عن التوسعات الجغرافية؟
علما: سيشهد عام 2022 إنشاء ذراعين جغرافيين جديدين أحدهما في جنوب الصعيد والأخر بالوجه البحري، ليرتفع إجمالي الفروع إلي 12 فرع.
خبري : متي يكون تدخل المساهمون في الإدارة التنفيذية صحيًا؟
علما: في حال وجود اي إنحراف عن السياسة الموضوعة والمُحددة سلفًا ، ومتفق عليها بين العضو المنتدب ومجلس الإدارة ، والمصرية للتأمين التكافلي محظوظة بمجلس إدارتها ، الذي يضم عددًا من الخبراء في مجال الصيرفة والمحاسبة وإدارة المخاطر.
خبري : بدأت طوكيو فاميلي إجراءات تحويلها من التكافلي للتجاري وهناك شركات اخري في الطريق، ما السبب من وجهة نظرك؟ وهل لذلك دلالة معينة؟ بمعني فشل التأمين التكافلي؟ أم طمع في نسبة الـ 40% من الأرباح المخصصة لحملة الوثائق أو المساهمين؟
علما:يُسئل في ذلك الشركات التي بدأت إجراءات تحويلها أو التي تسعي لذلك ، وفي النهاية هي رؤي واستراتيجيات كل شركة تأمين.
خبري : هل يعني هذا تحولًا في أمزجة عملاء التأمين التكافلي أنفسهم؟
علما: لا أظن ذلك والدليل علي ذلك نمو أقساط وأرباح شركات التأمين التكافلي.
خبري : إذا لم يكن تحول في أمزجة العملاء، ألا يعني هذا ، المغامرة بقاعدة العملاء؟
علما: ليست مغامرة والسبب في ذلك وجود شريحة ضخمة من العملاء مستهدفون من شركات التأمين التجاري أو التقليدي.
خبري : بشكل مباشر، هل أنت أم ضد تغيير الأنظمة من تكافلية لتجارية، حتي وإن كان ذلك مسموح رقابيًا؟
علما: ضد التغيير بالطبع ، و من الأفضل بدلًا من تغيير النظام من تكافلي لتجاري ، إنشاء شركة جديدة بالنظام الذي يريده أو يستسيغه هيكل المساهمين.
خبري : مشروع قانون التأمين بات قاب قوسين أو ادني من التطبيق، فعلي ما تراهن عليه؟
علما: بقاء التشريعات دون تعديل أو تغيير لسنوات طويلة ليست مستساغة ومقبولة في ظل التطورات الدراماتيكية التي تشهد أسواق التأمين المحلية والإقليمية والعربية، وما قامت به الهيئة العامة للرقابة المالية من إصلاح جذري لمنظومة التشريعات التأمينية أو المرتبطة بها هو إتجاه يُحمد عليه القائمين علي الرقابة المالية ، ويؤكد رؤاهم الاستشرافية للمستقبل.
إجمالًا، أستطيع الفصل قولًا ، أن مشروع قانون التأمين الجديد سينقل السوق المصرية لمربع مختلف تمامًا عما هي عليها الأن، لأسباب من بينها ذِكرًا وليس حصرًا، ضم كافة الأنشطة التي تمارس التأمين أو لها علاقة به لرقابة الهيئة، ما يعني ضبط إيقاعها، ومن ثم إنعكاسها علي السوق بأكملها وزيادة مساهماته في إجمالي الناتج القومي، بالإضافة الي أن مشروع القانون ضم عددًا من التغطيات التي ستطبق بشكل إلزامي ، ما يعني زيادة مساهمة التأمين في الناتج القومي ، ناهيك عن الهدف الأسمي وهو مد المظلة التأمينية لشرائح عديدة من المجتمع وزيادة الوعي التأميني، بالإضافة الي زيادة رؤوس الأموال ،ما يعضد من متانة القواعد الراسمالية لشركات التأمين، وغيرها من الآثار الإيجابية التي لا يتسع الوقت لذكرها.
خبري : التوسع في المجمعات يخدم السوق أم يقلص من وتيرة المنافسة فيها؟
علما: التوسع في المجمعات يخدم السوق بلا شك، فالهيئة أقرت مؤخرًا مجمعتان، الأولي لتأمين السيارات الإجباري، وهو ما ساهم في محاصرة الغش والتزوير والتحايل في هذا الفرع، والمجمعة الثانية مرتبطة بتأمين السفر، وهو ما يساهم في ضم عدد كبير من اصحاب جوازات السفر لمظلة التأمين، وكذا زيادة أقساط السوق من 60 مليون جنيه إلي مليار جنيه سنويًا وفقًا لما أعلنه مسئولوا الرقابة المالية، وكلا المجمعتان ستخدمان سوق التأمين المصرية وستضيف لرصيده.
البدء في إجراءات التصنيف الإئتماني للمصرية تكافل العام الحالي
خبري :ما موقع التصنيف الإئتماني للمصرية تكافل من فِكر حسام علما؟
علما:بدأنا التواصل مع مؤسسات التصنيف العالمية، لمعرفة متطلبات التصنيف، ونستعد داخليًا لذلك، علي أمل الحصول علي تصنيف إئتماني في 2022.
خبري : ما جدوي التصنيف الإئتماني؟
علما: هو مؤشر مُعبر عن قوة شركة التأمين، ماليًا وإداريًا وفنيا، علاوة علي أنه أحد الوسائل التي يتم من خلالها التعامل مع شركات إعادة ذات تصنيفات متقدمة، ناهيك عن طلب عدد ليس بقليل من العملاء التعامل مع شركات تأمين ذات تصنيف إئتماني.