حاوره – ماهر أبو الفضل :
مؤمن مختار .. خرج من عباءة مصر للتأمين التي عمل فيها بعد تخرجه ، في ثمانينات القرن الماضي ، لمدة ثلاث سنوات، انتقل بعدها لشركة المهندس للتأمين ، لفترة وجيزة ، قبل أن يغادرها للمملكة العربية السعودية ، ليعمل بقطاع التأمين هناك، حتى وصل محطته الأخيرة في الشركة السعودية لإعادة التأمين (سعودي ري)، ليعود بعد ذلك لمحطته الأولى مصر للتأمين، ولكن ليس كأخصائي تأمينات طيران كما تركها ، بل رئيسًا لمجلس إدارتها وعضوًا منتدبًا لها، لمدة عام ونصف، ثم أختير بعدها أمينًا عامًا للاتحاد الأفروآسيوي للتأمين وإعادة التامين “FAIR”.
رحلة عمل ممتدة لأربعة عقود تقريبًا، تنقل فيها بين التأمين المباشر وإعادة التأمين، ومن ثم كان من غير المستساغ أن يقتصر الحوار معه على خطته في إدارة وتطوير العمل بالاتحاد الأفرو أسيوي بصفته أمينه العام، ولكن كان من الضروري مناقشته في ملفات حيوية لها علاقة بسوق التأمين وإعادة التأمين، ولماذا تخرج شركات إعادة التأمين الكبرى من بعض الأسواق، بالإضافة الى تقييمه لطبيعة الممارسات في الأسواق الناشئة مع القاء الضوء على النموذج المصري ، كونه أحد أبناء هذه المدرسة، وصولًا لمحطة مهمة لها علاقة بمدى واقعية تأسيس شركة وطنية لإعادة التأمين، دون إغفال وجهة نظره حول كيفية تطوير سوق التأمين المصرية ، وهو ما يمكن القياس عليه في أسواق تتشابه معنا إقتصاديًا وثقافيًا.
وإلى نص الحوار:-
خبري: كنت رئيساً لأكبر شركة تأمين حكومية في السوق وهي مصر للتأمين، ثم أميناً عاماً لكيان تنظيمي ينضوي تحت عضويته شركات تأمين وإعادة تأمين من قارتين كاملتين هما أفريقيا وآسيا، ما الفارق بين طبيعة العمل في المكانين ، أو الإختلاف بين قيادة كيانين مختلفين من الناحية المؤسسية؟
مؤمن مختار: الفارق كبير للغاية ، ففي شركة التأمين ، الإدارة التنفيذية مسئولة عن تنقيذ الخطط الإستراتيجية للشركة وتحقيق تطلعات المساهمين ، وما يتبعه ذلك من إلتزام باللوائح والأنظمة والقوانين السارية ، وكذا تكون لها مسئولية غير مباشرة عن تطوير السوق الذي تعمل فيه وتطوير المنتجات التأمينية التي يحتاجها المجتمع ، لاسيما وأن شركة مصر للتأمين بإعتبارها كيان تأميني كبير ولها تاريخ عريق ، فهي تمثل بوصلة السوق وتساهم بشكل كبير في تحديد إتجاهاته ، وهي مسئولية إضافية لمن يتولى هذا المنصب. فمن توكل إليه إدارة شركة مصر للتأمين لا يكون مسئولاً عن الشركة فحسب ، بل مسئولًا بشكل غير مباشر عن السوق ككل كونه الكبير- أقصد الشركة بالطبع.
خبري: ماذا تعني أنها مسئولة عن السوق؟ أتقصد أن أي تصرف من مصر للتأمين ككيان إعتباري ولا أقصد الإدارة التنفيذية ، يُحسب لها أوعليها؟ وبالتأكيد أعني التصرفات الفنية المرتبطة بمجال العمل؟
مختار: هذا ما أعنيه تماماً ، فمصر للتأمين بُحكم تاريخها كما أسلفت ، وخبرتها وملاءتها المالية الضخمة ، لها دور مؤثر في حركة السوق ، ومن ثم فإن أثر أي إنحراف عن الممارسات المهنية السليمة من شركة كبيرة كمصر للتأمين سينعكس بطبيعة الحال سلباً على السوق كله ، والعكس صحيح فإن الإلتزم بالممارسات المهنية والسليمة والقواعد الفنية في العمل سيترك أثر إيجابي كبير على السوق.
وإستكمالًا للإجابة عن السؤال السالف الخاص بالإختلاف بين طبيعة العمل كإدارة تنفيذية في شركة تأمين وبين تولي مسئولية الأمانة العامة لاتحاد يجمع بين شركات تأمين وإعادة تأمين من قارتين ، هو أن الأمانة العامة للاتحاد تتركز مسئولياتها في خلق فرص عمل بين الشركات الأعضاء وتوطيد أواصر التعاون فيما بينها وبذل الجهد لتطوير العمل بالأسواق حسب أفضل الممارسات العالمية وأن تكون علاقة الأمانة العامة بكافة الأعضاء علاقة متوازنة ، تسعى فيها للخير للجميع دون الإنحياز لشركة أو لسوق.
خبري: تقصد أن الأمانة العامة دورها خلق وتعظيم القيمة المضافة للشركات التي تنضوي تحت عباءته ، ومنها فتح مجالات عمل لها مع الشركات الأخرى، أو أن تكون حلقة وصل غير مباشر بين الأسواق؟
مختار: هذا ما أقصده بالفعل، ولمن لا يعلم فإن الاتحاد الأفروآسيوي للتأمين وإعادة التأمين ، هو منظمة دولية غير هادفة للربح تأسست عام 1964 ومقر الأمانة العامة للاتحاد القاهرة، وعدد أعضاء الاتحاد من شركات تأمين وإعادة تأمين وشركات وساطة واتحادات تأمين ومعاهد تعليمية متخصصة على مستوي قارتي أفريقيا وأسيا يزيد على 200 عضوًا.
زيادة الأعضاء إلى 300 عضوًا خلال أربع سنوات تلقينا منها 12 طلبا العام الحالي
خبري: هل هناك خطة لها علاقة بزيادة عدد الأعضاء الفترة المقبلة؟
مختار: بالتأكيد، فالاتحاد عبر أمانته العامة يستهدف زيادة عدد الأعضاء إلى 300 عضوًا خلال السنوات الأربع المقبلة، وتلقينا العام الحالي 12 طلباً للإنضمام من شركات ، بكل من مصر والسعودية ونيجيريا وزيمبابوي ونيبال.
خبري:هل هناك تغييراً سيُجري بخصوص شروط العضوية خاصة ما يرتبط بضرورة ان يكون أكثر من 50% من رأسمال شركة التأمين أو الإعادة رأسمال وطني أو من السوق العاملة فيه ، لتحفيز الشركات على العضوية؟
مختار: هناك أكثر من فئة أو شريحة للعضوية، منها العضوية الطبيعية والتي تشترط ان يكون أكثر من 50% من هيكل مليكة الشركة العضو مملوك من جهات إعتبارية وطبيعية وطنية في السوق العاملة فيه ، وهناك فئة أخرى لعضوية الشركات التي تقل فيها الملكية الوطنية عن 50% من رأسمالها بشرط أن تكون الشركة مسجلة في الدولة التي تعمل بها ، فعلى سبيل المثال وليس الحصر ، شركة سويس ري السويسرية لها كيان مسجل في دولة الصين ، والصين عضواً في الاتحاد الأفرآسيوي، ومن ثم يحق لشركة سويس ري عضوية الافرواسيوي طالما انها مُسجلة في السوق الصينية.
وأود الإشارة الى أن هناك شركات كبيرة مثل سويس ري وميونخ ري وهانوفر ري وتشاينا ري، أعضاء بالاتحاد والإختلاف بين العضو الطبيعي والعضو المنتسب هو فقط في حق التصويت، فيما عدا ذلك ليس هناك أي إختلافات في المزايا أو المنافع التي تقدم لكافة الأعضاء.
خبري: جيد أن تستهدف الأمانة العامة زيادة عدد أعضاء الاتحاد الأفروآسيوي، لكن ما هى المنافع أو المزايا التى ستعود على العضو من عضويته، لاسيما مع وجود تنوع من الاتحادات والكيانات التنظيمية على كافة مستوياتها سواء محلية أو إقليمية أو دولية؟
مختار: السؤال مهم ، لاسيما مع ما تذخر به الساحة من كيانات شقيقة مشابهة تسعى جميعها لتقديم مجموعة من المنافع والمزايا وزيادة عدد أعضائها بما يؤكد تمايزها عن غيرها.
ومن هذا المنطلق يتمحور سعى الأفروآسيوي للتامين وإعادة التأمين في تقديم قيمة مضافة للأعضاء، ولذلك بدأنا العمل على أكثر من محور بغرض تقديم حزمة من المنافع للأعضاء ، منها بناء مكتبة إلكترونية تضم مطبوعات ومقالات وأبحاث وإحصائيات تتعلق بصناعة التأمين في العالم وعلى الأخص في قارتي أفريقيا وآسيا ، وستشمل تلك المكتبة الإلكترونية كذلك على نماذج من التغطيات التأمينية المختلفة ، ونماذج لوثائق التأمين المعمول بها في بعض البلدان والغرض من توفير تلك النماذج هو إتاحتها لشركات التأمين للإسترشاد بها، في حال رغبت تلك الشركات في تطوير منتجات شبيهة ببلدانها ، وسوف نهتم بالتغطيات ضد بعض الأخطار التي تطور الإهتمام بها مؤخراً ، مثل الأخطار الزراعية ، والأخطار المرتبطة بمحطات توليد الطاقة المتجددة والأخطار المرتبطة بالمزارع السمكية وغيرها.
كذلك من الخدمات الجديدة التي بدأنا في العمل عليها ، بناء قاعدة بيانات تشمل مجموعة كبيرة من معايني ومسووي الخسائر في قارتي أفريقيا وآسيا ، والمتخصصين في شتى فروع التأمين. وكذلك بدأنا في بناء دليل للتعليمات والكتب الدورية الصادرة عن الجهات الرقابية في الدول الأعضاء بالاتحاد لتتمكن الشركات في الدول المعنية من متابعة وتنفيذ تلك التعليمات بما يجنبها العقوبات الرقابية.
هذا بالطبع، إضافة للعديد من ورش العمل الإفتراضية والتي تهدف لنشر الوعي ، ومشاركة الخبرات مع العاملين بقطاع التأمين ، وقد عقدنا منذ بداية العام ثلاث ورش تناولت موضوعات هامة تشغل بال كافة العاملين بصناعة التامين.
ومن بين هذه الملفات التي تم طرحها على أجندة النقاش خلال ورش العمل “أهمية الإحتياطيات الفنية لشركات التأمينات العامة” ، لاسيما وأن الإحتياطيات الفنية عاملًا مهما في تأكيد متانة المراكز المالية للشركة ، وتضمن إستدامة تواجد الكيان، كما وأن الإحتياطات الفنية السليمة لها دور مؤثر في ملائمة تسعير المنتجات التأمينية.
ومن بين ورش العمل التي عُقدت ، تلك التي تناولت أخطار الكوارث الطبيعية وكذلك ما يعرف بالكوارث من صنع البشر Man Made Catastrophe، مع تسليط الضوء على الدروس المستفادة من الحادث الأليم لإنفجار مرفأ بيروت في أغسطس عام 2020 . واستعرضنا خلال ورشة العمل كيفية التعامل مع الأخطار الطبيعية كأحد أكثر الأخطار تهديداً لصناعة التأمين مؤخراً خاصة مع تزايد تكرار وعنف الظواهر الطبيعية لأسباب لها علاقة بتغير المناخ ، وأن على شركات التأمين مراجعة شروط وأسعار التغطيات التأمينية الممنوحة لتغطية الأخطار الطبيعية.
وورشة العمل الثالثة تناولت ملف التأمين الطبي ، لما له من خصوصية ، وكيفية إختيار وتسعير المجموعات وإدارة المطالبات ، وإدارة العمل مع الجهات المقدمة للخدمة الصحية وطرق مكافحة محاولات الإحتيال وسوء إستخدام التغطية التأمينية.
خبري: من حيث الشكل هل تشهد هذه الوِرش زخمًا في حجم المشاركة؟
مختار: يتفاوت حجم المشاركة بين ورشة عمل وأخرى حسب مدى تخصصها ، فإجمالي المشاركات في كل ورشة يتراوح بين 170 إلي 250 مشاركًا ، لكن أود الإشارة الي صعوبة توفيق الأوقات الملائمة لعقد تلك الورش الإفتراضية ، نظراً للتباين الكبير في فروق توقيت ساعات العمل للدول الأعضاء ، نظراً للمنطقة الشاسعة التي يغطيها الاتحاد من أقصى الشرق في آسيا إلى أقصى الغرب في أفريقيا.
شركات الإعادة فاض بها الكيل من تدني مؤشر التسعير في الأسواق الناشئة فخرجت منها
خبري: دعني أدلف في جوهر الموضوع، أليس من الأهمية بمكان أن تكون ورش العمل لعرض مشاكل شركات إعادة التأمين الكبرى – والتي ذكرت سلفاً أنها أعضاء بالاتحاد – مع أسواق التأمين الناشئة؟ لاسيما مع انسحاب بعض الكيانات الكبرى من بعض الأسواق سواء بسبب مشاكل التسعير أو رداءة النتائج الفنية أو ما إلى غير ذلك، ألا يمثل هذا قيمة مضافة ستجذب الشركات لعضوية الاتحاد الأفروآسيوي مقارنة بطرح موضوعات فنية يمكن طرحها على أجندة اي منتدى؟
مختار: السؤال وجيه من الناحية النظرية ، لكن أود الإشارة إلى أن هذه النوعية من الإجتماعات والندوات يتم عقدها فعلاً ولأكثر من مرة كل عام ، وقد بُح صوت شركات الإعادة العالمية من الشكوى من تدني الأسعار ووصولها إلى حد لايمكن قبوله مستقبلاً ، ليس فقط على مستوى السوق المصرية، بل على مستوى العديد من الأسواق الناشئة ، سواء في أفريقيا أو أسيا.
وعندما إستمرت الأسعار في الهبوط خرجت شركات الإعادة من تلك الأسواق ، لأن أعمالها في تلك الدول باتت غير مُجدية لها إقتصاديًا.
وللأسف خروج شركات الإعادة الكبيرة من السوق ، صاحبه خروج قدر لا بأس به من المعرفة والخبرات التي كانت شركات الإعادة العالمية تزود به السوق وشركات التأمين من قبل.
خبري: أين تكمن المشكلة، هل طبيعة الممارسات والنهم تجاه الحصة السوقية أدي إلى تدني التسعير، أم زيادة العرض عن الطلب لاسيما مع ضألة نسب إختراق التأمين لأسباب ليس هذا توقيت الإفاضة في أسبابها؟
مختار: المشكلة في الأساس تكمن في زيادة العرض عن الطلب ، وحقيقة هناك أمر ، أرجو من كافة الشركات الإنتباه له وهو علاقة الأقساط بحجم المخاطر المكتتبة ، بمعنى أوضح ، أن الرغبة في تعظيم الأقساط قد يكون على حساب الأسعار الفنية ، ففي حين أن شركة التأمين يمكنها تحقيق في عام مالي أقساط قدرها 100 مليون جنيه – على سبيل المثال – لتغطية مخاطر مجموع مبالغ تأمينها مليار جنيه ، وفي العام التالي تستطيع نفس الشركة تحقيق أقساط قدرها 120 مليون جنيه ، ولكن مقابل مخاطر مجموع مبالغ تأمينها يتجاوز الملياري جنيه. في هذه الحالة قد تعتقد الشركة أنها حققت نموًا في أقساطها بنسبة 20% دون الإلتفات إلى أن المخاطر التي تتحملها زادت بنسبة 100%.
المثال السابق مفاده أن نمو أقساط التأمين لا يعني بالضرورة زيادة متوسط الأسعار ولا يعني بالضرورة متانة المركز المالي للشركة ، وهذا هو التحد الرئيسي الذي تواجهه شركات إعادة التأمين لأنه يشير إلى تدني مستوى التسعير وتركز المخاطر بشكل كبير وهو ما ينعكس لاحقاً على النتائج الفنية.
خبري: هل تدني التسعير ينعكس على تكلفة الخدمة، أو تحسينها، بمعنى أن عدم تحسين الخطر من جانب شركات التأمين له علاقة بضألة الأقساط التي لا تشجعها على زيادة تكاليفها خاصة فيما يتعلق بتحسين الخدمة؟
مختار: هذا هو الواقع ، لأن ضألة قسط التأمين أضحى لا يشجع شركة التأمين على الاستثمار في أنشطة تطوير التحكم في المخاطر ، ففي السابق كنا نقترح تجنيب 10% من القسط وتوجيهه للاستثمار في أنشطة التحكم بالمخاطر ، ولكن مع إستمرار تراجع مستوى الأسعار أصبح من غير الممكن إستقطاع تلك النسبة ، فبالكاد القسط يكفي لسداد المصاريف الإدارية والعمومية ومصاريف الإنتاج والتعويضات الصغيرة التي تتسلمها شركة التأمين ، وربما تواجه الشركات صعوبة في توفير الأموال اللازمة في حال تعرضها لعدد من الحوادث الجسيمة في نفس العام بسبب عدم كفاية أقساط التأمين والإحتياطيات الفنية للشركة.
خبري: لماذا لا تكتوي شركات التأمين بآثار المنافسة السعرية بنفس المستوي الذي تتأثر به شركة الإعادة، هل لأن شركة التامين تستند على عوائد الاستثمار لسد الفجوة في الناتج الفني والذي يكون في معظمه بالسالب أم أن هناك أسبابًا أخرى؟
مختار: عوائد الاستثمار من الأسباب ، ولكنها ليست السبب الرئيسي ، فهناك أسبابًا أخرى أكثر أهمية ، منها نسب الإحتفاظ المتدنية من بعض الأخطار ، وبذلك يتحمل معيد التأمين الجزء الأكبر من الخسارة ، كما أن الفرق الإيجابي بين عمولات إعادة التأمين التي تحصل عليها الشركة مقابل ما تسنده من أعمال لمعيدي التأمين وبين ما تتحمله الشركة في سبيل الحصول على عمليات التأمين ، يساعد في تخفيف حدة الخسائر على شركات التأمين ، وهذا أحد أسباب خروج شركات إعادة التأمين الكبيرة من بعض الأسواق.
خبري: إذا كانت قيادات الشركات كذلك، ما يعني إدراكها للصورة كاملة، أقصد تأثير المنافسة السلبية عليها، فأين تكمن المشكلة إذًا؟
مختار: المشكلة تبدأ عند إعتماد الشركات لخطط نمو غير واقعية وغير قابلة للتحقيق ، دون أن تشمل طرح منتجات جديدة أو فتح أسواق وجذب شرائح تأمينية جديدة ، فتبدأ المنافسة المحمومة مع الشركات الأخرى العاملة بالسوق لإغتنام على كل وثيقة بغض النظر عن جودة الخطر وسعر التأمين وتاريخ العميل ونتائج أعماله ، ويزداد الأمر سوءً عندما تربط حوافز العاملين بالأقساط فقط.
بعض العملاء يتعاملون مع التأمين كسِلعة وليس كخدمة ويلجأون للأرخص وليس للأفضل
خبري: هل هذا مرتبط بضغوط المساهمين على الإدارات التنفيذية؟
مختار: هذا جانب منها، وهناك جانب آخر له علاقة بضغوط المنافسة في السوق وتعامل بعض العملاء مع التأمين على أنه سِلعة يلجأ فيها العميل للشركة التي تعرض سعر أقل أو تغطية أوسع وليس للشركة التي تقدم خدمة أفضل ولو بقسط أعلى قليلاً، وهنا تكمن الخطورة ، لأنه كلما إنخفض السعر عن الحدود الدنيا من التسعير الفني كلما كان لذلك تأثير سلبي على مستوى الخدمة المقدمة وقدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها كاملة وبالتالي على ثقة العميل بنشاط التأمين بأكمله.
خبري: لكن إذا كان لذلك تأثير سلبي على العملاء لأنهم لن يحصلوا على الخدمة المطلوبة فهناك تأثيرات سلبية على صناعة التأمين لأن الشركات إذا رفضت سداد التعويض – بشكل قانوني وفقًا لشروط الوثيقة- فهذا سيرسخ صورة ذهنية سلبية عن التأمين على غير الحقيقة؟
مختار: هذا صحيح كما سبق ذكره.
خبري: وكيف نفض هذا الاشتباك، بمعني كيف يتم الاتفاق على مؤشر تسعير عادل لضمان تقديم خدمة جيدة دون أن يتعارض الاتفاق مع قانون المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية؟
مختار: أولًا ، دعني أشيد بدور الجهات الرقابية في ضبط الممارسات في سوق التامين ، لان دور جهة الولاية ، لا يقتصر على مراقبة نتائج الأعمال فقط بل يمتد ليشمل سلوك الشركات وتابعيهم أثناء المنافسة على الأعمال وفي التصرف في المطالبات ، والتعامل بعدالة وشفافية مع العملاء ، وأي إنحراف من قبل الشركات يتم التعامل معه بجدية وحزم ، لذلك من غير العدل أن نحمل الرقيب مسئولية كل الممارسات السلبية.
خبري: ليس مستساغًا أن تتحمل جهة الرقابة فاتورة تصرفات شركات تأمين، لكن الوضع الحالي خاصة فيما يتعلق بالمنافسة يعكس إتفاق الشركات على عدم الإتفاق ؟
مختار: هناك الكثير يمكن عمله لتحسين ظروف المنافسة في سوق التأمين ، فمن غير الوارد فرض تعريفة موحدة لأن ذلك يتعارض مع التوجهات العالمية المنادية بحرية المنافسة ، لكن هذا لايمنع من وجود مؤشر تسعير إسترشادي بحيث يمكن لشركات التأمين الإسترشاد به في حين تقوم الجهات الإشرافية بمراقبة وفحص حالات الإنحراف الكبير عن تلك اللائحة الإسترشادية ، لتضمن قدرة الشركات على الوفاء بالتزاماتها تجاه حملة الوثائق وتحقيق وفورات من الأرباح الفنية – خاصة في الأوقات التي تتراجع فيها عوائد الإستثمار – بما يجذب المستثمرين لنشاط التأمين ويحافظ على توازن المصالح مع شركات إعادة التأمين الكبيرة.
ودعني أحيلك لنموذج التأمين في المملكة العربية السعودية ، الذي شرفت بالعمل فيه لفترة من الزمن، حيث طلبت الجهة الرقابية من شركات التأمين تزويدها بنسخة معتمدة من السياسات الإكتتابية ومؤشرات التسعير لكل نوع من أنواع التأمين ليقوم الرقيب بعدها بفحص وثائق الشركة التي تنحرف عن السياسة الإكتتابية وجدول الأسعار بهدف حماية السوق من الممارسات الضارة وحماية حقوق حملة الوثائق.
خبري: هذا تصور جيد، لكن أيتطلب ذلك صدور قرار رقابي؟
محتار: نعم ويحتاج متابعة رقابية لصيقة بعد صدور القرار.
خبري: ألزمت الرقابة المالية شركات التأمين بإعداد تقرير إكتواري عن كل فرع من فروع التأمين، وما أعلمه أن التقرير الإكتواري مهم لضبط إيقاع الإكتتاب، فلماذا لاينعكس ذلك على السعر الفني؟
مختار: هناك ضوابط تحدد نطاق عمل الخبير الإكتواري ، وما يشمله تقريره السنوي ومنها حجم الاحتياطيات المطلوبة والمخصصات الفنية لكل فرع تأميني ومعدلات الخسائر ومعدلات العمولات ومصاريف الإنتاج ، ومعدلات المصاريف العمومية والإدارية ولكنه لا يتطرق إلى التسعير التفصيلي للمنتجات ولا يمكنه الوقوف على مدى جودة الأخطار في محفظة الشركة ومدى تفاوت الشروط والأسعار بين وثيقة وأخرى لأن هذا مشروع مستقل ذاته وعمل شاق ويتطلب توافر قدر هائل من البيانات.
خبري:ألا يجب أن يتدخل الخبير الإكتواري في التسعير؟
مختار: دعني أحيلك مرة أخرى للنموذج السعودي للإجابة على التساؤل، جهة الرقابة في المملكة العربية السعودية ألزمت شركات التأمين بالتعاقد مع الخبراء الإكتواريين لتسعير منتجات تأمينات السيارات والتأمينات الطبية ، مع الإلتزام بالأسعار التي يتم تحديدها من خلال الخبير الإكتواري ، وإذا ما أوصى تقرير الخبير الإكتواري بخفض الأسعار لبعض المنتجات ، فإن شركة التأمين مُلزَمة بعدم خفض أسعارها إلى أن يتمكن الخبراء الإكتواريين التابعين للجهة الرقابية – وهي البنك المركزي السعودي- من مراجعة التقرير بشكل دقيق ومناقشة الخبير الإكتواري للشركة ، ومن ثم تحديد ما إذا كانت هناك أسبابًا فنيًة وجيهة تسوغ خفض الأسعار.
خبري: وماذا لو طلب الخبير الاكتواري رفع السعر، هل لابد من موافقة جهة الولاية أيضًا؟
مختار: في حالة توصية الخبير الإكتواري برفع السعر ، فإن شركة التأمين مُلزَمة بتنفيذ هذه التوصية فورًا.
ودعني أزيدك من الشعر بيتًا، جهة الرقابة على التأمين في السعودية ، ألزمت الخبير الإكتواري الخارجي بأن يأخذ في الحسبان مُعامل التضخم بشكل ربع سنوي ،عند إعداد جداول التسعير، وألزمت كذلك جميع الشركات بإنشاء وتفعيل إداراة النشاط الإكتواري داخل الشركة ودعمها بالعناصر المُؤَهلة بالخبرة العملية والشهادات المعتمدة في مجال الدراسات الإكتوارية.
إستهداف الحصة السوقية دون الإلتفات للمعايير الفنية مقامرة
خبري: لو أن جهة الرقابة ألزمت شركة التأمين بضرورة تحقيق حد أدني من فائض الإكتتاب، وفي نفس الوقت هناك ضغوط من المساهمين لتحقيق رقم معين من الأقساط للاستفادة من عوائده استثماريا بغض النظر عن أرباحه الفنية، كيف يمكن للإدارة التنفيذية أن تخرج من هذا التحد، أقصد ضغوط الرقابة من جهة والمساهمين من جهة أخرى؟
مختار: إن إنشاء شركة التأمين في الأساس يكون بغرض ممارسة أعمال التأمين وحماية أصول المجتمع سواء حكومات أوشركات أو أفراد بغرض تحقيق فائض إكتتاب مستدام ، ومن خلال ممارسة الشركة لعملها وإكتتابها للأخطار تتكون لديها حصيلة من الأقساط تزيد عن مصاريفها وإلتزاماتها الآنية ، فيمكنها بذلك استثمار الفائض من الأموال لبعض الوقت ، و لكن لا يمكن لشركة التأمين أن يكون هدفها تحقيق أرباح استثمارية بغض النظر عن الإلتزام بقواعد إنتقاء الخطر وجودة محفظة الشركة من الأخطار ، لأن تفويت بعض الفرص الأستثمارية قد يفقد الشركة بعض العوائد ، لكن الأخطاء الفنية الكبيرة قد تتسبب في إفلاس الشركة وإنهيارها بين ليلة وضحاها.
وليس هذا تقليل من أهمية الاستثمار والحاجة لتعظيم عوائده ، خاصة في حال توافر الظروف الاستثمارية الملائمة ، وتوافر الأموال الحرة ،التي تكون للشركة حرية توجيهها ، واستثمارها في الأوعية المختلفة ، بما يحقق التوازن المحمود ، بين العوائد والمخاطر مع التأكد من توافر السيولة اللازمة لمقابلة الإلتزامات خاصة المعلومة منها – كأقساط إعادة التأمين وسداد المطالبات القائمة- .
وفي المقابل فإن الجهات الرقابية هدفها التأكد من أن شركة التأمين تعمل حسب الأصول الفنية وأن ممارساتها لاتسبب ضررًا للسوق ، وأن لديها القدرة المالية على الوفاء بالتزاماتها لحملة الوثائق.
ما أعنيه هنا أنه لايوجد تعارض بين ما تطلبه جهة الإشراف والرقابة على التأمين ، وبين ما يطلبه المساهمون ، والمهمة الصعبة الملقاة على عاتق الإدارة التنفيذية هي تحقيق التوازن بين تعظيم العوائد لمساهمي لشركة في ظل توافق تام مع المتطلبات النظامية.
خبري: هل يجب على الإدارة التنفيذية إشراك العاملين في خطة العمل ليس فقط في إطار الحوكمة ولكن لإدراك طبيعة وظروف العمل ومن ثم الحد من اي إنحراف غير مقصود قد يتعارض مع السياسة العامة؟
مختار: من الضروري إشراك العاملين أو القيادات الوسطى منهم في رسم خطة العمل، وتوفير الأدوات المالية والفنية والإدارية اللازمة، لتفعيل وتنفيذ سياسة الشركة ،وتمكنهم من تحقيق الأهداف المرسومة ، لأن العاملين المؤهلين في صناعة التأمين ،هم أهم الموارد ورأس المال الحقيقي للشركة.
عوائد الخدمة الجيدة وإن كانت بطيئة مؤقتاً لكنها تضمن النمو المستدام مستقبلاً
خبري: لكن شركات تأمين قد تنتهج أسلوبا وفلسفة معينة، تقوم على قبول أية مخاطر، بغض النظر عن معدلات تحققها – او ما يُطلق عليها أخطاراً رديئة- لفترة معينة، بهدف تكوين محفظة من الأخطار وبعد ذلك يتم إعادة النظر فيها بالإبقاء على الجيد منها والتخلص أو عدم التجديد للأخطار غير الجيدة؟ وأصحاب هذه المدرسة يعتمدون على فلسفة قوامها تعظيم الحصة السوقية أولاً وبعد ذلك يتم التركيز على معامل الربحية الفني؟
مختار: هذا نهج خطير قد تضطر له الشركات حديثة النشأة ، التي ليس لها سبيل في تكوين محفظة من الأخطار سوى بقبول ما يعرض عليها ، وعادة لا يُعرض عليها الا ما يرفضه الأخرون من أخطار رديئة.
والشركات التي تنتهج هذه الفلسفة تغامر بمستقبل الشركة ، خاصة لو تحققت عدة حوادث مرة واحدة ، أو على مرات متتالية في أوقات متواترة ، و من وجهة نظري أن من يعتمد هذه الفلسفة يقامر بالشركة وهي مخاطرة كبيرة قد تنتهي بتصفية الشركة ، وأتمنى أن تتجنب الشركات هذا النهج حتى ولو إتبعته شركات أخرى في السوق.
ورأيي أن الشركات الجديدة ، لا بد أن تأتي بأفكار جديدة ، ومنتجات جديدة ، وخدمات متطورة لتستمر وتنمو وتضيف للسوق ، بمعني التميز بأسلوب عمل مختلف ، قوامه الإبتكار والخدمة المتميزة ، لأن عوائد الخدمة الجيدة وإن كانت ضئيلة في البداية إلا أنها تضمن إستقرار الشركة ونموها السريع في فترات لاحقة.
خبري: نحن لسنا في المدينة الأفلاطونية ، بمعني ان البحث عن مناطق تمايز مُكلف قد لايتحمله المساهمون في الشركات الجديدة؟
مختار: كما أسلفت ، العائد على الاستثمار في تقديم الخدمات الجيدة قد يكون بطيئ في البداية لكنه حتمي لإستمرار الشركة ونموها في المدى المتوسط ومجزي لها في المستقبل .
خبري: معني ذلك أن البقاء سيظل ليس للأقوى ولكن للشركات التي تتمايز بالمنتجات الجديدة او نماذج عمل Business Models جديدة او خدمة متميزة؟
مختار: أتفق مع ذلك كليةً.
خبري: دراسات الجدوي التي تُقدم لجهات الرقابة للحصول على تراخيص تتضمن منتجات جديدة وقيمة مضافة للسوق، هذا على المستوى النظري، لكن عملياً بعض الشركات الجديدة تنجرف في هوة الممارسات السلبية، وليس مقبولًا أن يكون الرقيب على رأس الإدارات التنفيذية صباح مساء، فلماذا تلجأ الشركات لذلك؟
مختار: لا أتخيل وجود إدارة تنفيذية تهدف لإفشال شركتها أو هدمها ، لكن – كما ذكرت سابقاً – تنجرف بعض الإدارات التنفيذية أحياناً وراء تحقيق خطة غير واقعية سبق وضعها وإعتمادها من السلطة العليا بالشركة ، وتكون الإدارة التنفيذية تحت سوط تحقيق تلك الخطة مهما كان الثمن ، وتدريجياً تبدأ الشركة في التراخي والبعد عن القواعد الفنية السليمة وتنجرف مع الممارسات السلبية من بعض المنافسين.
الإنجراف وراء المنافسة السعرية ليس حلاً للبقاء ولكن بفتح أسواق ودخول شرائح جديدة من المجتمع
خبري: أسلفت أن مصر للتأمين هي بوصلة السوق، وبما أن الممارسات السعرية هي السمة الغالبة على القطاع، إذًا كيف ستتمايز الشركات الجديدة في مناخ يعج بهذه الممارسات حينا بالإضافة الى ضعف الوعي ولجوء العملاء او عددًا منهم للشركات الأقل سِعرًا وليس للأفضل جودة؟
مختار: أظن أن الممارسات السعرية ليست السمة الوحيدة الغالبة في الأسواق ، فهناك ممارسات تتعلق بأسلوب تسويق المنتجات وممارسات تتعلق بنطاق التغطيات التأمينية الممنوحة وطريقة إختيار الأخطار وممارسات تتعلق بطريقة جمع وحفظ البيانات وعرض النتائج الفنية وكلها لها قواعد فنية واضحة ينبغي على الجميع إحترامها ، ومن يريد الحياد عنها سيتحمل فاتورتها إن عاجلاً أو آجلاً .
لذلك فالإنجراف للممارسة السعرية بغرض تعظيم الإيرادات ليس الحل للشركات الجديدة للبقاء، ولكن لابد من العمل في منطقة متخصصة (Niche Business) تتميز فيها الشركة بتنوع منتجاتها وسهولة الوصول إلى تلك المنتجات وبجودة خدماتها وسرعة البت في المطالبات ، وهو ما أسلفته ذِكراً ، بضرورة البدء بنموذج عمل Business model مختلف.
وإذا سُمح لي، لا أجد منطق في أن تقدم شركة حديثة النشأة وفي بداية مراحل بناء محفظة تأمينية متوازنة من الأخطار على المنافسة على أخطار ضخمة من أنشطة عالية الخطورة مثل البترول أو الطيران أو أجسام السفن – لأنها بطبيعة الحال ، لم يتكون لديها بعد ما يكفي من القدرات المالية والفنية ، لمقابلة الحوادث الجسيمة كما هو الحال مع الشركات الكبيرة ، حتى ولو إحتفظت بنسبة ضئيلة من الخطر وإعتمدت بشكل كبير على إعادة التأمين في تلك العمليات الضخمة فإنه من غير المستبعد أن تواجه تلك الشركات الحديثة مشاكل فنية ومالية سواء مع العميل أو شركات إعادة التأمين.
خبري: هل صناعة التأمين العالمية تواجه مستقبلًا ضبابيًا بسبب الأخطار الجيوسياسية والكوارث الطبيعية؟
مختار: المستقبل بيد الله ، لكن المؤشرات وما نتابعه من أحداث يفيد بأن القادم صعب خاصة ما يتعلق بعنف الظواهر الطبيعية المرتبطة بالتغير المناخي ، وأثر ذلك على صناعة التأمين ، لذلك من الضروري أن تتحوط لما هو قادم ، بمراجعة شروط وأسعار التغطيات التأمينية لتتمكن من الإفلات من التأثيرات السلبية.
خبري: جهات الرقابة لا يمكنها فرض مؤشر تسعير على الشركات لكن هل يمكنها فرض نموذج معين من برامج الإعادة بمعنى أن تكون الإعادة بآلية الـ Excess Of Loss او تجاوز الخسائر بدلا من الإعادة النسبية بأنواعها سواء الـ Quota Share ، أو Surplus Treaties ، او حتى الـ Facultative Reinsurance ؟
مختار: لا أحبذ ذلك على الإطلاق، لأن لكل شركة تأمين سياسة مختلفة وإستراتيجية مغايرة عن الأخرى، وما يمكن تطبيقه في شركة ، ربما لايصلح لشركة أخرى ، لاختلاف مكونات محفظة الأخطار المكتتبة ، وتباين الخبرات المتراكمة بين شركة وأخرى ، والنطاق الجغرافي لإكتتاباتها ، وتفاوت الملاءة المالية بين الشركات ، وتكلفة برامج إعادة التأمين ، والعائد منها ، وغيرها من الإعتبارات ، التي تختلف من كيان لأخر.
خبري: لماذا لا تضع بعض شركات التأمين معيار المُعدل المُركب او المجمع او النسبة المُركبة او ما يسمى بالـ Combined Ratio في الحسبان؟
مختار: كل الأسواق تعمل بمقياس الـ Combined Ratio ، ولكن ربما تحتاج بعض الإدارات التنفيذية ، للتأكيد على ضرورة قيام الإدارات الفنية والمالية بالشركة ، باحتساب مؤشرات الأداء – ومنها المعدلات الكلية – بالشكل الصحيح ومتابعتها بشكل دوري ، وعرض نتائجها بشكل مهني حتى يستطيع المتابع لنتائج الشركات – كالمساهمون وغيرهم من غير المتخصصين في نشاط التأمين – فهم نشاط الشركات ، وتوجه الأسواق ، والوقوف على الصورة الحقيقية لنتائج أعمال الشركة ، علماً بأن النتائج الفنية لشركات التأمين قد تختلف بشكل كبير عن النتائج المالية المعلنة.
خبري: بعض الإدارات التنفيذية تلجأ فور تقلد مناصبها إلى إعادة صياغة السياسة الإكتتابية ، او هكذا يعلنون، فهل طبيعيًا أن تعيد الإدارة التنفيذية صياغة السياسة الإكتتابية أم أنه من المفترض ان تكون هناك سياسة واضحة والإدارة التنفيذية تعمل على تطويرها لا تغييرها؟
مختار: من الطبيعي أن تراجع الإدارة التنفيذية ، السياسة الإكتتابية للشركة كل ثلاث أو خمس سنوات على أقصى تقدير، وذلك بغرض تقييم نتائج تلك الفترة المنقضية وتعزيز نقاط القوة ومعالجة نقاط الضعف ، ومواكبة متطلبات السوق والتعامل مع المتغيرات في أسواق إعادة التأمين.
خبري: أنا لا اقصد المراجعة الدورية بل اعادة صياغة السياسة الاكتتابية بمجرد تبوء عنصرًا جديدة الإدارة التنفيذية، هل هذا لصالح شركة التأمين؟
مختار: من غير المعتاد أن تعيد الإدارة التنفيذية الجديدة صياغة السياسة الإكتتابية للشركة فور تقلدها زمام الأمور ، إلا إذا كانت حالة الإعوجاج واضحة جداً – كأن تكون لدى الشركة محفظة تأمينية في فرع معين ، تأمين الضمان مثلاً ، ونتائج الفرع سلبية على مدى السنوات الخمس الماضية ، وليس لدى الشركة الكوادر الفنية المتخصصة في إكتتاب هذا الفرع التأميني- فربما يكون من الملائم إتخاذ قرار بتعديل السياسة الإكتتابية ووقف بيع منتجات هذا الفرع التأميني فوراً.
لجان مجالس الإدارات المتخصصة يجب أن تكون كاشفة لاي إعوجاج فني لا أن تكون عبئاً على الإدارة التنفيذية
خبري: وأين اللجان المختصة من الهيكل الإداري والتنفيذي للشركة، هل المسئول التنفيذي هو الأوحد الذي لديه القدرة على إكتشاف الإعوجاج؟
مختار: اللجان المختصة يجب أن تكون لديها الخبرة الكافية لإكتشاف أي خطا فني ولفت إنتباه الإدارة التنفيذية له وأقتراح سبل تصويبه وعدم تكراره، لا أن تكون اللجان المختصة عبء على الإدارة التنفيذية.
خبري: عودة إلى بدء، قلت أن التمايز يجب أن يكون بخلق مساحات مختلفة لكل شركة تأمين، فهل الوعي الجمعي يقبل نموذج كالشركات المتخصصة والتي سمح مشروع قانون التأمين الجديد بإنشائها؟
مختار: أنا على يقين بأن الشركات المتخصصة – كشركات التأمين الطبي المتخصصة أو شركات التامين متناهي الصغر- سيكون لها فرص هائلة للنمو ، والتطور وتقديم مستويات خدمة متميزة للعملاء ، بشرط ، أن تتمسك في ممارسة عملها بالطرق الفنية السليمة ، وتكون منافستها مع شركات متخصصة على نفس القدر من المهنية.
والسبب في توقع تمايز هذه الشركات، أنها ستستعين بخبرات متخصصة ، وسيكون جُل همها منصب على تطوير قدرتها على طرح منتجات جديدة تلبي إحتياجات شرائح المجتمع المستهدفة مع التركيز على محورية العملاء وتقديم الخدمة الجيدة بأنسب الأسعار.
لكن إذا تركت المنافسة من جانب الشركات دون ضوابط فنية ورقابية ، فالكل خاسر وأول الخاسرين ، هم المستهلكين أنفسهم ، لأن الشركات الجيدة ستكون أول من يغادر السوق ، وأتذكر هنا القاعدة الإقتصادية التي مفادها أن “السلعة الرديئة تطرد السلعة الجيدة من السوق”.
خبري: كأمين عام لاتحاد ينضوي تحت عباءته شركات تأمين وإعادة تأمين إقليمية وعالمية، هل المنافسة بين شركات الإعادة تتشابه مع شركات التأمين المباشر؟
مختار: بالطبع هناك منافسة ، ولكن المنافسة بين شركات إعادة التأمين ، تكون في حدود أضيق من المنافسة بين شركات التأمين ، لأن القيود المفروضة على عمل شركات إعادة التأمين – سواء قيودًا وضوابط عمل داخلية – أو خارجية من قبل الجهات الرقابية المتعددة ومراقبة جهات التصنيف الإئتماني لنشاطها – في غالب الأحيان تكون ضوابط شديدة وقاسية.
خبري: البعض يطالب بتبسيط صياغات وثائق التأمين، بتجرد شديد، هل هذا التبسيط سيكون في صالح شركات التأمين؟
مختار: عقود التأمين ، ليست سهلة الفهم لغير المختصين ، وربما تبسيطها بشكل مُبالغ فيه قد يُخل بالكثير من المصطلحات والمعاني القانونية ، ولكن ربما يكون من المفيد أن تعمد شركات التأمين إلي إعداد ملخص دعائي Brochure ، لأنواع التأمين المختلفة ، ويتم في هذا الملخص تسليط الضوء على النقاط ، التي عادة ما تكون سبب للخلافات بين العميل وشركة التأمين بعد وقوع الحوادث ، كالإستثناءات الخاصة وطريقة حساب التحمل والإستهلاكات وغيرها من النقاط الأساسية التي تهم جميع المتعاملين.
فمكاسب تبسيط صياغات وثائق التأمين في صورة ملخص دعائي ، قد تكون أكبر بكثير من التكاليف البسيطة لإعداد هذا الملخص ، لأن العميل إذا كان على إطلاع وفهم حقيقي لشروط وثائق التأمين وإستثناءاتها ، فإنه لن يهيل التراب على شركة التأمين ، إذا ما رفضت سداد التعويض لأسباب فنية ، وبالتالي لن تفقد شركات التأمين ثقة العميل، لاسيما وأن جزء كبير من فقد الثقة ليس بسبب تقاعس الشركات في الوفاء بالتزاماتها ، وإنما بسبب عدم فهم العميل لشروط واستثناءات التغطيات التأمينية بشكل كامل.
خبري: لكن اين دور الأجهزة التسويقية والبيعية من إيضاح شروط التغطيات للعملاء؟
مختار: دعنا نكون منصفين، إن التأمين من الأمور المعقدة والتي تتراكم فيه الخبرات على مدار سنوات طويلة من العمل والدراسة والإطلاع ، ونظراً للزيادة المضطردة في عدد شركات التأمين وشركات وساطة التأمين العاملة في السوق ، فإن الحاجة تكون متزايدة لتعيين عاملين جُدد بالجهاز التسويقي والإنتاجي .
لهذا السبب ولضغوط تحقيق خطة الأقساط ، لا يحصل بعض العاملين بالجهاز التسويقي على التدريب الكافي ، قبل دخولهم السوق والبدء في ممارسة العمل ، وبالتالي تكون النتيجة ، أن معرفة بعضهم بالمُنتج التأميني ، تغطي فقط المعلومات الأساسية التي تساعده على إتمام عملية البيع ، دون التطرق إلى الأمور الأخرى التي ينبغي الإفصاح عنها للعميل قبل إبرام عقد التأمين.
لذلك لابد من التأكيد هنا على ضرورة الإهتمام بتدريب العاملين ، وعناصر التسويق بشكل جيد ، لتجنب التبعات السلبية المحتملة ، والتي قد تؤدئ إلى فقد ثقة العميل في الشركة التي تعاقد معها وفي صناعة التأمين ككل
المشاركين المسجلين بمنتدى إعادة التأمين القادم في تركيا يمثلون حتى الأن 25 دولة
خبري: منتدى الإعادة الثالث في تركيا سبتمبر الحالي معنون بـ ” تأثير إرتفاع معدل التضخم وكيفية تعامل صناعة التأمين معه” ، لماذا التركيز على التضخم دون التطرق إلى تأثير الاخطار الجيوسياسية ؟
مختار: سيناقش المنتدى ، ثلاثة موضوعات رئيسية في جلساته النقاشية ، وهي دور الكيانات التنظيمية والرقابية في مساعدة صناعة التأمين وإعادة التأمين على مواجهة التحديات الاقتصادية ، فيما ستتطرق الجلسة الثانية ، إلى التهديدات التي تواجه صناعة التأمين، بسبب التضخم ، والتباطؤ الاقتصادي ، وستناقش الجلسة الثالثة آثار تعطل سلاسل الإمداد (ومن بينها التوترات الجيوسياسية) على صناعة التأمين.
خبري: كم مُشارك في المنتدى؟
مختار: تجاوز عدد المسجلين في المنتدى حتى الأن 185 مُشاركًا ، ممثلين لـ 25 دولة، ومستهدف الوصول بهم إلى 300 مُشارك ، وهناك إقبال جيد على المشاركة حتى الآن وستزداد أعداد المشاركين بوتيرة أسرع فور عودة المهتمين من الإجازات الصيفية.
خبري: هل هناك خططًا لها علاقة بدراسة إنشاء مجمعات تأمين جديدة تابعة للاتحاد؟
مختار: تندرج تحت مظلة الإتحاد ثلاث مجمعات تأمينية وصندوق تأمين.
والمجمعات الثلاث هي ، مجمعة إعادة تأمين أخطار التأمينات العامة ، ومجمعة تأمين أخطار الطيران ، علاوة علي مجمعة تأمين الأخطار الطبيعية ، وأما الصندوق ، فهو صندوق تأمين أخطار البترول والطاقة ، وهو الصندوق التأميني الوحيد في العالم الذي صدر له تصنيف إئتماني من هيئة تصنيف عالمية ، ويتمتع حالياً بتصنيف بدرجةB+ (جيد) مع نظرة مستقبلية مستقرة ، من هيئة التصنيف العالمية A M Best وقد ساعد الصندوق والمجمعات الشركات الأعضاء في توفير جزء جيد من الطاقة الإستيعابية الضرورية لتغطية كثير من الأخطار بشروط وأسعار مناسبة.
وندرس حالياً جدوى تأسيس مجمعة تأمين للأخطار الزراعية ، ونعكف حالياً على جمع البيانات اللازمة للدراسة، ليتم تقديم مقترح لمجلس إدارة الاتحاد للبت فيها.
والمجمعة المقترحة لا يقتصر نشاطها على تأمين الأخطار التي تواجه المحاصيل الزراعية – كالسيول والجفاف والآفات الزراعية – بل ستمتد لتغطية المعدات الزراعية ، ونفوق المواشي وغيرها ، وسيتم تقديم المقترح متضمنا الدراسة الوافية عنه خلال الربع الأول من العام المقبل 2023.
خبري: ما الآليات التي تدفع اي كيان تنظيمي لإنشاء مجمعة ، هل لتحفيز الشركات على الإكتتاب في خطر معين تتوافر فيه مولدات النمو، أم لصعوبة إعادة أخطار معينة وتتوافر فيها نفس الفرص؟
مختار: يتم إنشاء المجمعة في الأساس لتغطية أخطار لايمكن التأمين عليها من قبل شركة منفردة أو لتوفير الطاقة الإستيعابية لبعض الأخطار التي ربما تكون حوادثها كارثية – كالأخطار النووية وأخطار الكوارث الطبيعية-.
خبري: نمتعض كثيرًا من ضعف الوعي التأميني، رغم أن هناك وعيًا مصرفيا لدى معظم إن لم يكن كل الشرائح المجتمعية، فهل المشكلة مرتبطة بالوعي أم بما يُقدم للعميل من منتجات صعبة الفهم؟
مختار: الوعي التأميني في الحقيقة ، مسألة ليست بالسهلة ، فرغم الحملات الإعلامية الكثيرة التي يقوم بها مختلف الأطراف المرتبطة بسوق التأمين ، إلا أن قرار شراء التأمين من شرائح المجتمع له حسابات أخرى، فعقد التأمين هو وعد من شركة التأمين بتعويض المؤمن له عند وقوع الخسارة المؤمن منها ، لذلك فهو ليس بسلعة ملموسة يمكن لمشتريها أن يلمسها ويبدأ الإستفادة منها فور شراءها.
كما أن عقد التأمين من العقود صعبة الفهم من غير المتخصصين ، لما تتضمنه من العديد من الشروط العامة والخاصة ، والإشتراطات والإستثناءات ، كما أن قرار شراء التأمين مرتبط بالأوضاع الاقتصادية وتكلفة المعيشة ، فكلما إرتفعت تكلفة المعيشة ، كلما تراجع قرار شراء التأمين الإختياري على سلم الأولويات ، ومن أهم أسباب عدم إنتشار التأمين بشكل مناسب هو الإحساس الخاطئ لدى الكثيرون بأنهم آمنون وبعيدون عن أن تلحقهم الحوادث والخسائر ولذلك فإن التأمين بالنسبة إليهم ليس بضرورة.
على الجانب الآخر فإن تعامل الأفراد مع البنوك أبسط من التعامل مع التأمين ، فالتعامل مع البنوك يتناول في الغالب مُنتج محسوس وهو النقود ، فعندما تودع مبلغ من المال في حسابك في البنك يمكنك التعامل معه والسحب منه فورأ.
خبري: أيهما أكثر تأثيراً في قرار التسعير، الإكتتاب أم إعادة التأمين؟
مختار: السياسة الإكتتابية للشركة بكل تأكيد ، لأنها تحدد شكل محفظة الأخطار ومستويات التسعير ، وقواعد إنتقاء الأخطار ، ومدى الحاجة لإعادة التأمين ، وقواعد تحديد الإحتياطيات وتسوية المطالبات وغيرها ، لذلك فإن قواعد الإكتتاب المعتمدة من إدارة الشركة هي الأساس في قرار التسعير – فقد تكتتب شركة التأمين في أخطار يمكنها الإحتفاظ بها بشكل كامل ولاتحتاج لإعادة تأمينها- ، ولكن إعادة التأمين يكون دورها مؤثر جداً خاصة في في تسعير وتحديد شروط تأمين الأخطار التي تستدعي إعادة تأمين جزء كبير منها لشركات الإعادة
زيادة الوزن النسبي لفرع معين من فروع التأمين بمحفظة الشركة قد يدل إما على سهولة المنافسة سعريًا او التمايز فيه فنيًا
خبري: ما دلالة زيادة الوزن النسبي لفرع تأميني على حساب أخر داخل شركة التأمين؟
مختار: إختلاف الأوزان النسبية بين فروع التأمين المختلفة أمر طبيعي ويرتبط بإعتبارات عديدة منها مستوى الوعي في المجتمع التأميني ، وما إذا كان التأمين إلزامي أم إختياري. كذلك يعتمد توزيع الأوزان النسبية لفروع التأمين على عدد الشركات العاملة بالسوق حجم سوق المتاح للتأمين والفجوة التامينية وغيرها.
كما أن إختلاف الأوزان النسبية بين فروع التأمين المختلفة ، قد يكون مؤشرًا على سهولة المنافسة ، على بيع المُنتج التأميني – مثلاً عن طريق خفض سعر التأمين تحت خط التسعير الفني- بغرض توفير سيولة نقدية بشكل سريع ، وغالباً ما تواجه تلك الشركات الخسائر الفنية ، خلال عام أو أثنين ، خاصة في فروع التأمين التي يمكن التنبؤ بنتائجها بقدر معقول من المصداقية ، نظراً لأن أقساط التأمين المُحصلة من قِبل الشركة لن تكفي لتغطية المصاريف الإدارية والإنتاجية ، بالإضافة إلى سداد التعويضات عن الحوادث المتكبدة.
السبب الآخر لكون الوزن النسبي لمحفظة الشركة من مخاطر في فرع معين ، من فروع التأمين على حساب الفروع الأخرى ، هو كون شركة التأمين متخصصة ، ومؤهلة بشكل جيد لإكتتاب وتسويق وبيع هذا المنتج – كأن تكون متخصصة مثلاً في إكتتاب تأمينات البترول والطاقة-.
ومن المعلوم أن الخسائر الفنية التي تتعرض لها شركات التأمين من الأخطار المُكتتبة يمكن تصنيفها إلى خسائر بسيطة عالية التكرار – مثل خسائر حوادث السيارات ومصاريف العلاج الطبي – وخسائر فادحة قليلة التكرار – مثل حوادث الطائرات ومصانع الكيماويات – ، لذلك ، فتنوع المحفظة وتوازن المخاطر فيها هو ضرورة لإستمرار الشركة بشرط توافر الخبرات التامينية الملائمة.
الوقت الحالي ربما ليس ملائمًاً لتأسيس شركة وطنية لإعادة التأمين
خبري: سنوات طويلة والسوق يسعي لتأسيس شركة لإعادة التأمين، بصفتك مسئولًا عن كيان يتجاوز حدود نشاطه قارتين كاملتين، هل تأسيس شركة مصرية لإعادة التأمين أمرًا سهلًا؟
مختار: نشاط إعادة التأمين أصعب من التأمين المباشر، والسوق المصرية والعربية تحتاج لشركات إعادة قوية ، لأن أهمية هذه الشركات تظهر خلال الأزمات.
إجمالًا ، دون الدخول في تفاصيل، هناك صعوبة في إنشاء شركة وطنية لإعادة التأمين، لأسباب لها علاقة بندرة الخبرات، أولاً لصعوبة تجميع الخبرات المطلوبة من الأسواق المحلية والخارجية ، لتـاسيس ورسم الإستراتيجيات ، وإدارة شركة إعادة تأمين ، ولكن السبب الأهم هو أن هذه الشركة ستضطر في الغالب لقبول الكثير من الأخطار غير جيدة في بداية سنوات عملها ، بغرض تكوين محفظة وتوفير الموارد المالية اللازمة لتغطية المصاريف الإدارية وسداد التعويضات ، بمعني أنها ستكون وعاءاً للأخطار الرديئة ، لعدم إمتلاكها تصنيف إئتماني جيد يمكنها من إنتقاء الأخطار ، وثانياً لعدم مرورها بإختبارات بناء الثقة من قِبل شركات التأمين ، خاصة فيما يتعلق بقدرتها على سداد التعويضات الكبيرة وبالسرعة المطلوبة لبناء تلك الثقة.
ومن المهم الإشارة أيضاً ، إلى أن تدني تسعير معظم الأخطار في الوقت الحالي ، ما يعني ان الشركة الجديدة في حال تأسيسها ستقبل أخطاراً رديئة وبأسعار ضئيلة، وهو ما يشير إلى أن فرص إنهيارها السريع خلال سنوات معدودات قد تكون أكبر من بكثير من فرص إستمرارها و نجاحها ، وهو أمر يدعو للتريث لحين تحسن أوضاع السوق.
بشكل عام ، يمكن القول أن الوقت الحالي ربما ليس بالوقت الملائم لتأسيس شركة وطنية لإعادة التأمين.