أجري الحوار- ماهر أبو الفضل:
واهم من يظن أن عُمر الإنسان يُقاس بعدد السنوات الميلادية ، فالمنطق يؤكد أن عامًا من الخِبرة أفضل من عشر بدونها، فما بالك لو كانت سنوات الخِبرة تجاوزت العقدين، و تم إكتسابها من مجالات عِدة وأنشطة متعددة ربما كان أخرها نشاط التامين، وهي المحطة التي لم تكن يومًا في حُسبان الرجل أن يستقر فيها أو علي الأقل لم يخطط لها.
دون تفلسف، ومقدمة قد تبدو للبعض إسهابًا، لكن ما لا يمكن إغفاله أو وصفه بالتفلسف أن نموذج كأحمد حسني ،رئيس مجلس إدارة مجموعة “كولينز” لوساطة التأمين المباشر وإعادة التأمين، وصاحب الملكية الفكرية في تجمع إقليمي إختار له مسمي “بروكنيت” الشرق الأوسط وأفريقيا، كمظلة ينضوي تحت عباءتها شركات وساطة التأمين والإعادة من 15 سوقًا بتعدد مشاربهم وأهدافهم بالطبع ، رغم صِغر سنوات عمره الميلادية والتي لاتتجاوز الأربعون ونيف، ناهيك عن أن دراسته الأساسية لم تكن ذا علاقة من قريب أو بعيد بالتأمين، جدير بطرح بعض الأسئلة التي قد تعن للبعض.
ما هي بروكينت؟ وكيف جاءت الفكرة؟ وفلسفة هذا التجمع الضخم؟ ولماذا غادر مصر ثم عاد إليها ليستحوذ علي كولينز؟ أسئلة حائرة لكن إجاباتها كاشفة حينا عن شخصيته وعن أسلوب تفكيره أحيانا.
وإلي نص الحوار:
خبري: من هو أحمد حسني؟
أحمد حسني: مصري، حاصل علي بكالوريوس التجارة جامعة القاهرة قسم المحاسبة عام 2000، أؤمن أن الإنسان إن لم يتطور لن يختلف كثيرًا عن الموتي بالجسد، حصلت علي عدد من الشهادات في مجال التسويق وفن البيع، والذي إمتهنته في مجالات بعيدة تمامًا عن التأمين، مثل الشركات المتخصصة في إنشاء محطات المياه والصرف الصحي، ثم إنتقلت لمجال أخر وقطاع مختلف هو صناعة الأسمنت ، وكنت مسئولًا عن التسويق في شركة تتبع إسمنت العامرية، والتي يملكها مجموعة من المستثمرين البرتغاليين.
ونظرًا لشغفي بالتطور سواء في مجال التسويق بمفهومه الشامل، أو في مجال التكنولوجيا بمعناها الواسع ، حيث كنت من أوائل من مارس النشاط عبر تكنولوجيا او برامج الـ SAP System او ما يُعرف بنظام تخطيط موارد المنشأة، وهو برنامج تخطيط موارد المؤسسات الذي طورته الشركة الألمانية SAP SE، و يتضمن وظائف العمل الرئيسية للمؤسسة ، بعدها دخلت مجال التأمين، بعد أن إستهواني، وكانت بدايتي فيه مع “أليانز مصر لتأمينات الحياه”.
خبري: وما الذي إستهواك في التأمين رغم أنه قطاع شديد الخصوصية مقارنة بالقطاعات التي عملت فيها من قبل؟
حسني: مؤازرة المحتاجين.
خبري: لكن التأمين لا يؤازر بل يعد بالمؤازرة؟
حسني: الوعد في حد ذاته مؤازرة، الوعد بأن تكون بجانب العميل وقت الحاجة او قت تحقق الخطر هو أفضل وأسمي مؤازرة ، خاصة إذا كان الوعد صادق وصادر من كيان مؤسسي هو شركة التأمين.
خبري:إذًا عملك في التأمين كان من منطلق إنساني لا تجاري؟
حسني: بالتأكيد إنساني، فليست كل المقاييس ربح وخسارة، ولو كان الأمر كذلك فما معني القيم الإنسانية ؟ أليست هي ما تميز الانسان ويتمايز بها؟ هذه نقطة.
النقطة الأهم، هي أن من يعمل في أي مهنة من منطلق إنساني سيصل الي نتيجة مُرضية بكل تأكيد لأنه يشعر بقيمة ما يقدمه وليس بقيمة الأرقام الصفرية التي يحققها علي يمين رصيده في حسابه المصرفي.
خبري: عملت في أليانز وهي من هي ، فلماذا سافرت للإمارات ولماذا عُدت؟
حسني: قضيت في أليانز سنوات طويلة حتي بلغ عدد فريق العمل معي إلي حوالي 85 عنصر بشري، ولكن رحلة الإنسان كالقطار، في محطة معينة لابد وأن تحول مسارك، وكان السؤال الذي يدور في ذهني what’s next أو ماذا بعد؟ لاسيما وإن كنت تسعي للتطوير الدائم سواء الخبرات او علي مستوي التنوع نفسه ، ونظرًا للظروف السياسية والاقتصادية الغير مستقرة في مصر عام 2011 مقارنة بالأن ، كان قرار السفر هو الأنسب في هذا التوقيت ، لاسيما بعد تلقي عرضًا للعمل بإحدي الشركات المتخصصة في تأمين الحياة الدولي لأكون مسئولًا عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
تأسيس BrokNet في الإمارات ونسعي لأن تكون مصر مركزًا لعملياتها
خبري: كيف تولدت فكرة “بروكنيت”؟
حسني: من بين الإختصاصات التي كانت مسندة لي حينما كنت اعمل بشركة Hansard International هي السفر للأسواق التي تتواجد بها الشركة خاصة في منطقة الشرق الأوسط والخليج وبعض الدول الأفريقية ، لتطوير مهارات أجهزة التسويق او شركات الوساطة في تلك الأسواق او لإكتشاف الفرص في تلك الأسواق او لدعوة شركات الوساطة للعمل مع Hansard ، في تلك الزيارات إكتشفت أن العالم في قطاع التامين يتم تقسيمه لطبقات او فئات Categories ، حيث تسيطر أكبر شركات وساطة عالمية مثل مارش Aion و Willis Towers Watson علي نسبة كبيرة من أسواق الوساطة علي مستوي العالم بما فيها الشرق الأوسط ، وبسياسة كُرة الثلج هذه الكيانات تزداد نعملقًا يومًا تلو الأخر ، وبهذه الكيفية فإن شركات الوساطة الصغيرة قد لا تجد لها مكانا في هذا العالم، وإن وُجد سيكون بمساحة صغيرة، بحكم إمكاناتها وقدراتها بالطبع، من هنا تولدت الفكرة.
خبري: أيعني ذلك أن بروكنيت الهدف منها خلق تحالف ينضوي تحت مظلته عددًا من الكيانات الصغيرة والمتوسطة؟
حسني: بالتأكيد ، والهدف من بروكنيت ليس فقط تبادل الخبرات بل لتكون جميعها أذرع لبعضها البعض، ما يعني خلق كيان كبير أو إتحاد مع الحفاظ علي خصوصية كل كيان علي حدي، وتبادل المنافع والمكاسب فيما بينها علي المدي المتوسط، علي ان يتحول التبادل إلي شراكة مستدامة علي المدي الطويل، ما يضمن بقائها حينا ويدعم قدراتها التنافسية أحيانا.
خبري: معني ذلك أن التحالف في أساسه كان إنسانيًا أكثر منه بيزنس؟
حسني: بالتأكيد لكن هذا لاينفي عن ذاك بالتأكيد ، فلكي تصل الي مرحلة من معينة من النمو لابد من الاندماج او التعاون مع الأخرين، ولاقت الفكرة قبولًا، من هنا تكونت الشبكة او الـ Network وبما أن نشاط الشبكة هو الوساطة أو Broker فمن ثم اصبح اسمها Broker Network ، وإختصارًا بإسم “بروكينت BrokNet “، وأعضاء الشبكة في الغالب يمارسون الوساطة من خلال شركات اي انهم شخصيات إعتبارية في 15 سوق ، علي أن يتم تمثيل كل سوق من خلال شركة معينة.
ومثال تطبيعي علي ذلك، لو أن شركة X من مصر، لديها أعمال في السودان، تلجأ هذه الشركة الي “بروكنيت” لتتولي ترتيب التعاون بين الشركة X من مصر والشركة Z في السودان، وكلاهما أعضاء في تحالف “بروكنيت” كمدير لشبكة الأعمال، لكن من ضمن شروط التحالف في الأعمال بين شركتي X وZ أن يكون كلاهما مسجل بشبكة “بروكنيت”.
وأود الإشارة هنا إلي أن شبكة “بروكنيت” يحكمها مواثيق شرف وقواعد معينة بهدف تحقيق الإنضباط والتعاون بالشكل الذي يمكن من خلاله تحقيق الهدف الأسمي أو الاستراتيجية ، وهي وجود تحالف من الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم يمكنه منافسة الكيانات الكبيرة، ليس بهدف المنافسة في حد ذاتها، ولكن لخلق مساحة من التواجد في سوق يشهد تغييرات متسارعة وبشكل دراماتيكي.
خبري: ولماذا كانت الإمارات هي الدولة التي تولدت منها الفكرة مع الوضع في الإعتبار بالطبع أنك كنت تعمل هناك؟
حسني: السبب أن الإمارات كانت أنسب بيئة يمكنك فيها الإعلان عن ميلاد الفكرة، لأسباب مرتبطة بأن الإمارات باتت بيئة حاضنة لثقافات عديدة وجنسيات متنوعة وأنشطة كثيرة من كافة أنحاء العالم، حتي أنها باتت قِبلة للمستثمرين من أقصي الأرض لأقصاها.
خبري: دعني أكون صريحًا معك، رغم نبل المقاصد والغايات من تكوين التحالف، إلا أنك بالطبع لست أفلاطوني لتكون مجرد حلقة وصل بين الشركات العاملة في الأسواق التي تنضوي في التحالف الذي اسسته، وأن هناك استفادة عملية منه علي المستوي الشخصي، فما هي؟
حسني: بالطبع ليست أفلاطونية ولكن كما قلت أن كرة الثلج بمجرد تحريكها ستزداد قوة وستنمو يوما تلو الأخر، وهو الهدف التجاري من التحالف.
خبري: هل تُدار بروكينت بشكل مؤسسي أو في إطار هيكل واضح؟
حسني: تأسست بروكنيت في أكتوبر 2017، وفي البداية كانت مجرد إكتشاف للملامح ووضع القواعد، أما الأن فأصبحت مؤسسية بشكل كبير، لوجود فصل بين الأعمال المرتبطة بوساطة الإعادة وأخري لها علاقة بتامينات الحياة وثالثة مرتبطة بتأمينات الحياة الدولية وهكذا، أي أنها أصبحت ذات خصوصية وملامح كاملة ومعروفة.
وأود الإشارة هنا، إلي أنه مع الحاجة للتحول الرقمي والتي زادت وتيرتها بعد تفشي جائحة كورونا، انشأت بروكنيت شركة للتحول الرقمي تتولي عمليات التعهيد الإلكتروني وتصميم البرامج الالكترونية التي تخدم مصالح أعضاء التحالف بالطبع، وشركة التحول الرقمي هي كيان شقيق لبروكنيت موجود في مركز دبي المالي، وهي متخصصة في التكنولوجيا وليس الوساطة ، وشركة التكنولوجيا تدعم الأعضاء من خلال برامجها، ومن ثم يكون الإنضمام لبروكنيت ذات عائد محسوس وقيمة مضافة للأعضاء.
خبري: كم يبلغ راسمال بروكنيت؟
حسني : مليون درهم إماراتي او خمسة ملايين جنيه مصري تقريبًا وهو رأس المال الذي تم تأسيس الشركة به ثم اضحت تحقق معدلات نمو ذاتية من نشاطها.
خبري: ما هو مصدر الدخل أو الـ Income لبروكنيت؟
حسني: من نشاطها في الخطوط المميزة مثل الاستشارات التأمينيه و إعادة التأمين، وتأمينات الحياة الدولية وغيرها من خطوط التأمين التي تمارسها.
الإستحواذ علي كولينز بسبب وقف منح تراخيص لشركات الوساطة لمدة عام
خبري: إذا كنت نجحت في تأسيس بروكنيت في الإمارات، فما سبب عودتك لمصر؟ وسبب الاستحواذ علي كولينز لوساطة التأمين وإعادة التأمين؟
حسني: تم تأسيس بروكنيت في الإمارات بالفعل بحكم تواجدي هناك حينذاك، ولكن كان الهدف أن تنتقل فيما بعد إلي مصر، هذه نقطة ، أما ثانيها فهي أن هناك إختلاف بين أحمد حسني كمؤسس لبروكنيت وحسني كرئيس لمجلس إدارة مجموعة كولينز لوساطة التأمين والإعادة .
وأود الإشارة الي أن تعاطي مصر إقتصاديًا مع جائحة كورونا، مقارنة بالضغط في أسواق الخليج، كان مدعاة لأن يتم الإنتقال من الإمارات لمصر، والرغبة في تأسيس شركة لوساطة التأمين وتكون منبثقة من مجموعة بروكنيت، ولكن بسبب قرار الهيئة حينذاك بتجميد إصدار تراخيص جديدة، كان الخيار الوحيد هو الاستحواذ علي شركة قائمة، وكانت “كولينز” سواء في وساطة التأمين أو الإعادة هي ألنموذج الأمثل والفرصة ألأفضل.
علي كلِ، نخطط أن تكون كولينز هي الذراع الأقوي في أذرع بروكنيت بما يخدم الشركة من ناحية والمجموعة من ناحية أخري والسوق المصرية من ناحية ثالثة، وبحلول عام 2023 ستستثمر كولينز الخدمات التي تقدمها الشركة الشقيقة لبروكنيت والتي تعمل في مجال التكنولوجيا والتحول الرقمي.
نجاح مصر في التعامل مع جائحة كورونا جعلها قِبلة للمستثمرين
خبري: هل هناك خطط لها علاقة بالسوق المصرية فيما يخص شركة التكنولوجيا الرقمية؟
حسني: بكل تأكيد ونسعي لابتكار حلول تكنولوجية للمؤسسات المالية وكذا المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في السوق المصرية، بالإضافة الي التركيز علي إعادة التامين وتنويعه بهدف إخراج او توليد منتجات جديدة او فرص مناسبة
خبري: هل سوق التأمين بشكل عام والوساطة بصورة خاصة يميل الي تكوين الكيانات او التحالفات؟
حسني: التحالفات وتكوين الكيانات باتت أمرًا ضروريًا لا رفاه في عالم يعج بالمنافسة وسيطرت الكيانات الكبري علي أغلب الاسواق ، ومن ثم فالإندماجات او الاستحواذات اصبح شكل مهم لاقتناص فرص النمو.
نسعي لابتكار حلول تكنولوجية جديدة من ذراع بروكنيت لتوليد الفرص
خبري: اذا كان التوجه العالمي يميل إلي الاندماجات والاستحواذات، فلماذ لم تعرف البيئة المصرية خاصة في التأمين هذا الثقافة او علي الاقل تعزف عنها إلا في الضرورة القصوي؟
حسني: لان التفكير العاطفي والإرتباط المكاني هو الذي يسيطر علي أغلب الفكر، بمعني انه من الصعوبة بمكان أقناع مصري بالاندماج في كيان اخر لتكوين وليد عملاق، لاسيما مع وجود قناعات ان الاندماجات يعني التفريط فيما هو ذكري، وهو تفكير بالطبع غير سليم منطقيًا.
خبري: ما تحديات وفرص سوق التأمين؟
حسني: التحدي الأكبر في سوق التأمين المصري هو التطوير، وللتطوير مستويات، منه تطوير تشريعي وهو ما يتم علي أعلي مستوي، نظرًا للرؤية المستقبلية التي تملكها الجهة الرقابية.
إنشاء حاضنات لتطوير الكوادر بات ضرورة لضمان استدامة العناصر المؤهلة للقيادة
خبري: إذا كان التطوير التشريعي يتم في سياق وبوتيرة سريعة، فما التطوير الذي تفتقده السوق المصرية؟
حسني: التطوير المرتبط بالعناصر البشرية، ولايجب أن نغفل ان النمو في العقل البشري يعني بالضرورة نموًا في الأفكار بما ينعكس علي حجم الاعمال.
ما أقصده وأتمناه أن تكون في السوق المصرية حاضنات لتطوير عناصر السوق، لا أعلم من الجهة التي يجب عليها ان تقوم بهذا، لكن يعنيني الفكرة في حد ذاتها ، لأن العنصر البشري هو العمود الفقري وأساس اي نمو، وهناك نماذج وإن كانت غير في قطاعات أخري، علي سبيل التبسيط مركز إعداد القادة الذي تشرف عليه القوات المسلحة، هو حاضنة لاي افكار بناءة وداعم لها، لاسيما وأن الهدف منها خدمة الدولة المصرية بتنوع قطاعاتها وإتجاهاتها.
ومن ذلك كله يمكن القول ان سوق التأمين المصرية تحتاج لمركز لإعداد القادة ، لاسيما مع ندرة العناصر المؤهلة لقيادة السوق، ولا يعني هذا ان العناصر الحالية غير مؤهلة، ولكن أقصد انه يجب توفير التربة الحاضنة التي يمكن من خلالها ان يكون توفير العنصر البشري المؤهل أمر سهل وليس صعبًا كما الأن.
خبري: اتعني أن معاهد التدريب الحالية نمطية او لا تتناسب مع التطورات المتسارعة سواء في البيئة الجيوسياسية أو في المخاطر المرتبطة بها والتي يغطيها التأمين بحكم عمله؟
حسني: المعاهد ليست نمطية ولكن يمكن القول ان السوق يحتاج لما يسمي في علم الموارد البشرية بالـ Coaching Styles أو أساليب التدريب، وبالمناسبة هذا ليس إختراعًا للعجلة، لاسيما وان ذلك كان معروفا من ذي قبل في الشركات الحكومية.
خبري: قبل دخول الشركات الجديدة؟
حسني: بالتأكيد
المخاوف من خطف الكوادر ليست مبررة لعدم إهتمام بعض الشركات بالتدريب
خبري: لكن البعض لديه مخاوف من الاستثمار في تدريب العناصر ثم يتم خطفها فيما بعد، ومن ثم ستتكبد الشركات التي استثمرت في التدريب هذه التكاليف فيما ستستفيد منها شركات منافسة دون اية معاناة؟
حسني: التغيير أساس الوجود، وسُنة الحياة، ومن ثم فليس معني ان تكون هناك مخاوف من خطف الكوادر أن لايتم تدريب الكوادر من الأساس، فلذلك إنعكاساته السلبية علي السوق كله، وهو مبرر غير مستساغ منطقيًا، ولكن الأهم هو البحث عن اسباب هجرة الكوادر لشركات منافسة ومعالجتها، وبهذه المناسبة أود الإشادة بالدور الذي تلعبه الرقابة المالية بتطوير وتحديث التدريب للعناصر في كافة القطاعات الخاضعة لولايتها، لكن أتمني ان تكون حاضنة الاعمال من داخل الشركات نفسها ولا تعتمد علي الجهة الرقابة ليس لانه ليس من اختصاصها بل لان الشركات هي المستفيد من هذا التدريب وبالتالي فهي الأولي بهذه المهمة.
كولينز ستصبح ذراعًا لبروكينت في السوق المصرية
خبري: إذا إنتقلت إلي كولينز سواء في وساطة التأمين أو الإعادة، ما خطتها الفترة المقبلة؟
حسني: كولينز لوساطة التأمين المباشر، تعمل تقريبا مع كافة الشركات في السوق المحلية ، ومنهم علي سبيل الذكر لا الحصر، مصر للتأمين وأورينت والمهندس وجي اي جي وثروة و المهندس و الوطنيه وغيرها.
وسبب التعاقد مع كل الشركات هو تلبية احتياجات المتنوعة والتي تختلف طبيعتها من عميل لاخر وبالضرورة ستختلف مع المتاح من شركة تأمين واخري.
وكولينز تتجه للتركيز علي الحلول في الأعمال، بمعني أن كل قطاع يمتلك أدوات مخاطر مختلفة ، مثلا القطاع العقاري قد يكون لديه مخاطر مرتبطة بعدم السداد نظرًا لارتفاع آجال سداد أقساط النشاط العقاري سواء كان من خلال التمويل العقاري او غيره.
خبري: بعيدا عن تصنيف مخاطر عدم السداد كخطر مصرفي او تأميني، لكن هذا النوع – اقصد تأمينات الضمان- البعض يشير الي ان عدم توسع شركات التأمين فيه له اسبابه واهمها عدم القدرة علي إعادة تأمينه خارجيا،فهل هنا كولينز لوساطة الإعادة ستكون مفتاح للحل مع كولينز للوساطة المباشرة؟
حسني: كل شركة تعمل بمعزل عن الثانية، بمعني انه لايجب ان يكون هناك خلط بين الكيانين حتي يتأثر أحدهما بالاخر، لاختلاف النشاطين واختلاف مجالس اداراتهم، و طريقة عمل وتعامل كل منهما يختلف عن الثاني.
كولينز تستهدف 30 مليون جنيه أقساط العام الحالي وذراع الإعادة تخطط لفتح اسواق جديدة
خبري: ما الاقساط التي تخطط كولينز للوساطة المباشرة تحقيقها؟
حسني: من الصعب تحديد رقم محدد الأن لأننا في مرحلة إعادة الهيكلة للشركتين سواء في الوساطة المباشرة أو إعادة التأمين ، وأظن ان الرقم المستهدف تحقيقه العام الحالي 2022 قد لاتتجاوز 20 إلي 30 مليون جنيه، وهي محفظة متواضعة ولكن لهذا الرقم أسبابه وهي أننا نعيد هيكلة الشركة بعد الاستحواذ عليها مؤخرًا.
خبري: هل التعاقد مع كل شركات التأمين في السوق بغرض توفير كل الخدمات للعميل ام لاختيار ما يقدم خدمة أفضل من الاخري بما يتلائم مع احتياجات العميل نفسه؟
حسني: كل الشركات تقدم خدمات جيدة، ولكن التعاقد مع جميعها يأتي بغرض اختيار ما يناسب احتياجات العميل من هذه الخدمات وفقًا لظروفه وملائته المالية.
خبري: وبالنسبة لشركة وساطة إعادة التأمين، هل هناك أسواقًا معينة سيتم التعامل معها أم أنها لازالت أيضا في مرحلة إعادة الهيكلة؟
حسني: الرقابة المالية وافقت مؤخرًا علي تعيين عضو منتدب للشركة وهو تامر راشد ، والعضو المنتدب لشركة الوساطة المباشرة هو حسين عسران.
علي أية حال، استراتيجية مجلس الإدارة فيما يخص شركة وساطة الإعادة تقوم علي تنويع الأسواق ، خاصة وان الطابع الغالب حاليًا هو إندماج او سيطرة الأسواق الأفريقية المتخصصة في إعادة التامين مع سوق التامين المصرية ، نظرًا للمنافسة السعرية والتي أدت إلي عزوف أسواق الإعادة العالمية عن التعامل مع السوق المصرية ، وكولينز لوساطة الإعادة ستسعي لتعزيز التعاون مع اسواق الاعادة الاوربية والاسيوية الفترة المقبلة.
شركات الاعادة تبحث عن الفرص البديلة وتحرير العملة أحد أسباب عزوفها عن السوق
خبري: شركات الإعادة العالمية تسعي للتعامل مع الاسواق التي تحقق فوائض في الاكتتاب او أرباح فنية، والسوق المصرية رغم سيطرة المنافسة السعرية عليها، إلا أنها تحقق فوائض مقبولة من الاكتتاب، والسؤال، إذا كانت تحقق السوق المصرية هذه النتائج فلماذا تعزف عن شركات الاعادة العالمية او ليست مغرية لمعيدي التأمين العالميين؟
حسني: أظن ان السبب في ذلك تحرير سعر العملة وإنخفاض قيمة الجنيه المصري، ما ادي الي انخفاض الحصيلة الدولارية او الأقساط التي يتم إعادتها إذا ما تم تحويلها للعملة الصعبة ، ومعيدي التأمين يتعامل وفق آلية الفرصة والفرصة البديلة، اي انه ينجذب للسوق الذي يضمن له اكبر نسبة من ربجيه في الأقساط.
خبري: لماذا تميل شركات التامين للتعامل مع وسطاء اعادة التأمين الاجانب وليست شركات وساطة الاعادة المصرية؟
حسني: في مصر توجد 7 شركات وساطة إعادة وجميعها يمثل ثقل و قيمة مضافة للسوق، ولكن أعتقد ان اتجاه الشركات للتعامل مع الاسواق الخارجية مباشرة ربما لتوفير الوقت.
خبري: توفير للوقت ام للعمولة التي يتقاضاها وسيط إعادة التأمين؟
حسني: العمولة لا تمثل عبء علي شركة التأمين، بل بالعكس ، التعامل مع وسيط الإعادة سواء شركة او فرد يوفر الوقت والتكلفة لشركة التأمين، لان وسيط الإعادة سيوفر لها خيارات عديدة ، وإذا لجأت شركة التأمين للكشف عن هذه الخيارات ذاتيا ستحتاج وقت أطول و ستتحمل تكاليف أعلي من العمولة التي سيحصل عليها وسيط الإعادة.
خطوات الرقابة المالية أوسع من السوق لطبيعة دورها في الجمهورية الجديدة
خبري:لماذا خطوات الرقابة المالية ، خاصة الإدارة الحالية، أسرع وأوسع من شركات التامين، وهذا ليس تقريظُا في الإدارات السابقة للرقابة ولكن لظروف وطبيعة الظروف؟
حسني: مصر منذ عام 2015 اصبحت دولة جديدة او جمهورية جديدة، ما استدعي كل دوائر صنع القرار والجهات المسئولة عن الانشطة المختلفة ومنها الرقابة المالية التحرك بما يتلائم مع ظروف ومتطلبات هذه المرحلة، والرقابة المالية اصبحت علي مستوي الأرض تقود سوق التأمين للأمام من خلال الاصلاحلات التشريعية حينا والقرارات الرقابية أحيانا، في إطار إعادة هيكلة السوق بكافة أطيافه وتعدد أطرافه.