شركات محدودة من العاملة في نشاط تأمين الممتلكات والمسئوليات يمكنها الخروج من مآزق زيادة القواعد الرأسمالية، حيث لاتحتاج سوي لبضع ملايين من الجنيهات لتفي بالحد الأدني لرؤوس الأموال التي تم إعتمادها بشكل نهائي – علي الاقل من إحدي غرف البرلمان-.
وتضم هذا القائمة “جي اي جي” و”وثاق” و”بيت التأمين المصري السعودي” ، بالإضافة الي “أورينت” و”رويال” و”المهندس” ، و”المصرية للتأمين التكافلي”.
تحليل يكتبه – ماهر أبو الفضل:
شركة مثل جي أي جي لا تحتاح سوي لـ 11.4 مليون جنيه تقريبًا، يمكنها ضخهم من الأرباح المحققة في العام المالي الحالين لاسيما وان سوابق نتائجها تضمن لها تحقيق ما يفوق هذه الارقام، وأما وثاق والبيت السعودي، يحتاجان فقط 20 مليون جنيه لكلًا منهما، ولا توجد صعوبة في تدبيرها، سواء اعتمادًا علي الارباح الكلية أو حتي من الاحتياطي إن وجد.
رغم أن رأسمالها 250 مليون جنيه .. أورينت تحتاج 50 مليونا في قاعدتها الرأسمالية؟
أما أورينت للتأمين، فرغم انها استوفت مسبقًا الحد الأدني، البالغ 250 مليون جنيه، إلا انه نظرًا لإكتتابها في فرع تأمين البترول فستحتاج إلي 50 مليون جنيه إضافية، ومن الصعوبة ان تتخلي الشركة عن الاكتتاب في هذا الفرع خاصة وانها حققت منه نتائج مُرضية علي مستوي الاقساط المباشرة أو علي مستوي الفوائض، ومن ثم فلن تجد مفر من زيادة رأسمالها، معتمدة علي أرباحها او حتي علي المجموعة الأم – اقصد مجموعة أورينت الإماراتية المملوكة لمجموعة الفطيم- لاسيما وان رقم الـ 50 مليون لايمثل وزن نسبي لاستثمارات المجموعة القابضة في الامارات، ناهيك عن انه سيتضاءل كرقم في حال ترجمته بسعر الصرف للدرهم الاماراتي، والاهم من ذلك ان عمر الفطيم، الرئيس التنفيذي لاورينت اشاد بنتائج اورينت للتأمين التكافلي مصر، بل أن هذه النتائج شجعت المجموعة علي اجراء مناقشات مع عددًا من البنوك المصرية لفتح قنوات اتصال معها لتكون منافض توزيع لمنتجات ذراعها الجديدة التي تسعي لتأسيسها في مصر لمزاولة نشاط تأمينات الحياة.
وبالنسبة للمهندس للتأمين– وفقًا لتحليل مركز الدراسات والأبحاث بمجلة خبري– ، فلا تحتاج إلا لبضع عشرات من الملايين لا تتجاوز 62.5 مليون جنيه، ويمكنها الاعتماد علي نتائجها او مساهميها لتدبير هذا الرقم، وكذا الحال بالنسبة للمصرية للتأمين التكافلي ورويال.
السؤال، كيف تتعامل باقي شركات الممتلكات الاخري، باستثناء الدلتا للتأمين، من التعامل مع هذا التحدي؟ واستثناء الدلتا ليس من قبيل الترف او التغاضي عن وضعها تحت مجهر التقييم، ولكن لانها اعلنت عن زيادة راسمالها لما يصل الي 325 مليون جنيه، اي انها ستفي بمتطلبات القواعد الراسمالية وتفوقه حتي وان طلبت الاكتتاب في فرع كالبترول او الطيران وما يقتضياه من ضخ زيادة جديدة وفقًا للضوابط المحددة في هذا الشأن.
عمومًا هناك سيناريو بل مخاوف من أن تلجأ باقي الشركات – التي تحتاج لكل منها 100 مليون جنيه او 150 مليونًا وفي بعض الاحيان يحتاج بعضها 200 مليون جنيه- إلي المنافسة السعرية، او ما يسميه أهل الاختصاص بحرق اسعار التغطيات، طمعًا في جني أكبر كمية من الأموال لاستثمارها والاستفادة من عوائدها لتحقيق ربحية كلية، بغض النظر عن فوائض الاكتتاب.
هذا السيناريو المخيف، ليس بالأمر الهين، لكن هناك صعوبات كثيرة ستواجهه الشركات التي قد تلجأ او حتي تفكر فيه، أول هذه الصعوبات هو ان الهيئة العامة للرقابة المالية، رغم انها لا تراقب علي مؤشر التسعير، إلا أنها لن تسمح بأي إنحراف في هذا المؤشر بما يخل بقواعد الاكتتاب الفني ومن ثم يؤثر علي نتائج الفرع التأميني ويصيبه بالخسارة مما يضير حملة الوثائق والتي تمثل الرقابة المالية حام لهم وعنهم.
الصعوبات لا تتوقف علي جهة الرقابة – وهي صعوبة لايمكن تجاوزها بأية حال- ولكن هناك صعوبات اخري مثل صعوبة إعادة تأمين المحافظ التأمينية او العمليات التي قد تلجأ فيها شركة التأمين لسياسة حرق الاسعار، لان معيدي التامين لايتذوق حلاوة الارباح الكلية – اقصد فائض/عجز النشاط مضافًا إليه عوائد الاستثمار- بل يتشارك مع شركة التأمين في فائض الاكتتاب اي الارباح الفنية، ومن ثم فأي إنحراف عن مؤشر التسعير المنضبط تعني تجره شركة الاعادة مرارة الخسائر الفنية.
وحتي إذا لجأت شركات التأمين – التي قد تري في المنافسة السعرية منفذًا للعبور من نفق زيادة رؤوس الاموال – إلي تغيير نمط الإعادة من الاتفاقي الي الاختياري او من الحصص الي تجاوز الخسائر، او بمعني عام ان تعيد هيكلة خريطة واجندة اعادتها، فالامر ليس بالسهولة كما يتصور البعض لاسيما مع تشدد شركات الاعادة بشكل عام نتيجة المخاطر الجيوسياسية التي تحيق بالعالم من أقصاه لأدناه.
الاسئلة كثيرة والاجابات عنها غير متوفرة، ليس بسبب شُح المعلومة ولكن لاختلاف سياسات الشركات، واجندات عملها، وسيناريوهات كل منها للتعامل مع هذا التحدي.
الأمر الوحيد والحقيقة التي لايمكن الخلاف او الاختلاف عليها، ان زيادة رؤوس اموال شركات التأمين سيقوي مناعتها ويحميها من اية اعراض قد تواجهها علي المستويين الفني والاستثماري في قادم الايام.